- التفاصيل
دخلت ثورة الشام في هذه الأيام عامها العاشر وهي تعاني الأمرين على الصعيدين الداخلي والخارجي، فهي تمر بمنعطف صعب مع العلم أنه في مسيرتها كثرت المنعطفات والمطبات، وقد قطعت مسيرتها هذه طوال ما يقارب العقد من الزمان بدون أن تتخذ قيادة واعية مخلصة تلتزم ثوابت الثورة وتحمل مشروع التغيير الحقيقي المؤدي إلى نهضة حقيقية.
قد يكون هذا الواقع طبيعياً بالنسبة لحركة شعب انتفض في وجه نظام مجرم حرص طوال عهده المشؤوم على إبقاء الشعب تحت قيادته المجرمة عبر إسكات كل صوت حر وإزاحة كل من يحمل النصح والرشد والخير لهذا الشعب.
فقد أقام شبكات من الأفرع الأمنية وبنية تحتية من السجون واستولى على المنابر وخرّج أبواقاً له لإضلال الناس عن الهدى وللحيلولة دون تفلت هذا الشعب من قبضة عصابته المجرمة.
لم يُبق للشعب قائداً ولا وجيهاً ولا موجّهاً ولا مؤثراً بل قضى على كل ذلك لإدراكه التام أن الشعب لو تفلت من سيطرته ولم تكن له قيادة واعية مخلصة توجهه فإنه سيتعثر في مساره وسيلحق به ثانية ويعيد إخضاعه مجدداً لقهره.
إن أي حراك شعبي لا بد له من قيادة توجهه كي يصل إلى هدفه ويحقق طموحه، ولما كانت الثورات هي حركات شعبية سِمتها الفوضى فإنه لا يستقيم أمرها ولا تصل لغايتها بدون قيادة توجهها، فقد لاحظنا أن الثورات التي قامت في بلاد المسلمين والتي سميت "بالربيع العربي" كانت تفتقر للقيادة السياسية الواعية المخلصة، التي تمتلك مشروع التغيير والبرنامج الذي يجب أن تسير عليه، لهذا سهل على الدول الالتفاف على هذه الثورات وحرف مسيرتها.
وإننا إذ نشدد على الوعي والإخلاص وحمل المشروع والبرنامج في وصف القيادة السياسية المفترضة لأن الثورات في مسيرتها هذه أصيبت بإخفاقات كثيرة وبخيبة أمل كبيرة جراء اتباعها لمن ظنت فيهم حسن القيادة ولم يكونوا لها البتة.
فالأمة وإن وعت على حقيقة هذه الأنظمة وانتفضت عليها، لكن وعيها وعي عام يجعلها تقف عند كل منعطف، وتطلب المشورة عند كل جديد فإن لم تجد من يوجهها بصدق ووعي وإخلاص فإنها تسمع لما يقال وتتأثر بما تسمع وكما يقول المثل "الغريق يتعلق بقشة" فقد تسير في طرقات لا توصلها لغايتها وقد سارت، وقد وثقت بشخصيات وفصائل ولجان وقادة ولكن للأسف خيبوا ظنها جميعهم بعمالة بعضهم وارتباطهم بأعداء الأمة تارة وبقلة وعيهم وسذاجتهم في التفكير وعدم امتلاكهم لبرنامج العمل تارة أخرى.
ولما كانت الحركات الشعبية بحاجة ماسّة للقيادة السياسية المخلصة الواعية، فإن حاجة ثورة الشام لها لهو أكثر وأشد، كيف لا وهي تواجه إجراماً دولياً منظماً لم يسبق له مثيل في التاريخ، فقد اتفقت دول العالم وأجمعوا كيدهم ومكرهم للقضاء على هذه الثورة، وقد وُزعت الأدوار بين الدول فمنهم من تظاهر بالصداقة لهذا الشعب كذباً وتدليساً ومنهم من تظاهر بالحماية له، بينما هو أحرصهم على سحق هذه الثورة والقضاء عليها.
ولقد برزت أهمية دور القيادة السياسية الواعية المخلصة، عندما أدرك المقاتلون المخلصون خطورة المنظومة الفصائلية المرتبطة التي انسحبت من مئات القرى والمدن بأوامر الداعم الذي يدعي الحماية والوصاية، لقد تكرر ذلك المشهد مرارا في حلب والغوطة والقلمون وحوران وإدلب وحماة.
وقد لمس الجميع الحاجة الماسّة للقيادة السياسية الواعية المخلصة المدركة لما يخطط لها، كما رأينا الأثر السلبي لدور القيادات الحالية التي لا تزال تستمع وتصغي لما يقوله رجالات أمن النظام المجرم وقادات الروس المحتلين. فالقيادات الحالية التي جلس أغلبها مع الروس ومع رجال أمن النظام المجرم جرى القبول بها في وقت عصيب كانت تمر به حوران يومئذٍ. لكنها اليوم تكبل الثورة والشباب الثائر بحجة المحافظة على الأمن والعهود والمواثيق وهي تعلم يقيناً أنه لا أمن بوجود هذا النظام المجرم كما أنه لا عهد له ولا ميثاق، فالقيادات المتصدرة اليوم في درعا البلد بدل أن تطلق يد أهل الثورة في مناسبة الثورة اكتفت بجعلها مناسبة احتفالية أقامت فيها وقفة لا ترقى لمستوى رمزية مهد الثورة في الوقت الذي كان فيه النظام المجرم يقصف جلين ومساكن جلين وتسيل بالمدفعية الثقيلة والراجمات.
إن مهمة القيادة السياسية ليس محصوراً بالدلالة على مكامن الخطر والتحذير منها على أهميتها، بل يجب أن تمتلك الوسائل والوعي لكي تحافظ الثورة على مسيرتها وتصل لهدفها بأقل التكاليف، عبر ترشيد الثورة وتوجيهها الوجهة الصحيحة نحو غايتها وإعطائها المعالجات اللازمة لكل مشكلة ومعضلة مع التحذير من جميع المخاطر التي من الممكن أن تعتري هذه المسيرة، بل ويجب على هذه القيادة أن تكون صاحبة مشروع يحقق طموحات الأمة قبل وبعد إسقاط النظام، إذ إن الثورة التي لا تمتلك مشروع تغيير مع برنامج تسير عليه للوصول إلى غايتها، ستكون فريسةً سهلةً لقوى الشر التي سرعان ما تنقض عليها قاطفةً ثمرتها. والثورات التي اندلعت عبر التاريخ تشهد على هذا، إن كان في البلاد الاسلامية أو في غيرها، حديثا وقديماً، ومصر وتونس خير شاهد.
وختاماً فإن ثورة الشام قدمت التضحيات الجسام وتعرض أهلها ولا يزالون لأشد أنواع القتل والتهجير والتعذيب والقهر، أمام أعين العالم أجمع، ولكنهم لا يزالون مصرين على إكمال ثورتهم، وما رأيناه في الجنوب والشمال وشرقي الفرات من حركات شعبية ترفض وبشكل قاطع الرجوع للنظام لهو دليلٌ على توقد الثورة في نفوس الناس، فالثورة في عامها العاشر باتت عصيةً على أن يطوعها قهر الجبابرة وظلم المجرمين وما خروج الناس على طريق الـ(إم) رافضين تسيير الدوريات عليه إلا من هذا الإصرار.
لكن لا بد للوصول من التوكل على الله سبحانه، ورفع شعار نصرة الله ونصرة منهجه، والإعلان على أن الهدف الذي سنعمل على تحقيقه بعد إسقاط النظام، هو إقامة النظام الذي يرضى عنه الله عز وجل، نظام الإسلام العظيم المتمثل في نظام الخلافة على منهاج النبوة، فتحفظ التضحيات ولا تضيع سدى، ويتحقق العدل، والسعادة والكرامة لكل الناس، ذلك النظام الذي أصبح حاجةً بشريةً ملحةً، بعدما تكشفت للناس حقيقة النظام الذي يحكم العالم الآن، والذي اكتوت البشرية بناره وتلظت بسعيره، وهي تراه هذه الأيام يتهاوى ويتهاوى معه كل الكيد والخداع والدجل الذي صاحب مسيرته بأنه هو البديل عن منهج الله سبحانه وتعالى، فيا أهل الشام ندعوكم لهذا الخير العميم والفضل العظيم، ندعوكم إلى المنهج الذي يحييكم ويحيي البشرية كافة، فكونوا حملة ذلك الخير. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [سورة الأنفال: 24]
بقلم: الدكتور محمد الحوراني
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا
جريدة الراية:https://bit.ly/3dM9IkM
- التفاصيل
في ظل اشتداد التآمر الدولي على أهل الشام، وليس آخرها فتح الطرق الدولية، نظم شباب حزب التحرير وقفة في مدينة أرمناز في ريف إدلب الاثنين بعنوان: "الهدنة عار وفتح الطرق انتحار" بينوا فيها خطورة الدور التركي بلافتة كتب عليها (الضامن التركي هو الذي أشرف على مسرحية التسليم وهو المخرج للقضاء على ثورتنا)، كما بينت لافتة أخرى أن (أردوغان حريص على تنفيذ اتفاقيات الكفرة في سوتشي بدلا من نصرة المسلمين المستضعفين) وقدموا من خلال لافتة نصيحة لعناصر الفصائل بالقول: (إن كنتم تقاتلون في سبيل الله فلا تبقوا أعوانا للظلمة)، وأوضحت لافتة أن (من سلّم إم5 فلن يحافظ على إم4)، وبالتالي كما تقول إحدى اللافتات: (يا عناصر الفصائل أهلكم يطالبونكم أن تحاسبوا القادة الخونة).
جريدة الراية: https://bit.ly/2y8Qup9
- التفاصيل
بحراك ينبئ عن حيوية الأمة وبهدف إعادة ثورة الشام سيرتها الأولى بعيدا عن الفصائلية المقيتة خرجت وقفة الجمعة في قرية بابكة بريف حلب الغربي بعنوان "يا عناصر الفصائل لا تبقوا أعوان الظلمة" رفعت لافتات كتب عليها: (آن الأوان للناس أن يقولوا كلمتهم ومحاسبة من أوصل الثورة إلى ما وصلت إليه)، و(لا خير في تشكيلات موحدة تأتمر بأوامر تركيا ومن ورائها أمريكا، خلاصنا بأيدينا لا بأيدي أعدائنا)، و(كل الفصائل شريكة في تسليم ثلث المحرر، لن ننسى هذه الجريمة)، في حين خاطبت لافتة العناصر بالقول: (أعيدوا سنة الانشقاق عن الظالمين، والمقصود الفصائل). وفي سياق متصل خرجت مظاهرة في بلدة دير حسان في ريف إدلب بعنوان "نعم لاستعادة قرارنا وسحقا لضامنكم" ورفعت لافتات خاطبت إحداها أهل الشام بالسؤال: (هل ترضون يا أحفاد الفاتح وسليمان بأن يقتل المسلمون ولا يكون ثمن ذلك رأس أسد في دمشق؟). وطالبت لافتة أخرى باستعادة القرار وتصحيح المسار. فيما طالبت لافتة هيئة تحرير الشام بالإفراج عن أصحاب كلمة الحق من سجونها. وطالبت ثالثة عناصر الفصائل أن لا يبقوا أعوانا للظلمة بالقول: قد آن للمخلصين أن ينفكوا عن دجال أنقرة وطالبت بالانشقاق عن قادة الفصائل.
جريدة الراية: https://bit.ly/2QntFEi
- التفاصيل
اجتمع الرئيس التركي أردوغان يوم 9/3/2020 مع الأوروبيين في بروكسل، فأعلنت مفوضيتهم تمسكها باتفاقية اللاجئين التي عقدتها مع تركيا عام 2016. فقالت رئيسة المفوضية دير لاين: "الاتفاقية ما زالت سارية، والآن سنقوم بتحليل الأجزاء التي لم يتم تنفيذها وسبب ذلك" وتعهدت "بإعادة إطلاق الحوار مع تركيا، ولن ينتهي هذا المساء، يجب أن تتبعه مناقشات أخرى في الأيام والأسابيع المقبلة" وستقدم اقتراحات جديدة في الشهر القادم.
وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال: "الخلافات في الرأي المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية سيقوم بتوضيحها جوزيف بوريل منسق الخارجية بالاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية التركي مع فريق من الخبراء خلال الأيام القادمة، للتأكد من أننا على وفاق وأننا لدينا نفس التفسير حول ما نقوم به في تركيا وعلى مستوى الاتحاد من أجل تنفيذ الصفقة" وامتدح هذان المسؤولان المباحثات مع أردوغان ووصفاها "بالبناءة دون ذكر النتائج الملموسة لها".
تدل هذه التصريحات على أن أوروبا متمسكة باتفاقية اللاجئين مع تركيا ومستعدة لتنفيذ ما لم ينفذ منها ومستعدة لعرض اقتراحات حتى تعالج مشكلة تدفق اللاجئين عليها الذي يسبب لها ضررا سياسيا داخليا. إذ إن هذه المسألة يستغلها اليمين المتطرف لتعزيز مواقعه وزيادة أصواته. فقد استغلها اليمين المتطرف بعد عام 2016 مما عزز حظوظه في الانتخابات على حساب اليمين واليسار المعتدلين.
وقال أردوغان: "نريد الارتقاء بالعلاقات بين أوروبا وتركيا إلى مستوى جديد أكثر صلابة". وقال في مؤتمر صحفي مشترك في بروكسل مع سكرتير الناتو ستولتنبرغ: "يشهد الناتو مرحلة دقيقة عليه أن يظهر فيها بوضوح تضامنه كحلف (مع تركيا)، ويجب أن يتجلى الحلف من دون تمييز ومن دون شروط سياسية. ومن الأهمية بمكان أن يتم تقديم الدعم الذي نطلبه بدون مزيد من التأخير".
فهذا يعني أن أردوغان أراد الضغط على أوروبا لتدعمه في عمليته الأمريكية بسوريا لكون تركيا عضوا في الناتو فيجب على أعضائه أن يقفوا معه، وبذلك يعزز دور الناتو المفروض أمريكيا على أوروبا التي تعمل على التخلص منه، وتعمل على بناء جيش خاص بها كما ذكر الرئيس الفرنسي ماكرون يوم 11/11/2018 أن أوروبا تريد تأسيس جيش خاص بها لتحمي نفسها من أمريكا وروسيا والصين، وقامت المستشارة الألمانية ميركل وأيدت دعوته، وفي 22/1/2019 وقع ماكرون وميركل معاهدة ثنائية تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين بلديهما يساهم في إنشاء جيش أوروبي والتنسيق في السياسات الخارجية بينهما. وأبدت دول أوروبية عديدة تأييدها ومنها بريطانيا التي تعمل على استغلال أوروبا للوقوف في وجه تلك القوى الثلاث.
ويظهر أن أردوغان لم يحقق المطلوب حيث لم يتم الإعلان عن أي اتفاق جديد بعد اجتماعه مع الأوروبيين، فلم ينجح بابتزاز أوروبا حتى الآن. ولم يفتح الباب لمزيد من تدفق اللاجئين حيث إنهم سيصبحون عالقين على الحدود، وستسبب له إشكالية ويظهر استغلاله لهم في محاولته لابتزاز أوروبا التي وحدت آراءها في موضوع اللاجئين وإدراكها لمغزى تركيا.
ويؤكد ذلك تقرير لوكالة فرانس24 من أن زعماء الاتحاد الأوروبي حذروا بصرامة أردوغان من عدم احترام شروط الاتفاق المبرم، وأنه بدا غاضبا ومنزعجا من موقف دير لاين وميشال، وقد هاجم اليونان وتأييد الاتحاد لها وتخصيصه 700 مليون يورو لتأمين حدودها في وجه اللاجئين، ولذلك لم تفتح الطريق لهم نحو أوروبا.
ودعا أردوغان ماكرون وميركل إلى تركيا لعقد اجتماع ثلاثي يوم 17/3/2020، وقد أعلن عن تحوله لاجتماع عبر حلقة تلفزيونية بسبب فيروس كورونا. مما يؤكد أن أردوغان لم ينجح بعد في ابتزازه ويواصل عمله ليتصل مع قائدي الاتحاد الأوروبي. واقترحت ألمانيا قبول 1500 من أطفال اللاجئين وأعربت فرنسا وغيرها استعدادها لاستقبالهم، ولم يستعدوا لاستقبال الآخرين.
وأمريكا تريد من أوروبا أن تدعم تركيا بحجة أنها عضو بالناتو حسب المادة الخامسة، فتريد بهذه الحجة تفعيل دور الناتو لإبقاء هيمنتها على أوروبا، وتريد أن تضع أوروبا في مواجهة روسيا لتضغط على الأخيرة لتبقى ملتزمة بتنفيذ السياسة الأمريكية في سوريا، وهذا ما لا تريده أوروبا أي أن توتر علاقاتها مع روسيا وأن تستغلها أمريكا كما استغلت روسيا، وهي لا تستطيع استخدام الحلف لمصلحتها، لأن أمريكا هي المسيطرة عليه وتسيره كيفما تشاء. فأمريكا تريد استغلال أوروبا في ظل الناتو، ولهذا تتهرب أوروبا من دعم تركيا التي تسير في فلك أمريكا.
وعندما قتل العشرات من الجنود الأتراك في سوريا نهاية الشهر الماضي أعلن الناتو تضامنه مع تركيا، ولكن أوروبا لم تتعهد بتقديم أي دعم ملموس للقوات التركية فلم تقبل بتفعيل المادة الخامسة للحلف.
ومع ذلك فإن أوروبا لا تريد أن توصد الأبواب في وجه تركيا وهي محتاجة لها وتريد أن تراضيها بشيء ما، ولذلك أعلن البرلمان الأوروبي يوم 14/3/2020 أن "العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي روجعت على خلفية مسائل تتعلق بحقوق الإنسان والتطورات في سوريا... وأن التطورات تقدم العديد من الأسباب لأعضاء البرلمان لإعادة النظر في العلاقات بين تركيا والاتحاد، وأن لتركيا علاقات مثمرة لعشرات السنين مع الاتحاد على صعيد الناتو وعلى صعيد العلاقات التجارية بين الطرفين، وأنه عقب اتفاق الهجرة بينهما انخفض عدد المهاجرين القادمين إلى أوروبا بشكل كبير".
من هنا فإن أوروبا مضطرة أن تقدم شيئا يرضي تركيا مما تطالب فيه، فتقدم ذلك ولكن تماطل في تنفيذه سنوات كما فعلت باتفاق عام 2016، فلم تف بأداء المبلغ كاملا وبقي نحو نصفه. وهكذا عادة دول الكفر توقع اتفاقا عندما تكون مضطرة لتوقيعه حتى تكسب الوقت وتعزز موقفها وتبقى تماطل في تنفيذ الاتفاق حتى إذا تمكنت من التملص منه فعلت أو تنفذ أجزاء وتماطل في أجزاء منه، وإذا أصبحت ظاهرة وفي موقع قوي لا ترقب في أحد إلا ولا ذمة.
وتركيا العلمانية سابقا وحاليا بقيادة أردوغان مصرة على التحالف المحرم مع دول الكفر والتلاعب بمصالح المسلمين لصالح الكافرين ومنها التلاعب باللاجئين المسلمين، ولن يردعها عن ذلك ويجلبها إلى جادة الصواب إلا شعبها المسلم الذي بدأ الوعي السياسي من زاوية الإسلام يدب فيه بفضل الله ورحمته بأن أنعم عليه وعلى المسلمين كافة وجود حزب واع سياسيا وفكريا بقيادته المخلصة يدعوهم لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ويبصرهم الطريق ويوعيهم على الأحداث.
كتبه: أسعد منصور
جريدة الراية: https://bit.ly/2IRCUbQ
- التفاصيل
تحكم اتفاقية "سوتشي" الموقعة بين الرئيسين التركي والروسي، رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين، في أيلول 2018، مصير محافظة إدلب، وحدودها الجغرافية، وإن موسكو وأنقرة تعتبرانها حجر الأساس لما ستكون عليه المنطقة مستقبلاً.
وخلاصة بنود اتفاق سوتشي:
- ضمان كلا الطرفين لعدم القيام بأي أنشطة عسكرية تجاه الآخر وستكون النقاط التركية مراقبة لذلك مشرفة عليه.
- إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15-20 كيلومتراً داخل منطقة خفض التصعيد.
- إبعاد جميع الجماعات الإرهابية الراديكالية عن المنطقة المنزوعة السلاح، بحلول 15 تشرين الأول/أكتوبر.
- استعادة حركة الترانزيت عبر الطريقين M4 (حلب-اللاذقية) وM5 (حلب-حماة) بحلول نهاية عام 2018.
- يؤكد الجانبان مجدداً عزمهما على محاربة (الإرهاب) داخل سوريا بجميع أشكاله وصوره.
هذه اتفاقية سوتشي التي عقدت في عام 2018، وأذكّر بها لمن لم يقرأها أو لم يسمع بها، أذكر بها لا على أنها تاريخ مضى بل لأنها سارية المفعول حتى هذه اللحظة ويجري تنفيذها يومياً ولحظياً. أذكر بها لمن اتخذ ذاكرة الذبابة، التي لا تتجاوز بضع ثوان، تنسى بعدها ما عرفته، لذلك تحوم حولك، وعندما تحاول ضربها تفلت منك وتعود إليك بعد ثوان وقد نسيت، فيكون مصيرها أن تقضي عليها في المرة الثانية أو الثالثة!
وقع الجانبان الاتفاق وعلى أن تفتح الطرق الدولية في التاسع من عام 2018 لكن لم يكن تنفيذه بهذه السهولة، فبالرغم من ارتباط جميع الفصائل وغرف العمليات بتركيا ووقوف قلة المجاهدين المخلصين حيارى عاجزين إلا أن تحركات شعبية وجماهيرية أثار نقعها حزبُ التحرير عكرت صفو الغزل والانسجام الروسي التركي...
ففي الشهر العاشر لعام 2018 بدأت جموع الوجهاء وأولياء الدم تزور نقاط المراقبة التركية ووجهوا لقيادتها رسائل شديدة اللهجة؛ (فإما أن تكونوا معنا في هدفنا الذي خرجنا له فنسقط النظام في دمشق ونقيم حكم الإسلام أو خلوا بيننا وبين عدونا ونقاطكم إن كانت لا تجيد سوى العدّ فنحن نجيد العد والردّ).
وكذلك خرج الآلاف في مظاهرات حاربت هذا الاتفاق المشين والذي يقضي بتقييدهم وليّ أفواه بنادقهم.
ثم وفي الشهر الثاني عشر لعام 2018 خرج جمع كبير من الوجهاء إلى الطرق الدولية ليعلنوا للعالم ويخاطبوا أمتهم أنهم ثابتون يرفضون فتح الطرق الدولية مع المجرم الطاغية.
كل هذا وذاك كان كفيلاً بزرع القلق وإبقاء التوتر عند أصحاب الاتفاق ومن خلفهم سيدة الكفر أمريكا، وقد صرح بذلك وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، في 27 من آب 2019، حيث قال: إن تنفيذ "الاتفاقية الروسية-التركية حول منطقة إدلب يتم بصعوبة وتوتر"، مشيراً إلى أن "تركيا تسيّر دوريات داخل منطقة خفض التصعيد، بينما يستمر تسيير دوريات روسية خارجها".
ولكن كيف استطاع أصحاب الاتفاق التحايلَ على إرادة الأمة وفتح الطرق وتنفيذ الاتفاق؟
استطاعوا ذلك بوسائل وأساليب عديدة، أعانهم فيها رجالاتهم في الداخل وهي كالتالي:
حكومة الإنقاذ كان لها دور كبير في إلهاء الناس بلقمة عيشهم فأكثرت الضرائب والمكوس وضيقت على الناس، وترافق ذلك مع هبوط في سعر الليرة السورية أمام الدولار مما جعل كثيراً من السلع يتضاعف ثمنها مرة أو مرتين، هذا فضلاً عن ندرة في المحروقات كان سببها العلني والصريح قرارات حكومة الإنقاذ.
لم يتوقف دور حكومة الإنقاذ والتي هي ذراع هيئة تحرير الشام السياسي في المنطقة عند هذا الحد بل عملوا وبشكل منظم على إسكات صوت المحذرين من مؤتمر سوتشي والداعين إلى فتح معارك الساحل وقلب الطاولة على المجرمين، وأقصد بشكل منظم أي من خلال مؤسستهم وزارة الأوقاف، فقد أجروا مسحاً شاملا للمساجد وعينوا عليها مشايخ أصحاب ولاء لهم ونواطير على نوعية الخطاب فيها.
أما هيئة تحرير الشام فلعبت دور الشرطي المحافظ على مشاعر تركيا في إدلب فبحثت وتابعت صوت الرافضين للعبة الضامنين وعملت على كتمه فاعتقلت قرابة الأربعين شاباً من حزب التحرير ومعهم العديد من الوجهاء وأصحاب المواقف في إدلب وحماة وحلب.
ولاستكمال دورها بقيت حريصة وعينها على الجبهات كذلك، فأيما مدرعة أو مدفع أو سلاح ثقيل يغنمه المجاهدون الذين لها سيطرة عليهم تسحبه مباشرة من أرض المعركة لتبقى خطوط التماس خاليةً تماماً! وما هجمة النظام الأخيرة وقضمه السريع للمناطق المحررة إلا شاهد على ذلك.
وأخيراً وليس آخراً معارك وهمية زج أردوغان فيها بشبابنا وإخواننا الترك رحمهم الله ليخط من دمائهم حدود سوتشي الخبيث ويثبتها بعد طول انتظار ثم يجري اتفاق وقف إطلاق النار في موسكو ويصحب معه وزير المالية ومجموعة من المسؤولين، ليظهر لنا من تصريحاته أن مصالح البلدين روسيا وتركيا فوق دماء المسلمين السوريين بل وفوق دماء المسلمين الأتراك كذلك!!
ألا ترون بعد كل هذا أن آيات الله إنما هي حقائق لا تقبل المناقشة وأن ملة الكفر وأعداء الإسلام حريصون كل الحرص على قتالنا وحرفنا عن مبدئنا؟! قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾، وكما بين ثباتهم على حربنا كذلك أمرنا بالثبات على عدائهم والثقة بوعده. قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾.
يا أهل الشام: إن الواجب الشرعي في حقنا اليوم كالآتي: تشكيل كتائب مستقلة ذاتية الدعم والقرار، ثوابتها:
١- إسقاط النظام بكافة رموزه وأركانه وليس تنفيذ الاتفاقيات والمؤتمرات التي تحاك ضد الإسلام والمسلمين.
٢- قطع يد الدول والداعمين وليس الركون للذين ظلموا ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾.
٣- إقامة حكم الإسلام الخلافة على منهاج النبوة؛ فهي الحضارة التي تستعد للقيام على أنقاض منظومة الرأسمالية العفنة كما بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
بقلم: الأستاذ أحمد حاج محمد
جريدة الراية: https://bit.ly/2UgJluk