press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

4444




شهدت سوريا، الأحد 5 من تشرين الأول/أكتوبر، أول انتخابات تشريعية بعد الإطاحة بنظام الأسد، ولم تشمل الانتخابات جميع محافظات سوريا، خاصة مع استمرار الانسداد السياسي في قضية السويداء والمناطق التي تسيطر عليها قسد، ودفع أمريكا لفرض واقع جديد يخدمها ويسلب أهل الثورة ثمرة تضحياتهم.

وإزاء هذا الموضوع كان لا بد من إضاءات جوهرية متعلقة بواقع المجلس وحكم المشاركة فيه وانتخاب أعضائه.

أولاً: إن قضية انتخاب الناس في الأصل، لشخص أو أشخاص يمثلونهم في التعبير عن رأيهم، هو من الأمور الجائزة شرعاً، سواء أكان ذلك فيما يسمى مجلس النواب، أو مجلس الأمة، أو مجلس الشعب. فواقع النائب من هذه الناحية أنه وكيل عن ناخبيه للتعبير عن رأيهم، والوكالة في الإسلام من العقود الشرعية الجائزة، لذلك كانت هذه الناحية من قضية الانتخابات جائزة.

إلا أنه كون مجلس الشعب مجلساً تشريعياً آتياً من النظام الديمقراطي الذي تقوم عليه الدولة والذي يجعل السيادة للشعب، أي أن الشعب هو الذي يضع الأنظمة والقوانين، ومجلس النواب وكيل عن الشعب في سن هذه التشريعات، فهذا النظام - أي الديمقراطية - يناقض الإسلام من حيث الأساس. فالإسلام يعتبر أن التشريع لله تعالى وحده، ولا يحق لأحد أن يشاركه في التشريع، قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ﴾، وقال تعالى: ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ﴾. ومن هنا كانت السيادة في الإسلام للشرع وليست للشعب، ولذلك لا وجود لسلطة تشريعية في جهاز الدولة في نظام الإسلام إلا بمعنى أخذ الأحكام الشرعية مما جاء به الشرع الإسلامي. وإنه وإن كان يوجد مجلس للأمة إلا أنه مجلس تمثيلي يعبر عن مطالب الرعية وآرائها ويقوم بمحاسبة الحكام، وليست له سلطة تشريعية. وبناءً على ذلك إذا دخل المسلم إلى البرلمان مُقراً بهذا النظام غير الإسلامي موافقاً عليه كان آثماً بلا شك.

ثانياً: إن المشكلة لا تقتصر فقط على الحرمة الشرعية في المشاركة في هكذا مجالس تشرع من دون الله، إنما لكونها أيضاً أجساماً صورية ليس لها قرار في ظل السلطات الحالية في كل البلاد الإسلامية، فلا تعدو كونها واجهة لتوجهات السلطة وما تريد تمريره من قرارات وتصورات وإملاءات تفرضها الدول المتحكمة بسياسات البلد. وبالتالي، فإن واقعها هو تعبير عن إرادة السلطات ومن وراءها وليس تعبيراً عن إرادة الشعب الحقيقية. وغالباً ما تُشكَّل وفق قوانين انتخابية مُفصّلة على مقاس السلطة، وتُحاط بسلاسل من التزوير والتضييق، فلا يكون دورها إلا تزكية قرارات الحاكم وإضفاء صبغة مؤسساتية عليها. ولهذا تراها تُصادق بالإجماع على ما يمليه رأس السلطة أو القوى الدولية، ولو كان فيه سحق لإرادة الناس ونهب لثرواتهم.

ثالثاً: إن جعل الرابطة الوطنية أساس النظر لأمور الحكم والعلاقات الدولية ورعاية شؤون الناس بدل رابطة الإسلام منزلق ينذر بالخطر بعد أن أكرمنا الله وحملتنا معيته إلى دمشق منتصرين. ومن هنا فإن السلطان في الإسلام للأمة تختار من يحكمها على أساس شرع الله، أما التشريع فحقٌّ خالص لله وحده، لا شريك له في حكمه سبحانه. والسيادة للشرع وليست للشعب كما هي في الأنظمة الديمقراطية، وحري بأهلنا في سوريا أن يكون جل همهم هو تتويج تضحياتهم بحكم الإسلام وعدله وعزته في ظل دولة تحتكم لشرع الله لا لأهواء البشر.

وإضافة إلى ما سبق، فإن الواقع السياسي القائم يشير بوضوح إلى أن مجلس الشعب الجديد سيتحول إلى منصة لتمرير وتكريس الاتفاقات الدولية الكارثية على الأمة، وعلى رأسها الاتفاق الأمني الجاري الحديث عنه مع كيان يهود. إذ يتوقع أن يكون من أول قراراته المصادقة على هذا الاتفاق وإضفاء غطاء شعبي زائف عليه.

وهنا تكمن خطورة المشاركة في هذا المجلس وكل مجلس على شاكلته، فهو لا يقف عند حدود مخالفة الشرع فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى أن يكون أداة مشبوهة لشرعنة خطوات سياسية تمس سيادة البلاد ومصير أهلها.

وعليه، فإننا يجب أن ندرك حرمة المشاركة في هكذا مجالس أو انتخاب من سيقوم بدور المشرع ولو بشكل صوري، وعلينا أن نعمل لإسقاط هيبتها الزائفة بعد أن أدركنا واقعها كما بينّا، فهذا المجلس سيعمل على شرعنة أعمال واتفاقات مخالفة لشرع الله ومرفوضة سياسيا وشرعيا، لأنه سيبارك أي خطوة سواء نحو التشريع أو نحو الموافقة على الاتفاق الأمني مع كيان يهود أو التطبيع معه أو غيره في سياق التفريط والتنازلات.

فالمجلس إن سار كما فصلنا آنفا وتخلى عن دور المحاسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو ليس سوى امتداد لسلطة تسعى لإرضاء القوى الدولية لا لخدمة مصالح الناس، وهو ما يجعل التعامل معها أو الركون إليها خيانة للتضحيات العظيمة التي قدمها أهل الشام في ثورتهم.


إن الواجب اليوم هو كشف زيف هذه المؤسسات الشكلية، والتأكيد أن مستقبل البلاد لا يُبنى عبر صناديق اقتراع مزيفة ولا مجالس خاضعة، بل عبر مشروع صادق منبثق من عقيدة الأمة يرد الأمور إلى نصابها ويجعل الحكم لله وحده.

-----------
كتبه: الأستاذ عبدو الدلي (أبو المنذر)
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

3333



(شبكة شام الإخبارية، الخميس، 26 ربيع الأول 1447هـ، 18/9/2025م) أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، في تغريدة نُشرت مساء الأربعاء، أن مسؤولين من الخزانة ووزارة الخارجية الأمريكية عقدوا اجتماعاً مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لبحث سبل "إعادة ربط الاقتصاد السوري بالنظام المالي العالمي بشكل مسؤول وآمن".

الراية: إن المبدأ الرأسمالي هو أصل الداء وأس البلاء وصانع الأزمات، وهو الذي أورد البشرية المهالك، وأفقر الشعوب ونهب ثرواتهم حتى كثرت الحروب والمجاعات، وكل ذلك خدمة لمصالح الدول الاستعمارية، وعليه فإن ربط اقتصاد البلاد بالنظام الرأسمالي ونظامه المالي مهلكة لها؛ لذلك فعلى الحكومة الجديدة في سوريا إن كانت كما تدعي تريد أن تنهض بالبلاد وتعيد إعمارها والسير بها نحو النجاح، أن تحكم بالإسلام وتطبق نظامه الاقتصادي.

فالإسلام جاء بنظام تفصيلي دقيق لآلية حيازة المال وكيفية جمعه وآلية توزيعه، ذلك أنه جاء لرعاية شؤون رعاياه وضمان العيش الرغيد لهم، هذه هي مهمة الدولة في الإسلام رعاية شؤون الناس وليس ظلمهم وفرض الضرائب والمكوس عليهم، والتفريط بثرواتهم ومقدراتهم لأعدائهم وجعل اليد الطولى لهم في البلاد.

وعليه لا خلاص لأهل الشام وللمسلمين جميعا من هذه الكوارث الاقتصادية وغيرها من الكوارث إلا بتطبيق الإسلام في كافة مناحي الحياة في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فهلم للعمل معنا فورا لإقامتها أيها المسلمون.

 

 1447 04 14 في 00.03.29 df2e726d



بدأت يوم الأحد 5-10-2025، عملية انتخاب أعضاء مجلس الشعب السوري الجديد، وشُكلت هيئات ناخبة في جميع المحافظات السورية لانتخاب أعضاء مجلس الشعب، فيما يرى بعض المحللين أن مجلس الشعب في حلته الجديدة لن يختلف عن سابقه في عهد النظام البائد.
وحسب الإعلان الدستوري، في مادته 24، فإن ثُلث الأعضاء يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية، بينما يتم انتخاب باقي الثُلثين من هيئات ناخبة من شتى المحافظات السورية؛ تُشكّل هذه الهيئات من قبل لجنة عليا للانتخابات يعينها رئيس الجمهورية أيضًا، في حين يُستبعد أي دور للشعب السوري في اختيار ممثليه.
أما مهام مجلس الشعب السوري فلن تختلف عن سابقيه؛ بل لا يختلف عن مجالس الشعب في العالم الغربي أو الإسلامي من كونه مجلسًا تشريعيًا يقرّ القوانين التي تُطرح في جلساته، ويقرّ القوانين بناءً على رأي أكثرية أعضاء مجلس الشعب، بغضّ النظر عن مصدر القانون، وكونه من مصدر الشرع الإسلامي أم من التشريعات الوضعية.
وللمجلس حق اقتراح القوانين المختلفة وإقرارها، وتعديل أو إلغاء القوانين السابقة في عهد النظام السابق؛ كما له دور في المصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة للدولة، ومنح العفو العام.
كما لمجلس الشعب دور في مساءلة ومحاسبة الحكومة على أي تقصيرٍ بحقِّ الشعب.
ومن المثير للاستغراب أن عددًا من الشبيحة ومؤيدي النظام البائد يترشّحون لمجلس الشعب الجديد، ممّا أثار موجةَ غضبٍ عام في الشارع السوري.
في ظل هذه المعطيات، لا بدّ من تناول هذه النقاط بشيءٍ من التفاصيل وبيان حكم الشرع المتعلق بها.
أما قضية التشريع وسنّ القوانين فليس لأحد أن يشرّع قانونًا من دون الله ابتداءً، أو أن يتم اختيار حكم شرعي — لو كان مصدره الإسلام — بناءً على رأي الأكثرية؛ بل يتم تبنّي الأحكام الشرعية وسنّها قوانين نافذة من الدولة من قبل رئيس الدولة الإسلامية أو الخليفة، بناءً على قوة الدليل الشرعي الصحيح.
ودور المجلس النيابي في الإسلام — وهو ما يُسمّى مجلس الأمة — تقديم المشورة للحاكم أو الاستجابة لمشورته من قبل النواب المسلمين، ومحاسبته ومساءلته عن التقصير بحقِّ الرعية من خلال النواب المسلمين وغير المسلمين.
كما أنه للأعضاء المسلمين في مجلس الأمة دور في حصر المرشحين لمنصب الخليفة؛ فهم في ذلك ينوبون عن الأمة في اختيار المرشحين ليكون أحدهم رئيسًا للدولة بعد موت خليفة سابق أو عزله.
ويتم انتخاب أعضاء مجلس الأمة من قبل الناخبين في كل ولاية من ولايات الدولة الإسلامية، ولا يتم تعيينهم تعيينًا من قبل الحاكم لما في ذلك من سلبٍ لسلطان الأمة وأحقيتها في اختيار الحاكم أو محاسبته وكذلك في اختيار ممثليها ووكلائها الذين ينوبون عنها.
أما قضية المصادقة على المعاهدات الدولية أو المعاهدات السياسية أو العسكرية، فهذه أيضًا ليست من صلاحية مجلس الأمة؛ بل هذا منوط بالحاكم ويكون منضبطًا بالأحكام الشرعية.
ويرى مراقبون أن تشكيل مجلس الشعب السوري، وخاصة في ظرفٍ لا تزال البلاد مقسمة ومفتّتة وإبعاد خمس محافظات عن التصويت بسبب فقدان السيطرة عليها، كلُّ ذلك يدلّ على محاولة حكومة الشرع تمرير الاتفاقيات الأمنية مع كيان يهود بأسرع وقت، وأخذ موافقة شكلية من مجلس الشعب لجعل الأمر يبدو وكأنّ هناك تأييدًا شعبيًا لهذه الاتفاقيات الخيانية.
في ظل واقع مجلس الشعب السوري الجديد يتبيّن أن الدخول إلى هذا المجلس لا يجوز شرعًا ضمن الصلاحيات المعطاة له دستوريًا، ولكن يجوز الدخول إلى هذا المجلس بهدف المحاسبة والتكلّم بوضوح عن وجوب الانتقال بسوريا من النظام الجمهوري العلماني إلى نظام الخلافة، وأن تكون سوريا نقطة انطلاق لدولةٍ تضمّ كافة بلاد المسلمين.
هذا حصل سابقًا مع النائب الشيخ أحمد الداعور، عضو حزب، عندما ترشّح في ستينيات القرن الماضي لمجلس النواب الأردني، وعندما نجح خرج في خطاب داخل المجلس بيّن فيه بطلان نظام الحكم القائم في الأردن ووجوب تحكيم الإسلام كبديلٍ شرعي وحيد؛ فمنذ الجلسة الأولى هدم كيان الدولة الوطنية القائم، وتمّ على أثر ذلك اعتقالُ الشيخ وإيداعُه السجن.
هذا واقعُ مجلس الشعب السوري وغيره من المجالس البرلمانية في بلاد المسلمين، وهذا واقعُ مجلس الأمة بالإسلام؛ ونحن لا نكتفي فقط بأن يكون لدينا مجلس أمة منضبط بالأحكام الشرعية، بل ندعو لتبنّي نظام حكمٍ إسلامي متكامل مبني على العقيدة الإسلامية، ودستورٍ إسلامي مستنبط من الكتاب والسنة وما ارشدا إليه، تكون قوانينه الفرعية كلها مصدرها الشرع الإسلامي الحنيف. عندها فقط يُقام العدل وتُقطَف ثمار تضحيات أهل الثورة الذين قدّموا الغالي والنفيس لنحكم بشرع الله لا بالقوانين الوضعية وأنظمتها الفاسدة.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
أحمد الصوراني

2222

 



وصل وفد رسمي من وزارة الدفاع السورية، برئاسة رئيس هيئة الأركان العامة اللواء علي النعسان، إلى العاصمة الروسية موسكو، حيث كان في استقباله نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف. وتندرج هذه الزيارة ضمن جهود تطوير آليات التنسيق بين وزارتي الدفاع في البلدين وتعزيز التعاون العسكري المشترك.

الراية: بتاريخ 30/9/2015، بدأ تدخل روسيا العسكري المباشر في سوريا بطلب من رئيس أمريكا الأسبق لحماية النظام وإنهاء الثورة المباركة. فقتلت الآلاف من أهل سوريا، ودمّرت الكثير من مرافقها. وارتكبت المجازر من مثل مجزرة بداما في ريف إدلب الغربي، ومجزرة الحمامة في ريف جسر الشغور، ومجزرة عين شيب...

هذه هي روسيا، التي تدخلت بعدما عجزت إيران القاتلة وحزبها في لبنان عن إجهاض الثورة، فجاءت لتضع قدميها من حديد حتى لا يسقط عميل أمريكا في المنطقة.

فهل بعد كل مجازر روسيا هذه ومكائدها، يقال: "عفا الله عما سلف"؟! هل ما جرى بينكم وبينها كان مجرد مشكلة في حارة؟! لقد كانت دماء وأشلاء وتاريخاً مكتوباً بالدم. كان تاريخاً أسود سطّرته روسيا ضد سوريا وثورتها. فلا تجاوز عنه، ولا قيمة لأي فكرة تتحدث عن علاقة معها.

 

 

WhatsApp Image 2025 10 06 at 12.03.30 AM

أهلُ غزّةَ ومجاهدوها يسيرون على خطى الصحابة الكرام، ويسيرون على خطاهم في جهاد يهود وفي مواقف الثبات والتضحيات في سبيل الله.
فقد شهد التاريخ صفحاتٍ مشرقةً لصحابةِ رسولِ الله ﷺ، قدّموا فيها أروع البطولات وبذلوا أغلى ما يملكون طلبًا لرضوان الله. واليوم نرى مشاهدَ شبيهةً لمواقف الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، في غزّة العزّة، حيث يسطّر أهلُها ومجاهدوها مواقفَ تعجزُ الكلماتُ عن وصفها.

فهذا الصحابي الجليل البراء بن مالك رضي الله عنه اقتحم "حديقة الموت" يوم قتال أصحاب مسيلمة، إذ حمله أصحابه على تُرسٍ فوق أسنّة الرماح، فألقوه بين جموع الأعداء، فقاتلهم حتى فتح باب الحديقة، وخرج منها مثخنًا بأكثر من ثمانين جرحًا.

واليوم يتكرر شبيه ذلك المشهد في غزّة؛ إذ صعد مجاهدٌ فوق دبابة "ميركافا"، ووضع عبوة ناسفة داخلها، وهو بين خيارين: إما أن يدمر دبابة يهود ويعود سالمًا إلى موقعه، أو يلقى اللهَ شهيدًا تحت أزيز الرصاص والمدافع والطيران المسيَّر والحربي وقنّاصة العدو. إنها تضحيةٌ لمن جعل الصحابة الكرام كالبراء وغيره قدوة لهم.

ومن مواقف الصحابة، حين تشتدّ المعارك ويعظم البلاء، كانوا ينادون بأعلى أصواتهم: "يا ربّ خُذْ من دمائنا حتى ترضى". واليوم، نسمع الصرخةَ ذاتها في غزّة، من رجلٍ يخرج من تحت الأنقاض، وقد فقد أهلَه وأطفالَه، فيقف ثابتًا صابرًا محتسبا، يردد رافعًا صوته: "يا ربّ خُذْ من دمائنا حتى ترضى".

وكما صبر الصحابةُ على حصار شعب أبي طالب، وأكلوا ورق الشجر ولم يتنازلوا عن دينهم، يصبر أهلُ غزّةَ على الحصارٍ والقصفُ يدمّر البيوت فوق ساكنيها، والجوع يفتك بالأجساد، ورغم ذلك تراهم شامخين كالجبال، لا يفرّطون بدينهم ولا بمسرى نبيّهم صلى الله عليه وسلم، عاهدوا الله أن يكونوا طليعةَ الأمة وشعلتها المضيئة حتى تتحرّر فلسطين من رجس يهود.

وقد بشّر النبي ﷺ بما يرفع المعنويات ويثبّت القلوب، إذ روى الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن مدينة عسقلان:
«مقبرةٌ بأرض العدو يُقال لها عسقلان، يفتحها ناسٌ من أمتي، يبعث الله منها سبعين ألف شهيد، فيشفع الرجل منهم في مثل ربيعة ومضر، ولكل عروسٍ — وعروسُ الجنة عسقلان».

فهنيئًا لكم يا أهلَ غزّةَ ومجاهديها، يا من اقتديتم بصحابة رسول الله و أثبتم أن المسلمين قادرون بعون الله أن يعيدوا سيرة ثباتهم وتضحياتهم ومواقفهم، فما أعظمَ مقامكم عند الله، وما أكرمَ تضحياتكم في سبيله.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
مصطفى نِجار