- التفاصيل

ومضات قرآنية: وجوب الحكم بين الناس بعدل الإسلام
قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) [النساء:58].
الشرح:
في هذه الآية الكريمة يؤكد الله سبحانه وتعالى على وجوب حفظ الأمانة وتأديتها لأصحابها وأهلها سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين، ثم يعطف الله سبحانه وتعالى على ذلك بوجوب الحكم بالعدل، والعدل والإسلام أمران متلازمان لا يفترقان، فلا عدل بغير حكم الإسلام وتطبيق أنظمته التي هي من الله، لذلك أخطأ من قال بأنه قد يكون الحاكم عادلاً وهو يطبق غير الإسلام، واستدل بعضهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن النجاشي حاكم الحبشة بأنه لا يظلم عنده أحد، بأن ذلك يقتضي بأنه عادل في حكمه وهذا غير صحيح، فمجرد وصفه في هذه الجزئية ونفي الظلم عنه في معاملة الرعية لا يقتضي أن يكون حاكماً عادلاً في عموم حكمه.
فإذا نظرنا إلى بلاد الغرب الآن فإنه يسمح حسب نظام الحريات المتبنى في الدول الرأسمالية، بأن يمارس المسلمون شعائرهم بدون مضايقات فيصلون ويجتمعون في المساجد ويلبسون لباسهم الشرعي في كثير من الدول التي تحكم بالكفر بدون مضايقات، فهل يمكن في ظل هذا الواقع أن نطلق على حكام تلك الدول بأنهم حكام عادلون؟!
إن واقع مراد النبي صلى الله عليه وسلم أنه أراد المقارنة بين حاكم الحبشة وحكام قريش الذين كانوا يضيقون الخناق على المسلمين ويمنعونهم من إظهار أبسط الشعائر الإسلامية بل كانوا يحاولون جاهدين دفعهم إلى الارتداد عن الإسلام والعودة إلى الشرك وعبادة الأصنام.
لذلك جاء الحديث في سياق طلب النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة الهجرة إلى المدينة فراراً من بطش قريش وقد حدد لهم وجهة هجرتهم بأن تكون إلى الحبشة معللاً ذلك بأن ملكها لن يظلمهم ولن يبطش بهم كما فعلت قريش، وإن كان ملك الحبشة يحكم بغير ما أنزل الله وإن كانت بلاده دار كفر كما هو واقع مكة المكرمة في ظل حكم قريش.
ومثل ذلك العبارة التي انتشرت عند كثير من الكتاب المعاصرين وهي أن "الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة" فهي عبارة غريبة وعجيبة في تناقضها فكيف تكون كافرة وعادلة بنفس الوقت وهل مع تطبيق الكفر عدل؟! ومن ثم كيف ينصر الله الدولة الكافرة وعلى من ينصرها؟
لا شك أن هذه العبارة والتي كثيراً ما نسمعها من المؤيدين للأنظمة العلمانية القائمة في بلاد المسلمين، المراد منها إضفاء نوع من الشرعية على الدول التي تسمي نفسها إسلامية، وتحارب الإسلام فهي برأيهم عادلة وإن كانت توصف بالكافرة كونها أقصت حكم الإسلام!
والخلاصة لا عدل إلا بتطبيق الإسلام تطبيقاً شاملاً لجميع نواحي الحياة في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة فبها يسعد المسلم وغير المسلم ويعيشون الحياة الهنيئة الرغيدة، ونحن نتكلم عن واقع ملموس عرفته البشرية على امتداد قرون من الزمان في حين كان الغرب الصليبي في تلك الحقبة يعيش العصور المظلمة تحت وطأة حكام يمارسون أشد أنواع الظلم ضد شعوبهم المقهورة.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أحمد الصوراني
للاستماع للتسجيل:
{avsplayer videoid=232 playerid=2}
- التفاصيل

ومضات: الحل..
يتساءل البعض: كيف سأحيا في مجتمع ربوي بلا ربا؟
الحقيقة أن الذي يستحق الوقوف عنده ليس هذه النقطة بالذات، بل ما يجب الوقوف عنده هو العقلية التي يتم اتباعها في محاكمة الأمور.
فهذه النقطة هي فعلا مجرد نقطة من بحر كبير متلاطم الأمواج، ذلك أن هناك مشكلتين أساسيتين تعاني منها الأمة عامة والمشايخ خاصة:
-المشكلة الأولى: هي الإغراق في التعايش مع الواقع الحالي بدل العمل على تغييره، وبدل بذل الجهود لقلبه من حالة الحكم بغير ما أنزل الله إلى الحكم بما أنزل الله، ومن حالة الركون للمجتمع الدولي وللقانون الدولي إلى حالة تغيير المجتمع الدولي وتغيير القانون الدولي.
وهذا الإغراق في التعايش مع الواقع جعل الناس عامة والمشايخ خاصة تبحث عن حلول إسلامية لمجتمع يعيش تحت أنظمة لا تحكم بالإسلام وهذه هي الطامة الكبرى.. فالإسلام كل متكامل، لا يقبل التجزئة ولا التبعيض، وقد ذم الله تعالى من فعل ذلك فقال (كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) [الحجر : 90- 91].
ومعنى عضين أي عدة أعضاء متفرقة، يأخذ كل امرئ منهم العضو الذي يعجبه ويناسبه
-وأما المشكلة الثانية والتي هي من جنس الأولى: ذلك أن عقلية التعايش مع الواقع بدل العمل على تغييره ، أنتجت العقلية الترقيعية للواقع وإضفاء الشرعية عليه، والتي كرّست ورسّخت فكرة جعل المصلحة مقدمةً على شرع الله، فصار يتم شرعنة تغيير شرع الله باسم المصلحة، وتدمير شرع الله باسم المصلحة، والالتفاف على شرع الله باسم المصلحة، والتخلي عن شرع الله باسم المصلحة، وتحليل الحرام باسم المصلحة، وتحريم الحلال باسم المصلحة، والحكم بغير ما أنزل الله باسم المصلحة، والتحاكم إلى الطاغوت باسم المصلحة.
هذه العقلية المدمرة لن تستوعب الحلول الجذرية، بل همّها البحث عن حلول ترقيعية، تضفي على الواقع لبوساً إسلامياً مهما كان مخالفاً للإسلام ، فهي ستقف عند كل صغيرة وتريد من الإسلام أن يوجد لها حلاً ضمن هذه المنظومة الدولية العالمية.. وسيقف الإسلام عاجزاً عن المجيء بالحل، لا لأنه عاجز فعلاً، بل لأنه يطلب من الإسلام أن يوجد حلولاً للمشاكل في ظل دول هي أصلاً تعلن الحرب على الاسلام أصلا وتعتبره خطراً عليها.
لأجل هذا فمن أراد حلاً إسلامياً لأية مشكلة، فعليه أن يسعى إلى الإطاحة بالأنظمة الحاكمة الحالية التي لا تحكم بما أنزل الله، ليقيم بدلاً عنها خلافة تحكم بما أنزل الله. وهناك ستجد أن الامة ستقوم بحل المشاكل بشكل طبيعي وعفوي سهل وسلس ومن دون تعقيدات، وهذه الحلول على أساس الإسلام، والإسلام وحده فقط ولا شيء معه
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أ. معاوية عبد الوهاب
- التفاصيل

ومضات قرآنية: الإنسان مستخلف في الأرض لإعمارها
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة:30].
الشرح:
حوار جميل يدور بين رب العزة ومخلوقاته من الملائكة المكرمين حيث يخبرهم الله سبحانه وتعالى أنه سيخلق بشراً يكون خليفة في الأرض أي مستخلفاً فيها حسب أوامر الله ونواهيه ويكون مختاراً صاحب إرادة حرة في أن يفعل ما يشاء، وليس المقصود هو شخص آدم عليه السلام بل المقصود جنس البشر، ولعل الله أخبر ملائكته أنه سيخلق في الإنسان شهوات ودوافع ويجعله مختاراً يختار طريق الخير أو الشر ولن يكون مخلوقاً مسيراً على الطاعة كما هو حال الملائكة الكرام، لذلك اعترضت الملائكة اعتراض تعجب من صنيع الله عز وجل فقالوا ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) أي يا رب ما الحكمة من خلق هذا المخلوق والذي ستقوم ذريته بمعصيتك فيفسدون في الأرض ويستحلون الدم الحرام بقتل بعضهم البعض، وهذا لا يليق بعظمتك وجلالك مع وجود أمثال الملائكة التي تعرف حق الله فهي دائمة التسبيح والتقديس له ولا يمكن أن تعصيه أو تخالف له أمراً.
فرد الله سبحانه وتعالى ( إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) فكان رد الله أن في علمه الأزلي والمستقبلي لن يكون الإنسان على وتيرة واحدة ولن يكون فيه الشر المطلق بل هناك من البشر من سيصطفيهم الله وهم سائرون على منهجه مؤمنون بربوبيته وألوهيته ويعرفون حق الله كما الملائكة وهؤلاء البشر السائرون على منهج الله وشريعته سيكون لهم السيادة على الأرض وسيعملون على محاربة المفسدين والمجرمين، وكان لله في ذلك الحكمة البالغة.
ولعل أبرز ما خلق الله في البشر هو العقل المميز بين الخير والشر وبالعقل جعله مختاراً فيختار بكل حرية المنهج الذي سيسير عليه في الحياة الدنيا، ولعل هذا المعنى المراد من اختبار الملائكة في الآيات التالية عندما قال رب العزة: ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) [البقرة: 31].
فهذا الإنسان متميز عن الملائكة بأن فيه قابلية التعلم والبحث عن الحق إن أراد أن يسير حسب مراد الله من خلقه واستخلافه في الأرض، وعليه أن يصغي لمن سيرسلهم الله من الأنبياء والرسل والمناط بهم تبليغ دين الله وشرعه ومراده.
إذن لن يكون البشر كلهم فاسدون مفسدون بل سيكون فيهم الأنبياء، ويكون فيهم الرسل، والأخيار، والعلماء الصالحون، والعباد المخلصون، والملايين من الأتباع على مر العصور وهؤلاء الذين سيرضى الله عنهم فهم سيخلصون العبادة لله وحده، ويحكمون شريعته في جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويعملون على إعمار الأرض بما يُرضي الله، ويلتزمون ما أمر الله به وينتهون عما نهى عنه حتى يعم دين الله الإسلام مشارق الأرض ومغاربها ويسود منهج الله وتتلاشى المناهج الباطلة من الوجود. فعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا) . رواه مسلم
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أحمد الصوراني
للاستماع للتسجيل :
{avsplayer videoid=230 playerid=2}
- التفاصيل

ومضات قرآنية: وجوب أخذ منهج الله وشرعه بقوة
قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة : 63].
الشرح:
في هذه الآية إشارة من الله سبحانه وتعالى إلى وجوب أخذ منهجه وشرعه ووحيه بقوة، والآية تتحدث عن بني إسرائيل وما طلبه الله منهم من الأخذ بالتوراة التي أنزلها على موسى عليه السلام وحياً سماوياً وشرعاً ومنهاجاً للحياة.
وفي هذا الصدد يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله عند حديثه عن الآية:" إن الإنسان يأخذ بقوة ما ينفعه في حياته الدنيا، ومن طبيعة مناهج الله أن تُؤخذ بقوة لأنك لابد أن تفهم أنها ما جاءت لك إلا بالخير، فإن كنت حريصاً على حب الخير لنفسك فعليك بأخذ ما جاء بالكتاب بقوة، فخذه بقوة ويقين لتعطي ما أخذت بقوة ويقين أيضاً".
وهذا حال المسلمين الأوائل عندما أخذوا الوحي بقوة والمتمثل بالكتاب والسنة وما أرشدا إليه من إجماع صحابة وقياس فتبنوا منهج الإسلام وشريعته كنظام شامل للحياة فأخذوه بقوة وطبقوه بقوة فأمدهم الله بقوة فوق قوة حتى سادوا الدنيا وحكموها بقوة الفكر والعقيدة وعدل الإسلام وشرعته لا بالقوة العسكرية الباطشة أو الظالمة والمستبدة كما تفهم بعض الجماعات الإسلامية اليوم قوة الإسلام وسلطانه وهو فهم مغلوط بلا شك قد كان له أثر سلبي كبير على الأمة الإسلامية عاد عليها بالويلات والمصائب.
الأخذ بالكتاب بقوة يعني اليوم بالنسبة لأمة الإسلام هو تطبيق الإسلام وعدم التنازل عن شيء منه بسبب الضغوطات الدولية أو لعدم سماح المجتمع الدولي بتطبيق الإسلام أو تشييد صرح دولته العتيدة.
فإن لم نأخذ الكتاب بقوة بقينا ضعفاء وبقينا كالأيتام على موائد اللئام تتكالب علينا أمم الكفر وعملاؤهم من الحكام المجرمين الذين يستصغرون قوة الأمة ويتمادون يوماً بعد يوم بغيهم، لكن غداً لناظره قريب عندما تعود الأمة للتمسك بكتاب ربها وشرعة إسلامها ففي ذلك العزة والقوة في الدنيا والنجاة من غضب الله في الآخرة.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أحمد الصوراني
للاستماع للتسجيل:
{avsplayer videoid=231 playerid=2}
- التفاصيل

ومضات: من غيابة الجب إلى سعة القصور
قال الله عز وجل : { لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ } [يوسف: 7]
ففي قصة يوسف من العبر لهذه الأمة الشيء الكثير ، الذي يلامس واقعنا ، بل كأنها صورة مصغرة عما تعيشه الأمة اليوم عامة وحملة الدعوة خاصة ،ذلك أن اخوة يوسف قاموا بعقد مؤتمر قمة لمناقشة قضية يوسف الخطرة، {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} كما يفعل الحكام اليوم بعقد مؤتمر قمة لمناقشة قضية الاسلام الخطرة على عروشهم وعلى أسيادهم من الدول الغربية ثم وفي هذا المؤتمر طرحوا عدة أطروحات ، وناقشوا عدة خيارات منها خيار التصفية البدنية والاغتيال {اقْتُلُوا يُوسُفَ} ومنها خيار سياسة التهجير والنفي في الأرض { أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا} والغاية بقاء المنزلة عند ابيهم لهم وحدهم خشية ان تكون المنزلة ليوسف دونهم...وهو ما اختصروه بقولهم {يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ} .
كما هو الحال اليوم تماماً ، فهذه الدول الغربية تريد الخلاص من الإسلام وتسعى إلى منع عودة الخلافة مرة ثانية ، كي تبقى المنزلة العليا للدول الغربية في الأرض وحدهم دون سواهم ، خشية من ان تقوم دولة الخلافة بأخذ هذه المنزلة منهم وتجعل السيادة العليا في الأرض للإسلام فقط ثم استقر رأي إخوة يوسف على خيار آخر أل وهو إلقاؤه في بئر عميقة {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}
ومن يلقى في الجب فإنه ينقطع خبره ، ويموت ذكره ، وهكذا يفعل الغرب مع حملة الدعوة ولكن بأسلوب عصري ، حيث يتم التعتيم الإعلامي على نشاطاتهم كيلا يعلم بها احد فكم من مظاهرة نظمها حملة الدعوة بلغت الآلاف ، وكم من مؤتمر للخلافة تم عقده ، ومع كل هذا لم تتم تغطيته اعلاميا ، بل لا يتم حتى مجرد ذكره بينما لو قام أحد العلمانيين بأي نشاط ، فيتم تركيز الأضواء عليه ، مهما كان العمل تافها ومهما كان الحضور قليلاً فعندما يتبع الغرب مع حملة الدعوة سياسة التعتيم الإعلامي ، فإنه يسير على خطا إخوة يوسف في إلقائه في الجب كي ينقطع الخبر عنه ولكنهم لا يدرون أنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ، ذلك أن لطف الله تعالى يأتي في أقسى اللحظات ، وأن الله ينصر عباده في أحلك الظروف وأصعبها . فأصعب لحظة مرت على يوسف هي القاؤه في الجب غلام في الصحراء وحيداً لا يراه أحد ولا يسمعه أحد لينقذه ولا يستطيع هو أن يمشي ليجد من ينقذه ولو صرخ فلن يسمعه أحد ومع كل هذه الوحشة والوحدة هناك العذاب النفسي ...
إخوته هم من فعل هذا به وليس أحد غريب ، وقديما قال الشاعر : وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند . وهنا وفي أقسى لحظات الألم يأتي الخلاص ، وفي أشد لحظات الضيق يأتي الفرج ، وفي أصعب حالات اليأس يأتي النصر فيرسل الله قافلة لتخرج يوسف وتأخذه من حفرة صغيرة كأنها القبر إلى منزل كبير بل إلى قصر ، فيخرج من ضيق الجب إلى سعة القصور وحدائقها وكذلك حال هذه الأمة ... فإنها لامحالة ستخرج من هذه الظلمات إلى النوروستنجو من غيابات جب الرأسمالية إلى قصور الحكم بما أنزل الله لأجل هذا قال تعالى بعد وصول يوسف إلى القصر : {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} .
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية ـ سوريا
الأستاذ معاوية عبد الوهاب
