- التفاصيل
بعد أن منَّ الله سبحانه على أهل الشام بنصر عظيم على الطاغية أسد، حيث كان حدثاً تاريخياً بكل معنى الكلمة، وقف حياله الحكام مذهولين يراقبون عن كثب ما يحدث على أرض الشام...
واليوم، وبعد مضي حوالي شهرين على سقوط بشار المجرم، نرى كيف تتوالى الوفود السياسية تترى من كل حدب وصوب لتلتقي بإدارة المرحلة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، لفهم توجهاتها ورؤيتها حول مستقبل سوريا الجديدة، وفي الوقت ذاته لتقدم مشاريعها وتتفاوض معها حول عدة ملفات، سواء على الصعيد السياسي من حيث نظام الحكم وكتابة الدستور، أو على الصعيد الاقتصادي وملف إعادة الإعمار، ورفع العقوبات الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة المتدني مع إطلاق مشاريع البنية التحتية، وكذلك على الصعيد الأمني، ومحاسبة المجرمين ممن شاركوا في قتل الشعب السوري، وتوفير الأمن والأمان لأهل الشام، وتشكيل جيش موحد لسوريا الجديدة، ولا ننسى قطاع التعليم والصحة والطاقة والتنمية وغيرها الكثير من الملفات التي تشكل في واقعها تحديات وصعوبات كبيرة ليست بالسهلة أبداً.
ويمكن أن نستشف ملامح سوريا المستقبل لدى الإدارة الجديدة، مما صرّح به وزير خارجيتها الشيباني في مواطن عدة منها حديثه لصحيفة فايننشال تايمز، حيث كشف عن رؤية الحكومة لسوريا ما بعد الأسد، مؤكداً أن البلاد "لا تريد العيش على المساعدات"، وأن الحل يكمن في تخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية، وأن الحكومة لا تخطط لتصدير الثورة أو التدخل في شؤون الدول الأخرى، في إشارة إلى تغيير جذري في السياسة الخارجية. كما أشار في الحديث نفسه عن نية خصخصة الموانئ والمصانع المملوكة للدولة وجذب الاستثمار الأجنبي.
وضمن محاولة الإدارة الجديدة لتحقيق تلك الرؤية عن طريق توثيق علاقاتها السياسية والاقتصادية على الصعيد العربي والإقليمي، سعياً منها لرفع العقوبات الثقيلة، قام الأسبوع الفائت أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني بأول زيارة رسمية للسعودية وناقش مع ابن سلمان، الأحداث في سوريا، ومد يد العون لها لدعم أمنها واستقرارها، فكان من أهم الملفات التي نوقشت هو الملف الاقتصادي، حيث أوضح الشرع في بيان له: "عملنا على رفع مستوى التواصل والتعاون في الصعد كافة، لا سيما الإنسانية والاقتصادية، حيث ناقشنا خططاً مستقبلية موسعة، في مجالات الطاقة والتقنية والتعليم والصحة لنصل معاً إلى شراكة حقيقية تهدف إلى حفظ السلام والاستقرار في المنطقة كلها، وتحسين الواقع الاقتصادي للشعب السوري".
فيما أبدى الشيباني في مؤتمر دافوس إعجابه برؤية السعودية 2030 مشيراً إلى أنه يمكن الاستفادة منها كنموذج في مستقبل سوريا، وفي السياق نفسه صرّح علي كدة الذي يشغل منصب وزير الداخلية قائلاً: "حريصون على الاستفادة من رؤية السعودية 2030، ونتطلع لأن تكون سوريا محط أنظار للمستثمرين السعوديين، كما أن زيارة الرئيس الشرع للسعودية تعد نقطة انطلاق جديدة للعلاقات، وسيبحث الوضع الاقتصادي خلال زيارته للسعودية، إضافة إلى ملف إعادة الإعمار والذي يعتبر ضمن أجندة الرئيس الشرع في السعودية".
وبعد زيارة السعودية تابع أحمد الشرع جولته السياسية إلى تركيا بعد دعوة تلقاها من أردوغان، وقد كشفت تسريبات رئاسية عن توقيع اتفاقية دفاع مشترك، تتضمن إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا وتدريب الجيش السوري الجديد، وبحسب رويترز فقد تضمن اتفاق الدفاع المشترك عدة نقاط منها: أن الاتفاق قد يسمح لتركيا بإنشاء قواعد جوية جديدة في سوريا واستخدام المجال الجوي السوري لأغراض عسكرية وتولي دور قيادي في تدريب الجيش السوري الجديد، وأوضحت المناقشات أنها قد تشمل إنشاء قاعدتين تركيتين في البادية السورية، وأن تلك القواعد ستسمح لتركيا بالدفاع عن المجال الجوي السوري في حال وقوع أي هجمات مستقبلية، وعن مكانها فقد أشارت بأن القواعد المتوقعة قد يتم إنشاؤها في مطار تدمر العسكري وقاعدة T4.
طبعاً لا يخفى على المتابعين ارتباط النظام السعودي بأمريكا المجرمة، فهو لا يستطيع أن يحرك ساكناً دون أوامرها، فقد استخدمته أمريكا في مواجهة أهل الشام وثورتهم المباركة حيث كان دعمه المسموم والأموال التي قدمها حبلاً كاد يخنق الثورة وأهلها، ناهيك عن دعمه لمؤتمرات التآمر التي كان الهدف منها تصفية ثورة الشام وسوقها لحضن النظام المجرم، ومن هنا لا بد من التحذير من النظام السعودي الذي يجري التنسيق معه من جديد وفتح الباب أمامه للدخول باسم المشاريع الاقتصادية وإعادة الإعمار، كي لا تكبل سوريا المستقبل وتتعرض لضغوطات خضوع لما تريده أمريكا.
وأما دور النظام التركي فهو لا يخفى على أحد، فالمتتبع للمرحلة الماضية أبصر بشكل لا لبس فيه كيف كانت سياسته تقود الثورة نحو التطبيع والمصالحة مع النظام المجرم، جهاراً نهاراً، سعياً منه لتطبيق القرار الأممي ٢٢٥٤ الذي رسمته أمريكا ليكون حلّاً تجهز به على ثورة الشام وتحافظ من خلاله على نظام الإجرام في دمشق.
أما اليوم وبعد سقوط النظام المجرم فإننا نرى ملازمة النظام التركي للإدارة الجديدة ومحاولته توجيهها والضغط عليها، بحيث لا تخرج عن الخط الذي تريده أمريكا لسوريا بعد أسد، وهو أن تكون سوريا دولة علمانية لا مكان فيها للإسلام وحملته، بينما يُترَك الباب مفتوحاً لدعاة العلمانية ورجالاتها سعياً منهم ليكونوا رجالات النظام الجديد بعد تلميعهم والترويج لهم إعلامياً وسياسياً.
وقد صرح وزير الخارجية التركي منذ أيام بعد زيارته لقطر حيث قال: "مباحثاتي في قطر تناولت التطورات في سوريا وفلسطين، ورفع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا وبسط الأمن". وأضاف بأنه "لا مجال لدينا لأن تكون هناك مساحة للإرهاب في سوريا". وإذا ما نظرنا في مضمون هذا التصريح إضافة لبنود اتفاق الدفاع المشترك نجد تكاملاً في الهدف الذي يسير عليه النظام التركي بشكلٍ واضحٍ في خدمة مصالح أمريكا في المنطقة، أي محاربة مشروع الإسلام ودعاته تحت مسمى (الإرهاب)، وشرعنة وجوده رسمياً في سوريا ضمن اتفاقية الدفاع المشترك وبالتالي إبقاء قواته بل وإمدادها بقواعد جوية بحيث تُضيّق الخناق على أهل الشام، وليكون جيش سوريا الجديدة تحت بصرها تُعده وتدرّبه كما تريد.
ختاماً لا بدّ من التذكير بأن الله سبحانه وتعالى قد أكرمنا ونصرنا بعد أن كشف لنا في سنوات الثورة العدو من الصديق، وأن هذه الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين لم نرَ منها طوال سني الثورة سوى المكر والخداع والتآمر على ثورتنا، والأصل الحذر منها، مع توثيق علاقتنا مع صاحب الفضل علينا فيما وصلنا إليه اليوم وهو الله سبحانه، فنحمده على نصره الذي أكرمنا به دون منة أو فضل من أي دولة كانت، وينبغي أن نزيد في شكرنا وحمدنا له فنحمل الإسلام مشروع خلاص لأهل الشام والعالم أجمع، ليزيدنا من توفيقه ومعيته في إقامة شرعه في الأرض، ليكون الإسلام هو النظام البديل الذي نقيمه على أنقاض النظام البائد، فيقام العدل بين الناس وتحفظ به الحقوق، وتصان به تضحيات أهل الشام. ولا ننسى أن نذكر أيضاً بأن الحاضنة هي صاحبة السلطان وهي خير قوة بعد الله سبحانه يستمد الحاكم منها قوته وشرعيته فتدافع عنه في أصعب المواقف وأشدّها، وإن الله سبحانه وتعالى ينظر كيف نعمل هل نطلب رضاه ونحكّم شرعه أم نسعى لرضا الدول الداعمة ونستجيب لدعواتها في إقامة دولة علمانية وطنية ترضي الغرب وتغضب الرب سبحانه.
--------
كتبه: الأستاذ شادي العبود
المصدر: https://tinyurl.com/2p8f2nc
- التفاصيل
السلطان للأمة: كما أن للإيمان أركاناً (قواعد) وكما أن للإسلام قواعد خمس بني عليها، فكذلك للنظام السياسي في الإسلام قواعد أربعة تم استنباطها من القرآن والسنة. نذكر منها اثنتين.
القاعدة الأولى: أن السيادة تكون للشرع وهذا مصداق قوله تعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). وقوله سبحانه: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِىٓ أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا).
القاعدة الثانية: السلطان للأمة. ومضمونها أن الحق للأمة في اختيار من تراه الأنسب لتوكل إليه مهمة رعايتها وحكمها بأحكام الإسلام. فواجب الحاكم أن يحكم رعايا الدولة بالإسلام، وواجب الأمة السمع والطاعة والمحاسبة. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا). وقد بين المفسرون أن طاعة أولي الأمر مرتبطة بطاعتهم لله، وهذا ما أوجزه الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضوان الله عليه عندما قال: أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم.
فالإسلام كما حرم على المسلم العيشَ إلا وفق أحكام الإسلام، فإنه نفسه أعطاه حقَّ اختيار الحاكم وأوجب عليه محاسبته. قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ).
وليس في الإسلام شيء مماثل لنظرية التفويض الإلهي التي تعطي الحاكم قداسة تجعل أعماله خارج نطاق المراجعة والمحاسبة.
------------
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
مرعي الحسن
- التفاصيل
في الأصل أن المال لله مالك الملك، قال تعالى: ﴿وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ [النور: ۳۳]. إلا أن الله استخلف الإنسان على المال، وجعل له حق ملكيته، قال تعالى: ﴿وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيه) [الحديد: 7]. فالإسلام شرط في الملكية الفعلية للفرد المعيَّن الإذن من الله بتملكها، ويكون هذا الإذن دلالة خاصة على ملكية الأفراد الفعلية للمال.
وهناك أعيان جعل الشرع ملكيتها للرعية، ومنع الأفراد من تملكها، كالأحراش والمراعي وساحات البلدات وما شاكل ذلك من مرافق الجماعة، بحيث إذا لم تتوفر لبلدة أو لجماعة تفرقوا في جملتهم لطلبها. وقد بينها الشرع من حيث صفتها، لا من حيث عددها، في قول الرسول ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثلاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَأ، وَالنَّارِ» [أخرجه ابن ماجه]. وكذلك المعادن التي لا تنقطع، فهي ملكية عامة؛ كالنفط والملح والغاز والحديد والفوسفات ... الخ. عن أبْيَض بن حَمَّال أنه: «وَفَدَ إِلَى رَسُولُ اللهِ ﷺ فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ، فَقَطَعَ لَهُ. فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمَجْلِسِ: أَتَدْرِي مَا قَطَعْتَ لَهُ؟ إِنَّمَا قَطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ، قَالَ: فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ» [أخرجه الترمذي]؛ والماء العِد: هو الذي لا ينقطع. وأيضا هناك أعيان هي من مرافق الجماعة، ولكن طبيعة تكوينها تمنع اختصاص الفرد بحيازتها، فتكون من الملكية العامة. عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَبْنِي لَكَ بَيْتاً يُظِلُّكَ بِمِنْى؟ قَالَ: «مِنى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ» [أخرجه الترمذي]، فمِنى من مشاعر الحج، وهي لمن سبق إليه، يُنيخ به، فهو ملك لجميع الناس؛ لطبيعة تكوينه التي تمنع اختصاص الفرد به، كالطرق والبحار والبحيرات والأنهار والشواطئ والموانئ والأقنية العامة والخلجان والمضائق، ويلحق بها المساجد ومدارس الدولة ومستشفياتها.
فكل هذه وأمثالها ملكية عامة، أذِن الشرع للرعية بالاشتراك فيها والانتفاع بعينها، وهي ملك لها، يوزّعها رئيس الدولة أو يُمكّنها منها، وَفْق الأحكام الشرعية. ويحرم على الدولة تحويلها إلى ملكية فردية، أو إعطاء امتيازات بها لأي أحد، فالعمل على تحويلها إلى ملكية فردية أو إعطاء امتيازات بها؛ يسمى بالخصخصة أو تحرير رأس المال في النظام الرأسمالي، وهو فكرة رأسمالية غربية تنص: أن دور الدولة الاقتصادي ينبغي أن يقتصر على الرقابة وضبط النظام، وأنه كلما تحرر القطاع الخاص في العمل والاستثمار والاستخدام كلما زاد النمو الاقتصادي والازدهار! وتعرف هذه الفكرة (بالليبرالية الجديدة)، التي تتناقض مع النظام الاقتصادي في الإسلام كل التناقض.
ومن الملكيات التي لا يجوز أن يحتكرها أو يتميز بها أحد على غيره؛ ملكية الدولة: التي هي أموال داخلة في الملكية الفردية وليست من الملكية العامة، ولكنها تعلق بها حق لعامة المسلمين، فلا تدخل في أي من الملكيتين وتكون نوعاً ثالثاً هو ملكية الدولة؛ وهو ما كان الحق فيه لعامة المسلمين والتدبير فيه لرئيس الدولة يخص بشيء منها بعضهم كما يرى، وذلك كالأموال التي تنفق على إنشاء الطرقات والمساجد والملاجئ، أو على الصناعة والتدريب ومراكز الأبحاث العلمية ونحوها، أو ما تعطيه الدولة لبعض الأفراد لكفايتهم أو إعانتهم أو لإيجاد التوازن الاقتصادي في المجتمع؛ فترفع بها الفقر، وتحفظ من خلالها التوازن بين الرعية، وتمنع الطبقية.
==========
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمد صالح
- التفاصيل
تهافت دولي عربي وأجنبي عقب سقوط طاغية الشام أسد المجرم في محاولة منهم لملء الفراغ السياسي في سوريا وعدم وصول الإسلام للحكم وتطبيق الإسلام كاملاً كنظام حياة في كافة جوانبها. هذا ما تسعى إليه دول الغرب الكافر ومعها حكام الأنظمة العميلة في بلاد المسلمين، الذين وقفوا في صف أعداء الثورة ومكروا بها وحاكوا أقذر المؤامرات على أهلها برعاية أمريكا والغرب. فكلٌ كان له دوره في المؤامرة على الشعب السوري في محاولة بائسة للقضاء على الثورة المباركة التي انتصرت رغم مكرهم بقوة الله ومعيته ثم بصبر الثائرين وثباتهم على أهدافهم. فهناك أمور ثابتة في السياسة أنه من خان مرة يخون ألف مرة، وأن العميل لا يرتجى منه إلا خدمة أسياده، فما الذي سنجنيه من حكام تآمروا على ثورتنا وخاصة بعد أن كشفهم طوفان الأقصى ومن قبله ثورة الشام!
نعم، لا يرتجى من الشوك العنب، فالحذر الحذر من هؤلاء الثعالب، فمكرهم اليوم أكبر من أي وقت مضى، وتحصين أنفسنا لا يكون بمداهنتهم و السعي لإرضائهم مهما كانت الذرائع بل يكون بالمواقف المبدئية التي نتمسك بها بثوابت ثورتنا التي نسعى من خلالها لإرضاء ربنا وحده و الثائرين الصادقين من إخواننا.
وعلى رأس هذه الثوابت قطع يد الكافر المستعمر وإقامة حكم الإسلام عبر خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة القريبة بإذن الله، وما ذلك عليه سبحانه بعزيز.
-----------
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
إبراهيم معاز
- التفاصيل
اعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، في 27/1/2025م تعليقَ العقوبات أخباراً جيدة للشعب السوري وللأوروبيين أيضاً، بسبب الحاجة لإعادة الإعمار وتحقيق الأمن، لكنها ليست "شيكاً على بياض"، داعية لمواصلة المراقبة عن كثب للتطورات الأخرى في سوريا. وقالت بيربوك، "لن يصبح الاتحاد الأوروبي ممولاً للهياكل المتطرفة أو الإرهابية أو الإسلامية الجديدة، ومع ذلك فإن مستقبل سوريا لا يزال غير واضح بعد مرور 50 يوماً على سقوط الأسد".
بينما شددت وزيرة الخارجية الفنلندية، إيلنا فالتونين، على أن "الحكام الجدد في سوريا يجب أن يشملوا جميع الطوائف الدينية للشعب السوري، بمن في ذلك النساء، في بناء دولة جديدة، وسيكون هذا شرطاً أساسياً لتخفيف العقوبات".
وبحسب دبلوماسيين أوروبيين، فالهدف هو الاحتفاظ بقدر معيّن من النفوذ من خلال التعليق التدريجي للعقوبات، ونوع من "مكابح الطوارئ"، فإذا لم يتحسن وضع حقوق الإنسان في ظل الحكام الجدد في سوريا فمن الممكن إعادة فرض العقوبات في وقت قصير.
وشمل تعليق العقوبات على سوريا قطاعات الطاقة والنقل والقطاعات المصرفية، والإجراءات التي تؤثر سلباً على إمدادات الطاقة وحركة الأشخاص والبضائع.
فيما قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس الاثنين 27/1/2025م، عقب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد، إنه تم الاتفاق على خارطة طريق لتخفيف العقوبات على سوريا، مضيفةً: "بينما نهدف إلى التحرك سريعا لرفع العقوبات، يمكننا العدول عن ذلك إذا اتُخذت خطوات خاطئة"، في إشارة إلى مراقبة الاتحاد الأوروبي للسياسة التي تنتهجها قيادة البلاد الجديدة، وقالت إن الاتحاد الأوروبي مستعد لفتح سفارته في دمشق "لنكون في الموقع بأعيننا وآذاننا". وقالت كالاس: "إذا كانت خطوات السلطات الجديدة تسير في الاتجاه الصحيح، فنحن أيضاً مستعدون لاتخاذ خطوات إضافية من جانبنا". ومن الخطوات الموعودة إعادة فتح السفارة الأوروبية في دمشق. وأكدت كالاس، أن الاتحاد، لن يرفع أي عقوبات تتعلق بتصدير الأسلحة، وحذرت الإدارة الجديدة في سوريا من "خطوات خاطئة"، قد تتسبب بتراجع الاتحاد الأوروبي عن خطواته.
فيما أكد بارو، وزير الخارجية الفرنسي، أن "أمن الأوروبيين والفرنسيين يرتبط أيضاً بما يحدث في سوريا". وأكد أن تخفيف العقوبات سيشمل "قطاع الطاقة والنقل والمؤسسات المالية"، وأكد ضرورة اتخاذ تدابير حازمة لضمان الأمن، خصوصاً مكافحة أي شكل من أشكال "عودة الإرهاب"، لكن بعض الدول الأعضاء أبدت تحفظاتها بشأن رفع العقوبات، وطالبت بضمانات ملموسة من الإدارة السورية الجديدة بشأن عملية الانتقال السياسي.
فيما رحّب وزير الخارجية السوري في المرحلة الانتقالية، أسعد الشيباني، بالتعليق الأوروبي الجزئي للعقوبات المفروضة على سوريا، وقال: "نرحب بالخطوة الإيجابية التي بادر بها الاتحاد الأوروبي بتعليق العقوبات المفروضة على سوريا".
فيما سبق لوزير الخارجية الأمريكي السابق، أنتوني بلينكن، اشتراطه للاعتراف بالحكومة السورية الجديدة التزامها بأربعة مبادئ رئيسية، فقال: "يجب أن تؤدي عملية الانتقال هذه إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي يفي بالمعايير الدولية للشفافية والمساءلة، بما يتفق مع مبادئ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254"، إضافةً لـ"احترام حقوق الأقليات بشكل كامل، ومنع استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب أو تهديد جيرانها، وضمان تأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية أو البيولوجية وتدميرها بأمان".
كما سبق لدوروثي كاميل شيا، نائبة السفير الأمريكي في الأمم المتحدة، قولها: "ندعم عملية انتقالية في سوريا تؤدي إلى حكم علماني غير طائفي لصالح جميع السوريين".
وبعد استعراض ما سبق، يمكننا القول بوضوح إن أمريكا ودول الغرب لا تدخر جهداً في استثمار ملف "رفع العقوبات" بخبث كورقة ابتزاز رخيصة وسيف مسلط على رقبة الإدارة الحالية للحكم في سوريا لإخضاعها للإملاءات الأمريكية الأوروبية ورؤيتهم لشكل نظام الحكم في سوريا، ليكون علمانياً خالصاً لا حظَّ فيه للإسلام وأحكامه، وليكون قائماً على أساس الرؤية الغربية الرأسمالية وضوابطها للحكم الجديد، مع استغلال قذر للوضع الاقتصادي الحالي الصعب الذي تعيشه البلاد بسبب إجرام النظام البائد وتبديده لأموال المسلمين في سوريا وثرواتهم عبر تجييش المرتزقة لحربهم وشراء الأسلحة لصب حممها فوق رؤوسهم.
ومن تكرار ساسة الغرب الحاقد لعبارات "محاربة الإرهاب"، ولا يقصدون به إلا الإسلام والعاملين لتحكيمه في ظل دولة، يتبين حرص الغرب الشديد على الحيلولة دون وصول الإسلام كنظام حياة متكامل لسدة الحكم.
كما تؤكد تصريحاتهم الصفيقة أيضاً عزمهم على إعادة فرض العقوبات ما لم يتم الالتزام بشروطهم وضوابطهم لشكل نظام الحكم الجديد.
وما تأكيدهم أنهم لن يكونوا ممولين "للهياكل المتطرفة أو الإرهابية أو الإسلامية الجديدة" إلا من باب حرصهم الشديد على ملء الفراغ السياسي في سوريا بما لا يشكل خطراً على رؤية الغرب ومصالحه وتطلعاته الاستعمارية المتجددة.
إن سياسة الابتزاز السياسي والضغوطات والإملاءات التي تمارسها أمريكا ودول الغرب لا ينفع معها رسائل الطمأنة والاسترضاء ولا الظهور بثوب الاعتدال، إنما الموقف المطلوب شرعاً وعقلاً هو الموقف المبدئي المستقل الحازم الذي يحتمه الإيمان والعقيدة والمبدأ، فإنهم، كما أخبرنا ربنا سبحانه، لن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم. فكان لا بد من العمل على استقلالية القرار مهما كانت الصعوبات والتضحيات، فلن تنعم مجتمعاتنا بالأمن إلا بإنهاء النفوذ الاستعماري الأمريكي والغربي من البلاد وتطهير وسطها السياسي منه ومن كل أدواته من سفارات ومؤسسات وهيئات إنسانية وحقوقية.
إنه لا يُستغرب سعي الغرب لاستغلال العقوبات والحصار فهذا ديدنه في الحقد على الإسلام والمكر بأهله، إلا أن المطلوب هو البحث عن البدائل والاستعداد لمواجهة هذه الصعوبات والتحديات وترتيب الأمن الداخلي والأمن الغذائي وحسن استثمار موارد الطاقة والثروات المتوفرة لصالح الشعب، لتقوية قدرته الإنتاجية باتجاه الاكتفاء الذاتي ما أمكن ليكتفي من متطلبات الحياة كخطوة باتجاه الاستقلالية واستعادة القرار، عبر سياسة زراعية وصناعية واقتصادية تناسب ظروف المرحلة. مع ضرورة السعي الجاد لوضع اليد على الثروات المتاحة من نفط وفوسفات والتعاون مع الصناعيين والمنتجين لتقديم سلع رخيصة لسد حاجات الشعب الأساسية.
وختاماً، فإن التوكل على الله وحده، مع الأخذ بالأسباب المادية الشرعية، والعزوف عن كل ما حرمه الشرع من مواقف ووسائل وأساليب وأدوات، من شأنه أن ينقلنا من حال الضيق إلى السعة بإذن الله، فمن نصرنا على طاغية جبار وقف معه كل أعداء الإسلام لقادر سبحانه أن يكرمنا بتتويج تضحياتنا بحكم الإسلام، في ظل الخلافة الراشدة الثانية، ولمثل هذا الخير العظيم فليعمل العاملون.
------
كتبه: الأستاذ ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
المصدر: https://tinyurl.com/2wy6fw66