press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

 

مقتطف من مقال في جريدة الراية العدد (560) بعنوان:
النهوض لا ينتظر إذناً والانهزام الداخلي ووهم الاستضعاف لن يُنتج تمكيناً

محمود البكري
لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

6

 

 

في زمن التحوّلات الكبرى، ليست الهيمنة العسكرية أخطر ما يُكبِّل الأمم، بل الاستسلام العقلي والنفسي الذي يُقنع الشعوب بأنها ضعيفة، ويُشعرها بأن التغيير رهين رضا العدو أو موافقة الداعم، فيُخدّر الطاقات ويشلّ الإرادات، فيُمكّن للاستضعاف بدل التمهيد للتمكين.
وهذا تحديداً ما يُراد ترسيخه اليوم في بلاد الشام، بعد أن تكسّرت قوى الطغيان وانهارت أركان النظام، وتقدّمت الثورة إلى قلب العاصمة، فإذا بالخطاب المسيطر يعود ليقول "نحن دولة فقيرة، نحتاج دعم الخارج، لسنا قادرين على إدارة أنفسنا...، نحن ضعفاء ولنكن واقعيين ولنقبل بالواقع"!
غير أن الأخطر من مجرد الشعور بالاستضعاف، هو أن يتحول ترويج هذا الشعور وتحويله إلى سياسة ممنهجة تُزرع في الوعي الجمعي لشلّ إرادة التغيير والنهوض.

 7

غير أن الأخطر من مجرد الشعور بالاستضعاف، هو أن يتحول ترويج هذا الشعور وتحويله إلى سياسة ممنهجة تُزرع في الوعي الجمعي لشلّ إرادة التغيير والنهوض. فهذا النمط من الخطاب الذي نشاهده لم ينشأ من فراغ، بل يُراد له أن يُصبح قاعدة، تغذيه جهات داخلية وخارجية تخشى من وعي الأمة وتحررها وثقتها بقدرتها على التغيير. فكلما اقتربت الأمة من لحظة الإمساك بقرارها، وامتلكت أدوات النهوض، سارعوا لتذكيرها كذباً أنها "غير مؤهلة"، وأن "الواقعية" تقتضي التنازل، وأن "العالم لن يسمح الآن"، وكأنّه سيسمح لهم غداً أو كأنّهم يظنّون أنهم يخدعونه! وهنا تتحول "المرحلة الانتقالية" إلى عقيدة سياسية جامدة، يتعطّل فيها المشروع، وتُجمد فيها الثروات، وتُكبل فيها القيادة بأوهام الحاجة والعجز، فتزرع الهوان الذي في نفسها في نفوس شعبها.

8 

حين دخل رسول الله ﷺ المدينة لم يطلب الإذن من قريش، ولم ينتظر اعتراف الروم، بل أقام دولة، ووضع دستوراً، وربّى رجالاً، وخاطب الأمم... لأنه كان يحمل مشروعاً عالمياً مبدئياً منبثقاً من الوحي، فاستحق نصر الله.
أما اليوم، فمتى نُدرك أن مشكلتنا ليست ضعفاً حقيقياً إنما هي الوهم المصطنع؟
ومتى ندرك بأنَّ الحاضنة هي جوهر القوة؟
في سوريا، الحاضنة الثورية التي لم تُهزم، بل ما زالت قادرة على العطاء، هذه الحاضنة التي قدّمت أولادها وأموالها ودعمت الثورة في أحلك الظروف، ولكنها بعد سقوط النظام البائد تُعامَل باعتبارها مجرّد جمهور يُراد ضبطه لا تحشيده، يُستحضر حين الحاجة ويُقصى حين الخلاف، وتسعى الإدارة الجديدة للقضاء على روح الثورة والجهاد في نفوس الحاضنة، فمتى ندرك أنَّ الدولة تُبنى بالحاضنة لا على حسابها، وبالمشروع لا بالتكتيك، وبقيادة صادقة مبدئية لا بحسابات المناصب والمرحلة؟!

 9

إن من أهم ما يُقوّض النهوض الحقيقي هو أن يُختزل دور الناس في الصمت والانتظار، وأن يُختزل دور القيادة في التنسيق والتكتيك، فيغيب المشروع، ويتقدّم "الإجراء المؤقت" القائم على قاعدة "نحن ضعفاء" ليصير سياسة ثابتة.
إن النهوض لا ينتظر مؤتمراً دولياً، ولا يُصنَع القرار السياسي في قاعات الفنادق، ولا تستجدى الكرامة من عواصم الغرب. فالنهوض قرار ذاتي شجاع، والإقدام إيمان وثبات، والتمكين عطاء من الله لمن صدق وأخلص وثبت.
وهنا لا بد أن نقف لنُميّز بين من ضلّ الطريق تحت وطأة الواقع، ومن انتكس عن الثوابت تحت عباءة الواقعية، فالأول قابل للتصحيح بالحوار والمكاشفة، أما الثاني فمكانه على رصيف الإقصاء السياسي، لا في موقع القيادة.
فمن أراد تمكيناً حقيقياً، فليُعدّ عدته التي تتمثل بمشروع مبدئي، وقيادة واعية، وأمة مجندة، ونظرة إلى الله لا إلى واشنطن أو أنقرة أو الرياض، وثقة بالنفس لا انهزام داخلي وهوان.

 10

سوريا ليست ضعيفة ولا فقيرة، وهي غنية بثرواتها وطاقاتها المادية والبشرية: نفط، غاز، زراعة، موقع جغرافي نادر، وحاضنة معطاءة، ومع ذلك تُقدَّم على أنها منطقة منكوبة، وكأن الثورة ولّدت فقراً! بينما الفقر جاء من عقود النهب الممنهج على يد نظام أسد والذي ينبغي أن يُزال بزوال أسبابه لا بتلميعها أو الالتفاف حولها.

 11

إنّ الخطورة لا تكمن فقط في الخطاب الانهزامي، بل في تحوّله إلى مسلمات فكرية تُدرّس وتُكرر وتُشرعن في المؤتمرات والدراسات، حتى يُصبح النقد جريمة لمعارضته للواقع الفاسد وللواقعية التي تتخذ الرضا بفساد الواقع قاعدة لها، وحتى يصير البديل المبدئي طوباوية غير واقعية.
فما أحوجنا اليوم إلى خطاب صريح يحاكم الواقع ويقر بصعوباته ولكن لا يتكيف معه، يفتح أفق الأمة ولكن لا يسجنها في غرف التفاوض، خطاب يُنهي عقلية الانتظار والهوان، ويستبدل بها عقلية الإقدام والعزيمة، ويرفع سقف الثقة بالله لا بسفراء الغرب. فالتمكين عندنا نحن المسلمين يأتي من الإيمان بالله لا بالأمم المتحدة. وما نعيشه اليوم هو لحظة نادرة في عمر الأمة، لا يجوز أن تُدار بعقلية المستضعف. ومن امتلك الأرض، وحرّر العقول، وفضح المشروع الدولي، لا يجوز له أن يعود خطوة بل خطوات للوراء، لأنه بذلك يُفرّط بثمرة الجهاد، ويُعيد إنتاج النظام البائد بشعارات جديدة.

 12

فالواجب ألا ننتظر اعترافاً دولياً أو معونة خارجية، بل نستنبط مشروعنا المنبثق من عقيدتنا، ونعيد اكتشاف ثرواتنا وطاقاتنا. ولا ينبغي أن نبقى في آخر الركب ننتظر قيادة توافقية ونصفق لدروشتها، بل نُفرز قيادة صادقة تحمل مشروعاً مبدئياً دون مساومة.
إن الثورة باعتبارها فكرة راسخة في قلوب الناس لا تزال ذاخرة بالطاقات، والحاضنة لا تزال تنبض بالإيمان، وما على أصحاب العزم إلا أن يشمّروا ويقودوها بصدق وثبات، فاللحظة لحظة نهوض، لا لحظة مساومة، والقرار يجب أن يُصنع هنا، على الأرض، لا هناك في غرف المساومات على يد المندوب السامي باراك!

 

 

 

 

 

مقتطف من مقال في جريدة الراية العدد (552) بعنوان:

مؤتمر "السلم الأهلي" في دمشق قفز على الحقائق وتبرئة لأزلام النظام البائد

ناصر شيخ عبد الحي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

11

 

لقد كان ملف رفع العقوبات ملفاً أمريكياً أوروبياً ضاغطاً على الإدارة الحالية لفرض رؤيتهم للحكم وتوجهه وضبط إيقاعه، بدءاً من "محاربة الإرهاب" إلى علمانية الدولة، إلى خرق سيادتها عبر إبقائها مرتبطة بالغرب وما يقرره لنا من قرارات وما يفرضه علينا من إملاءات، إلى دمج فلول النظام البائد وشبيحته في مؤسسات الدولة تدريجياً تحت ذرائع وشعارات ومبررات واهية شتى.

 12

إن ظهور فادي صقر وكثير من القادة في عهد النظام البائد في صدارة الداعين للسلم الأهلي، وتأمين الحماية الأمنية لهم، إضافة لكبار التجار ومجرمي الحرب الكبار المعروفين بولائهم ودعمهم للنظام البائد، ممن عادوا إلى دمشق مؤخراً، إضافة للموالين من الشبيحة والفنانين والشخصيات التي ساندت الطاغية الهارب لسنوات طويلة ودعت بصفاقة وفجور للقتل والتدمير، ولا تزال في مأمن ودون محاسبة تحت ذريعة "السلم الأهلي"، كل ذلك يؤجج مشاعر الحقد والغضب عند عموم السوريين وبالأخص ذوي الشهداء والمفقودين.

 13

إن حاضنة الثورة وقوتها التي تستمدها من إيمانها وعقيدتها هي السند الطبيعي بعد الله لأي حكم يريد العزة بالإسلام، أما التنكر لهذه الحاضنة وما قدمته من دماء وتضحيات ظناً أن رضا أمريكا والغرب هو بوابة الخلاص فهو منزلق خطير وشر مستطير سيطال شؤمه وأذاه الجميع لا سمح الله، وقد بين الله لنا في كتابه كيفية التعامل المبدئية مع أعدائنا الذين يتربصون بنا الدوائر.

 14

 

لقد قامت ثورة الشام لإنهاء حقبة الظلم والظالمين، قامت وبلورت عدداً من الأهداف والثوابت، ليكون العدل والأمن والأمان والطمأنينة ورغد العيش وعزته، حتى ينعم الناس بحياة ملؤها العز والنصر والتمكين، وهذا لا يكون، بعد تحقيق أولى هذه الثوابت، وهو إسقاط النظام البائد، إلا بتحكيم الإسلام عبر دولة الإسلام وأحكام الدين وقوانينه وتشريعاته، عبر نظام منبثق من صميم عقيدتنا، أمرنا به ربنا سبحانه، لا عبر نظام علماني يفصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع، يريد الغرب فرضه علينا، يرضي أعداءنا ويشقينا ويعيدنا للمربع الأول من البؤس والظلم والشقاء والتبعية لأعداء الأمة في مشارق الأرض ومغاربها.

15

 

 

333

 

 

 




أدلى رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، تصريحات مريبة حين أعلن أنّ المفاوضات الجارية مع كيان يهود قد تُفضي إلى اتفاق أمني في الأيام المقبلة. واعتبر أنّ مثل هذا الاتفاق "ضرورة"، شريطة أن يحترم وحدة الأراضي السورية، ويخضع لرقابة الأمم المتحدة. كما كشف أنّ الطرفين كانا على بُعد أيام قليلة من التوصل إلى أساس لهذا الاتفاق في تموز/يوليو الماضي، لولا التطورات في محافظة السويداء التي عطّلت المسار.

إنّ مجرّد طرح فكرة اتفاق أمني مع كيان يهود يمثّل تراجعاً وانحرافاً عن ثوابت الأمة ابتداءً، حيث الصراع بينها وبين يهود صراع عقدي تاريخي كونهم محاربين أصليين مغتصبي أرض من أراضي المسلمين وأهل الشام من جهة ثانية كونهم جزءاً لا يتجزأ من الأمة، وهناك أراضٍ يحتلها يهود قديما وأراضٍ جديدة بعد فرار رأس النظام بشار، وكون يهود ارتكبوا مجازر تجاه أهل الشام من درعا للكسوة وغيرها. كما وأنه يتعارض مع ثوابت ثورة الشام والشعارات التي نادى أهل الشام بها خلال ثورتهم أن القدس وغزة بعد دمشق. بالإضافة إلى أن هذا الاتفاق يعتبر خيانة لدماء الشهداء الذين قضوا وهم يواجهون هذا الكيان المغتصب.

فكيان يهود لم يكن يوماً جاراً يرغب بالأمن والاستقرار، بل هو مشروع استيطاني توسعي، لم يتوقف منذ اغتصاب فلسطين حتى اليوم عن التآمر على الأمة واحتلال أرضها وقتل أبنائها. فكيف يستقيم أن يُمنح صكّ براءة عبر اتفاق أمني يشرعن وجوده ويمنحه موطئ قدم إضافياً داخل العمق السوري؟!

إن ما يسمى اليوم "ضرورة" ليس سوى إعادة إنتاج للمنطق الذي سوّقته أنظمة وظيفية انهزامية عبر العقود الماضية، حين رفعت شعار "السلام خيار استراتيجي"، فانتهت إلى اتفاقيات أوسلو ووادي عربة، التي لم تجلب لشعوبها أمناً ولا سلاماً، بل ذلاً وتبعية وانكشافاً استراتيجياً.

إنّ أي حديث عن "ضرورة" الاتفاق مع يهود، لا يعدو كونه غطاءً للاستسلام وضماناً لمصالح القوى الدولية الراعية لمشروعهم.

وأما القول إن الاتفاق مع يهود كان سيتم لولا أن أحداث السويداء قد عطلته فهل يصح؟! وكأنّ أزمة الداخل السوري تُستخدم كورقة ضغط لتسريع التنازل ليهود! إنّ ربط الملف الداخلي بمشروع يهود يعد جريمة سياسية مضاعفة، إذ يُراد من خلالها إيهام الرأي العام بأنّ الأمن الداخلي لن يستتبّ إلا برضا كيان يهود. في حين إنّ الحقيقة الصارخة تؤكد أن الخطر يكمن في التدخلات الخارجية ومشاريع التقسيم، التي كان يهود دائماً في قلبها.

وبالنظر والتتبع لما حصل ويحصل فإنه لا يمكن فصل هذا المسار عن أمريكا خاصة وأنها هي التي تصدرت لاستلام ملف السويداء، وهي التي تحدثت في أكثر من مناسبة عن اتفاق أبراهام، نعم أمريكا هي حاملة مشروع أبراهام وهي التي تدفع منذ سنوات باتجاه هندسته وترتيبه وإدخال المنطقة في دائرة التطبيع الشامل مع كيان يهود. واليوم، يراد لسوريا أن تُدفع إلى الحلقة نفسها، لكن بثوب "اتفاق أمني" يُسوّق باعتباره حاجة داخلية. والواقع أنّ أمريكا لا ترغب في استقرار سوريا بقدر ما تسعى لتكون ساحة انكشاف أمني، تخضع فيها الأجواء والحدود والقرارات لرقابة كيان يهود وشروطه.

إن هذه التداعيات الخطيرة، أي الاتفاق الأمني مع يهود، يعني:

- ضرب مفهوم السيادة حيث تصبح سوريا مستباحة إقليمياً ودولياً، كما أنه يفقدها القدرة على الحديث عن قضايا الأمة وما يحدث فيها خاصة إن كان الطرف الآخر فيها يهود، فلن يكون هناك حديث عن التحرير ولا عن رفع الظلم ولا عن العزة، بل كل المواقف ستكون شجباً واستنكاراً وطلباً لضبط النفس!

- تشريع وجود كيان يهود، وإعطاءه اعترافاً ضمنياً بدوره في أمن المنطقة، كما سيظهر الدولة كسلطة خاضعة لا تملك من أمرها شيئا.

لقد كان الأجدر بأحمد الشرع أن يصرح بأن الثوابت لا تُمسّ، وأن الثابت الأصيل في وجدان الأمة أن يهود كيان غاصب، لا يُعطى شرعية ولا يُؤتمن على أمن أو حدود. فهذا الكيان غدار بكل تفاصيله مجرم بكل جزيئاته. وعليه فلتعلم الإدارة الحالية أن أي محاولة لتجميل صورته عبر اتفاقيات أمنية أو تفاهمات جزئية إنما تعني التفريط بالثوابت وبيع المواقف بأبخس الأثمان، ولا يملك أي سياسي مهما كانت صفته تفويضاً للتنازل عن هذه المبادئ.

إنّ سوريا اليوم أمام مفترق خطير: إمّا أن ترفض أي تسوية مع كيان يهود، وإمّا أن تنزلق إلى اتفاقيات تبقيها كما كانت تحت حكم آل أسد تابعا ذليلا لأمريكا. وعلى الجميع اليوم أن يتحمل مسؤوليته تجاه هذا الأمر وأن يتخذ موقفاً وأن يرفع صوته عالياً رافضا لهذا الاتفاق، فما سيتم تمريره تحت لافتة "الأمن" ليس سوى غطاء للهيمنة التي يسعى لها كيان يهود.

واعلموا أن الأمن الحقيقي لا يُستورد من عدوّ غاصب، بل يُصنع صناعة بالتمسّك بالثوابت أولاً، ثم بالاعتماد على الحاضنة التي قدّمت التضحيات الجسام.


ولتعلموا أن التاريخ شاهد على أن كل اتفاقيات الذل سقطت، وسقط معها مَن عقدها.

------------
كتبه: الأستاذ عبدو الدلي (أبو المنذر)
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

2222

 

 

 

ألقى الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، يوم الأربعاء 24/9/2025م، في أول إطلالة لرئيس سوري منذ عهد نور الدين الأتاسي عام 1967م. وقد استعرض الشرع خلال كلمته رؤيته للمرحلة الانتقالية، موجهاً الشكر لدول قال إنها دعمت الشعب السوري، وخص كلاً من تركيا وقطر والسعودية وكل البلاد الإسلامية، وأمريكا والاتحاد الأوروبي. مضيفاً أن "التهديدات (الإسرائيلية) ضد بلادنا لم تهدأ منذ 8 ديسمبر إلى اليوم". ومع ذلك، شدد على أن "دمشق تستخدم الحوار والدبلوماسية لتجاوز هذه الأزمة، وتتعهد بالتزامها باتفاق فض الاشتباك لعام 1974، وتدعو المجتمع الدولي للوقوف إلى جانبها لمواجهة هذه المخاطر".

وفي كلمة له خلال قمة على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة قال أحمد الشرع إن كيان يهود قام باعتداءات كثيرة على سوريا منذ تولي النظام الجديد حكم دمشق، معتبرا أن قصف القصر الجمهوري مطلع أيار/مايو الماضي إعلان حرب، مضيفاً أنه توصل إلى مرحلة متقدمة في المحادثات الأمنية مع كيان يهود يأمل أن تحافظ على سيادة سوريا وتبدد مخاوف يهود الأمنية. وتابع أن المرحلة الأولى هي الاتفاق الأمني وإذا كانت لدى الكيان مخاوف فيمكن أن تتم مناقشتها عبر وسطاء، لافتا إلى أن سوريا ذاهبة في اتجاه ألا تشكل أراضيها أي تهديد لأي منطقة. وأكد أن حالة الغضب في سوريا وحول العالم تجاه ما يحصل في غزة تؤثر في موقف بلاده تجاه اتفاقيات أبراهام، كما جدد دعوته واشنطن لرفع العقوبات المفروضة على بلاده والمرتبطة بقانون قيصر.

وفي لقائه مع الجنرال ديفيد بتريوس، القائد العسكري السابق في العراق وأفغانستان والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، في جلسة أقيمت ضمن مؤتمر جامعة كونكورديا السنوي حول الأمن والديمقراطية، يوم الاثنين 22/9/2025م في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة صرح الشرع بعدة تصريحات منها:

- "منذ وصولنا إلى دمشق قامت (إسرائيل) باعتداءات كثيرة على سوريا، لديها تقريبا نحو ألف غارة، دمرت فيها كثيرا من المؤسسات السورية العسكرية والأمنية والمدنية أيضا"... "(إسرائيل) توغّلت 400 مرة بريا داخل الأراضي السورية، لذلك نحن لدينا مراحل في الدخول في التفاوض معها".

- "سياسة سوريا أن تكون لديها علاقات هادئة مع جميع الدول وألا تكون مصدر تهديد لأحد".

- يجب أن نبحث عن وسائل للعيش المشترك بين السوريين و(الإسرائيليين) إذا أردنا اتفاقا.

- سوريا تسعى لتجنب الحـرب لأنها في مرحلة بناء.

- النقاش جارٍ مع (إسرائيل) حول الاتفاق الأمني ووصلنا إلى مراحل متقدمة، والكرة في ملعب (إسرائيل) والمجتمع الدولي في تحديد المسارات الحقيقية التي ينبغي أن ندخل بها.

- هناك مصالح متطابقة ما بين سوريا وأمريكا والغرب في المرحلة الحالية.

ومن أخطر ما نطق به بترايوس مخاطبا الشرع: "لديك الكثير من المعجبين وأنا واحد منهم، نتمنى لكم النجاح لأنه في نهاية المطاف نجاحك نجاحنا".

وخلال جلسة حوارية في معهد الشرق الأوسط بنيويورك، قال أحمد الشرع: "لا نستطيع استيراد أنظمة جاهزة أو استيراد أنظمة من التاريخ ونسخها وتطبيقها على سوريا". وفي حديثه عن كيان يهود قال إن "القوة فقط لن تأتي لـ(إسرائيل) بالسلام"، مضيفاً: "لسنا من يسبّب المشاكل لـ(إسرائيل) نحن نخاف منها وليس العكس"! رغم أن أهل الثورة في الشام هم الأباة الأعزة الذين أذلوا نظام الإجرام فأسقطوه بصبرهم وثباتهم وإيمانهم ويقينهم بمعية ربهم سبحانه، رغم أنف يهود ورغم أنف داعميه وعلى رأسهم أمريكا وأممها المتحدة المتآمرة المتواطئة.

قد يتراءى للبعض أن زيارة أحمد الشرع للأمم المتحدة وخطابه فيها خطوة متقدمة وإنجاز غير مسبوق، خاصة مع ما رافقها من تلميع وتضخيم على الأرض وعبر وسائل الإعلام المسيسة، غير أن هذه الخطوة تكشف حجم المأزق والخطر الذي بتنا فيه بعد إسقاط بشار في ظل الهرولة باتجاه الأمم المتحدة والنظام الدولي اللذين تتحكم بهما أمريكا كي ننال الرضا والقبول بدل أن نعتز بديننا ونُكمل تطبيق ثوابت ثورتنا بعد أن حملتنا معية الله إلى دمشق منتصرين. حيث إن الأمم المتحدة ومنبرها ليسا مصدراً للعدل، بل هي شريك أصيل في الجريمة التي ارتكبت بحق أهل الشام عبر عقود من الزمن. ففي هذا المجلس أُعطي بشار المجرم تفويضاً ليرتكب مجازره، وفيه تمت التغطّية على استخدامه للبراميل والكيماوي وأصناف القصف والبطش والتهجير، وفيه شُرعن وجوده عبر مقاعده ولجانه، بينما كان الشعب السوري يُذبح ويُهجَّر. هذه المنظمة لم تكن يوماً نصيراً للحق، إنما كانت على الدوام أداة بيد القوى الكبرى لفرض سياساتها وتحقيق مصالحها ولو على حساب دماء أهل الشام، فهل يرجى من الشوك العنب؟!

إن الذهاب إلى الأمم المتحدة ليس نصراً ولا مدعاة للفخر، إنما هو منزلق سياسي خطير، إذ يعني طلب الشرعية من الجهة نفسها التي أعطت الشرعية للمجرم بشار، وسمحت له بالبقاء كل تلك السنوات.

الشرعية الحقيقية لا تمنحها هيئة دولية فقدت مصداقيتها، وإنما كتبها أهل الثورة بدمائهم وصمودهم وتضحياتهم التي قدموها بوجه المتآمرين ومنهم هذه المنظمة. كما أن تقييم هذه الزيارة لا يؤخذ من غزل الأعداء ولا ابتساماتهم الصفراء ولا إعلامهم المسيس الخبيث، إنما فيما تم من اتفاقيات وما فُرض من قرارات خلف الكواليس ستظهر نتائجها الكارثية في قادم الأيام، سواء في مجال مكافحة "التطرف والإرهاب"، أو فرض فلول النظام في موقع القرار، أو الدفع باتجاه التطبيع مع كيان يهود، أو فرض نظام علماني يفصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع، على أرض جاد أهلها بما يقرب من مليوني شهيد.

إن من أخطر الفخاخ السياسية اللهاث لنيل الرضا والقبول والانخراط تحت عباءة النظام الدولي والأمم المتحدة، فهي ليست جمعيات خيرية إنما هي ضباع استعمارية تريد إخضاع الشعوب وسلب قرارات الدول والتحكم بها وبقراراتها وإجبارها على إعطاء الولاء المطلق للغرب بقيادة أمريكا.

وإنه في ظل غياب دولة المسلمين وإمامهم، فإن مجرد الدخول تحت العباءة الدولية يفرض على الدولة السير في ركاب ما ترسمه الدول الاستعمارية من خطوط وما تمرره من قرارات وما تفرضه من إملاءات، هذه هي الحقيقة بعيداً عن أي سراب كاذب.

فحريٌّ بأهل الثورة أن يدركوا خطر استرضاء مؤسسة متواطئة أو نظام متآمر، بل الواجب فضح ما فعلته وتفعله من تآمر، وفضح كل من كان عوناً للنظام البائد المجرم.

أما التعامل مع كيان يهود وعربدته وعلوه وانتفاشه لا يكون بمد حبال اللين والاسترضاء معه، فلا ينفع معه تفاوض تديره أمريكا ولا يجوز معه تطبيع أو انخراط في جريمة اتفاقات أبراهام، فهو عدو غاصب يسفك دماءنا، ولا يجوز التعامل معه وفق حدود وطنية و"إسلام وطني" يروج له مشايخ السلطان وعلماؤه المتحلقون حول موائده، إنما هو دين العزة والأنفة، دين النصرة والمؤازرة، دين الفتح والنصر والتحرير، دينٌ عنوانه: "نصرت يا عمرو بن سالم"، إنه نبض الأمة من مشرقها إلى مغربها، الأمة التي تتحرّق ليوم الزحف والتحرير. فصراعنا مع يهود صراع وجود لا صراع حدود، صراع حسم الله نتيجته في كتابه ونبيه ﷺ في أحاديثه.

لقد آن لزمن استجداء الخارج أن ينتهي، وآن لزمن التزلف والعبودية لأمريكا المجرم الحقيقي وأممها المتحدة ونظامها الدولي أن ينتهي، وآن أوان عزتنا بالإسلام وحكمه في ظل دولة بشرنا رسول الله ﷺ بعودتها، إنها الخلافة الراشدة الثانية، بها وحدها نعز من جديد، ونعود سادة الدنيا، وبها وحدها نحمل الإسلام رسالة عدل ورحمة للعالم أجمع، شامخين وواثقين ورافعين رؤوسنا بعزة الإسلام لا مطأطئي الرؤوس أذلة لأعداء الإسلام الذين يتربصون بنا الدوائر، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾.

---------

كتبه: 


عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

 

 


11

التقى المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، السبت 6/9 الجاري في دمشق، وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية في سوريا أسعد الشيباني، وبحث معه مسار الانتقال السياسي في البلاد وما يرتبط به من أبعاد إقليمية ودولية.

كما شدّد المبعوث الأممي على أن الأمم المتحدة ستواصل مساندة الحكومة والشعب السوري من أجل التوصل إلى سلام واستقرار دائمين، عبر عملية انتقال سياسي شاملة وشفافة وذات مصداقية، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2015. (وكالة هاوار للأنباء)

#الراية: إن هذا الخبيث بيدرسون سعى جاهداً طيلة سنين الثورة الأخيرة لإنقاذ النظام المجرم وتعويمه وتطبيق حل أمريكا السياسي، لكن بفضل الله ثم بهمة الصادقين من أبناء الثورة خاب فأله وفشل في مراده، واستطاع أهل الثورة إسقاط بشار رغما عن أمريكا وحلفائها.

واليوم يعود بيدرسون من جديد لطرق الأبواب المقفلة ويستغل ضعف الإدارة الجديدة، وخضوعها لأمريكا وتنفيذ مخططاتها بالإبقاء على النظام العلماني مطبقا في سوريا، وإعادة هيكلة الجيش والأمن لحماية مصالح أمريكا، ولتبقى سوريا مستعمرة سياسية أمريكية، وخاضعة للنظام الدولي.

لذلك يجب على أهلنا الثائرين في الشام أن يحذروا المكر المحيط بهم، وأن يعوا أن لا خلاص لهم إلا بتطبيق شرع الله وتتويج الثورة بحكم الإسلام في دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ففي ذلك عز الدنيا ونعيم الآخرة بإذن الله.

 

جريدة الراية