- التفاصيل

جاء في صحيح البخاري (6/ 2613) عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: (إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة).
وقد ذكر لنا الذهبي نموذجاً عجيباً لمن كان يحرص على الإمارة. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (38/ 3) يصف أحد حكام المغرب العربي:
كان طعامه وقوته من غزل أخته رغيفا بزيت، أو قليل سمن، لم ينتقل عن ذلك حين كثرت عليه الدنيا، رأى أصحابه يوما، وقد مالت نفوسهم إلى كثرة ما غنموه، فأمر بإحراق جميعه، وقال: من أراد الدنيا، فهذا له عندي، ومن كان يبغي الآخرة، فجزاؤه عند الله، وكان يتمثل كثيرا:
تجرد من الدنيا فإنك إنما
خرجت إلى الدنيا وأنت مجرد
وقال عنه الذهبي أيضاً:
كان خشن العيش، فقيرا، قانعا باليسير، مقتصرا على زي الفقر، لا لذة له في مأكل ولا منكح، ولا مال، ولا في شيء غير رياسة الأمر، حتى لقي الله تعالى.
لكنه دخل - والله - في الدماء لنيل الرياسة المُردية. انتهى.
فهذا الحاكم نموذج لكل طالب سلطة، ونموذج لكل من كان همه الوصول للحكم والجلوس على الكرسي، فشهوة السلطة فوق كل شهوة، فهو زاهد في الدنيا، وزاهد في النساء، وزاهد في الأموال، وزاهد في فاخر الثياب، ولكنه طامع أشد الطمع في أن يكون حاكماً، فلا يبالي بأي شيء في سبيل الكرسي.
فإذا كان هذا حال الزاهد العابد عندما يستولي عليه حب السلطة ويستولي عليه شهوة الجلوس على كرسي الحكم، فما بالك بمن هو يحب السلطة وليس بزاهد ولا قانع؟
فتجده في سبيل الكرسي يفعل كل ما تريده الدول الغربية للبقاء على هذا الكرسي، فتجده يقوم بتعويم الشبيحة، وتجده يعيد تدوير النفايات البشرية من المجرمين، وتجده يتهافت للصلح مع اليهود والتفاوض معهم، وتجده يتزلف لغير المسلمين بذريعة حقوق الأقليات، وتجده يفتح البلد على مصراعيه للشركات الاستعمارية الكبرى لتنهب البلد
وتجده يتعامل بالربا مع صندوق النقد الدولي، وتجده يهمل شؤون المسلمين،
كل هذا من أجل البقاء على الكرسي.
ما جاء في صحيح مسلم (6/ 9) أن عائذ بن عمرو - وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - دخل على عبيد الله بن زياد فقال أي بني، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « إن شر الرعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم ».
ومعنى الحطمة أي الذي يحطم رعيته ويرهقهم، فتحطمه نار جهنم والعياذ بالله.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبدالرحمن
- التفاصيل

قال الله تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الأعراف: 176].
فالقصص القرآني للتفكر والتدبر واستخلاص العبرة والموعظة، لأن فيها بعض النماذج العملية لما سيمر على المسلمين.
ولنأخذ مثلاً قصة ذي القرنين، قصة الملك العادل الذي مكنه الله تعالى في الأرض، وآتاه أسباب هذا التمكين.
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}.
في هذه القصة نقرأ كيف تعامل هذا الملك الصالح مع هذا التمكين، من حمل للدعوة وجعل العلاقات الخارجية تسير على هذا الأساس أي حمل الدعوة للأمم الأخرى، فلذلك قال الله تعالى: { فَأَتْبَعَ سَبَبًا} [الكهف: 85].
كما أننا نرى في قصة ذي القرنين أن الله تعالى أخبرنا كيفية التعامل مع المجرمين، فذكر أسلوبين لذلك:
الأول: معاقبة المجرمين والمفسدين في الأرض.
الثاني: عزلهم عن المجتمع ومنعهم من الإفساد في الأرض.
والحاكم يتصرف وفق هذين الأسلوبين بما هو أنسب للمسلمين ولحمل الدعوة، وما هو أنفع لهم، وليس بتعويم هؤلاء المجرمين وجعلهم يسرحون ويمرحون في الأرض كيفما يشاؤون. فقد قال الله تعالى عن ذي القرنين {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا } [الكهف: 86 - 88].
فذو القرنين ذكر أنه سيعاقب المجرمين، وأخبر أنه سيعذبهم على جرائمهم، وهذا هو الأسلوب الأول في التعامل مع المجرمين، أي معاقبتهم على جرائمهم ومحاسبتهم على ما اقترفت أيديهم.
وأما إن كان هؤلاء المجرمون يشكلون قوة ضاربة، بحيث لا يمكن محاسبتهم جميعا ولا يمكن معاقبتهم كلهم، فلا يكون التعامل معهم بتعويمهم، ولا بجعلهم يسرحون ويمرحون بين الناس، ولا بجعلهم متنفذين وأصحاب قرار، بل الأسلوب الأمثل للتعامل مع هؤلاء المجرمين هو عزلهم عن المجتمع، ومنعهم من أن يعيثوا فيه فساداً، وهذا ما فعله ذو القرنين مع يأجوج ومأجوج.
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } [الكهف: 93 - 97].
فيأجوج ومأجوج كانوا قوة ضاربة كبيرة، بحيث لا يمكن محاسبتهم ومعاقبتهم كلهم، فقام ذو القرنين ببناء السد لعزلهم ومنعهم عن الإفساد في الأرض، ولم يقم بتعويمهم بذريعة السلم الأهلي، ولم يقم بمسح جرائمهم بحجة التعايش والسلم الأهلي، بل عزلهم عن الناس ومنعهم من الإفساد في الأرض.
فأكابر المجرمين المفسدين في الأرض لا يكون التعامل معهم بإعادة تدويرهم مثل عملية تدوير النفايات، بل بمحاسبتهم على جرائمهم ومعاقبتهم على ما كسبت أيديهم.
وفي الختام نذكر بقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111].
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبد الرحمن
- التفاصيل
مقتطف من بيان صحفي للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا بعنوان:
الأمر جد وليس بالهزل .. يهود لا تكتفي بالتدخل العسكري في سوريا بل تعدته للتدخل السياسي

إن ضعف المعالجات السياسية التي تقوم بها حكومة دمشق في التعامل مع ما يسمى (الأقليات)، وغياب المعالجة الشرعية لهذا الملف إنما يؤسس للتقسيم ويزيد من خطر (الأقليات) ويفتح باباً كبيراً للتدخلات الخارجية وتمكينها من اصطناع الأدوات الداخلية.

إن أهل الثورة عندما انطلقوا في ثورتهم عام 2011 قد رسموا خطهم وحددوا أهدافهم وثوابتهم، والتي كان منها قطع اليد الخارجية ومنعها من التدخل في شؤون أهل الشام وأراضيهم، والغريب هو كيف يحصل اليوم هذا التدخل بشكل واضح وسافر! فأن يكون ليهود كلمة في الشأن الداخلي لسوريا بعد هروب رأس النظام البائد لهو أمر عظيم ومنعطف خطير، فابتداء من تواصلات كيان يهود مع بعض مشايخ الدروز وصولاً لدفعهم لطلب اللامركزية والذي تقرأه من خلال بنود الاتفاق الذي حصل مع شخصيات في محافظة السويداء، فإنه اتفاق يعطيهم حكماً شبه ذاتي قد يجرّئ الكثيرين للسير على الخط والنهج نفسه، خاصة أن الكثيرين يراقبون ويترصدون ليحققوا مصالحهم وتطلعاتهم الانفصالية.

إن الذي حصل هو أكثر من الرضا بسيادة منقوصة بل إنه يعتبر بداية تأسيس لحكم ذاتي، حكم إن حصل فسيجر في المستقبل أنهاراً من الدماء تسيل حتى ترجع هذه المناطق لسلطة الدولة، فلماذا كل هذا الفعل ولأجل ماذا؟!
لقد أصبح التعبير عن رفض هذا الاتفاق الذي له ما بعده واجباً، فالناس لم تخرج في ثورتها لترضى بتقسيم بلادها، بل لتتوحد جميعا تحت حكم الإسلام، الذي يضم حقوق جميع رعايا الدولة دون تمييز وفق أحكام الشرع.
وإن القرارات التي تعطي لطائفة أو مجموعة امتيازات معينة أو حكماً ذاتياً لا شرعية لها ولن يرضى بها أهل الشام بل هي ترضي الدول المتآمرة على أهل الشام وأدواتها فقط.

لقد بات واضحا تدخل كيان يهود وأنه هو من يدفع لتحقيق هذا الأمر عبر عملائه، فهو الذي تصدر مشهد الدفاع عنهم وهو الذي تحدث عن حمايتهم، والنتيجة الواضحة هي الاتفاق الذي جاء يؤيد ما يطلبه أذناب كيان يهود.
إن الأمر اليوم وبعد كل ما حصل بات يحتاج إلى حسم واضح، فهذه الدعاوى ستبقى حاضرة ما دام هناك غياب للحزم والمحاسبة، وما دامت هناك آذان تستمع للخارج وتدير ظهرها لشرع ربها ومطالب حاضنتها الثورية.
- التفاصيل
مقتطف من مقال في جريدة الراية بعنوان: يا غزة العزة.. سيذكر التاريخ
ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

سيذكر التاريخ أن دروس الطوفان أبلغ وأقوى من تجبر الطغيان.
سيذكر التاريخ ثباتاً أسطورياً لثلة صابرة محتسبة، آمنت بربها فتوكلت عليه، وكفرت بالأنظمة والحكام والنظام الدولي وأممه المتآمرة المتحدة، فمرغت أنوف نتنياهو وكيانه وجنوده في التراب، رغم قلة العدة والعتاد.
سيذكر التاريخ أن كتيبة واحدة من أمة الإسلام، في بقعة صغيرة محاصرة فعلت الأفاعيل بجيش مدجج بالسلاح، وقفت معه أمريكا والغرب وكفار الأرض، فكيف حين تتحرك جيوش الأمة بقيادة إمام واحد؟!

سيذكر التاريخ كيف أثبت أهل الملاحم أنه حين يستحكم الإيمان في نفوس أبناء الأمة، فإن التحرر من هيمنة الغرب وعملائه أقرب من رد الطرف، وأنه لن تقوى أي قوة، مهما عظمت، على مواجهتهم أو كسر إرادتهم.
سيذكر التاريخ كيف أثبت رجال غزة، وهم قلة محاصرة، عِظم القوة الروحية التي يمتلكها المسلمون حين تتغلغل مفاهيم العقيدة والجهاد في نفوسهم، تلك القوة الروحية التي جعلت منهم آساد حرب وجنود ميدان، لا يشق لهم غبار ولا تفتر لهم عزيمة في هذه المهمة العظيمة.
سيذكر التاريخ الذين فجروا طاقاتهم وذكرونا ببطولات الفاتحين، رغم الحصار وحمم النار، رغم الخذلان المر المريب وتآمر القريب قبل البعيد.

سيذكر التاريخ أن عملية الطوفان رفعت مستوى وعي الأمة إلى مستويات عالية، على الحل الجذري وعلى من هو في صف الأمة ومن هو في صفوف أعدائها.
سيذكر التاريخ أن زئير الأسود الجريحة أثبت يقيناً، أن كيان يهود نمر من ورق، يحكي انتفاخاً صولة الأسد، يومه آت ونفَسُه منقطع وحباله مقطوعة مهترئة.
سيذكر التاريخ ذكريات "روح الروح" في بقعةٍ طاهرة مباركة آن لها أن تطهر من دنس الغاصبين.
سيذكر التاريخ حكاماً عملاء، كبّلوا جيوش الأمة عن نصرة إخوانهم ومقدساتهم، رسّخوا حدوداً وأقفاصاً "وطنية" صنعها الكافر المستعمر بيديه ظناً منه أن سيمنع إعصار الأمة القادم الذي سيهدم العروش ويكسر القيود ويفتح الحدود.

سيذكر التاريخ أن بذور الطوفان ودماء الشجعان والأقمار التي ودعتنا إلى الواحد الديّان، بعد أن أثبتت هشاشة الكيان، ستنبت نصراً مؤزراً بإذن الله، يهدم عروش الطغيان ويوحد المسلمين جميعا تحت راية واحدة وإمام واحد، يخاطب من يؤذي مسلماً: "يا عدو الله، الجواب ما تراه لا ما تسمعه".
سيذكر التاريخ أن النار التي تستعر في صدور مخلصي الأمة من أهل القوة والمنعة، بسبب تكبيل حكامهم لهم عن القيام بواجبهم، ستدفع باتجاه واحد؛ حلٍ جذري وتغييرٍ حقيقيٍ قادمٍ يشفي الله به صدور قوم مؤمنين.

رحم الله شهداءنا الأبرار وأنزل الطمأنينة والأمن والوقار على أهلنا في غزة وكل فلسطين. اللهم آوِ مشرَّدهم وأمّن خائفهم وأطعم جائعهم واشف الجريح فيهم واجعل دماءهم وآلامهم منبعَ آمالٍ لهم ولنا جميعا، لغدٍ مشرق تشرق فيه شمس الإسلام في ظلال حكم الإسلام ودولته الخلافة، دولةٍ تُعز الإسلام وأهله وتنشر في ربوع المعمورة العدل والأمان، وتنسي المجرمين وساوس الشيطان، ونسأل الله أن يكون ذلك قريبا.
قال ﷺ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِيَ مِنْهَا».

