- التفاصيل

لقد فتحت ثورة الشام المباركة الأبواب واسعة أمام الأمة الإسلامية لولوج عملية التغيير التي ستفضي في النهاية لتغيير جذري على مستوى المنطقة والعالم متجاوزة الحدود المصطنعة التي رسمها الاستعمار الغربي ويكافح بكل قوته لترسيخها وإبقاء المسلمين ضمنها ومنع مجرد التفكير في كسرها، بل وصل الأمر في آخر استراتيجيات الغرب وأمريكا بالتحديد للتعامل مع جماعات إسلامية تقبل البقاء داخل حدودها وهو ما يعني عمليا سعيهما لضرب فكرتين مهمتين هما: الأمة والجهاد.
إن سعي أمريكا مؤخرا لتثبيت قواعد جديدة انسجاما مع ما حصل في سوريا من سقوط بشار، والذي حصل على غير إرادتها، رغم أنها تحاول عبر الإعلام والتحركات السياسية لها ولعملائها في المنطقة إظهار أن سقوط النظام البعثي كان بتخطيط منها، رغم أنها هي التي دعمته ومنعت إسقاطه لسنوات عديدة وأمّنت له الغطاء السياسي والدولي وفتحت له الأبواب على مصاريعها لارتكاب أبشع الجرائم الوحشية بحق أهل الشام، وهي أول من "كوّعت" (وهو مصطلح متداول بقوة منذ سقوط طاغية الشام) سعيا وراء مصالحها ونفوذها بالشام وتبعتها دول المنطقة والإقليم، وتحاول الآن تحت سيف العقوبات والضغط السياسي على القيادة الانتقالية في دمشق رسم الخطوط لها لقبولها في النظام الدولي وتسييرها في الطرق التي يتم رسمها لها، ورغم الصعوبات التي تواجهها بسبب الحالة الثورية لدى الحاضنة، إلا أنها تلقى تجاوبا من القيادة الانتقالية البراغماتية.
أما سلم أولويات أمريكا الآن في سوريا فهو ما عبّر عنه وزير خارجيتها ماركو روبيو منذ أيام بتحذيره من أن "سوريا على بعد أسابيع فقط من انهيار محتمل وحرب أهلية شاملة ذات أبعاد ملحمية"، وأنها دفعت الرئيس الأمريكي لرفع العقوبات عن سوريا ودعم السلطة الانتقالية فيها، فالأولوية الأمريكية الآن في سوريا هي القضاء على الروح الجهادية التي أصبحت متغلغلة في أوساط أهلها، ولذلك تصدرت قضية ترحيل المهاجرين من سوريا أولويات المسؤولين الأمريكيين لتفريغ ساحتها من هذه الأنفاس العطرة والهمم الصادقة، وممارسة الضغوط المتواصلة على سلطات دمشق للبدء بذلك مقابل دعم سياسي واقتصادي موعود.
ولأن الأمر خطير جدا لما في ذلك من ضرب فكرة الأمة الواحدة وفكرة الجهاد الذي تعشقه الأمة لأنه يعطيها القوة والعنفوان في مواجهة أعدائها، فقد وجب التحذير من هذه الخطوات التي يمكن أن تقدم عليها سلطة دمشق ظنا منها أنها ستكون في مأمن إن استجابت لذلك، فإننا نحذرها من أنها ستكون كمن يكشف ظهره لأعدائه، فالدول الاستعمارية تنظر لها أنها فترة مرحلية ثم التخلص منها بعد تنفيذها الشروط التي ستضعها في مواجهة حتمية مع الحاضنة واستغلالها لاحقا، فقد سمعنا كلام سفير أمريكا السابق في سوريا روبرت فورد عن تدريبه لأحمد الشرع في إدلب قبل سنوات وما رافق ذلك من عاصفة إعلامية استوجبت من السلطة نفي كلامه، وهي إشارة إلى مدى مكر الغرب وأدواته والوسائل القذرة التي يمكنه استعمالها في سبيل تحقيق مصالحه والطريقة البشعة التي يتعامل بها مع من يتصل بهم ويطلب ودهم ورضاهم مهما كانت الذرائع المستعملة لتبرير ذلك.
إن السير في ركاب أمريكا وتحقيق مصالحها وغياب المواقف المبدئية التي تفرضها العقيدة الإسلامية، بذرائع مخادعة، هو خطر عظيم يسلب السيادة من القيادة ويجعلها مجرد أداة مؤقتة لملء الفراغ الذي حصل بعد سقوط بشار.
إن الخطر الكبير حاليا مرتبط بملف الحفاظ على المجاهدين من مهاجرين وأنصار بل إن على القيادة إغلاق هذا الملف وعدم تقديم التنازلات فيه، فلا فرق بين المسلمين، فالأرض لله والدين لله ولا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، وقد أكرمنا الله بعد مسيرة حافلة في الثورة والجهاد بمئات آلاف المجاهدين القادرين على القتال بأصعب الظروف، ولديهم القدرة على حرب العصابات التي إن استثمرت بقوة، فهي قادرة على إسقاط دول بمجموعات قليلة فكيف بمجموعات كبيرة وتدريب وتسليح كبير خاصة إذا كانت هناك دولة ترعاهم ليكونوا مقدمة ركبها، وقد أثبتت التجربة أن الجيوش لم تصمد أمام حروب العصابات في العالم الذي يدفع بقوة لإعادة تشكيل الجيوش وفق رؤيته الوطنية القزمة حتى تكون هذه الجيوش مسلوبة الإرادة والقرار، قابلة لأن تُهزم وتستسلم بكل بساطة، فالحفاظ على المجاهدين وتقسيمهم إلى مجموعات حرب عصابات هو الوحيد الكفيل ليس بالدفاع عن البلاد بل بالقدرة على التحرير وتوسيع البلاد والخروج من شرنقة الحدود الوطنية الاستعمارية.
إن الأمة الإسلامية متحفزة وتتحرق لليوم الذي تتحرك به الشام لاستعادة دورها نصرة للإسلام وأهله ومقدساته، وهي قادرة على ذلك إذا توفرت القيادة الصادقة التي تقوم على الإسلام وتعمل من أجله، وستلقى دعما كبيرا من المسلمين في العالم.
إن وهن النظام الرأسمالي الدولي وقرب انهياره رغم غطرسته الظاهرة وحالة الغليان عند أبناء الأمة يبشر بقرب انهياره وسقوط أدواته. لذلك على القيادة الانتقالية في سوريا أن تدرك أن انضمامها إلى جوقة حكام المسلمين سيكون وبالا عليها وعلى أهل الثورة والتضحيات. فالشعوب المسلمة ضاقت ذرعا بحكامها وتسعى للإطاحة بهم لإحداث التغيير الحقيقي المنشود، ومن لا يرى ذلك ويركن إلى الأجواء الإعلامية التي يصطنعها الحكام المجرمون عبر جيوش إلكترونية فهو قد وقع بالفخ، فالمسلمون طفح كيلهم ولم يعد بإمكانهم استيعاب خيانات حكامهم وعمالتهم ومشاركتهم لأعدائهم في حربهم على الإسلام والمسلمين.
إن إنجاز عملية التغيير مستمرة بإذن الله ولن تنتهي إلا بتتويجها بتوحيد الأمة الإسلامية والتحرر واستعادة السلطان وإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي المشروع السياسي الحقيقي للمسلمين، وقد بدأت إرهاصاتها تُرى بالعين المجردة وآن أوانها واقترب ميعادها؛ وعلى المجاهدين الصادقين في الأمة أن يكونوا أنصارها وجنودها ويرفضوا الركون للظالمين؛ فإن وعد الله حق، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون﴾.
-----------
كتبه: الأستاذ أحمد معاز
- التفاصيل
مقتطف من مقال في جريدة الراية العدد (549) بعنوان:
رفع العقـوبات الأمريكية عن سوريا والقفز على الحقائق السياسية والعقدية
ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

إن أمريكا والغرب لا يعطون شيئاً دون مقابل، وهذا ما أكدته تصريحاتهم بأن رفع العقوبات مرتبط بما قدمه حكام سوريا من التزامات، فهو رفع مشروط يهددون بإعادته متى شاءوا، يستخدمونه كأداة ضغط ناعمة متعلقة بملفات تمس السيادة مباشرة، لفرض تنازلات أمنية وسياسية واقتصادية، وملفات التبعية و"اتفاقات أبراهام" والتطبيع مع كيان يهود ومحاربة الإسلام، وفرض دستور علماني، وتسخير ثروات البلاد عبر اتفاقات مجحفة خدمة لمصالحهم تحت ذريعة الاستثمار والتنمية، وكلنا نذكر اعتبار وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، تعليق العقوبات أنها ليست "شيكاً على بياض"، وأن "الاتحاد الأوروبي لن يصبح ممولاً للهياكل المتطـرفة أو الإرهابية أو الإسلامية الجديدة"، وكلام مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس أنه "بينما نهدف إلى التحرك سريعا لرفع العقوبات، يمكننا العدول عن ذلك إذا اتُخذت خطوات خاطئة".
- التفاصيل

لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن بناء برج يحمل اسم ترامب في دمشق بعلو 45 طابقاً بتكلفة 200 مليون دولار، والمنفذ شركة تايغر الإماراتية التي يترأسها وليد محمد الزعبي، فهذه بعض التفاصيل التي تداولتها وسائل الإعلام وأن البرج "رسالة سلام من سوريا" تعكس تطلع البلاد للسلام والانفتاح بعد الحرب!
وعليه لا تهمنا التفاصيل التي ذكرها الإعلام والشارع وإنما الهدف والغاية الحقيقية من بناء هذا البرج والسبب في اختيار المكان والزمان والرسائل السياسية التي تريد الحكومة الجديدة و أمريكا إرسالها والهدف والغاية التي تريد الوصول لها من خلال بناء هذا البرج وغيرها من الأعمال التي تقوم بها بعد سقوط نظام أسد المجرم وبعد أن صدّرت أمريكا نفسها على أنها حمامة سلام وراعية للحكومة الجديدة لتسيير البلاد نحو الرقي والاستقرار.
بداية يجب أن نضع قواعد في تعاملنا مع هذه الدول، فهذه دول رأسمالية عدوة للإسلام والمسلمين ساندت النظام المجرم البائد طيلة سنوات الثورة وخاصة أمريكا رأس الكفر وأكابر المجرمين الذين ترأسوها طيلة هذه السنين، من أوباما إلى ترامب ومن ثم بايدن لتعود في نهاية المطاف إلى المتعجرف دونالد ترامب والذي أظهر عداءه وبشكل علني للإسلام والمسلمين وعمد لنهب ثرواتهم، فهذه أولى القواعد.
ثانياً إن بناء هذا البرج الذي يحمل اسم رأس الكفر ترامب لهو مؤشر خطير يجب التنبه له، فهذا والله ليس مجرد برج يحمل اسماً، إنما هو مصيدة وفخ يريدون إيقاعنا به للقبول بالتنازل عن ثوابت الثورة والقبول بصنم العلمانية، وفي هذا مساس للدين والكرامة، بل وسيبنى أيضا على دماء الشهداء وأشلاء الأطفال وصرخات النساء اللواتي اغتصبن من قبل نظام أسد المجرم عميل أمريكا وأداتها التي أجرمت بحق أهل الشام.
إن ترامب يحاول إيهامنا من خلال رفع العقوبات وبعض المساعدات أنه حمل وديع لتمرير مخططاته الخبيثة من خلال غزو سوريا سياسيا وفكريا واقتصاديا عبر خصخصة الشركات إلى استثمارات النفط والغاز والموانئ وغيرها من الثروات والمعادن التي هي ملكية عامة، للدولة وحدها حق إدارتها وهي المصدر الأساسي لواردات بيت المال في الدولة، فكيف نسمح بذهاب أهم مقومات الدولة الاقتصادية وجعلها رهينة بيد الدول تنهبها وتضغط بها علينا وتملي علينا شروطها، وتفرض علينا التخلي عن ثوابت الثورة، وترك المطالبة بتحكيم الإسلام والقبول بالعلمانية كنظام حياة لنا، بل وإن استطاعوا أن يردونا عن ديننا سيفعلون، قال تعالى في كتابه العزيز: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ).
إن ثورة الشام لم تخرج لأجل رغيف الخبز، إنما لإسقاط النظام المجرم بكافة أركانه ورموزه ومؤسساته العسكرية والأمنية وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه، خلافة راشدة على منهاج النبوة، فهذا والله عز الدنيا والآخرة وإرضاء ربنا وإبراء لذمتنا أمام الله ورسوله والمؤمنين، فلا يجوز الانخداع بما يقدمه العدو من حلول، فخلاصنا بأيدينا لا بأيدي أعدائنا. وما علينا إلا غذ الخطا نحو إقامة حكم الإسلام وتحرير بيت المقدس من رجس يهود لتخليص أهل غزة والعالم أجمع من ظلم وجور الرأسمالية العفنة ومن دياجير الفسق والفجور ومن الظلمات إلى نور وعدل الإسلام وما ذلك على الله بعزيز.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
إبراهيم معاز
- التفاصيل

يتسم المسلمون عامة، وأهل الشام خاصة، بحُسن الظن، وهي من الصفات الحميدة التي أمرنا الله بها. لكن كثيرًا ما يُساء استخدامها، خصوصًا حين تتحول إلى ثقة عمياء توضع فيمن يتصدّر لقيادة الأمة، فيُمنح الفرص تباعًا، على أمل أن يكون من أبنائها البارين.
وقد تبالغ الأمة أحيانًا، فتنتقل من موقع المتأمل إلى موقع المدافع والمبرر، لأنها لا تريد أن تصدق أن ابنها قد فرّط أو تنازل، فتدفع فواتير باهظة من أمنها وكرامتها ودمائها وأموالها، ثم تُصاب بيأس مؤقت، نعم، يأس مؤقت، فهي أمة حيّة بطبيعتها، تبحث عن قائد تضع فيه ثقتها ليقودها لكل خير.
لكن يجب أن نفهم أن ثقافة التبرير هذه من أشد ما يؤذي الأمة ويجلب عليها الويلات، خصوصًا حين يُبالغ فيها. فالمسألة هنا ليست شعورًا عاطفيًا، بل أمانة حكم حمّلنا الله إياها، وطلب منا أن نكون رقيبًا على الحاكم، ثم محاسبًا له إن حاد عن الحق أو فكّر في أن يحيد عنه.
إن حجم التنازلات التي يقترفها الحاكم مرتبط طردًا بحجم صمت الأمة، وتبريرها لهذه التنازلات. فواجب الأمة هو الوقوف في وجه التنازل، وقول كلمة الحق، وتسمية الأمور بأسمائها، لا تغليفها بالمشاعر ولا التمنيات.
قال الله تعالى: ﴿هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَمَن يُجَٰدِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَٰمَةِ﴾. فلا يصح أن تجادل الأمة عن حاكم متنازل أو مفرّط لمجرد أنه "ابنها"، أو لأنه "ربما يعود لاحقًا إلى الحق ويقلب الطاولة على الأعداء"، فهذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ونحن مأمورون أن نحكم بالظاهر، لا أن نبني قرارات مصيرية على أمنيات غيبية.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾. فمن يقول إن الحاكم قد تنازل، لكنه "سيعود لاحقًا إلى الحق ويقلب الطاولة"، هو في الحقيقة يُفرّغ الدين من معناه العملي، ويتعامل معه كـ"معلومة مؤجلة" لا كـ"تكليف فوري"، وهو كمن يقول: "سمعنا وأطعنا"، ولكن لا أثر لهذا السمع والطاعة في سلوكه ولا في موقفه.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
وائل مسعود
- التفاصيل

قام الحكام الخونة ومن ورائهم بعض علماء السوء بتنفير الناس من السياسة والعمل السياسي فجعلوا السياسة عدوة للدين والدين عدوا للسياسة؛ حتى صار الناس إذا ما ذكرت السياسة فلا يخطر في أذهانهم سوى الكذب والخداع؛ وهذا لا يتوافق مع الدين ولا مع الإسلام؛ هكذا زعموا وكذبوا على شرع الله تعالى، مع أن شرع الله تعالى حث على الاشتغال بالسياسة واعتبر الشرع منزلة عليا لمن يعمل بالسياسة وفق الضوابط الشرعية، فقد قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79].
والربانيون جمع رباني، وقد قال أهل التفسير في معنى هذه الكلمة:
1ـ الرباني هو الذي يجمع إلى العلم البصر بالسياسة؛ مأخوذ من قول العرب : رَبّ أمرَ الناس يَرُبّه إذا أصلحه وقام به ، فهو راب ورباني على التكثير ... الجامع لأحكام القرآن (4/ 122) للقرطبي .
2ـ والربانيون: الذين جمعوا مع العلم البصارة بسياسة الناس... تفسير البغوي (2/ 60).
3ـ "الربانيون"، هم عمادُ الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا. ولذلك قال مجاهد :"وهم فوق الأحبار"، لأن "الأحبارَ" هم العلماء، و"الرباني" الجامعُ إلى العلم والفقه، البصرَ بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دُنياهم ودينهم ... تفسير الطبري (6/ 543).
ورحم الله من قال:
قد حوى كتاب الله سبحانه وتعالى من فنون السياسة وأقسامها ما يغني متدبره ويكفي متأمله: كالقصاص الذي جعل الله لنا فيه الحياة، والحدود التي عصم بها الأنفس والأموال والأعراض من تسرع الجناة، والزكاة العائدة بفضل الأغنياء على الفقراء، منة منه ليجعلهم فيما أنزل عليهم من رزقه شركاء، وكالطاعة المفترضة على الرعية للرعاة، والمعدلة الموجبة لهم على الولاة، وكحقوق النساء من القسمة والتعديل على الرجال وما يلزمهن.... التذكرة الحمدونية (1/ 61).
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبد الرحمن
