- التفاصيل

أكد رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير/ ولاية سوريا الأستاذ أحمد عبد الوهاب: أن الحرب بالوكالة مارستها كل القوى الفاعلة على الساحة السورية. فأمريكا استخدمت قوات سوريا الديمقراطية لقتال تنظيم الدولة. وروسيا استخدمت الفيلق الخامس لقتال الفصائل. والنظام التركي استخدم هيئة تحرير الشام لتصفية الكثير من فصائل الجيش الحر؛ كما استخدم الجيش الحر لقتال قوات سوريا الديمقراطية. والنظام الإيراني استخدم مرتزقته وحزبه في لبنان لقتال الفصائل. فالمنظومة الفصائلية لم تكن سوى أدوات لتحقيق سياسات الدول الفاعلة على حساب تضحيات أهل الشام ومعاناتهم، والفائز الوحيد هو طاغية الشام حيث تم تسليمه الكثير من المناطق ليعيد سيطرته عليها، والخاسر الوحيد هم أهل الشام الذين فقدوا أبناءهم في اقتتال فصائلي لا ناقة لهم فيه ولا جمل وخسروا بيوتهم وأرزاقهم لصالح طاغية الشام وثلة من قيادات الفصائل المرتبطة المنتفعة.
المصدر: https://tinyurl.com/tk5vdnb4
- التفاصيل

اجتاحت أمريكا أفغانستان في تشرين الأول/أكتوبر عام 2001 للإطاحة بحكم طالبان، التي اتهمتها بإيواء أسامة بن لادن وشخصيات أخرى في تنظيم القاعدة مرتبطة حسب زعمها بهجمات 11 أيلول/سبتمبر، وبعد عشرين عاما ها هي أمريكا تنسحب من أفغانستان عبر اتفاق عقدته مع حركة طالبان حسب ما ورد وتحت قيادة أخوند زاده وقعت طالبان اتفاق سلام تاريخي مع أمريكا في قطر في 29 شباط/فبراير 2020 ووصف أخوند زاده الاتفاق بأنه "انتصار كبير" للجماعة.
وقد صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن بدعوة طالبان لفعل أمر مهم ليتم الاعتراف بها. ويؤكد أن الخطر في سوريا أكبر بكثير مما في أفغانستان حيث قال بايدن: "لا أعتقد أن طالبان تغيرت لكن الخطر في سوريا أكبر بكثير". (روسيا اليوم)
نعم إن الشام هي أخطر بكثير من أفغانستان لأن في الشام ثورة شعب خرج ينادي "هي لله هي لله" و"لن نركع إلا لله"، خرج في منطقة تعتبر من أهم المناطق على مستوى العالم سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا ودوليا وإسلاميا؛ وصفها الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام "الشام عقر دار الإسلام"، وشواهد كثيرة على أهمية هذه المنطقة في قلوب المسلمين. وسياسيا تحاط بكيانات وأنظمة هزيلة مترنحة يتململ أهلها من حكامهم، لذلك لا غرابة لهذه الحرب الشرسة التي تشن على أهلنا في الشام من القاصي والداني.
فنجاحها هو سقوط هذه الأنظمة المترنحة وبداية تغيير لوجه العالم أجمع، وهذا ما عبر عنه وشرحه السيناتور الأمريكي ريتشارد بلاك، في تصريحات تلفزيونية، "الأسباب الحقيقية" لرفض الغرب سقوط بشار الأسد ونظامه في سوريا، التي تتمثل بخوفها من أن "ترفرف راية الفزع السوداء والبيضاء للدولة الإسلامية فوق العاصمة السورية دمشق"، وما سيمثله هذا من تهديد على أمن أوروبا. (عربي21)
في المقابل تحاط أفغانستان بدول مثل الصين وروسيا وإيران وباكستان وغيرها من الدول، وهذه من الصعوبة بمكان أن تشكل تهديدا حقيقيا للغرب ولو تسلمت طالبان قيادة أفغانستان وأقامت إمارة إسلامية فمن السهل جدا حصارها وضبطها والتضييق عليها، وقد تحدث في ذلك وزير الخارجية الألماني عندما قال: إذا سيطرت "طالبان" وطبقت الشريعة الإسلامية فلن نمنح أفغانستان "سنتا واحدا" (روسيا اليوم)
عدا عن الاختلاف الواضح بين البلدين؛ ففي أفغانستان هناك حركة عسكرية مجاهدة تقاتل الأمريكان كعدو مباشر بينما في الشام هناك شعب انتفض يريد التغيير والحكم بالإسلام ومنه وجدت فصائل عسكرية تقاتل النظام بغية إسقاطه والخلاص منه، والذي تدعمه كل أنظمة العالم منعا لوصول ثورة الشام إلى هدفها.
وقد رأينا كيف خاضت فصائل ثورة الشام قبل أن تتمكن يد الداعم منها، معارك كثيرة انتصر فيها الثوار انتصارا ساحقا، لكن هذه الفصائل العسكرية عندما تركت مهمتها الأساسية ألا وهي القتال وخوض المعارك ضد النظام المجرم وأزلامه وأشياعه وتوجهت إلى حكم المناطق وإدارتها فشلت فشلا ذريعا في ذلك جميعه بدون استثناء.
وقد كان الناس أيام المعارك يطيرون فرحا عندما يرون أبناءهم المقاتلين من الثوار في أحيائهم، وصاحب الحظ من يستضيف ثائرا عنده فيطعمه ويؤويه ويحميه في بيته، بينما عندما تسلمت الفصائل إدارة المناطق وتخلت عن مهمتها التي سبق وأعلنت عنها بأنها لمقاتلة النظام المجرم وإسقاطه وانحرفت عن أهدافها وبدأت تمارس التسلط والقمع على حاضنتها، انفض الناس عنها وفقدت هذه الفصائل العسكرية شعبيتها وحاضنتها عندما رأت في حكمها وإدارتها للمناطق كل الفشل والظلم والقهر الذي ليس في واقعه سوى امتداد الظلم والاستبداد الذي ثار الناس ضده.
نعم إن الفصائل العسكرية بقوتها تختلف عن القيادة والإدارة والسياسة؛ فالقوة شيء والقيادة ورعاية الشؤون شيء آخر مختلف تماما. إذ سهل جدا على المجاهد أو الفصيل أن ينتصر في معركة، ولكن من الصعب جدا أن يحكم هذا الفصيل بلدا ما أو أن يرعى شؤونه لأنه ببساطة يخالف الأحكام الشرعية ويخالف حتى السنن الكونية التي وضعها رب العزة ليسير عليها البشر في هذه الأرض.
فالقوة تكون بيد السلطان الذي تلزمه أحيانا ليتمكن من تطبيق مشروعه ورؤيته وأحكام دستوره ولكن هذه القوة إذا حلت محل السلطان فإنها تتحول إلى استبداد وجبروت وقهر للناس.
فالوعي السياسي والمشروع الواضح المفصل في كل مجالات الحياة وحتى معرفة قواعد السياسة الدولية والمتحكمين فيها وغير ذلك هو أمر مطلوب بل هو أساسي عند القائد والحاكم الذي يتوسد أمور الناس، وهذا ما لا نجده عند المقاتلين والمجاهدين كما هو الحال عند ثوار الشام الصادقين، فما بالك بقيادات مصنعة أو مرتبطة ارتبطت مع الدول وأصبحت أداة طيعة بيدها؟
وها هم إخواننا في طالبان قد منّ الله عليهم بنصر عظيم على رأس الكفر والإجرام أمريكا تمثل في جهاد استمر نحو عشرين سنة ذاقت فيها أمريكا طعم الذل والهزيمة، فهُزمت وهي الدولة الأولى في العالم عسكريا في ساحات الجهاد والقتال، ولكن علينا أن ندرك أن صراع رأس الكفر أمريكا وحلفائها مع الإسلام والمسلمين هو صراع أبدي، لذلك ستحاول أن تنقل الصراع إلى ساحتها السياسية التي تبرع فيها بمكرها وخبثها ودهائها، فعقدت مع طالبان اتفاقاً في شباط الماضي من هذا العام لحفظ ماء وجهها ولإبقاء باب الصراع على المستوى السياسي مفتوحا لها.
لذلك فإن عدم الوعي السياسي وامتلاك المشروع وعدم العمل على تغيير قواعد السياسة السائدة سيجعلها تقع في مطبات كثيرة تنصبها لها عدوة الإسلام والمسلمين أمريكا؛ وأولها أن تحرق حركة طالبان شعبيا عبر مشاركتها بالحكم وتوليتها حكم أفغانستان بمشاركة عملائها من حامد كرزاي إلى رئيس المصالحة عبد الله عبد الله وحكمتيار وغيرهم من الشخصيات الذين سيكونون أداة بيد أمريكا ليوقِعوا إخواننا في طالبان في شباكهم ومؤامراتهم فيصير حالها حال فصائل الشام!
نعم إن الشام هي أخطر من أفغانستان لأن أمريكا تجابه شعبا وليس فصيلا يمكن الالتفاف عليه وخداعه، وقد حاولت طوال عشر سنين من عمر الثورة أن تخدع هذا الشعب وتلتف عليه ولكن ستتكسر كل مكائدها ومؤامراتها على صخرة الوعي الذي يشتد صلابة يوما بعد يوم بإذن الله، وقد سقطت قياداتها العسكرية والسياسية التي وضعتها لتنهي هذه الثورة أو تحرف مسارها فبقيت شامخة متحدية كلها إصرار على المضي والسير على الجمر باتجاه إسقاط النظام المجرم وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه، وهذا لن يكون إلا بقيادة سياسية مخلصة تملك مشروعا إسلاميا واضحا مستنبطا من كتاب الله وسنة رسوله لتوجه هذه القيادة كل الإمكانيات والقدرات نحو دمشق لتسقط النظام المجرم، وتقيم حكم الإسلام لكل المسلمين، وإن هذا الأمر قادم لا محالة ونراه رأي العين.
﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً﴾
كتبه: الأستاذ شادي العبود
المصدر: https://bit.ly/3lFU7rG
- التفاصيل

إن وصف ثورة الأمة في الشام بأنها ثورة مباركة، وستبقى كذلك بإذن الله، هو لأنها ثورة قامت ضد نظام طاغية مجرم عميل لرأس الكفر والتجبر والغطرسة أمريكا، وليس هذا فحسب، بل لأنها أيضا انطلقت من بيوت الله وتبلورت أهدافها في هدف كبير وعظيم ألا وهو إسقاط نظام الإجرام بكافة أركانه ومؤسساته ورموزه وإقامة حكم الإسلام المتمثل بالخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة تماما كما بشر بها رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام على أنقاضه، وقد تجسد ذلك بوضوح في شعاراتها التي صدحت وهتفت بها حناجر المتظاهرين وضحى من أجلها الثائرون بأرواحهم ودمائهم وأموالهم، وفوق ذلك بفلذات أكبادهم، وقلوبهم متعلقة بالله تستجدي النصر منه تبارك وتعالى.
إن ثورة الأمة في الشام هي ثورة مباركة من أول يوم شعر فيه أهل الشام بضرورة التحرك لإزالة الظلم والقهر عنهم، وشعروا بمسؤوليتهم تجاه أنفسهم وأمتهم وأنهم لا بد أن يثوروا على الطاغية لإسقاطه هو ونظامه مهما عظمت تضحياتهم، فكانوا على استعداد لدفع فاتورة التغيير مهما غلى ثمنها، وتحمّل تبعات خروجهم على أقوى نظام عمالة في المنطقة مهما كلفهم ذلك فداء، وهذا هو الذي بشر بخير ودل على بداية سلوك المضمار الصحيح والطريق القويم للتغيير.
قد يستصعب بعض الناس مشقة الطريق وعظم التضحيات وطول مدة البلاء، فيقرر التراجع وعدم مواصلة السير في الثورة، ورغم أن هذا القرار هو قرار يائس بائس قد يعتبره بعضهم طبيعيا وسهلا، إلا أنه في الحقيقة هو بداية طريق السقوط إلى الهاوية وهدر كل التضحيات التي بُذلت والدماء التي سُفكت والأنفس التي أزهقت والأعراض التي انتهكت والبيوت التي هُدّمت، وفوق ذلك كله هو العودة إلى العيش من جديد تحت سلطة وطأة تلك العصابة المجرمة نفسها التي فعلت كل ذلك، بل زادها حقدا وإجراما وتغولا عقلية الثأر والانتقام من كل الذين ثاروا ضدها، وما حصل في بعض البلدات التي سيطر عليها النظام من قتل واعتقال وتعذيب واغتصاب للحرائر ونبش للقبور لهو خير دليل على ما نقول.
إن فاتورة التراجع في منتصف الطريق، وعدم المضي قدما في الثورة إلى أن تحقق هدفها بإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام؛ هي أغلى ثمنا وأبهظ تكلفة وأعظم تضحية وأكثر معاناة بكثير من فاتورة مواصلة الثورة حتى تحقق أهدافها؛ لأن عاقبة التراجع هي والعياذ بالله ذل وهوان في كنف النظام المجرم وشبيحته وخسران مبين في الحياة الدنيا والآخرة، أما عاقبة مواصلة الثورة فهي بإذن الله عز وتمكين وأمن وأمان في الدنيا، وجنة عرضها كعرض السماوات والأرض في الآخرة، ورضوان من الله أكبر.
فهل تسقطون يا أهل الشام، يا رأس حربة الأمة في صراعها مع الغرب الكافر المستعمر، هل تسقطون في شباك اليأس والقنوط التي نصبها لكم أعداؤنا، ويقودكم للتخبط بها من تسلط عليكم، أم تجددون العهد مع الله وتعتصموا بحبله المتين وتواصلوا ثورتكم بعد تصحيح مسارها الذي حرفه القادة المأجورون لتسيروا على بصيرة خلف قيادة سياسية واعية صادقة؟
فالثورة لا تزال في نفوس الصادقين متوقدة رغم المحن والصعاب، وأهدافها في نفوس أبنائها راسخة، والقلوب متعلقة بالله وحده واثقة من تحقيق جميل وعده سبحانه، ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾.
المصدر: https://tinyurl.com/rusrtea8
- التفاصيل

يعتبر وجود القيادة السياسية الواعية والمخلصة ضرورة ملحة في تبني قضايا الأمة المصيرية فهي بمثابة الرأس من الجسد تسمع وترى وتحكم على الوقائع استنادا لقاعدة ثابتة، فأهم ما يميزها هو المبدئية والمشروع السياسي الواضح.
وبغياب القيادة السياسية الواعية والمخلصة، كما هو الحال في ثورة الشام على سبيل المثال، فإن الكثير من التضحيات يتم تقديمها والكثير من الجهود يتم بذلها لكننا دوماً نحرم أنفسنا من قطاف ثمارها وجني محصولها!
لم تكن الأمّة في يوم من الأيام بخيلة أمام دينها ولا شحيحة البذل أمام كرامتها واستعادة سلطانها، ولم تكن المشكلة أبداً في عطاء الأمّة، إلا أنها تشعر بالإحباط لأنها ترى عدوّها يقطف ثمار تعبها فيصيبها من ذلك بعضٌ من اليأس دون أن تهتدي إلى حقيقةِ أنها تمنح عدوّها الحق بإهدار وتضييع تضحياتها لأنها تفتقد للقيادة السياسية الواعية القادرة على تحصيل الثمار ومنع بيعها في أسواق المؤامرات العالمية.
ففي درعا الشام مؤخرا قدم الثوار الصادقون شهداء وتضحيات وبطولات من الصبر والثبات ولكنْ سرعان ما جاءت اللجنة المركزية لتنثرها كالغبار في يوم عاصف، وذلك لأنّ الثوار لم يختاروا لأنفسهم قيادة سياسية واعية تتقي الله في نفسها وفيهم، فجاءَ من يخشى المواقف المبدئية، لتحويل نصر المجاهدين إلى القبول بشروط المفاوضات التي تعتبر في أحسن الأحوال إخراجا لنظام الإجرام ومن معه من مليشيات الحقد من مأزقهم الكبير.
بل إنّ مواقف لجنة المفاوضات أثرت سلبا على ثوار باقي بلدات حوران كجاسم وطفس وغيرها فلم يتمكنوا من نصرة درعا البلد كما يجب لأنّهم لم يروا من لجنة المفاوضات موقفاً واضحاً في ظل تشويشات اللجنة المركزية، علاوةً على أنّهم حتى لو تحركوا كلهم فليس هناك ما يدعو للتفاؤل لأنهم بغياب القيادة السياسية سيقدمون التضحيات ثم يعودون للمربع الأول لأن أعمالهم ستكون دفاعية محدودة يدفعون بها الخطر عن أنفسهم وأهلهم وبلداتهم!
وقد غاب أي عمل في الشمال لنصرة درعا - إلا بعض الأعمال الجماهيرية المحدودة - بسبب تبعية القيادة الحالية للضامن التركي الذي سلبها القرار، وحتى الأعمال المحدودة في حال حصولها ستزيد الناس يأساً عندما تكرس عجزنا عن تحقيق أهداف ثورتنا لأن القيادة الحالية المرتبطة ستبيع التضحيات على طاولة المفاوضات، حتى يصلوا بالناس إلى حالٍ من الابتعاد عن أي عمل خشية تقديم تضحيات مجانية تستنزف الطاقات بدون نتيجة.
نعم إنها الحقيقة التي يجب الاعتراف بها والداء الذي يجب الوقوف عليه لمعالجته دون تأخير، إنها اليوم ضرورة ملحّة وواجب شرعي أمام الله عز وجل؛ فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وواجب الخروج من عباءة الذل ليس متوقفاً على عدّة وعتاد أو بذل وتضحيات وعطاء فقط، فالأمة كريمة وتصفع من ينتقص منها دوما وتفاجئ من يستهين بها؛ لذلك فإن هذا الواجب متوقف اليوم على تسليم الدفة لمن هو أهلٌ لها، فإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا، وإن كانت القيادة حاملة اللواء منهزمة ومتخاذلة أو فاقدة للوعي السياسي أو متعاملة مع العدو انكسر الجيش وهلك القوم.
لقد أدرك هذه الحقيقة أبو سفيان وهو على الكفر حينها في غزوة أحد ولم يدركها ويعمل بها حتى الآن كثير من أهل الشام ومن العاملين على أرض الشام! فقد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار قبل بدء المعركة يحرضهم بذلك على القتال: "يا بني عبد الدار، إنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر، فأصابنا ما قد رأيتم، وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا، فإما أن تكفونا لواءنا، وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه"، فهموا به وتواعدوه، وقالوا: "نحن نسلم إليك لواءنا؟ ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع". وذلك ما أراده أبو سفيان.
واليوم كلنا يرى أن اللواء بيد أجراء تركيا وأمريكا، فهل نتركهم ليقودونا إلى الحل السياسي الأمريكي، ثم الحكم بأنظمة الفساد العلمانية وتسليم الأعراض للسبي والرجال للقتل؟! أم هل نثق بهم بعد كل ما باعوه من تضحيات من فوق طاولة المفاوضات مرة ومن تحت تلك الطاولة مرات؟!
لقد رأينا جميعا ما آلت إليه ثورة الشام بعد أكثر من عشر سنوات من التضحيات، والسبب الرئيس معروف لكل واع؛ ألا وهو غياب القيادة السياسية الواعية والمخلصة والتي لو وجدت لحفظت التضحيات ولما وقعت في فخاخ أعداء الثورة، ولكن غياب القيادة السياسية أو عدم الاهتمام بإيجادها وإعطائها الأولوية جعل من أعداء الثورة يتلاعبون بها دون رادع، وتستطيع أن تقول إن غياب القيادة السياسية الواعية والمخلصة والمتبنية قضايا المسلمين المصيرية أضاع جميع الثورات ابتداء من تونس وليس انتهاء بمصر، فضاعت الثورات وضاعت بضياعها الجهود والتضحيات والآمال والآلام.
وبناء عليه فإن أي عمل على مستوى الأمة لا يتخذ قيادة سياسية مبدئية واعية قيادة له مصيره الفشل ولا أمل له في النجاح.
لقد جرّب المسلمون منذ هدم الخلافة وحتى هذا التاريخ الكثير من أنواع القيادات ذات العقلية الواقعية أو النظرة المشاعرية وتسلط عليهم كل فاجر وظالم، ولقد آن الأوان أن يتوكلوا على الله حق توكله وأن يتخذوا قيادة سياسية مبدئية تتخذ مشروع الإسلام وإقامة دولته دولة الخلافة على منهاج النبوة مشروعا، وعندها فقط نحقق أهدافنا ونرضي ربنا مع القيادة التي تتقي الله قولاً وعملا فتتوحد كل الجهود لتضع إمكانياتنا في سلة الله لتحقق الشرط الذي يريده الله ألا وهو ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ﴾ ليحقق لنا الوعد ألا وهو ﴿يَنصُرْكُمْ﴾.
يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
كتبه: الأستاذ أحمد عبد الوهاب
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
المصدر: https://tinyurl.com/kdmzd8m4
- التفاصيل

قالوا: "إذا عُرفَ السبب بَطُلَ العجب"، ولهذا لا بد من مقدمة نلج منها للإجابة على السؤال المطروح.
على مر العصور تصارعت الدول فيما بينها على مرتبة الدولة الأولى في العالم، لأن هذا يمكّنها من السيطرة على العلاقات الدولية، ولا نقصد العلاقات التي تربطها بدولة أخرى فحسب بل حتى علاقات الدول الأخرى ولو لم تكن الدولة الأولى طرفاً فيها.
وقد تناوبت على هذه المكانة دول عدة كالرومانية والفارسية وقبلهما الفرعونية والبابلية وغيرها، وعندما جاء الإسلام تربعت دولته على قمة الهرم الدولي، إلى أن تمكن الغرب الكافر من إسقاط دولة الخلافة العثمانية، فظهرت بريطانيا دولةً أولى في العالم، فقامت بصياغة النظام الدولي بما يوافق إرادتها عندما أنشأت عصبة الأمم عام ١٩١٩م، لكن سرعان ما نشبت الحرب العالمية الثانية وكان من أبرز نتائجها ظهور أمريكا المنتصر الوحيد بلا خسائر لتصبح الدولة الأولى، وبرز الاتحاد السوفيتي كقوة كبرى، وجاء مع هذا التغير تغيير لقواعد النظام الدولي فألغيت عصبة الأمم، وأعادت أمريكا تأسيس النظام الدولي عبر ما يعرف بهيئة الأمم المتحدة عام ١٩٤٥م لتكون هي ومجالسها ومنظماتها أدوات تتمتع من خلالها أمريكا بالسيطرة على العلاقات الدولية. وهنا بدأت أمريكا تسحب البساط من تحت الدول الأوروبية المعروفة بالاستعمار القديم وبدأ عصر الاستعمار الحديث عبر الأنظمة العميلة لأمريكا، وأسلوبها هو الانقلابات وليس من خلال الاحتلال العسكري المباشر.
وكانت تتناوب في سوريا انقلابات العسكر بتناوب عملاء الدول الغربية ما بين فرنسيين وإنجليز وأمريكان، ولم تثبت على حال حتى وافق حافظ الأسد في عام ١٩٧٠ على تغيير ولاء حزب البعث العربي الاشتراكي من العمالة لبريطانيا إلى العمالة لأمريكا فيما يعرف بالحركة التصحيحية، وقام باعتقال من خالفوه من عملاء بريطانيا.
وعليه فإن ثورة الشام وإن كانت ثورة على بشار أسد لكنها ثورة على عميل أمريكا مباشرة أي أنها ثورةٌ على مصالح أمريكا في المنطقة بل في العالم أجمع لما لسوريا من مكانة في خارطة الجغرافيا السياسية.
ومنه يمكن أن ندرك سبب إحجام أمريكا عن التدخل عسكرياً للإطاحة برأس النظام، بخلاف ما فعلته في ليبيا مع القذافي عميل بريطانيا، حيث سعت جاهدةً للحيلولة دون سقوط أسد عسكرياً لئلا تخرج سوريا من قبضتها، فأعطته المهلة تلو الأخرى عبر الجامعة العربية ومجلس الأمن أحد أدوات السيطرة الأمريكية على النظام الدولي، ثم أعطت الضوء الأخضر لروسيا للتدخل ومساندة أسد عقب لقاء أوباما بوتين بتاريخ ٣٠/٩/٢٠١٥ ثم كان التدخل الروسي وذلك بعدما فشلت إيران وحزبها اللبناني في القضاء على ثورة الشام.
ولهذا فإن أمريكا تصرح دوماً أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية، بينما في الحقيقة هو السبيل الوحيد لإنهاء أزمة أمريكا في سوريا، كون نجاح الثورة بإسقاط النظام يعني إقامة دولة الإسلام التي ستعود لمكانتها الدولية كدولة أولى في العالم مما يعني ليس خروج سوريا عن هيمنة أمريكا فحسب بل انتهاء نفوذها في العالم.
ونظرة متمعنة على بنود الحل السياسي الأمريكي تُري أنه حل يحافظ على نفوذ أمريكا ولا يحقق لأهل الثورة شيئاً مما يطمحون له وقدموا في سبيله كلَّ هذه التضحيات على مدى عقد من الزمن:
- اللجنة الدستورية: تم تشكيل هذه اللجنة بنسبة الثلث، ثلثهم من اختيار النظام المجرم، وثلثهم من اختيار الأمم المتحدة، وثلثهم من اختيار الائتلاف الوطني صنيعة أمريكا؛ ما يعني أن أمريكا تحاور نفسها، وبالتالي فما سينتج عن هذه اللجنة يعبر عما ترسمه أمريكا لنا بأيدٍ آثمةٍ ستصوغ لنا دستوراً وضعياً يحدد لنا تفاصيل حياتنا وفق ما تسمح لنا به لا وفق ما نريده أو نرتضيه.
- هيئة حكم انتقالي: وأيُّ حكم ننتظر منها؟! إذا كان تشكيل المجلس الوطني في الدوحة قد تمَّ بإشراف وحضور مباشر للسفير الأمريكي روبرت فورد، ومن بعده الائتلاف الوطني شكلته سفارات الدول التي تملي على تكتلاته وأعضائه، فلن تكون هيئة الحكم الانتقالي بدعةً عن سابقاتها بل ستحددها قرارات أمريكا والأمم المتحدة وأدواتها من الدول الفاعلة في الثورة.
- انتخابات برعاية أممية: عبر هذه الانتخابات سيتم اختيار الطبقة السياسية الحاكمة التي ستأتينا عبر بوابة الحل الأمريكي السياسي، تماماً كما جاءت الطبقة السياسية الحاكمة في العراق على الدبابات الأمريكية، وما ذاقه أهل العراق من أولئك لا يختلف عما سنذوقه من هؤلاء. ولا يظنن أحدٌ أن الإشراف الأممي على الانتخابات المزعومة هو لضمان نزاهتها بل هو لإحكام القبضة عليها، وبكل الأحوال ستكون نتيجتها وفق رغباتهم.
- إجراءات بناء الثقة التي يجب أن تتم خلال المراحل السابقة: ولا حاجة لبيان حجم الثقة بالنظام ومدى التزامه بالإجراءات المطلوبة، فقد وضحها تعامله مع المناطق التي أعادها له الضامنان التركي والروسي، فشاهدنا معنى الثقة بنظام كافر فاجر، فاعتقل شباب المصالحات وساقهم لقتال أهلهم في إدلب رغماً عنهم بخلاف تعهداته المزعومة، ورأينا الثقة في تعامله مع أعراضنا في درعا وحمص والغوطة وخان شيخون. فإن كان هذا تعامله مع أن الثورة قائمة فيما بقي من مناطق محررة وما زلنا نمتلك سلاحاً، فكيف سيتعامل معنا إن قبلنا بالحل الأمريكي وانتهى بنا الأمر تحت سلطان انتقامه؟!
وأخطر ما في الحل السياسي الأمريكي هو المحافظة على علمانية الدولة؛ لأن العلمانية كما تمنح البشر حق التشريع فإنها تمنحهم حق تعديل التشريع، وجميعنا يعلم كيف أن هذه التشريعات تتغير بين حين وآخر بحسب الظروف وبحسب القوى المؤثرة، فما تشرعه لنا اليوم المجالس المصنعة أمريكيا لامتصاص غضبة الناس وتهدئتهم من مثل تحديد مدة حكم الرئيس وتقييد صلاحياته ووضعه تحت المحاسبة، سيتم تعديله غداً بعدما يهدأ الناس وتتركز السلطة بيد من تختاره أمريكا حاكماً علينا وستأتي التعديلات الدستورية والقانونية لتطلق له الصلاحيات وتمدد له فترة الحكم وتمنحه الحصانة من المحاسبة وتعطيه صلاحيات باسم قانون الطوارئ يعطل بها عمل القوانين حسبما يراه، ولهذا فإن نظام الحكم العلماني هو مصنع الطغاة، لا ننتهي منهم إلا بالقضاء عليه، ومن عجز عن إدراك نتائج علمانية الحل السياسي الأمريكي في الشام لأنه لم يطبق بعد، فلينظر إلى إنجازات العلمانية في مصر، حيث تمت صياغة الدستور لامتصاص فورة الناس ثم توالت عليه التعديلات لتصنع طاغيةً جديداً باسم آخر، أو لينظر إلى العراق وما يعانيه أهلنا هناك نتيجة الحلول الأمريكية.
أما الخطوات التي تخضع لها الأنظمة العلمانية صاغرةً أمام أسيادها لتأتينا بكل ضنك العيش: فكما تقدم معنا أن أمريكا تستخدم المنظمات الدولية كأدوات لفرض إرادتها على الدول التي قَبِلَ حكامها الخضوع والتبعية في اللعبة الديمقراطية. لهذا سيكون الاقتصاد مرهوناً لقرارات صندوق النقد والبنك الدوليين وبالتالي ستكون ثرواتنا ونمونا الاقتصادي محددا بالفتات الذي يبقونه لنا من خيراتنا المنهوبة. والحياة الاجتماعية ستكون بحسب إملاءات منظمة اليونيسيف للأمومة والطفولة وبحسب اتفاقية سيداو التي تهدف للقضاء على الأسرة المسلمة بكل تفاصيلها وتعيد تأسيسها بحسب المقاييس الغربية. وأما التعليم الذي نبني به أجيالنا فستحدده لنا منظمة اليونيسكو لتحشو مناهجنا وعقولنا بأفكار الغرب فترينا الرذيلة تحرراً والربا تقدماً اقتصادياً والردة عن الإسلام حرية عقيدة وترينا أحكام القصاص والحدود وحشيةً... وبالمختصر ستنشئ لنا أجيالاً ممسوخة الأفكار منسلخة عن هوية أمتها في الماضي والحاضر لتسير مع الغرب في المستقبل كما يريد، أما سياستنا الخارجية فستكون خاضعة لهم عبر مجلس الأمن وقراراته التي تمضي بحق الصاغرين فقط.
وفي هذا بيان كافٍ لدعاة الحل السياسي وللمخدوعين به يبتغون به حريةً وكرامة، ولا يبقى للمخلصين الواعين من أهل الثورة في الشام إلا أن يرفضوا الحلول الغربية، وأن يأخذوا على يد من يسوقون لها، وأن يدركوا تماماً أن الحل الصحيح الوحيد إنما يكمن بالتمسك بحبل الله المتين فيطلبوا النصر منه سبحانه بالعمل وفق ما يرضيه لإعلاء كلمته وإقامة حكم الإسلام في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
بقلم: الأستاذ مرعي الحسن – ولاية سوريا
المصدر: https://bit.ly/3CeXnAQ
