- التفاصيل
عندما تكون حجة الذاهبين إلى ليبيا هي أنَّ تركيا هي دولة محورية و تحاول إعادة الإسلام للحياة الدولية وأنَّ مشاركتها بالتدخل بالثورات وبالأخص السورية والليبية هدفه رضا الله وحده ونابع من قرار ذاتي وهي تصارع العالم وحدها بعد تخاذل الدول العربية وزعماء البلاد الإسلامية، كما أنّ الذهاب إلى ليبيا هو واجب جهادي وثوري تفرضه ثوابت
لذلك سنُسلط الضوء على آخر الأحداث مستعيين بالله للتوضيح :
*أولاً :* نبدأ بقراءة سريعة لمشهدين متزامنين مرتبطين بالشأن السوري والليبي؛ المشهد الأول أعداد الذاهبين إلى ليبيا من مقاتلين سوريين والمبالغ الضخمة التي تُدفع لهم والتي تتجاوز الألفي دولار شهرياً ومعها مشاهد الأسرى منهم التي يصفهم فيها رجال حفتر بالمرتزقة.
والمشهد الثاني هو أعداد أرتال الجيش التركي التي تدخل الشمال السوري المحرر مما زاد عن ٣٠ الف جندي تركي ومعهم المقاتلين السوريين براتب مئة دولار والممنوعين من إطلاق الرصاص على النظام، في تناقضٍ عجيب بين المشهدين في الهدف وفي الخطوط العريضة وفي التفاصيل.
التدخل في ليبيا وبالمقاتلين السوريين لإشعال حرب طويلة بين السراج حليف أوروبا وحفتر حليف أمريكا في الوقت الذي يجب أن تكون المساعي هي لإيقاف قتال المسلمين لبعضهم في ليبيا الجريحة، وفي الوقت نفسه نرى المساعي الحثيثة لإيقاف القتال في سوريا رغم وضوحه ووضوح أطرافه وهي بين ثورة تريد استعادة قرارها وتحكيم إسلامها وبين نظام كافر يقتل البشر والشجر مع مساعي تركية لتثبيته بعد كل قضمة يقضمها وبعد كل محافظة يستلمها بأوامر تركيا للفصائل.
*ثانياً :* عمل تركيا على جعل النظرة للثائرين على نظام الإجرام في الشام على أنهم مرتزقة عبر تشكيل فصائل وتقديم المال المسموم لهم ثم تسليم مناطقهم للنظام أمام أعينهم، وشحن وتغذية اقتتالات داخلية بينهم لحرف بوصلة المجاهدين وتحويلهم الى مرتزقة وأدوات رخيصة بيدها لا تملك من الحرية حتى الإسم الذي سحبته من الفصائل ومن مسمياتها.
ثمّ بعد ذلك تغذية فكرة أن الثوار مرتزقة بإرسالهم إلى ليبيا تحت ضغط الحاجة ثم الضغط عليهم لإرسالهم إلى اليمن وكأنّ النظام في سوريا سقط وانتهى خطره وأصبح عندنا زيادة لنخدم بقية الثورات ( أو بالأحرى الأجندات).
مع أنَّ التناقض كبير (فكيف تسحب تركيا المقاتلين في الوقت الذي ترى فيه أن الساحة بحاجة إلى ثلاثين ألف جندي تركي أرسلتهم إلى إدلب).
*ثالثاً :* إذا كان الذهاب إلى ليبيا جهاد في سبيل الله فلماذا الألفي دولار ولا نجد في جهاد الشام سوى المئة دولار؟
وإذا كان في ليبيا جهاد ويجب إشعاله فلماذا في سوريا نرى استماتة لإيقافه، بل نرى تهديدات رسمية لكل من يخرق وقف إطلاق النار مع تهديدات للكتائب الراديكالية (أي التي تطالب بالإسلام وإكمال الجهاد)؟.
أما أنّ الذهاب إلى ليبيا هو واجب ثوري فذلك هو استغباء العامة قبل الخاصة، فكيف نسمي السراج حليف أوروبا بأنه يمثل ثورة مع أن الثورة تعني في أول مدلولاتها التحرر من التبعية؟
أخيراً: لقد كشفت أمريكا اغلب أوراقها وفضحت جلّ عملائها وتحطّمت أغلب أصنامها على صخرة ثورة الشام وهاهو النظام التركي يتجهّز ليلحق بمن سبقه من هذه الأصنام ولن يكون بعد سقوطه إلا التجاء الأمة وأهل الشام إلى الله وحده، وعندها لن يقف كائن في وجه الإنقلاب القادم وسيكون الطريق إلى دمشق وإلى إقامة الخلافة ميسوراً بإذن الله للمشمرين الصادقين وماذلك على الله بعزيز.
يقول تعالى : (وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال).
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
علي أبو عبيدة
- التفاصيل
بعد أن تمكنت تركيا من إدخال قوة كبيرة إلى إدلب تستطيع من خلاله ضبط الأمور كما تعتقد.
وكذلك أدخلت الجيش الوطني ليكون بيدها أداة أخرى لتنفيذ مخططاتها في مناطق إدلب وريف حلب الغربي من أجل القيام بالدور الموكل إليها من قبل أمريكا للقضاء على ثورة الشام عبر تنفيذ نتائج المقررات الدولية التآمرية للوصول في النهاية إلى الحل السياسي الأمريكي القاتل.
وبعد انكشاف الدور التركي الخبيث بل وفضحه أمام عامة الناس كان لا بد من أن تقوم تركيا بترقيع برقعها المخادع الذي تحاول خداع أهل الشام به ورفع شعبيتها لدى الحاضنة التي فقدت منها الكثير وخاصة في الآونة الأخيرة نتيجة لدورها مع المنظومة الفصائلية المرتبطة بها في سقوط كبرى المناطق المحررة
كخان شيخون ومعرة النعمان وسراقب وطريق ال M5 بيد نظام الإجرام دون مقاومة تذكر إلا من مجموعات قليلة من المخلصين غير المرتبطين وانكشف دورها أكثر بعد جرف خيم المعتصمين على طريق ( أم فور) وقتل خمسة منهم.
هذا بالإضافة إلى قتل الناس على الحدود بعد بناء جدار الفصل مما أدى إلى ازدياد السخط عليها وانكشاف دورها.
وفي محاولة منها لخداع أهل الشام من جديد تتظاهر تركيا بأنها مع مطالب أهلنا في المحرر وما دخولها إلا من أجلهم وذلك عبر اصطناع الخلاف مع أداتها المطيعة هيئة تحرير الشام حول فتح معبر مع نظام الإجرام عن طريق رفض تركيا لفتح المعبر وإصرار الهيئة عليه لدرجة قتل المتظاهرين الرافضين له ودهسهم من قبل أمنيي الهيئة بسياراتهم.
ولكن المدقق في ذلك يجد أن الأمر كله محاولة ماكرة جديدة
* لكسب ثقة الناس بالدور التركي من جديد.
* ولجعل ما خسرنا من مناطق شاسعة على طريق حلب دمشق أمرا واقعا ومنسيا عبر إشغال تفكير الناس بقضية المعابر.
* لجعل ثوابت ثورة الشام وعلى رأسها (إسقاط نظام الإجرام وإقامة حكم الإسلام) أمرا منسيا بل هو ضرب من الخيال. لتصبح القضية الرئيسية التي تشغل الناس ويختلفون عليها بل ويقتلون من أجلها هي معبر (معارة النعسان).
إن من يرفض فتح معبر مع النظام المجرم لا يشارك مع الروس المجرمين باتخاذ كل المقررات التآمرية ضد ثورة الشام.
إن من يقف مع أهل الشام لا يجعل من نقاط المراقبة التي نشرها سابقا نقاطا لحماية قوات نظام الإجرام عبر منع العمل ضدها والتعامي عن أعمال النظام الإجرامية لتكتفي بالعد وتمنع الثوار من الرد.
إن من يدعي صداقة ثورة الشام لا يشترك بتسلم ثلاثة أرباع المحرر لنظام الإجرام.
لقد آن الآوان لقطع حبائل الدول المتآمرة والاعتصام بحبل الله والتمسك به وحده.
لقد سقط القناع وانكشفت حقيقة الدور التركي وحان الوقت لكف يده العابثة المتآمرة.
لقد دقت ساعة استعادة القرار واسترداد السلطان المسلوب من المنظومة الفصائلية الحالية التي تاجرت بدمائنا وتضحياتنا ورهنت قرارنا لأعدائنا وتسلطت على رقابنا لنعيد ثورتنا بعون الله سيرتها الأولى (هي لله هي لله).
فتدبروا أمركم يا اهلنا في الشام وخذوا قراركم وقوموا قومة رجل واحد بوجه الظالمين والمتاجرين والمخادعين، وليكن واقعنا وشعارنا هو نفس الشعار الذي حررنا به أكثر من 80 بالمئة من أرض الشام عندما توكلنا على الله وحده، وكان شعارنا الذي أرعب الطغاة والمجرمين وزلزلهم هو (قائدنا إلى الأبد سيدنا محمد).
لم نكن يومها نملك السلاح الثقيل ولكننا كنا نملك الإرادة والقرار وكان عندنا اليقين بأن النصر قادم لا محاله وأن الله لن يخلف وعده.
قال تعالى: ((وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ))
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
عبد الرزاق المصري
- التفاصيل
أحب أهل سوريا ثورتهم حب الولد لأمه و هنا علاقة أمومة متبادلة، فإن جاز الوصف فالجماهير هي الأم التي ولدت الحراك الثوري لما نزلوا إلى الشوارع وجهروا بمطالبهم، وفي الاتجاه الآخر الثورة هي اللحظة التي ولدت أناسا ليسوا كمن كانوا قبلها، فإن كانوا من قبل يرون المنكر ويتعايشون معه فقد ولدت الثورة أناسا ينكرون أصل فساد حالهم ويجهرون بإسقاطه..
وقد قيل في الثورة في سوريا في بداياتها أنها ثورة شعبية شاملة من أهل سوريا عموما، ووصفها بالشعبية يراد منه نفي التحريك السياسي لها من قبل حزب أو دولة أو أي جهة على درجة من التنظيم وهذه حقيقة، ووصفها بالشعبية أيضا يعني أنها عامة جدا لا تتبنى أي طرح سياسي مما هو مألوف في مرحلة ما قبل الثورة وهذه أيضا حقيقة أخرى ..
أما خلاف الحقيقة فكان فيما تلا ذلك، حيث خلطت الحقائق مع الأكاذيب واستغل إعلام الأنظمة الخبيثة حب الثوار لثورتهم استغلالا خبيثا، فأبرزوا بعض الصفات الطبيعية للثورة والتي هي نقاط ضعف في حقيقتها إن هي استمرت، أبرزوها على أنها مزايا، فقيل في مدح الثورة أنها ثورة من غير قائد وقيل في مدح الثورة أن ثوارها غير مؤدلجين فكريا بل هم من بسطاء الناس ممن ينحصر مطلبهم في إسقاط النظام فقط، وهنا لا أنفي ما ابتدأت به من حقائق بل ألفت النظر كيف كان يكال المديح لهذه الحقائق..
واستمر الطرح الإعلامي الموجه على هذا المنوال حتى تشربته كثير من الأوساط الفكرية والشعبية، وصارت تتداول كلمة الأدلجة كنوع من الشتائم السياسية وأساليب الاتهام بالأنانية والابتعاد عن نقاء الثورة ..
وبعيدا عن التفصيل الدقيق والتأصيل التاريخي لهذه الكلمة، فهي باختصار مشتقة من الكلمة الإنكليزية (idea) يعني فكرة وبروز فكرة في مجال تغيير المجتمعات صار يدعى أيديولوجيا، أي أن من يشتم الآخر بهذه الكلمة فهو يشتمه بأنه حامل فكرة! عجباً!!
فهذا على خلاف ما هو شائع من أن العلم والإدراك فضيلة والجهل رذيلة، فقد قلبت المفاهيم بلمح البصر وصار الثائر يمدح بأنه لا يمتلك فكرة ولا رؤيا وهو متمسك بواقعه الذي كان عليه أول أيام الثورة، وصار ثائرٌ آخر يٌحطُّ من شأنه ويكون متهما لطرحه فكرة لكيفية التغيير وصورته كما يراها ويقال عنه (مؤدلج) ..
ومع فارق التشبيه صار الخطاب شبيها بخطاب قوم لوط (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) فصارت التهمة أن الناس مؤدلجون مفكرون بما عليهم أن يقوموا به وفق فكر يسبق العمل ..
طبعا هذه التهمة كانت توجه لمن يحمل الفكر الإسلامي فقط وذلك لصرف الثورة عن الطرح الإسلامي للتغيير و لكيفيته، ولم أسمع أن علمانيا دعا إلى علمانية أو ديمقراطية أو مدنية وصف بأنه مؤدلج مع أن طرحه هذا هو "أيديولوجيا" بالمفهوم السياسي وليس دعوة إلى فراغ يسع الجميع كما يتوهم ..
فكنا نسمع عن (أسلمة) الثورة ولم نسمع عن (علمنة) الثورة
وكان التركيز على أصحاب السمات الإسلامية شكلا أو مضمونا، وكانت المخادعة لتنفير الناس من المشروع الإسلامي تكمن في إبراز سلوكيات خاطئة لجماعات مسلمة على أنها ثمار تبني الأيديولوجيا أو (المنهج) صرفا عن التدقيق في أصل هذه السلوكيات أو صحتها، وكثيرٌ منها أساسا تنتمي لأيديولوجيات تتعارض مع ما يعلن عنه أصحابها ومع ما يرفعونه من شعارات،
فلم يكن يشار إليها على أنها ممارسات خاطئة ناتجة عن أفكار خاطئة ويجب استبدالها بأفكار صحيحة لتنتج ممارسات صحيحة، بل كانت الإشارة إلى أنها ممارسات ناجمة عن أفكار (أيديولوجية) فتجنبوا أهل الفكر يا ثوار واستمروا في انسياقكم بلا فكر ولا قائد ونحو أصدقاؤكم من الدول وممن يأتمر بأمرنا منكم نكفيكم عناء التفكير ونكفيكم متاعب القيادة
نحن من يحدد مطالبكم ونرسم طريقكم!!
وقد نالوا ذلك وحققوه للأسف وسيقت الثورة إلى حيث يريدون ويخططون بلا قائد منها وبلا مشروع سياسي يعبر عنها، حتى غاصت في الوحل وقيدت مفاصلها بقيودٍ كثيرة ولكن مفتاحها الوحيد هو مشروعٌ سياسي نقي وقائدٌ مخلص، وإلى ذلك ندعوا أهلنا ونضع بين أيديهم المشروع الإسلامي ورجاله مفتاحا لأقفال وتحقيقا لآمال، ونفخر أننا حملة فكر.. حملة (أيديولوجيا)
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
حسن نور الدين
- التفاصيل
قبل البدء بالحديث عن الآفات والمستلزمات لا بدّ من توصيف دقيق لمعنى كلمة ثورة والتي تعني التغيير الجذري الانقلابي والخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يُحركه عدم الرضا والتطلع إلى الأفضل مع إلغاء فكرة العودة والتراجع مهما كلف الأمر فقد يكون النصر هو تحقيق الهدف المنشود وقد يكون الموت دونه.
والثورة على الدولة لا بدّ أن يتمخض عنها دولة جديدة بنظامٍ جديد يُعالج ما أفسده النظام الذي تمت الثورة عليه؛ والثورة تحمل في مضمونها التحرر من القيود وبالتالي تحمل في طياتها كلها نزعة الاستقلالية فلا ينبغي لها مع ذلك أن تُنتج دولة ونظاما مسلوبي السيادة والقرار.
والشعوب تُحجم عادةً عن الثورات أو تتأخر فيها بسبب عوامل عديدة منها الجهل والفقر والخوف من تبعات التغيير، ووعاء هذه العوامل هو ضعف الثقة بالنفس والذي يعني بطبيعة الحال وبصياغة أخرى تخلي الناس عن حقها وسلطانها وعدم السعي لاستعادته ممن يغتصبه منها.
وبالتالي فإن على الثائرين والمتطلعين للتغيير أن يكونوا متيقظين لهذا الحال المراد تغييره حتى لا يتنازلوا أو يتراجعوا تحت ضغط الظروف عن أي جزئية من جزئياته فتتحول ثورتهم إلى حركة إعادة تصنيع للظلم يضاف له أمور خطيرة جداً، منها فاتورة من التضحيات المجانية التي ذهبت أدراج الرياح ومنها تعب الناس وفقدانهم الثقة والإرادة لإعادة عملية التغيير من جديد بعد الصدمة التي ستفاجئها.
لذلك فإن الثورة إذا لم تكتمل في أذهان الثوار ليدركوا مداخلها ومخارجها فلن تكتمل معهم على الأرض، وإذا لم تكتمل في عقول الثائرين صورة واضحة عن الحال الجديد الذي يهدفون الوصول إليه فسيكونون عرضةً للتخبط والارتجالية وإنتاج أشكال جديدة من الضنك والانحطاط؛ وبالتالي لا يكفي التفكير بهدم الفاسد فحسب بل لا بد من التفكير في الوقت نفسه بصورة البناء الجديد وكيفية إقامته.
عندما يدرك الثوار هذه الحقائق حول ما يراد تغييره وأنه ليس شخص رئيس الدولة بل نظامه وقانونه وتبعيته للمنظومة الدولية فهذا يعني بالضرورة إدراكهم لقضية مهمة ألا وهي حقيقة الصراع الذي سيخوضونه والذي لن يقتصر على مواجهة النظام المطلوب إسقاطه فحسب بل مواجهة مكر المنظومة التي يتبع لها والتي لن تتوانى في مواجهة الثوار.
إن حقيقة الصراع تُحدد للعاملين الخطط والأساليب، فإن أدركوا أن الصراع هو صراع حق وباطل وصراع إيمانٍ وكفر فعندها ستكون هممهم عالية وأنفاسهم أطول والمفاجآت والمطبات أقل، وسيدركون مع ذلك أن عليهم اللجوء لداعم واحد وهو الله وسيضعون أقدامهم في بداية طريق الوصول لرضاه.
أما إن أخطأوا في تحديد طبيعة الصراع وظنوا أن عدوهم هو نظام محلي فسوف يُخطئون ويتعثرون وقد يلجأون لعدوهم دون أن يدروا أنهم يستجيرون من الرمضاء بالنار، وسيبحثون عن حلفاء وداعمين مع الله في البداية، ثم عن داعمين دون الله، وهنا يبدأ الانحدار وتزل الأقدام؛ فستسيطر على الثائرين عقلية النظر إلى ما بين أيديهم من إمكانيات فقط دون النظر إلى معية الله وتأييده، ولعل هذه هي أخطر آفة من آفات الثورات.
فها هي ثورة الشام قد وضعت طاقاتها تحت وصاية من يُسمون زورا بأصدقاء الشعب السوري فتعاونوا مع السعودية التي باعت قسماً في الجنوب، وتعاونوا مع قطر التي أكملت على الجنوب ودمشق، واليوم يتعاونون مع تركيا التي خانتهم بضمانها لاتفاقية خفض التصعيد التي سبقها بيع حلب.
ولم يدرك الناس حجم الصراع الحقيقي كما يجب وإن هتفت حناجرهم بالقول (هي لله) وبالقول (أمريكا ألم يشبع حقدك من دمنا؟) ولكن لم تتحول هذه الصيحات إلى سلوك وخاصة بعد أن فتحت الدول حبل الدعم الذي قبلته الفصائل وربطته على عنقها فصارت ثوابت الأمس متغيرات اليوم! وقد رأينا كيف تحولت كتائب أحرار الشام إلى أداة لتنفيذ الهدن في مناطق دون أخرى ليتفرد النظام بغيرها، ورأينا كيف هرولت إلى مؤتمر الرياض الذي يُنهي بمقرراته فكرة الثورة، ورأينا كيف تحولت جبهة النصرة من عقلية الولاء لله والبراء من أعدائه إلى عقلية المشي مع التيار وممارسة التقية مع أعداء الله، وكيف تحولت في أدبياتها من عرض الإسلام العالمي إلى الإسلام المحلي (السايكسبيكوي) ثم إلى الإسلام المسمى معتدلاً والمتماشي مع النظام التركي لتصل في آخر حلقاتها إلى محاربة وإقصاء من كانوا يحملون فكرتها قبل سنوات، ورأينا كيف تحول الجيش الحر إلى جيش ليس حراً باختصار، ثم إلى جيش وطني ثم جيش حتى غير وطني عندما تحول مرةً لجندرما عند تركيا ومرة لمرتزقة للقتال في ليبيا!
نعم إن آفة الثورة هي اعتبار أن الله هو الجهة الأضعف في المعادلة وبالتالي البحث عن جهة أقوى تساند الثورة بعيداً عن أوامر الله وتدابيره ونواهيه فيبدأ الثائرون عندها بدق المسامير في نعش ثورتهم.
ولأن الشيء هنا يُعرف بضده فإن من أهم مستلزمات الثورة الوليدة أو الثورة التي يُراد تصحيح مسارها كثورة الشام، أن يدرك أهلها أولاً حقيقة الصراع وأنه صراع إيمانٍ وكفر وأنه صراع حق وباطل وأنه مواجهة مع المنظومة الدولية حتى لا يتفاجأ العاملون وحتى لا تبرد هممهم.
وينبغي أن يتسلّح العاملون بمفهومين كافيين لتجاوز العقبات ألا وهما مفهوم الرزق ومفهوم الأجل؛ فالرزق مقسوم ومكتوب في اللوح المحفوظ كالموت تماماً، فلا يموت إنسانٌ حتى يستكمل رزقه وأجله، فعن أبي أمامة رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَفَثَ رُوحُ الْقُدُسِ فِي رَوْعِي أَنَّ نفْساً لَنْ تَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا، وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمِ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ».
ولاستكمال مستلزمات النصر المطلوب من الله وحتى يسير العاملون ويتبعهم الناس ويُحاسبوهم على بيّنة لا بدّ مع المفاهيم السابقة أن يُحددوا مشروعهم للبديل المنشود بكل دقة ووضوح وبدون مواربة أو رمادية ليتبناه الناس وينصروه ويساندوا قادته للسير في تنفيذه حتى يسيروا على هدىً وبصيرة لا على مصطلحات فارغة من مضمونها كما فعل تنظيم الدولة التي استغل الرأي العام حول الخلافة ليزعم بعدها إقامة خلافة أساءت لمشروع الخلافة وسعت لتشويهه لولا فضل الله الذي فضحهم وكشف زعمهم.
ولا تعني هذه المستلزمات عدم الأخذ بالأسباب المادية من إعداد عدة وعتاد ورجال، ولكن يعني أن يكون هذا الإعداد بناءً على مبدأ ثابت؛ فالوضوء لا يصح بماء نجس، والله طيب لا يقبل إلا طيبا والنصر من عند الله فهو القائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾، فما علينا إلا تحقيق الشرط ليحقق الله لنا الوعد إن شاء، ونسأل الله أن يكون قريبا.
بقلم: الأستاذ مصطفى سليمان
جريدة الراية: https://bit.ly/35phqh3
- التفاصيل
تتطلع أمريكا سيدة نظام المجرمين من آل أسد إلى إطلاق رصاصة الرحمة على ثورة الشام عبر ما يسمى الحل السياسي وليس ذلك حرصا على دماء أهل الشام التي لا يشبع حقد أمريكا منها بل لأنها تريد عبر حلها السياسي القاتل انتزاع بذور الثورة من نفوس أبنائها.
و حتى يتم تطبيق ذلك قامت برسم الخطط وتوزيع الأدوار بين الدول الفاعلة على أرض الشام بين أصدقاء مخادعون وأعداء حاقدون ولا بد من مسلسل طويل من المؤتمرات والمفاوضات والقرارات التي تحفظ نظام الإجرام وتقويه وتحارب أبناء ثورة الشام وتروضهم للقبول بما يُملى ويفرض عليهم.
كان لا بد من تهدئة وهدنة يتلوها مفاوضات، وهكذا يتكرر المشهد مؤتمرات واتفاقيات ثم أعمال عسكرية وقضم تدريجي للمناطق المحررة.
أما بالنسبة للأدوار فقد تم توزيعها بين:
١_ تركيا عرابة الحل السياسي الأمريكي ومعها الجزرة (الدعم) وهو القيد الذي كبلت به قيادات الفصائل، ومعها أيضا السعودية وقطر كأصدقاء الشعب السوري زورا وبهتانا.
٢_ روسيا والصين وإيران وميليشياتها وحزبها كأعداء للشعب السوري.
وفي هذه المرحلة من المتوقع إذا لم يتم تسليم طريق حلب اللاذقية M4 وجنوبه على طول الاوتستراد من (الترنبة) إلى (عين الحور) في الساحل، سيبدأ العمل العسكري، وهو عبارة عن قضم مناطق جديدة كما كان سيناريو المناطق الماضية من أجل الضغط على أهل الشام ليرضخوا بشكل كامل لهذا الحل القاتل.
فهذا ما يدبره أعداء ثورة الشام وأصدقاؤها المزيفون وقادة فصائلها المتاجرون.
فماذا أنتم فاعلون يا أهل ثورة الشام ؟؟
ألم يأن الوقت حتى تهبوا هبة رجل واحد في وجه قادة الفصائل الذين ارتبطوا باعدائنا وتاجروا بدماء شهدائنا؟؟
ألم يحن الوقت كي تُخرجوا أبناءكم من تلك المنظومة الفصائلية المكبلة التي رأيتم بأم أعينكم كيف سلمت القرى والبلدات دون مقاومة تذكر وتعملوا على توحيد المخلصين من أجل تحقيق ثوابت ثورة الشام تحت قيادة مخلصة واعية ليعيدوها سيرتها الأولى كما بدأت ((هي لله)) وأن يمضوا بسفينة الثورة إلى بر الأمان.
ألم يأن الأوان كي نعتصم بحبل الله المتين ونقطع حبائل الداعمين كي يمن الله علينا بنصره المبين؟
إن طوق نجاتنا هو التمسك بحبل ربنا ونصرة دينه والعمل من أجل تحكيم شرعه في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة.
وها هو شهر رمضان المبارك على الأبواب شهر المعارك والانتصارات فهيا أيها المسلمون المخلصون في الشام إلى التجارة مع الله، حتى نحفظ أرضنا وعرضنا وديننا
وما ذلك على الله بعزيز يقول تعالى: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ).
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
عبدالرزاق المصري