- التفاصيل
جريدة الراية:
فتح الطرق الرئيسية استراتيجية أمريكا للقضاء على ثورة الشام فما هي استراتيجية أهل الشام لنصرة ثورتهم؟
لقد سعت أمريكا وأدواتها من الدول والعملاء للقضاء على ثورة أهل الشام منذ انطلاقتها، مستعملة في ذلك أدهى أنواع الخبث والمكر، مستنفرة كل أدواتها وإمكانياتها لتحقيق ذلك، وقد حققت أمريكا في هذا الأمر حتى الآن نجاحاً لافتاً وخاصة من خلال دول الثالوث المجرم "إيران وروسيا وتركيا"، وقد تم ذلك النجاح من خلال مسلسل أستانة وسوتشي، فقد أعادت هذه الأنظمة للنظام السوري مناطق عدة ومساحات شاسعة كانت بحوزة الثوار منذ بداية الثورة، وذلك عبر مخطط خبيث، حيث شنت حملات شرسة بأعتى أنواع الأسلحة الفتاكة، تصبها القاذفات الاستراتيجية بحراً وجواً، وكذلك الصواريخ والحمم التي تنهال على رؤوس الناس الأبرياء، تدمر البيوت على ساكنيها، في مشهد لم تشهد البشرية أعظم إجراماً منه عبر التاريخ.
ولكن بالرغم من حجم هذه الحملات الشرسة إلا أننا نلاحظ انهيار قوى النظام المجرم وفقدانه لعوامل السيطرة على الأرض، فقد تحول جيشه إلى مجموعات مشتتة همها الأول والأخير هو نهب بيوت الناس وممتلكاتهم من المناطق التي هجر منها أهلها نتيجة القصف الشديد وانسحاب مقاتلي الفصائل.
وقد رأينا السيناريو ذاته يتكرر في جميع المناطق التي تقدم إليها النظام، بدءاً من حلب، ومروراً بالغوطة والقلمون وحوران وريف حماة إلى خان شيخون وشرقي السكة والآن غربيها.
وحال أهل الشام واحد يتكرر؛ يُخرَجون من ديارهم وأموالهم بفعل القصف الشديد ويتوزعون على مخيمات في المناطق المحاذية للحدود بجانب جدار الفصل الذي بناه النظام التركي، هذه المخيمات لا تؤمن أدنى مقومات العيش فضلاً عن الحياة الكريمة.
وأما على الأرض وباستراتيجية مستمرة نرى أعداء الثورة يسيرون نحو تحقيق هدفهم، وتطبيق ما اتفق عليه حكام دول الثالوث المجرم، ضمن ما رسمت لهم أمريكا من أدوار يقومون بها ويتبادلونها فيما بينهم لتحقيق الهدف الأساس وهو القضاء على هذه الثورة المباركة، وإخضاع أهل الشام الكرام إلى إرادة رأس الكفر أمريكا، عبر الحل السياسي الذي ينهي الثورة ويرجع بأهلها إلى حضن النظام وتضيع بعد ذلك التضحيات الجسام التي قدمها أهل الشام هباءً منثوراً.
هذه الاستراتيجية تسير نحو الهدف المرسوم لها، وأخطر نقطة التف حولها تحالف الشر في هذه الآونة هي محاولة السيطرة على الطرق الدولية والتي يـرمز لهاM4 ، M5، هذه الطرق التي إن وصلها النظام "لا سمح الله" فستسقط معظم المنطقة المحررة بيد النظام، وتكون مناطق النظام أصبحت على تماس مع النظام التركي من خلال المعابر الرسمية والتي ستفتح وقتئذٍ وتعود العلاقات الرسمية المباشرة إلى العلن وستغدو مناطق الثوار عبارة عن جيب صغير محاصر من خلفه بالجدار الفاصل الذي بناه النظام التركي وتنتشر فيه مئات المخيمات التي ستكون في نظر العالم عبارة عن تجمعات وملجأ للإرهابيين، الأمر الذي سيعرضها لأشد أنواع الحصار على شاكلة مخيم الركبان على الحدود الأردنية السورية، إن لم يكن مصير هذه المنطقة على شاكلة الباغوز.
وبذلك يظن المجرمون وأدواتهم بأنهم قد قضوا على الثورة وأعادوا الأرض إلى أصحابها الحقيقيين كما صرح مراراً وتكراراً رأس النظام التركي.
فإن كانت هذه هي استراتيجيتهم التي يسيرون عليها بكل وضوح وثقة، فلنا أن نسأل بالمقابل ما هي استراتيجية أهل الشام لنصرة ثورتهم وإنجاحها؟
والجواب الواضح الصريح هو أن أهل الشام في الوقت الحالي لا استراتيجية لهم لأنهم ببساطة لا قيادة واعية مخلصة لهم!
فأهل الشام عندما ثاروا على نظام الإجرام، لم تكن لهم قيادة سياسية تقودهم، بل كانت ثورة شعب عارمة، وقد سارعت الدول المجرمة تعرض نفسها على هذا الشعب المكلوم الذي واجه الدبابات بصدور عارية.
فمنهم من بدأ يعدهم ويمنيهم بالنصرة ويخط الخطوط الحمراء مخادعاً، ومنهم من أغدق الدولارات على قاداتٍ اختاروهم بأنفسهم ولم يكن للشعب أي دور في اختيارهم، حتى سيطرت هذه الدول على مفاصل القرار من خلال سيطرتها على القادة العسكريين المرتبطين الذين رهنوا قرارهم لداعميهم وتاجروا بثورة الشام وتضحيات أهلها، وكذلك اختارت هذه الدول رجالاً أسموهم معارضة سياسية كانوا يجرجرونهم من عاصمة إلى أخرى فباعوا وتاجروا حتى وصلنا إلى هذه النتائج الكارثية، فالثورة حتى الآن لم تتخذ قيادة سياسية واعية مخلصة تعين هذا الشعب المكلوم على نجاح ثورته.
إن مقومات النصر موجودة ولكن قبل كل شيء يجب استعادة القرار الذي أصبح خارج إرادة هذا الشعب الكريم، فمن فقد الإرادة والقرار غُلب على أمره وأُسقط في يده.
أما مقومات النصر فتتلخص في ثلاثة أمور أساسية وهي:
١- قيادة سياسية واعية مخلصة صاحبة مشروع دولة.
٢- قيادة عسكرية خبيرة مخلصة تحطم الخطوط الحمراء التي خطها أعداء الثورة وتحشد المجاهدين وتعمل على فتح المعارك الحاسمة التي تخدم الهدف الأساسي وهو إسقاط النظام وليس معارك عبثية في الصحراء أو ما شابهها، بل يجب أن تكون في عقر دار النظام أو خاصرته الرخوة.
٣- خطة عمل يجتمع عليها أغلب الناس، أي الثوابت التي يجب أن تسير عليها الثورة والتي يجب أن تتضمن العمل على ما يلي:
ا- إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه، فلا مفاوضات ولا لقاء مع هذا النظام الذي دمر هذا الشعب الكريم.
ب- فك الارتباط بجميع الأنظمة والدول وخصوصاً التي خدعت هذا الشعب وتآمرت عليه وعلى ثورته كالنظام التركي وأنظمة دول الخليج كافة.
ج- يجب العمل على إقامة النظام الذي سينشر العدل بين الناس كل الناس ويحقق لهم الكرامة والرعاية بكافة أشكالها حقيقة وليس خداعاً، ولن يكون كذلك إلا بإقامة نظام الإسلام العظيم الخلافة على منهاج النبوة.
هذه هي مقومات النصر، وهي متوفرة بحمد الله، ولكن يتطلب الأمر عملا جديا، فأهل الشام يجب أن يأخذوا دورهم الحقيقي، فهم الذين ضحوا بكل ما يملكون، ضحوا بأنفسهم وأبنائهم وديارهم، فهم أصحاب القضية، وبيدهم التحكم فيها، وهي بعد تسعة أعوام تتغلغل في النفوس وتزداد تشعباً، ويزداد أهلها إصراراً على المتابعة فيها حتى النصر بإذنه تعالى، فكما أن الكفار قد يئسوا من دينكم من قبل، كذلك هم اليوم أو غداً إن شاء الله سيصيبهم اليأس من إمكانية القضاء على ثورتكم العظيمة، فقد شابت رؤوس كبارهم من ثبات ثورتكم، وإصراركم على متابعتها حتى النصر المبين، فأمتكم معكم تغلي وتتحرك، وعيونها ترنو إليكم، وقلوبها تهفو إليكم، وهي تنتظر انتصاركم، وفوق كل هذا فأنتم في كفالة الله عز وجل، فلتكن هذه هي استراتيجيتكم، فهبوا لنصرة دينكم وإقامة شريعة ربكم، وأعيدوا أمجاد أمتكم، فإن النفوس قد تاقت والله إلى يوم النصر المبين.
﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدعُوۤا إِلَى ٱلسَّلمِ وَأَنتُمُ ٱلأَعلَونَ وَٱللَّهُ مَعَكُم وَلَن یَتِرَكُم أَعمَـٰلَكُم﴾
بقلم: د. محمد الحوراني
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا
جريدة الراية: https://bit.ly/302ukOY
- التفاصيل
قامت اليوم أمنية هيئة تحرير الشام باعتقال عناد جعبار أحد شباب حزب التحرير بعد أن نصبت له كمينا وبعد أن أطلقت النار عليه وأصابته وهو ذاهب إلى صلاة الجمعة في بلدة كللي، هذا ولا تزال أمنيات هيئة تحرير الشام سادرة في غيها ومستمرة في اتباع سياسة القمع وتكميم الأفواه، فقد أقدمت منذ شهور على اعتقال العديد من شباب حزب التحرير، والعديد من وجهاء المناطق، ومصادرة المعدات الخاصة بإذاعة حزب التحرير والممتلكات الشخصية للمعتقلين.
وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
أحمد عبد الوهاب
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ولاية سوريا
- التفاصيل
كانت على مدى سنوات قضية تحرير المعتقلين في سجون أسد المجرم وجعا لايهدأ أنينه، ومع مرور الزمن بما في طياته من مواقف الاختبار ظهر الفشل على أيدي كثيرين في العلاج، فلم يقف عند العجز عن تحرير أولئك المعتقلين فحسب بل تعداه إلى إنشاء سجون جديدة في المناطق المحررة تحتوي قليلا من المجرمين الجنائيين وكثيرا من المعتقلين السياسيين، وحيْل بيننا وبين تحرير معتقلينا الأقدمين بحقيقة أن من تصدروا للعمل ليسوا محررين بل سجانون بأسماء لطيفة.
وبعيدا عن مفهوم السجن ذي الجدران وقضبان الحديد، وبعيدا عن المفهوم الآخر للسجن الذي هو ما نحياه في بلادنا الإسلامية وقد بتنا نحس أننا سجناء مع شيء من رفاهية تتناقص يوما بعد يوم، بعيدا عن الإثنين وما يشتركان فيه من جبر و قسر وإرغام لا حيلة فيه لأصحابه ولا قرار؛ ثمة سجن مختلف هو سجن التبعية السياسية.
فقادة "فصائلنا المقاتلة" وهذا مصطلح قديم أَستبدله بالأصح فأقول: فقادة فصائلنا المهادنة سجناء أيضا في سجون بنوا جدرانها بأيديهم التي بُسطت إلى دول الصداقة وشركاء المصلحة ثم ظهر أن الصداقة والشراكة استعباد وسخرة!
لقد شيد المال السياسي سجونا مجرمة جعلت سجناءها يقفون عند خطوط الأوامر المخابراتية وقوف الانصياع، ولا يبالون إن كان المصير قضما للمناطق المحررة وتهجيرا لآلاف الأسر المغلوبة على أمرها، وكل ذلك سبيل لتنفيذ مقررات المؤتمرات المعادية لأهلنا والمناصرة لعدونا .
أي سجن هذا وأنت تملك ماتملك من القدرات ومن الإمكانيات المعنوية والمادية، ثم أنت تسلك مسلك العاجزين وتعطي قيادتك لدول إقليمية كاذبة ومخادعة وضليعة في عملية تركيع الثائرين وإعادة تأهيل نظام المجرمين!
هذا سجن مذموم ملعون، داخله خائن للأمانة مفرط في أثمن مايكون فيه التفريط، وهذا سجن مفتاحه من داخله فمن أراد الخروج فالقرار قراره.
يا أهل لا إله إلا الله في أرض الشام، أعينوا أبناءكم من القادة وأتباعهم على تحرير أنفسهم من هذا السجن، أعينوهم بالنصح والضغط الفعال لاستعادة كرامتهم التي جردتهم منها أجهزة تلك الدول التي صاروا لها خدما!
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
حسن نور الدين
- التفاصيل
جريدة الراية:
أيها المخلصون في الشام! استعيدوا قراركم المسلوب من منظومة فصائل الضامن التركي
في إطار الحراك الشعبي المتصاعد بوجه الارتباط الخارجي لقادة المنظومة الفصائلية في الشمال الغربي من سوريا، وتفاعلاً مع حراك الأمة، كانت هناك وقفات ومظاهرات متزامنة، عقب صلاة الجمعة الماضي، ففي ريف إدلب الشمالي، وفي مدينة سرمدا، نظم شباب حزب التحرير مظاهرة بعنوان: "أيها المخلصون استعيدوا قراركم المسلوب من منظومة فصائل الضامن التركي"، وأكدت المظاهرة أنه لا سكوت بعد اليوم، فضريبة قول الحق باتت أخف من ضريبة السكوت، أما في بلدة أطمة على الحدود مع تركيا، فقد خرجت من مسجد الرحمن في تجمع الكرامة، مظاهرة بعنوان: أخرجوا السلاح الثقيل وافتحوا معركة الساحل قبل أن يسلمه قادة الفصائل، في حين، نفّذت وقفة أمام مسجد مخيم ريف حلب الجنوبي، في تجمع مخيمات أطمة الغربي، بعنوان: صمتنا عن القادة المرتبطين سيقتل فينا المخلصين. بينما خرجت في بلدة كللي مظاهرة بعنوان: الثورة بحاجة لقادة تمتلك القرار ولا مكان لعبّاد الدولار، وشددت على أن الحل الوحيد هو بإسقاط القادة المرتبطين واختيار قيادة مخلصة. في السياق ذاته، وبريف حلب الغربي وفي بلدة بابكة خرجت مظاهرة بعنوان "لا كرامة بعد اليوم لقادة وحكومات وأمنيات". وفي بلدة السحارة نظم شباب حزب التحرير مظاهرة بعنوان "إسقاط القادة وضامنهم مطلب شعبي لإنجاح الثورة".
جريدة الراية: https://bit.ly/2QB0yg5
- التفاصيل
لكل أمة من الأمم ولكل شعب من الشعوب أدبيات يعودون إليها ومرجعية يفزعون إليها إذا أحاطت بهم المصائب ودارت عليهم الدوائر، وهذا ما قرأناه عن بني إسرائيل في القرآن الكريم، وهذا ما يجب أن نقوم إليه باعتبارنا أمة لها دستور ومرجعية من الوحي تَصلح، بل تُصلح كل زمان وكل مكان.
فقد تزاحمت عندنا ألوان البلاء وتكاثر علينا الأعداء ونحن في حالة ضياع وتشتت، تماماً كما حدث مع بني إسرائيل إذ جاءتهم أقوى جيوش العالم آنذاك بقيادة جالوت، وسعت فصائلنا إلى السلطة ولو على مستوى الحارات والقرى، وحالنا حال ملوك الطوائف، كما سعت قبائل بني إسرائيل إلى المنصب ورفضت كون الملك في غيرهم، ﴿قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ﴾. وابتلانا الله بنهر الدعم الخارجي والمال السياسي، كما ابتلاهم بمنع شرب ماء النهر وهم في أشد الحاجة إليه. وابتلانا بدسائس القلوب المريضة وإشاعات النفوس المنهزمة، كما ابتلاهم... فلسان حال المنهزمين اليوم لا طاقة لنا ببشار وأحلافه وجنوده.
أخي القارئ:
إن التفكير - الذي هو نقل الواقع المحسوس إلى الدماغ وربطه بالمعلومات السابقة ثم إصدار الحكم عليه - يجب أن يبنى على ثوابت وحقائق حتى يكون صحيحا لا يعتريه الوهم، والحذر من المغالطات التي تصرف عن الحقائق. وهذه المغالطات تحصل بإيجاد أعمال تصرف عن الحقائق أو إيجاد أفكار تصرف عنها.
فمثلاً كون الأمة لا تنهض إلا بالفكر حقيقة، ولكن لصرف المسلمين عن حقيقة النهضة أوجدت أفكار: أن النهضة تكون بالأخلاق وأنها تكون بالعبادات وأنها تكون بالاقتصاد... إلى غير ذلك من الأفكار.
وكون المنظومة الدولية لا تريد خيراً للمسلمين وبلادهم حقيقة، ولكن لصرف المسلمين عن هذه الحقيقة روجت أفكار: أن الأمم المتحدة هي الراعية للأمان والمحافظة على السلام في العالم وأنها تستنكر وتقلق بشأن الظلم الذي يقع على شعوب بلادنا.
وإن كون الكافر المستعمر لا يزال يقاتل أمة الإسلام حتى يردها عن دينها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، هذه حقيقة، ولكن لصرف الناس عن كونه إرهابيا ومتطرفا ووحشيا روج الكافر المستعمر أفكار أن المسلمين إرهابيون، وعتم عن جرائمه ودفنها فيستمر بذلك في حقيقته وهي حرب على الإسلام متستراً بتلك المغالطات.
والقرآن يحوي معالجات لمشاكل الإنسان جميعها في مختلف الأزمان، وهذه حقيقة، ولكن لصرف الناس عن هذه الحقيقة التي عاشها المسلمون اثني عشر قرنا أو يزيد، روج بينهم مغالطات أن القرآن لا يصلح لهذا الزمان وأنه غير قابل للتطوير فضعفت ثقة المسلمين بدينهم...
وهكذا تجري المغالطات لصرف الناس عن الوصول إلى الحقائق. ولذلك لا بد من الانتباه للمغالطات ولا بد من التمسك بالحقائق والقبض عليها بيد من حديد، ولا بد من العمق في الفكر والإخلاص في التفكير للوصول إلى الحقائق.
ومن أخطر ما يحصل لعدم الانتفاع بالحقائق هو إهمال حقائق التاريخ، ولا سيما الحقائق الأساسية فيه، وذلك أن التاريخ فيه حقائق ثابتة لا تتغير، وكما يقول الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله في كتابه "التفكير": "حقائق التاريخ هي أغلى ما لدى الإنسان، وأعلى أنواع الأفكار".
فالتفكير بالحقائق سواء بالوصول إليها أو بتميزها من غير الحقائق، أو بالقبض عليها بيد من حديد والانتفاع بهذه الحقائق هو التفكير المجدي والتفكير الذي تكون له آثار هائلة في حياة الأفراد والشعوب والأمم.
وما فائدة التفكير إذا لم يؤخذ للعمل به وإذا لم يقبض على الحقائق ويتمسك بها وإذا لم يميز بين الحقيقة وغير الحقيقة؟!
لكن التفكير بما يُقرأ يحتاج إلى بحث خاص، ولفت نظر معين. ذلك أن القراءة وحدها لا توجد التفكير، لأن القراءة والكتابة هي وسيلة للتفكير وليست هي التفكير. فكثير من الذين يقرؤون لا يفكرون، وكثير من الذين يقرؤون ويفكرون لا يستقيم لديهم تفكير، ولا يصلون إلى الأفكار التي عبر عنها الكلام. فكان من الخطأ أن توجد عناية بإزالة الأمية من أجل تعليم الناس وأن يوجه الجهد لمحو الأمية من أجل إنهاض الشعب أو الأمة؛ لأن القراءة والكتابة لا تغذي العقل بشيء، ولا تبعث في النفس ولا في العقل أي دافع للتفكير، لأن التفكير يوجده الواقع والمعلومات السابقة.
والقراءة ليست واقعا يُفكر فيه، ولا معلومات يفسر بها الواقع فلا قيمة لها في التفكير، وإنما هي تعبير عن الأفكار فمجرد قراءتها لا توجد الأفكار في الذهن ولا تبعث على التفكير. وما هي إلا تعبير عن الأفكار، فإذا كان القارئ يحسن فهم هذا التعبير وجدت لديه الأفكار من إحسان فهمه لا من القراءة، وإذا كان لا يحسن الفهم لا توجد لديه أفكار ولو قرأ ساعات أو سنين؛ ولذلك لا بد من بحث التفكير بالنصوص وكيف تفهم هذه النصوص. وأعظم النصوص بين أيدينا هو النص القرآني الذي وصفه أعداؤه، فقال الوليد بين المغيرة: "إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه وإنه ليحطم ما تحته"، هذا النص القرآني الذي هو أدبياتنا ومرجعيتنا...
وبالعودة إلى قصة طالوت، فإننا في النهاية يجب أن نفزع إلى الوحي كما فزعوا هم إلى نبيهم، وينبغي أن نتخذ قيادة واحدة كما اتخذوا طالوت ملكاً، وعلينا الاعتقاد بأن الله هو الناصر كما قالوا ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.
وهكذا كل نصوص القرآن وقصصه إذا قرأناها بهذا الشكل كانت لنا هداية وقوامة. ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيراً﴾.
بقلم: الأستاذ أحمد حاج محمد
جريدة الراية: https://bit.ly/2Zo6LzR