press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

WhatsApp Image 2025 09 10 at 4.56.12 AM

 

 

إن الله إذا أنعم على أمة بالنصر والتمكين فشكر النعمة لا يكون باللسان وحده ولا بالقلب فقط بل بالعمل بما أمر...
لقد سقط النظام البعثي المجرم البائد أحد إفرازات الرأسمالية العالمية لا ليُستبدل نظام وضعي آخر به يسير خلف أوامر أمريكا والغرب، بل ليقام الحق الذي من أجله سالت الدماء وقدمت التضحيات لتحكيم شرع الله.
فالشكر الحقيقي للنصر هو أن نرد الأمر لصاحبه فنحكم بشرع الله في الأرض التي نصرنا ومكننا فيها، أما أن نكتفي بالقول ونتناسى العمل ونُعرض عن سبيل الله في حياتنا ونظام عيشنا فذلك جحود للنعمة وامتناع عن شكرها.
يقول سبحانه وتعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾... والعمل اليوم هو إقامة حكم الله لا موالاة عدو الله والمسلمين أمريكا وغيرها ولا التطبيع مع عدو الأمة كيان يهود.

فالنعمة تُسلب إذا لم تُشكر والشكر كما أراده الله هو تحكيم شرعه ورعاية شؤون الناس وفق أوامره ونواهيه.
قال تعالى:
﴿وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
أحمد زكريا

1

مقتطف من مقال في جريدة الراية العدد (557) بعنوان:
حقائق سياسية وعقدية تؤكدها أحداث السويداء الدامية

ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

وكما هو متوقع علت أصوات أمريكا والغرب ويهود بضرورة تدخل الإدارة السورية لفض النزاع. ليعقب ذلك اتفاق مذل جديد استجابة لضغوط أمريكا ومطالب يهود! حيث أعلنت وزارة الداخلية السورية توقف الاشتباكات في مدينة السويداء وإخلاء المنطقة من مقاتلي العشائر عقب انتشار قوات الأمن السورية لتطبيق وقف إطلاق النار، فيما راح الهجري يتبجح بشروطه المذلة للدولة، ومنها أن يكون الأمن العام على الحدود الإدارية للمحافظة، أي يكون حرسَ حدودٍ فقط، وإشرافه على قبول المساعدات ومنع استقبال وزراء الدولة، أي عدم اعترافه بها أو بممثليها! إضافة لمطالبه بفتح معبر مع الأردن وبحماية دولية!

 2

انتشرت حالة استياء بل غضب شعبي وعشائري عارم من إصرار الإدارة الحالية على وقف المعارك داخل السويداء تنفيذاً لأوامر أمريكا واستجابة لمطالب يهود قبل أن يكمل الأحرار مسيرتهم لدحر أزلام يهود من العصابات المسلحة التي قتلت أطفالنا واعتدت على حرمات أهلنا وقاموا بتقطيع مجاهدينا أشلاء وهم أحياء! ولم يكتفوا بذلك، بل قاموا بضغط شديد لوقف إطلاق النار ونشر الحواجز لمنع دخول الذخيرة للثوار ومنع وصول الفزعات إليهم، ناهيك عن سلب سلاح الثوار والتضييق عليهم.

 3

يثبت أهل الشام ومنهم العشائر أنهم بحق أهل صدق ونخوة وفزعات وميدان، وأنهم نِعْمَ الرجال ونعم الحاضنة ونعم السند لمن عرف حقهم وأعطاهم قدرهم وأنزلهم منازلهم.

 4

لقد أكد تحرك العشائر حقيقة عقدية وسياسية راسخة، بأننا أمة واحدة من دون الناس، نعم، أكد قوة الأمة وكشف هشاشة الأنظمة. كما أثبت تفاعل الأمة مع الحدث أن الإسلام متجذر في صدرها وأن وحدتها على أساس الإسلام هي نبضها وتطلعها فيما هو قادم بعد أن كسرت حدوداً وهمية خطها الكافر المستعمر بيديه الآثمتين. تحرك مبارك يعيد نفَس الثورة والجهاد في قلوب شباب الأمة ويورث الحقد على يهود وقرب اللقاء الموعود وحديث الغرقد.

 5

إن القوة الحقيقية لأي دولة والسند الحقيقي لأي قيادة مخلصة تستلم زمام القيادة، بعد التوكل على الله، هي الأمة والحاضنة الشعبية بما تمتلكه من قدرات بشرية ومادية ووعي سياسي ونفس ثوري وجهادي. ومعلوم دور حاضنة الثورة على مدار 14 عاماً. وعليه، لا يكرمها ويرفع من شأنها إلا صادق حاذق، ولا يتنكر لها متقرباً لأعدائها إلا جاهل يسير بجهله إلى الهاوية.

 6

إن فصائل الغدر في السويداء، وكبيرهم المنتفش بدعم يهود، لا عهد لهم ولا ميثاق، لم يتركوا جريمة بحق أهلنا إلا ارتكبوها ولا موبقة إلا وقعوا فيها، تحت مرأى العالم المتواطئ والمتآمر، وجريمة أن يتم استرضاؤهم ومكافأتهم على ما فعلوه بتثبيت إدارتهم لبؤر إجرامهم تحت أي ذريعة أو مبرر. فطريقة التعامل المتهاونة مع ملف الدروز كشفت عن استخفاف خطير بالإدارة الجديدة، حيث تم طرد ممثليها، وطلب الحماية الدولية، وجرى التواصل مع كيان يهود، ما يُعد خيانة لا لبس فيها.

 7

أعداؤنا لا يريدون أن تقوم لنا قائمة، يمعنون في إضعافنا وتشتيت شملنا وتفتيت بلادنا لنبقى لهم تابعين أذلّة لا تقوم لنا بدونهم قائمة، وهم يريدون أن يبقى الجنوب السوري خالياً من وجود الجيش وسلاحه حتى يأمن كيان يهود الذي فضح أبطالُ غزة هشاشته بعدّتهم وعتادهم القليل المبارك.

 8

سادساً: إننا يجب أن نكون على يقين أن الخضوع للإملاءات الدولية والثقة بالوعود الأمريكية لن توصلنا إلا إلى الخسران المبين في الدنيا والآخرة، وإن ترك الإدارة الحائرة للحسم والحزم، ومسارعتها للتطبيع مع يهود، واسترضاءها للشرق والغرب تبتغي عندهم العزة، على حساب أهل الثورة وثوابتها بدل الاعتماد على الله والتمسك بشرعه والتقوّي بعباده، يؤكد أنها باتت تنحو منحىً خطيراً، فتركُها لتطبيق شرع الله يفقدها معية الله التي حملتنا إلى دمشق منتصرين، وتكرارها للأخطاء ذاتها يضعف هيبة الثورة ويضيّع مكتسبات عظيمة دفع ثمنها المجاهدون من دمائهم، ونذكرها بقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾.

 8

لقد حددت لنا عقيدتنا طبيعة العلاقة مع كيان يهود المغتصب لأرضنا المدنس لمقدساتنا، الذي يرتكب أفظع الجرائم بحق أهلنا في غزة وسائر فلسطين، بأنها علاقة حرب وصراع وجود، معركة قادمة لا محالة، وحتمية لا مفرّ منها، والتأخير فيها لا يعني إلا مزيداً من استنزاف الأرواح والإمكانات، لذلك يجب أن نعدّ لها العدّة ونتجهز لخوضها بكل إمكاناتنا. وعليه، فلا يجوز التطبيع مع يهود أو الدخول بأي شكل من أشكال المعاهدات التي تقر بسيادتهم ولو على شبر واحد من أرض المسلمين.

 9

إن أول خطوة في طريق تحقيق النصر هي إعلان الالتزام الحقيقي بتطبيق شرع الله، دون مواربة أو تأخير، طلباً لرضا الله ونصره، لا رضا أمريكا ولا غيرها، فبدون ذلك لن تقوم لنا قائمة، ولن يثبت للبلاد أمن ولا سيادة، ويجب أن نعتمد على حاضنة الثورة والصادقين من أبنائها، فهم السند الحقيقي بعد الله عز وجل وقت الأزمات والشدائد، ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾.

10

1

مقتطف من مقال في جريدة الراية العدد (552) بعنوان:
التطبيع مع يهود قطيعة مع ثوابت ثورة الشام

مصطفى سليمان
لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا

إنّ طيَّ صفحة المعاناة الطويلة التي خلّفها نظام أسد وسنوات القمع والانبطاح وفقدان السيادة يحتاج إلى قيادة مبدئية جريئة، تمتلك من الصلابة ما يؤهّلها لحمل تطلعات ثورة الشام التي انطلقت عام 2011 بشعارات "الموت ولا المذلة"، "لن نركع إلا لله"، و"إما نعيش بكرامة أو نموت".
وما زال تحقيق تلك الأهداف أمراً ممكناً، لا سيما في ظل الطاقة المعنوية الهائلة لأهل الشام، الذين أسقطوا أعتى طاغية في العصر الحديث، ولو استثمرت هذه الطاقة في الاتجاه الصحيح، لما وقفت في وجوههم الصعوبات. يكفي أن نُذكّر بانتفاضتهم العفوية الأخيرة ضد الفلول، حيث خرج ما يقارب نصف مليون ثائر في يوم واحد دفاعاً عن ثورتهم ومكتسباتها. هذه الروح وحدها كفيلة بأن تصنع مستقبلاً سياسياً حرّاً لو وُجِدت قيادة صادقة توظفها لصالح الثوابت، لا لصالح الحسابات الدولية والمصالح الشخصية.

2

 

إن مجرد التصريح بوجود "أعداء مشتركين" مع كيان يهود هو انزلاق خطير، يعكس استعداداً للتخلي عن المبادئ العقائدية والثورية، مقابل كسب رضا واشنطن وتل أبيب. هذا الموقف لا يعبّر عن رؤية سياسية جريئة أو واعية، إنما هو تنكر للدماء، وقطيعة مع الموقف الشعبي الذي لم يتنازل يوماً عن حقه في تحرير فلسطين والجولان، ولم يقبل الاحتلال، لا بوعد بلفور ولا باتفاقيات أوسلو، فكيف يقبل بشراكة أمنية مع غاصب أولى القبلتين؟!

3

لقد كان الناس يعيبون على نظام الأسد الذليل تبجّحه الكاذب بالمقاومة، بينما هو يحرس حدود يهود ويقصف شعبه. واليوم تقف قيادة المرحلة في موضع أشد خطورة، إذ انتقلت من شعار "المقاومة" إلى طرح "الشراكة"، لتفقد الثورة ما تبقى من هويتها السيادية، وتذوب في مشاريع إقليمية مشبوهة تحت لافتات براقة مثل "البراغماتية"، و"المصلحة العامة"، و"إطعام الناس"!
نعم، أهل الشام يحتاجون إلى اقتصاد واستقرار، إلى تعليم وخدمات، ولكنهم لم يقدّموا ما يقرب من مليوني شهيد ليحصلوا على الخبز من سفارة! ولن تبنى دولة مستقلة برهن القرار لقوى أجنبية أو بالتماهي مع مشاريع تطبيعية. كما أن سعياً كهذا، حتى لو تحقق فيه بعض الاستقرار، لا يصح شرعاً، لأنه يقوم على بيع السيادة وإرضاء الأعداء وتضييع دماء الشهداء، والله تعالى يقول: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.

 4

إن منطق "الشراكة الأمنية" مع كيان غاصب لم يقبل به حتى بعض الأنظمة المطبعة، التي رغم توقيعها اتفاقيات سلام لم تدخل في تعاون أمني معلن بهذا الشكل. فكيف بثورة كان عنوانها "التحرير"؟ وكيف بثوار قضيتهم المركزية فلسطين؟
ورغم ضغوط الاحتلال ومكر السياسة، أثبتت تجارب شعوبنا أن التطبيع لا يصنع الاستقرار، بل يخلق فجوة بين الحكام والشعوب. الأردن ومصر مثال، ولم يجنِ المطبّعون غير الغضب الداخلي والاستعباد للخارج.

5 

 

إنّ المشروع السياسي للثورة يجب أن ينبثق من عقيدة، وينبغي أن يكون على قدر تضحياتها ودماء شهدائها، لا من دهاليز السياسة الدولية والسفارات الأجنبية. ويجب أن تكون القيادة نابعة من حاضنتها لا من رجال الأعمال، وأن يعاد السلطان للأمة لا للممول، وأن تبنى الدولة على أساس الإسلام لا على مائدة المساومات!
إن الثورة التي خُطّت بدماء الشهداء لا تُختزل في مشاريع أمنية مشبوهة ولا تُختطف لمصالح دولية. فالثورات لا تُختزل، والسيادة لا تُباع، والكرامة لا تُقايَض. نحن اليوم أمام مفترق طرق: إما أن نعيد ثورتنا إلى مسارها المبدئي الرافض للتطبيع والارتهان، وإما أن نتركها تتهاوى على أعتاب مشاريع أمريكا ويهود الخيانية.

1

مقتطف من مقال في جريدة الراية العدد (557) بعنوان:
بعد سبعة أشهر من الحراك الدولي سوريا بين مطامع الدول وخيار المصير

عبدو الدلي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

وبعد هذا التاريخ من المواقف والسياسات، يتّضح أن الوفود اليوم لا تأتي حباً في الخير، بل لمنع مسار لا يرغبون فيه. فهم يسعون إلى إبقاء سوريا دولة علمانية تابعة فاقدة لقرارها، أسيرة لقوانينهم وأفكارهم ومعالجاتهم. يريدون منعنا من التحرر، ومن امتلاك القرار، ومن أن نكون أعزّاء.
فأيّ خلاص يمكن أن يأتي ممن استعمرنا وقمعنا؟ وأيّ نجاة من يد من سلبنا حريتنا وقوّض حاضنتنا وثورتنا؟!
2

اليوم، وبعد سبعة أشهر من هذا الحراك، لا نقول إن سوريا قد اختارت بعدُ. فلا تزال الفرصة قائمة، وما زال التراجع عن الخطأ ممكناً؛ فإما أن نختار أن نكون أصحاب قرار وكلمة في هذا العالم، أو أن نبقى على مسار التبعية، فنكون مسلوبي القرار ومنهوبين!

الفرصة لا تتكرر.. فاسعَوا نحو الصواب، وسابقوا إلى الكرامة، واحذروا أن تتأخروا أو تترددوا، فيتخلى عنكم من وهبكم الانعتاق من بشار، ويوكلكم إلى أنفسكم، فتسيروا نحو الهاوية وأنتم تبصرون!

 

 

في ظل ما يحصل في سوريا من خضوع لإرادة أمريكا والنظام الدولي يشعر الناس باستلاب الإرادة وفقدان القرار والخوف على المصير. ولكي نفهم من يقرر في سوريا ولماذا فقدنا القرار لا بد لنا من استعراض مسيرة الثورة السورية منذ البدايات.

عندما استخدم النظام البائد الجيش والأمن ضد الناس لجأ الثائرون إلى تشكيل مجموعات تحمي المتظاهرين بأسلحة خفيفة وتطور الأمر إلى تشكيل فصائل ثورية أصبحت تغنم أسلحة النظام واستطاعت أن تحرر سبعين بالمائة من البلاد ورفعت رايات الجهاد ودعت إلى تحكيم الإسلام، بل تبنى بعضها مشروع الدستور المقدم من حزب التحرير، ما أرعب القوى الدولية وعلى رأسها أمريكا، فتدخلت لدعم النظام من تحت الطاولة ما جعل الناس يطلقون جمعة (أمريكا ألم يشبع حقدك من دمنا؟)، ما يدل على وعي الناس على عمالة النظام البائد لأمريكا ودعمها له، ما اضطر أمريكا أن تمعن في خداعها، فأوعزت لأدواتها من الأنظمة المجاورة كتركيا والسعودية والأردن وقطر والإمارات بالتدخل لاحتواء الثورة عبر مصادرة قرارها بواسطة الدعم بالمال السياسي القذر، وأنشأت لذلك غرفتي الموك والموم، وكان هدف هذا الدعم اختراق صفوف الثورة وسلب قرارها والتحكم بها وتوجيهها إلى معارك جانبية لاستنزافها، خصوصاً أن الدعم كان بأسلحة غير فعالة وغير قادرة على إيقاف القصف الجوي والصاروخي والمدفعي. وكانت الرواتب ضعيفة بل أصبحت وسيلة لإفساد القادة الذين وجدوها مصدر ثراء بطرق فساد كثيرة، ما كبل الثورة التي عانت من الفساد والاتكال على الدعم البارد بدل الغنائم الحارة بالمعارك مع النظام البائد التي كانت سبباً في الإثخان به وإضعافه وتحرير المناطق منه.

وبهذه الطريقة فقدت الثورة استقلالها وقرارها وخرجت لذلك مظاهرات تطالب بتصحيح المسار واستعادة القرار ولكن جوبهت بالمبررين والمطبلين كما هو عليه الحال الآن بحجة من أين يأكل الناس؟! وكأننا في ثورة جياع! وانشغلت الفصائل بالدعم والداعمين وتجميع الفصائل بالاندماج ولكن دون فائدة لأنهم أصبحوا مكبلين بأوامر الداعمين.

وقد كانت تبريرات قادة المنظومة الفصائلية دائما "أنهم سيأخذون المال ولكن لن ينفذوا أوامر الداعمين"، وهذا ما يقوله المبررون لسياسة التبعية والخضوع لتوجيهات أمريكا وأدواتها التي تتبعها الحكومة الجديدة في دمشق. ولكن هيهات هيهات، فقد أفقد الدعم قرار قادة المنظومة الفصائلية فنفذوا التعليمات وسلّموا المناطق ونفذوا بنود سوتشي وأستانة والتزموا خفض التصعيد، بل خاضوا معارك استنزاف للمجاهدين المخلصين الذين كانوا يعترضون على إغلاق الجبهات.

وقريب من هذا ما يحصل على يد الحكومة الجديدة اليوم حيث تتدخل لمنع المجاهدين من تحقيق الحسم في معارك متعددة كما حصل في معارك الساحل والسويداء، وما ذلك إلا تنفيذاً لأمر الداعمين، ما أوقع أهل الشام في مخاطر كبيرة كان من السهل تجاوزها والقضاء على المخاطر الكبيرة التي حصلت لو كان القرار ذاتيا.

نعم، لقد بدأ الانحراف منذ البدايات؛ فرهن القرار للدول المتآمرة وعلى رأسها أمريكا والخضوع لتوجيهات توماس باراك المبعوث الأمريكي إلى سوريا والذي بات يعرف بالمندوب السامي، لن يوصلنا إلا إلى الهاوية، ففاقد القرار في الثورة لن يكون صاحب قرار في السلطة، لأن من يدعمه هو من سيتحكم بقراره وما عليه إلا التنفيذ، لأنه قد دخل جحر ضب لن يستطيع الخروج منه إلا بقطع يد داعميه.

لقد أشغلت الإدارة الحالية في سوريا نفسها بالجانب الاقتصادي على حساب ثوابت الثورة فرحين بمشاركة النظام الدولي نظامه الاقتصادي الرأسمالي الذي يعدهم بناطحات السحاب وأنفاق المترو والمشاريع السياحية التي ستزيدهم تكبيلا ثم يزعمون أنهم سيخرجون منه إلى ظلال الإسلام! ولكن هيهات هيهات فالركون إلى الظالمين والكافرين خسران مبين في الدنيا قبل الآخرة وليس طريقا للحق وإقامة الدين.

ومن هنا كان لا بد من التحذير من التفريط بثوابت الثورة وتضحيات المجاهدين، وخاصة مع ضغط أمريكا على الإدارة الحالية لإقصاء الإسلام عن الحكم وتقريب فلول النظام البائد وإعادة كثير منهم إلى مراكز عملهم رغم ما يشكله ذلك من خطر عظيم، إضافة لمحاولات إقصاء الصادقين عن مراكز التأثير ودمجهم مع قوى لا تريد الإسلام لتزيد القيود والعوائق أمام تصحيح المسار.

والحذر اليوم من أخطر القرارات على الأمة الإسلامية ألا وهو تسويغ تعطيل الشريعة وإقامة الحكم بما أنزل الله بدعوى العجز والمصلحة والتدرج، ما أوجد انقلابا على كل الثوابت والشعارات التي رفعها أهل الشام في ثورتهم، لنرى التنازل عن قضية فلسطين وأن الشام لن تكون منطلقا لقتال يهود، وتسارع خطا التطبيع مع كيان يهود عبر اللقاءات السرية والعلنية والوعد بالسلام مع يهود والدخول في الاتفاقيات الإبراهيمية "عندما تسمح الظروف". كل هذا تكبيل للأمة عن القيام بما أوجبه الله عليها من إقامة شرعه وتحرير بلاد المسلمين، تنفيذا لأمر الداعمين وتخديرا بالرخاء الاقتصادي الذي بموجبه تباع مقدرات البلاد للمستثمرين والشركات الرأسمالية الجشعة.

وختاماً لا بد لمن يتصدر القيادة أن يكون مبدئياً يحمل مشروع الإسلام بشكل واضح ودستور كامل مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي المعتبر، بعيداً عن تأثير الدول وإملاءاتها التي تسخط الله وتخالف أمره، وهي منزلق خطير نحو هاوية التبعية والعمالة والهوان. قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾.

----------
بقلم: الأستاذ محمد سعيد العبود