press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

WhatsApp Image 2025 08 25 at 3.52.14 PM




بين الفينة والأخرى تتوالى التصريحات والتسريبات حول لقاءات مباشرة بين مسؤولين سوريين مع مسؤولين من كيان يهود لبحث الملف الأمني في جنوب سوريا والسير في ملف توقيع اتفاق ينص على سحب السلاح الثقيل أو إيجاد منطقة منزوعة السلاح في الجنوب السوري وخاصة في محافظة درعا والقنيطرة، فلماذا هذه الدندنات وما الهدف منها وسط نفي وتأكيد من قبل الجهات الدولية وحكومة دمشق!

منذ سقوط نظام الطاغية أسد في دمشق وتسليم زمام الأمور للشرع وأمور البلاد تتجه من سيئ لأسوأ على عكس التوقعات بعد سقوط الطاغية أسد، فمن الابتعاد عن تطبيق شرع الله وإعادة النظام العلماني والعمل به من جديد ونسف التضحيات والعفو عن المجرمين حتى طمع بنا الجميع من أقليات وميليشيا قسد والدروز في الجنوب، فالعدو أحاط بأهل الشام من جميع الجهات وكل ذلك يعود لضعف أداء الإدارة الجديدة السياسي وتبعيتها للدول وغياب المشروع السياسي حتى أصبحت أداة تنفذ مشاريع الدول وتقدم مقدرات البلاد وخيراتها على طبق من ذهب لأعدائها، وتذهب بالبلاد والعباد إلى ما لا يحمد عقباه.

وبالعودة لملف التطبيع مع كيان يهود وتطبيق الاتفاقيات الأمنية بين سوريا والكيان الغاصب، لا بد لنا من أن نعود للوراء قليلاً أي منذ يوم سقوط النظام البائد في دمشق 2024/12/8م وما تلاها من قصف هو الأوسع والأعنف لكيان يهود استهدف من خلاله القدرات الدفاعية السورية ومخازن السلاح الثقيل والصواريخ والمطارات حتى دمر القدرات الدفاعية بنسبة كبيرة، وبعد بضعة أشهر دخلت دولة الإمارات على الخط بين سوريا والكيان وأدارت المحادثات الأمنية عبر قنوات بين الجانبين وبحثت من خلالها ملفات أمنية واستخباراتية وذلك مع تصاعد قصف كيان يهود للقوات السورية بحجة حماية دروز صحنايا وجرمانا وثانيها إفراغ الجنوب السوري من السلاح الثقيل والإبقاء على قوات الأمن في بادئ الأمر.
وبعدها بقليل دخلت أمريكا على الخط لخطورة الموقف وخشية تفلت الأمور من يديها فسلمت ملف سوريا لمبعوثها توماس باراك وأصبح هو صاحب القرار والذي صرح قائلا: "السلام قابل للتحقيق" في تلميح لدخول سوريا في (اتفاقية أبراهام) والتطبيع مع يهود وجلبت الوسطاء الدوليين (تركيا و أذربيجان و فرنسا) وجرت عدة اجتماعات وجولات تفاوضية في باكو بين مسؤولين كبار من الحكومة السورية ومسؤولين يهود، وبعدها في فرنسا عقب التصعيد الأخير في السويداء واستهداف اليهود للجيش السوري ومبنى وزارة الدفاع والأركان وإثر هذه التصعيدات بدأت جولات التفاوض في باريس وكان آخرها اجتماع وزير الخارجية أسعد الشيباني مع وزير الشؤون الاستراتيجية "الإسرائيلي" رون ديرمر في 2025/7/24 برعاية أمريكية للتوصل لاتفاق خفض التصعيد وبعض الترتيبات الأمنية في الجنوب.
وعقب ذلك في اجتماع آخر في باريس حضره المبعوث الأمريكي توماس باراك ووزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية "الإسرائيلي" وركزت المباحثات على أربعة بنود هي خفض التصعيد في الجنوب، احترام السيادة السورية، مراقبة وقف إطلاق النار في السويداء، إعادة تفعيل اتفاقية عام 1974م.
هذا هو تسلسل الأحداث باختصار أما اليوم، فإننا نشهد تحولا غير مسبوق لم يجرؤ النظام البائد على فعله وهو نقل المفاوضات مع كيان يهود من السر إلى العلن، فهذه سابقة وجب الوقوف عندها والتحذير منها، فإننا باعتبارنا مسلمين نعتبر أن صراعنا مع يهود هو صراع وجود وصراع عقدي بين كفر وإيمان وكيان يهود يعتبر كياناً مغتصبا لأرضنا ومقدساتنا وهو محارباً أصلا فلا يصح توقيع الاتفاقيات معه وهو يحتل جزءاً من بلاد المسلمين وهو قلب العالم الإسلامي، ويعيث في الأرض الفساد ويتمادى يمنة ويسرة دون أن يحسب حساباً لأي أحد، فهو يعلم أن هذه الأنظمة التي تجاوره هي أنظمة تحمي حدوده، لكنه يخشى من النفس الجهادي المتصاعد في بلاد الطوق وخاصة في سوريا وخاصة أن سوريا دولة كبيرة بالنسبة لقطاع غزة الذي مرغ أنف يهود بالتراب فإن دخل الكيان في مواجهة فعلية مع مجاهدي الشام فستكون خاسرة لا محالة بإذن الله.


إن هذه الدندنات حول ملف التطبيع ليست طبيعية بل مقصودة ولها أهداف تسعى من خلالها الدول لإنهاء ملف الثورة والنفس الجهادي والعودة بأهل الشام للمربع الأول ولحظيرة المجتمع الدولي بعد أن خرج منها لسنوات طويلة، فدول الغرب وعلى رأسهم أمريكا عقب سقوط النظام المجرم عمدوا لخلق الفوضى ولعبوا على وتر الأقليات في الساحل والسويداء وحركوا ملف ميليشيا قسد في شمال شرق سوريا كي يخضعوا الحكومة الجديدة في سوريا لكي تقبل بالمفاوضات مع كيان يهود وتنفذ كل ما تريده أمريكا من إضعاف لسوريا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وجعلها مرتهنة للدول.
وعليه نقول إن الضعف والهوان والارتماء بأحضان الدول نتيجة حتمية لغياب المشروع السياسي للجهة الحاكمة، فإن لم تكن صاحب مشروع فأنت حتماً أداة لتنفيذ مشروع غيرك، وأخيراً إن الإسلام جاء بأحكام ومعالجات لجميع مشاكل الحياة وبين لنا العلاقة مع اليهود ومع دول الكفر، وإن آلية التعامل مع كيان يهود اليوم واضحة ذكرها الله لنا في سورة الإسراء قال تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مّفْعُولاً (5) ثُمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوّلَ مَرّةٍ وَلِيُتَبّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً﴾.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
إبراهيم معاز

 

صورة واتساب بتاريخ 1447 03 02 في 15.50.51 21e6715e



التقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، وفداً (إسرائيلياً) في العاصمة الفرنسية باريس يوم الثلاثاء، حيث تناول الجانبان ملفات مرتبطة بالجنوب السوري ومساعي تعزيز الاستقرار في المنطقة. وأسفر اللقاء الذي جمع الشيباني بوزير الشؤون الإستراتيجية (الإسرائيلي) رون ديرمر، وبحضور المبعوث الأميركي توم براك، عن تفاهمات تقضي بتكثيف الجهود لخفض التصعيد، والالتزام بعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، فضلاً عن دعم الخطوات التي تعزز الاستقرار ومتابعة تنفيذ وقف إطلاق النار في محافظة السويداء.
هذا ما أعلن عنه بأن الاجتماع هو مجرد اجتماع عادي لبحث سبل تعزيز الاستقرار، غير أن المتتبع لمجريات الأحداث يرى شيئاً آخر فقد سبق هذا الاجتماع لقاء المبعوث الأمريكي برّاك زعيم الطائفة الدرزية في الأراضي المحتلة موفق طريف، المقرّب من رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو.
طريف طرح سلسلة مطالب "باسم الدروز"، أبرزها: تثبيت وقف إطلاق النار، فتح ممر آمن للمساعدات الإنسانية بإشراف أميركي، رفع الحصار عن السويداء، وإطلاق سراح المختطفين وعودة النازحين. هذه البنود بدت وكأنها مقدمة لشرعنة "الكيان الدرزي" في الجنوب، وتعزيز ارتباطه بكيان يهود.
اجتماع الشيباني مع نظيره الوزير ديرمر هو اجتماع استثنائي وعلني تم تأكيده ونشره على وسائل الإعلام الرسمي للحكومة السورية الحالية وهو يمهد للسير باتجاه التطبيع العلني والذي لم تعارضه حكومة الشرع يوماً رغم المجازر اليومية المستمرة بحق أهلنا في غزة ورغم استمرار التوغل (الإسرائيلي) في جنوب سوريا وتثبيت العديد من النقاط العسكرية على جبل الشيخ ومحيطه وباتت قوات الكيان على مشارف العاصمة دمشق.
ورغم دعم الكيان العلني للدروز ومطالبهم الخيانية بحكم ذاتي والانفصال عن حكومة دمشق فإن حكومة الشرع ما زالت تتعامل مع ملف السويداء بضعف خوفاً من إغضاب الكيان وداعمه الأمريكي بل تدخل لهم المساعدات التي يسرقها الهجري وشبيحته ليتقوى بها على مواجهة الحكومة ويستمرون بالمطالبة بالانفصال عن الدولة ويعلنون بكل وضوح ارتباطهم بكيان يهود.
إن ما حدث من هجوم لكيان يهود على مبنى الأركان في العاصمة دمشق بتاريخ 16/7/2025 تزامناً مع أحداث السويداء وما تبعه من استهداف لقوات الجيش والأمني السوري يستدعي من الإدارة السورية إعلان الحرب على الكيان وليس امتصاص الضربة وكأن شيئاً لم يحصل ثم الهرولة العلنية للتطبيع مع الكيان الذي يعمل ليل نهار لدعم الانفصاليين توازياً مع مجازره المستمرة بحق أهلنا في فلسطين.
إن حكومة دمشق التي من المفترض أنها تمثل الشعب السوري لا تسعى لأن تحقق مطالب الشارع الثائر الذي ضحى خلال 14 عاماً بالغالي والنفيس وهو يسعى للعيش بعزة الإسلام وحكمه، بل هي تسعى جاهدة لإرضاء الغرب وربيبته كيان يهود المجرم وهو منهج يسير بسوريا إلى مزيد من التبعية والخضوع للكافر المستعمر وهيمنة أمريكا وأشياعها، لذلك وجب على أهل الثورة في سوريا أن يقولوا كلمتهم ويصححوا البوصلة ويأخذوا على يد من يريد التطبيع مع الكيان بل يدفعوا باتجاه الحل الجذري مع الكيان وداعمه بالمواجهة الحقيقية والاستعداد لإعلان الجهاد الذي يحفظ العرض ويعيد الأرض وينهي حالة الذل والهوان والتبعية للغرب.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
أحمد الصوراني

 

 

333


بتاريخ 12/8/2025م، شهدت العاصمة الأردنية عمّان اجتماعاً ثلاثياً ضمّ الأردن وسوريا وأمريكا، بحضور وزيري خارجية سوريا أسعد الشيباني، والأردن أيمن الصفدي، ومبعوث أمريكا الخاص توم باراك، وذلك في إطار ما سُمّي بمحاولة "احتواء أزمة السويداء ودعم استقرار سوريا". غير أن هذا الاجتماع، وما سبقه من أحداث في السويداء من اشتباكات مسلحة، وغارات لكيان يهود على دمشق ومحيطها، وانتهاكات واسعة بحق أبناء العشائر والبدو، يؤكد أن الغاية الحقيقية ليست الاستقرار، بل هي تثبيت نفوذ أمريكا وفرض حلول على الأرض تُرضي أعداء الأمة وتُقصي صوت الحاضنة.

فبعد إعلان وقف إطلاق النار في السويداء، إثر صدامات بين فصائل تتبع ليهود بشكل مباشر والعشائر، ووسط تصعيد مباشر ليهود عبر القصف الجوي، جاءت سلسلة اجتماعات منها في باريس وآخرها اجتماع الأردن الثلاثي حاملاً رسالة واضحة ومفهومة بأن مصير سوريا يُدار في الغرف المغلقة، بإشراف أمريكي ورعاية إقليمية، وأن كل ما جرى من أحداث مضت وآخرها حدث السويداء ليس سوى ورقة ضغط في مسرحية دولية قذرة.

لقد صوّر الإعلام الرسمي اللقاء على أنه "خطوة نحو إعادة البناء وضمان السيادة"، بينما الحقيقة أن الأطراف المشاركة لم تطرح إلا حلولاً تخدم بقاء نفوذ أمريكا ويهود، وتكرّس واقع التبعية، وتبعد الدولة عن ممارسة سلطتها الحقيقية. ويكفي أن التحليلات الأردنية نفسها نبّهت إلى أن استمرار النزاع في الجنوب يشكّل تهديداً مباشراً لحدود الأردن، وأن انهيار الدولة السورية ليس في مصلحة هذا البلد، ما يعني أن الاجتماع جاء أولاً وأخيراً لحماية الأردن وأمن الكيان الغاصب.

إن حضور أمريكا المباشر للقاء وفرضها خطتها تحت ذريعة "وقف الاقتتال"، يفضح حقيقة دورها الذي طالما كان محركاً للأحداث في سوريا، واجتماع عمّان هذا هو حلقة جديدة في هذا المسار، لتثبيت نفوذها وتهيئة الأرضية للتطبيع مع الكيان الغاصب عبر الموافقة على اتفاق أبراهام.

إن المتابع لتفاصيل ما جرى يدرك جملة من الحقائق التي يجب التوقف عندها، منها:

أولاً: أن كيان يهود طرف رئيسي في المشهد، يستثمر في أي موقف ويغذيه ليحصّل مكاسبه التي يصرح حولها كل حين، وبالتالي أي اجتماع يتجاهل هذا الدور أو يتعامى عنه، هو عملياً تواطؤ معه وتثبيت لعدوانه.

ثانياً: الاجتماع الثلاثي جاء ليعيد إنتاج الوصاية الدولية على سوريا، حيث يُفرض على الحكومة الانتقالية القبول بترتيبات أمنية وسياسية تحت عين أمريكا، بما يشمل إدارة ملف الجنوب والتعامل مع الفصائل المحلية - أزلام يهود - بوصفها شريكاً سياسياً، رغم جرائمها المروعة بحق العشائر، وهذا بحد ذاته خيانة لدماء الأبرياء، وشرعنة للبؤر الانفصالية التي تتقوّى بالعدو.

ثالثاً: ما يتم طرحه من خطر تفكك سوريا ونشوء دويلات متعددة في الجنوب وغيرها هو لأجل الضغط للقبول بأي خطة حل، وضمان إبقاء الكيان الغاصب آمناً. فالتذرع بحماية الدروز لم يكن إلا غطاء لتدخل يهود المباشر، وتقديم الفصائل الانفصالية كبديل عن الدولة، وكل ذلك ليس حباً بأحد ولكن لأجل تحصيل ضمانات والدفع لتوقيع التزامات تضمن سلامة كيان يهود.

رابعاً: ما سُمّي بإعادة الإعمار وعودة اللاجئين ليست سوى شعارات مخادعة، يُراد منها شراء الوقت وتمرير خطة سياسية تقطع الطريق على الثورة، وتحول القضية السورية من قضية تحرر وتغيير جذري إلى مجرد ملف إنساني وإغاثي، بينما تبقى السيادة رهينة في أيدي القوى الخارجية.

خامساً: الاعتماد على واشنطن أو عمّان أو غيرهما من العواصم لن يضمن استقراراً ولا سيادة، بل سيزيد الارتهان والضياع، فكل تسوية تُفرض من الخارج تعني مزيداً من التفريط بمكتسبات الثورة، ومزيداً من تثبيت نفوذ المستعمر، ومزيداً من التضييق على المجاهدين والأحرار.

إن الحقائق مجتمعة تؤكد أن الاجتماع الثلاثي في عمّان ليس إلا خطوة على طريق فرض التطبيع مع الكيان المجرم، وإن لم يُصرح به مباشرة، فالحديث عن استقرار سوريا بمعزل عن طرد يهود من الأرض التي احتلوها في سوريا، عدا عن احتلالهم للأرض المباركة فلسطين، وتجاهل دماء الشهداء البدو والعشائر الذين سقطوا في السويداء وغزة على حد سواء، ليس إلا تهيئة للأرضية لتعايش مذل مع كيان يهود.

وعليه، يجب على أهل الشام أن يرفضوا هذه المؤامرات، وألا تنطلي عليهم شعارات "السلام والاستقرار" التي يرفعونها في الوقت الذي يغطون فيه على جرائم يهود، فالطريق إلى الأمن والسيادة لا يمر عبر واشنطن ولا عمّان، بل عبر التمسك بشرع الله، ثم الاعتماد على الأمة وحاضنتها الصادقة، واستكمال مسيرة الثورة حتى إسقاط كل وصاية أجنبية والعمل الصادق لإزالة كيان يهود من جذوره. قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾.


فليكن واضحاً أن كل خطوة باتجاه الاستعانة بأمريكا والغرب، أو التساوق مع مساعي الأردن وكيان يهود لتفتيت سوريا، هي خيانة كبرى للثورة ولدماء الشهداء. وإن أول طريق النصر يبدأ بإعلان البراءة من كل مشاريع التطبيع، والالتزام الصادق بتطبيق شرع الله، والاعتماد على الحاضنة الشعبية الثائرة، فهي وحدها السند الحقيقي بعد الله عز وجل وقت الأزمات والشدائد.

 

--------

كتبه: 


عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

Artboard 1

 

 

 

 

222

 

لا شك أن الله عز وجل قد بين لنا طريقة العيش الصحيحة، فقال سبحانه: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾، وأوجب على المسلمين التحاكم لشرعته ومنهاجه، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ﴾، وجعل سعادة المسلمين مرتبطة بمدى تمسكهم بدينهم وأنظمته وأحكامه، قال تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً﴾. فَالْحَذَرَ كُلَّ الحَذَرِ من أَنْ نَعْتَرِضَ عَلَى حُكْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ أَنْ نُعْرِضَ عَنْهُ، فالله سبحانه وتعالى يحذرّنا نفسه، بقوله: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ * قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

وإن جعل العقل مشرّعاً من دون الله إعراضٌ عن شريعته سبحانه ومزاحمةٌ له في ملكه. فأي دستور يتم وضعه يجب أن يكون منبثقاً من صميم عقيدة الأمة وممثلاً لها ومعبّراً عن تطلعاتها، لنكون بحق شاكرين لنعم الله ومعيته التي حملتنا إلى دمشق منتصرين، ولا يجوز أن يكون مبنياً على أساس وجهة نظر الغرب القائمة على فصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع وعلمانية الدولة التي لطالما أكد عليها الغرب الكافر في مؤتمراته ولقاءاته واجتماعاته الخاصة بسوريا.

فالدستور هو القانون الذي يحدد شكل الدولة وأجهزتها ونظام الحكم فيها، وصلاحية واختصاص كل جهاز، وهذا الدستور إما أن يكون مصدره الوحي، أي من خالق الكون والإنسان والحياة، اللطيف بخلقه والخبير بهم، العليم بما يصلح حياتهم وما يفسدها، وإما أن يكون مصدره العقل البشري. ولا شك أن الدساتير التي يكون مصدرها العقل البشري هي دساتير مضطربة تؤدي بأهلها إلى الشقاء وضنك العيش، لأن العقل البشري عرضة للتناقض والاختلاف والتفاوت والتأثر بالبيئة، ما يُنتج دساتيرَ تحملُ صفاته، وهذا ما يفسر اختلاف الدساتير بين مجتمع وآخر، وتغييرها أو ترقيعها بين الفينة والأخرى. ومن مكر الغرب بنا دأبه الشديد لفرض دستور وضعيّ مفصّل على مقاسه لتكريس هيمنته وسيطرته، بعد أن سلّط على رقابنا على مدار عقود حكاماً عملاء يحرسون له مصالحه ويمنعون نهضتنا حتى نبقى أذلة تابعين.

لقد أوجب الإسلام علينا أن تكون عقيدته هي أساس الدولة، وهي أساس الدستورِ والقوانين، أي المصدر الوحيد للتشريع، بحيث لا يكون معها مصادر تشريع أخرى كما في الدساتير الوضعية التي يقول بعضها بأن الإسلام مصدر رئيسي أو أساسي للتشريع بينما هي في حقيقتها تقتبس تشريعات علمانية غريبة عن ديننا وأمتنا، يصدرها لنا الغرب ويلزمنا بها ليرضى ونشقى. فحتى يكون الحكم إسلامياً والدولة كذلك لا بد من أن تتفرد العقيدة الإسلامية بأن تكون وحدها مصدر التشريع، بذلك فقط نستطيع القول إن الدستور إسلامي، وأما غير ذلك فهو سير في ركاب الدول وما تقرره لنا من تشريعات وما تفرضه علينا من إملاءات، ولطالما قلنا إن رضا الله الذي أمرنا بتطبيق الإسلام ورضا أمريكا التي تطالب بمحاربة الإسلام ضدان لا يلتقيان.

وإن تشريعات الإسلام ودستوره وأحكامه لا يمكن جعلها موضع التطبيق إلا عبر دولة ونظام، وإن نظام الحكم في الإسلام نظامٌ فريد متميز، يعبر عن هويتنا وحضارتنا وعزة إسلامنا، العزة في تطبيقه بشكل جذري انقلابي شامل في الحكم والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية والمعاملات والمعالجات، والذلة والشقاء في إقصائه وتغريبه. لا يجوز أن يكون نظاماً جمهورياً يكون التشريع فيه للبشر من دون الله، ولا يجوز أن يكون ملكياً أو إمبراطوريا أو غير ذلك، لأنها أنظمة وضعية نهبت البلاد وأشقت العباد ونشرت في الأرض الفساد، فلا أمن للمسلمين ولا عزة ولا هناءة عيش إلا عبر نظام حكم يرضي الله ورسوله، به نعز ونرقى وبغيره نذل ونخزى، إذ لا يليق بنا أي نظامٍ علماني يُطرح أو يُفرض علينا يُسخِط اللهَ ويشقي العباد، حتى ولو كان مُجمَّلَ الوجه مُزكّىً من القنوات الفضائية المسيّسة، وحتى لو تمسّح بذكر الإسلام ما دام مضمونه هو الديمقراطية والحكم بغير ما أنزل الله. قال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾. فعندما حكمَنا الإسلامُ وحكّمناه في كل شؤون حياتنا، وأحسنّا تطبيقه، كنا سادة الدنيا بلا منازع، وعندما أسأنا تطبيقه وتخلينا عن أحكامه وقوانينه وتشريعاته أصبحنا غثاء كغثاء السيل، تداعت علينا الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، وبتنا مستضعفين، ينهب الأعداء خيراتنا ويستعبدوننا ويتحكمون في طريقة عيشنا وشكل حياتنا ورسم مستقبلنا عبر دساتير وضعية سقيمة ليس من ورائها إلا الذل والمهانة وشظف العيش.

لقد قدم أهل الشام على مدار أربعة عشر عاماً التضحيات الجسام، فداءً لدينهم وأمتهم وأرضهم وعرضهم. وإنه لا يكافئ هذه التضحيات التي بذلت والدماء الزكية التي أريقت إلا تطبيق الإسلام وتشريعاته في كافة نواحي الحياة، عبر دولة عز وقوة ومنعة، تحمل لواء الإسلام ويقودها رجال الإسلام. فمن يمثل تطلعات أهل الشام بحق هو من يعمل لتطبيق ثوابت ثورتهم ويرفع لواء نبيهم ﷺ ويعلي راية هويتهم وحضارتهم وعزة إسلامهم؛ يمثلهم بحق من يحكمنا بدستور الإسلام المنبثق من عقيدة الإسلام لا من عقيدة المبدأ الرأسمالي العلمانية الذي أشقى أهله قبل أن يشقينا؛ يمثلهم من يضع رضا الله سبحانه قبل كل رضا ويضع تطبيق شرعه أول الثوابت، وهذا ما جاد أهل الشام بفلذات أكبادهم لأجله.

وإننا نذكّر المسلمين عموما وأهل الشام بشكل خاص؛ بأننا في حزب التحرير نقدم لهم مشروع دستور مستنبط في جميع مواده من الكتاب والسنة، وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي المعتبر، يبين شكل الدولة التي بينها لنا شرعنا، وحدد لنا أجهزتها، وصلاحيات هذه الأجهزة، حتى لا يبقى ما نسعى إليه مجرد شعار، أو مطلباً عاماً، بل هدفاً محدداً نسعى إليه على بصيرة بطريقة شرعية مستقيمة. وهو ليس دستوراً لدولة قطرية أو وطنية أو قومية، بل هو دستور لدولة المسلمين. وإننا نسعى لأن يوضع هذا الدستور موضع التطبيق العملي في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بشر بعودتها رسول الله ﷺ بقوله: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ»، دولة تكون رئاسة عامة للمسلمين جميعاً، لا تعترف بحدود وطنية أو قطرية خطها الكافر المستعمر بيديه الآثمتين، دولة تجمع شتات الأمة وتوحد قوتها، وتعيد لها قدسها وأقصاها، نسأل الله أن يكون ذلك قريباً. قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.

---

كتبه: 


عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا