press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

photo 2024 05 16 16 57 46

 

 



أفادت نشرة أخبار السبت 11/05/2024م من إذاعة حزب التحرير/ ولاية سوريا أن الحراك الثوري اليومي المطالب باستعادة قرار الثـ.ـورة، وإسقاط الجولاني وجهاز أمنه، واصل بزخم شعبي كبير، وفي أول جمعة من عامه الثاني، فعالياته الشعبية في ريفي حلب وإدلب. فقد خرجت مظاهرات حاشدة بعد صلاة الجمعة وأخرى ليلية في أكثر من 20 نقطة تظاهر على امتداد المناطق المحررة بريفي إدلب وحلب، كان أبرزها مظاهرة مركزية ضخمة في مخيمات تجمع الكرامة شمال إدلب تحت شعار "الثبات الثبات مهما عظمت التضحيات"، وكذلك خرجت مظاهرات حاشدة في مدينة إدلب، ومدن بنش، وجسر الشغور، وكفر تخاريم، وأرمناز، والأتارب، ودارة عزة، وبابكة، والسحارة، وحزانو، وإعزاز، والباب، وعفرين، وصوران وكفرة. وأكد المتظاهرون على استعادة قرار الثـ.ـورة، وإسقاط الجولاني وحل جهاز الأمن العام وإطلاق المعتقلين المظلومين، وفتح الجبهات، كما شددوا على مواصلة حراكهم السلمي حتى تحقيق كافة مطالبهم. بينما سجل اعتداء على المتظاهرين في مخيم مشهد روحين وبلدة احسم بريف إدلب. وفتح الحراك الشعبي المتواصل ضد الجولاني، وحكومة الإنقاذ التابعة له، في إدلب، فتح الآفاق أمام مختلف فئات المجتمع من الموظفين وغيرهم، للمطالبة بحقوقهم وتحسين بيئة عملهم، بما يضمن لهم حياة كريمة. وخلال الأسابيع الماضية، تكررت الاحتجاجات والمظاهرات في إدلب، وتوسعت لتشمل فئات متنوعة من المجتمع، سواء الطلاب الجامعيين، أو عمال النظافة، أو المعلمين والإعلاميين وغيرهم. ويوم الخميس، تظاهر معلمون في مدينة إدلب، حاملين جملة من المطالب، منها تحسين الرواتب وتنظيم عملهم ضمن نقابة مهنية، إلا أن "حكومة الإنقاذ" لم تستجب على الإطلاق، كما أن وزير التربية فيها، لم يلتق بالمدرسين للاطلاع على مطالبهم!

 

 

 

 

 

 

 

33333

 

سنة كاملة مضت على جريمة انتهاك الحرمات واختطاف شباب حزب التحرير والزج بهم في زنازين سجون الجولاني ليصبحوا رهائن يساومونهم على دينهم ومواقفهم! عام من الكفاح عاشه الثوار في الميادين ضد المجرمين، تظاهرات يومية، وقصاصات ورقية في كل شارع، وبرقيات من كل قرية ومدينة، ولقاءات مستمرة لا تنقطع... حراك متواصلٌ حق له أن يثمر بعد كل هذه الجهود الجبارة والتضحيات الجسام التي كانت كرياح نزعت قناع المتآمرين وكشفت خياناتهم ونواياهم وسوء صنيع المجرمين.
فالحراك الجديد ليس حدثاً عابراً بل حدث مفصلي في درب الثـ.ـورة، إذ أعاد بشعلته النيرة وبثوابته الواضحة للثـ.ـورة حرارتها وذكرت الثوار بأيام العزة بعد أن كاد الناس يفقدون الأمل، لشدة ما يمارسه الطغاة الصغار من تسلط وظلم. وقد كان الحراك معول هدم يضرب بقوة الحق مفتتاً ومزعزعاً كل مخططات المتآمرين، وكاشفاً خبث القادة المتاجرين ومكرهم وارتباطهم بالدول. كما ذكرنا الحراك بصدق العاملين في سنوات الثـ.ـورة الأولى التي بها كسروا جبروت الطغاة، وبها هزوا كيان النظام الدولي، وبها شيبوا رؤوس الساسة الفجار لكثرة اجتماعاتهم.
إن الحراك الجديد أعاد الناس لأعظم نداء لهذه الثـ.ـورة العظيمة التي صدحت حناجر ثوارها تنادي بصوت مجلجل "هي لله هي لله"، "قائدنا للأبد سيدنا محمد"، إن موجات الحراك لم تبق لحلول الخيانة والتنازل أي معنى بل عصفت بها وبكل المؤامرات بعد أن كادت الدول المتآمرة تظن أن مخططاتها ستنجح. ولكن هذا الحراك الشعبي المبارك أعاد أهل ثـ.ـورة الشام إلى أهداف ثورتهم، ونزع اليأس من صدروهم... لهذا كله كان الحراك ضربة قاسية تلقاها مغتصبو السلطة وصبيان التحالف حين انتهكوا حرمات المسلمين، واقتادوا أصحاب كلمة الحق والمجـ..ـاهدين إلى مسالخ بشرية وإلى ظلمات السجون بطرق تشبيحية قد ترفع عنها أبو جهل! ألم يتفجر بركان الثـ.ـورة في درعا لأجل الأعراض والحرمات؟
حقاً إن نهج الطغاة واحد، وقد تجاوز بطش النظام المجرم كل حد، وانتهك كل محرم، وبات القهر والبطش بالمسلمين منهج حياة يسلكه مجرم الشام، فكان المسلم متهما مضطهدا تلاحق تحركاته عصابة مجرمة متسلطة، وإذا ما لمست منه محاولة نداء بقضايا أمته يتحول دون إثباتات لرهينة في السجون؛ يسام سوء العذاب، ويُقبر في حفرة جماعية، أو يُترك لجدران السجون تأكل عمره!
والآن على الخطا ذاتها تسير قيادة هيئة "تحرير" الشام؛ إذ يلاحق المخلصون العاملون والثوار المجـ..ـاهدون ويزج بهم في السجون ليكونوا رهائن لا معتقلين! وإذا ذهبت امرأة تسأل عن ابنها المختطف المغيب في سجون الطغاة، يقولون لها قُتل! تطلب جثته فيجيب: "هو مقبور مع عشرة"! هذا وأكثر قد فعله المجرمون الجدد.
لذا كانت دوافع الحراك كثيرة؛ فالجرائم لا تعد، منها: قتل امرأة لأجل عدة لترات مازوت! ومنها ترقية الخونة ووضع الشرفاء في السجون! ومنها إراقة دماء المجـ..ـاهدين لأجل السيطرة على معبر! ومنها استحلال انتهاك الحرمات والاطلاع على العورات! ومنها اغتصاب سلطان المسلمين وقطع طرقهم ونهب أموالهم!
لأجل هذا وأكثر ندب الرجال المخلصون أنفسهم لهذه القضية والمهمة التي ترضي الله تعالى، وكانوا مع أبناء أمتهم كتلة صلبة لا تواجه، وسداً منيعاً ضد كل من يتاجر بالثـ.ـورة وتضحيات أبنائها، يدافعون عن المضطهدين والمظلومين وقد نالهم شتى صنوف الأذى، ورغم كل ذلك لم يتوقفوا ولم يثنهم إجرام المجرمين، ولا استهزاء المستهزئين، ماضون وهم مبصرون لدربهم، واثقون بنصر ربهم.
ولقد أكد حراك الثوار أن الطغاة مهما تجبروا لا يستطيعون أن يسجنوا فكرة، وأن قضية الإسلام لا تنفصل عن الأمة. وقد أكد الحراك أن هناك حزباً سياسياً يتصدى لكل من يتآمر على أمتنا ولكل من يتعدى على حدود الله، وهو جزء لا يتجزأ من نسيج هذه الأمة. وقد ترسخت عند الناس أهمية العمل الجماعي المنظم، وضرورة العمل السياسي، والوعي على ما يحاك من مؤامرات ومؤتمرات. وأهم من هذا كله إدراك الناس أن القيادة السياسية الصادقة الواعية هي المسؤولة عن نجاح أي ثـ.ـورة، لذا نرى الناس اليوم قد ثاروا على الدول المتآمرة والقيادات الأجيرة التي تسعى لوأد الثـ.ـورة وتركيع الناس.
لقد أدرك أهل الثـ.ـورة أن التحركات الشعبية، والنزول للساحات يرعب الطغاة، ويشل حركتهم ويسلب راحتهم وإرادتهم فزادت ثقة الناس بحراكهم. ويبقى أن تهتدي حاضنة الثـ.ـورة لقيادة واعية صادقة، تقودهم بمشروع من صلب عقيدة الأمة إلى الحياة الكريمة وتحقيق أهداف ثورتهم بإسقاط النظام المجرم وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وقد تكونت في الأمة بوادر الثقة بالعاملين لأنها نمت كشجرة طيبة في تربة طيبة.
إن أهل الشام مستمرون ما دام فيهم رجال صادقون مخلصون يقودونهم إلى خير الدنيا والآخرة، وبات الجميع يعلم أن القائد هو الذي يصدق أهله ولا يخدعهم، ولا يلين ولا يضعف، فهو صاحب الهم الذي لا يهدأ، ولا يقعده سأم. وقد أثبت العاملون للتغيير أنهم كانوا طوال سنوات المكر والخداع يعملون بجد مع أهلهم لينقذوا ثورتهم، وكيف لا يعملون وهم من نذروا أنفسهم لخدمة أمتهم والسير بها ومعها لتحقيق غايتها والوصول بها إلى حياة رغيدة في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؟!
فتضحيات الأمة لن تذهب سدى بإذن الله، وما هانت ولن تهون على الصادقين المخلصين، ولو بلغ الإجرام المدى سيظل الهداة بإذن الله على درب الكفاح حتى النصر والتمكين.
----
بقلم: الأستاذ أنس الجلوي

مشروع الإسلام سبيل خلاصٍ مالَهُ من مَناص

 

 

 

في ظل ما تشهده أمة الإسلام من نكبات ، وما تعانيه من جراحٍ وآلامٍ بعد فقدانها لكيانها ودولتها مصدر عزّتها التي أسقطها الغرب الكافر ، وما تعانيه من الفرقة والتقسيم وسلب القرار من حكام الضرار أذناب الغرب في بلادنا الإسلامية ، يقف مشروع الإسلام محطّ الأنظار في أذهان المسلمين ، يرتقي يوماً بعد يوم ليكون سبيل الخلاص من أنظمة الحكم الجبري ، ومن الذل والهوان الذي يعيشه المسلمون في بقاع الأرض قاطبةً ، وهذا هو الصراع الحقيقي بين الإيمان والكفر والحق والباطل ، بين مشروع الإسلام الربّاني ومشاريع الغرب الوضعية .

فأنظمة الغرب وبعد إسقاطها لدولة الإسلام (الخلافة العثمانية) عملت جاهدةً على انتزاع النَفَس الإسلامي من أبناء أمة الإسلام ، وزرع مفاهيم القومية والوطنية والعرقية والقبلية في نفوسهم ، لإبعادهم عن مصدر عزّتهم ألا وهو الإسلام ودولته ، ومع انطلاق ثورات الربيع العربي ضد الأنظمة العميلة للغرب نتيجة الظلم والقهر والشقاء ، الذي عانى منه المسلمون في ظل الحكم الجبري ، وتسلط حكام الضرار وتطبيق الأنظمة الوضعية الرأسمالية ، ما كان للمسلمين إلا أن يبحثوا عن البديل الحقيقي ، وعن سبيل خلاصهم من واقعٍ مريرٍ يعيشونه ، يبحثون عن البديل الذي يحقق لهم الراحة والطمأنينة ويُكسبهم عزّ الدنيا والفوز في الآخرة .

أيُّها المسلمون إن ما يروِّج له الغرب من مشاريع علمانية وضعية لن تجلب لنا سوى الشقاء ، وحربهم على الإسلام قائمة ولن تتوقف ، لأنهم يدركون إدراكاً تاماً ما إن ينهض المسلمون ويستعيدوا سلطانهم ودولتهم ، فإن مشاريع الغرب الكافر ستسقط ، وكذلك عروش حكام الضرار الواهية ستسقط أيضاً ويزول حكمهم ، لذلك كان علينا التمسك بديننا والاعتصام بحبل الله المتين ، والالتفاف حول مشروع الإسلام العظيم فوحده الذي سيؤلف بين قلوبنا و يجمع قوانا و يحدد أهدافنا و نهج عملنا ، و هو الذي يحقق خلاصنا و فوزنا في الدنيا و الآخرة ، و لن تنجح عندها بإذن الله محاولات المكر والتآمر علينا .
وعلينا أيضاً أن نتذكر قول الله تعالى : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} فهذا الطريق شاق ومليء بالمصاعب ، وهو طريق الأنبياء في التغيير ، و علينا أن نقدم الغالي والنفيس في سبيله ، مؤمنين بأن الله سبحانه وتعالى ناصرنا ومعيننا ، ما إن التزمنا أوامره ونواهيه حتى ندحر المشاريع الوضعية الفاسدة ، بتبنى مشروع الإسلام العظيم المتمثل بالعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بخلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة ، ليكون سبيلاً للخلاص ولإعادة العزّ والتمكين للمسلمين ، ولنكسب رضوان الله في الدنيا والآخرة ، فالعمل هو الواجبٌ علينا ، أما النصر فبيد الله وحده يؤتيه لعباده المؤمنين المخلصين .

قال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}

=======
علي مـعـاز

22222

 

 

 

تصاعدت في الأشهر الأخيرة أعمال العنف ضدّ النازحين السوريين إلى لبنان على خلفية التمييز العنصري. وتعدّدت أشكالها بين الاعتداء بالضرب المبرح الذي قد يفضي إلى الموت في بعض الحالات، وطردهم من منازلهم وأماكن عملهم وتشريدهم من منطقة إلى أخرى، وفصلهم من وظائفهم تحت تهديد العنصريين لأرباب الأعمال، وإيداع الآلاف منهم في السجون تحت التوقيف الاحتياطي سنوات دون محاكمة، وتسليم بعضهم لأجهزة النظام الحاكم في سوريا ليلقوا مصيرهم المجهول لدى تلك الأجهزة التي عنوانها الإجرام. بل وانتقلت ممارسات التمييز العنصري إلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة حيثُ زايد السياسيون والصحفيون والإعلاميون بعضهم على بعض في التحريض على كلّ ما هو سوري في لبنان، وراحوا يُظهرون النازحين السوريين على أنّهم هم سبب الانهيار الاقتصادي والمالي في لبنان. ثمّ تصاعد الكلام والجدل في شأن النازحين السوريين مؤخّرا مع تزايد الأخبار عن المراكب التي يستقلّها السوريون النازحون من شواطئ لبنان إلى دول أوروبا وبخاصّة إلى قبرص التي أعلنت عدم قدرتها على استيعاب المزيد من اللاجئين السوريين في أراضيها، حتّى إنّ الرئيس القبرصي زار لبنان والتقى بكبار المسؤولين، ثمّ عاد وزاره مرّة أخرى برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية للتفاهم مع السلطة في لبنان على صيغة لوقف تدفّق النازحين عبر البحر من الشواطئ اللبنانية إلى قبرص. وقد كان واضحا لدى المراقبين أنّ المسؤولين اللبنانيين حاولوا استثمار هذه القضية لابتزاز الأوروبيين ماليا وسياسيا؛ أمّا ماليا فللضغط على الاتّحاد الأوروبي لدعم لبنان بمبالغ نقدية مقابل الحدّ من أعداد المراكب المتّجهة إلى شواطئ أوروبا، وأمّا سياسيا فللضغط على الاتّحاد الأوروبي لإعادة نظره في سياسته تجاه النزوح السوري إلى لبنان حيث يصرّ الاتّحاد الأوروبي وكذا الولايات المتّحدة الأمريكية على أن يبقى لبنان فاتحا أبوابه للنازحين السوريين ويرفضون أيّة إجراءات لترحيلهم قسرا إلى الداخل السوري.
لا يخفى على أحد أنّ أهمّ عوامل النزوح السوري إلى لبنان منذ حوالي ثلاث عشرة سنة هي المجازر وأعمال التدمير المنهجي للمدن والقرى وممارسات الاعتقال والتعذيب والتشريد التي يمارسها النظام المجرم وحلفاؤه في الداخل السوري بحقّ أهل سوريا، وتحديدا بحقّ الغالبية المسلمة فيه. وهذه ممارسات استمرّت طوال هذه السنوات ولم تتوقّف. وفوق ذلك كلّه فإنّ الذين لم يشرَّدوا بسبب هذه الممارسات شرّدتهم الضائقة الاقتصادية وانعدام فرص العمل في الداخل السوري.
في بداية الحـ..ـرب في سوريا ومع تدفّق النازحين بأعداد كبيرة انقسمت الفئات السياسية اللبنانية في موقفها من هذا النزوح تبعا لانتمائها الطائفي أحيانا ولمواقفها السياسية أحيانا أخرى. فالفريق الأوسع من المسلمين فتح ذراعيه لهؤلاء النازحين تعاطفا معهم بوصفهم أبناء أمّة واحدة تجمعهم قضيّة واحدة والهموم المشتركة. أمّا زعماء النصارى فقد انقسموا في بداية سنيّ الثـ.ـورة السورية بين رافض لهؤلاء النازحين على خلفية طائفية ممتزجة بالعداء للثـ.ـورة والتعاطف مع النظام في دمشق وبين مرحّب بهم على خلفية العداء للنظام السوري وترقّب سقوطه قريبا، عدا عن مصلحة كثير من الصناعيين والتجّار على مختلف انتماءاتهم الطائفية في توظيف الأيدي العاملة السورية الرخيصة وذات الكفاية والإنتاجية العالية في آن معا. إلّا أنّه مع تمادي الزمان وتطاول سنيّ الحـ..ـرب ويأس أعداء النظام السوري من احتمال سقوطه، ومع ظهور إشارات واضحة على قرار دولي بتوطين النازحين السوريين في لبنان تفاقمت المخاوف لدى جميع الطوائف في لبنان، ولم يبق على موقفه المرحّب بهم سوى المسلمين وتحديدا (أهل السنّة)، إذ بدأ يشعر أتباع الطوائف بخطر وجودي من تضاؤل نسبتهم العددية أمام المسلمين، ولم تكن بيئة حزب إيران وحركة أمل بمنأى عن هذا التفكير للأسف بعد أن ساقها إليه هذا الثنائي بسياسته الطائفية المقيتة منذ سنوات طوال، فكانت البلديات الواقعة في نطاق هيمنة هذا الثنائي في طليعة البلديات التي اتّخذت إجراءات قمعية في حقّ المقيمين السوريين فيها، إلى جانب البلديات الواقعة في مناطق النصارى. وقد أدّت إجراءات القمع والتشريد هذه إلى مزيد من تركّز أعداد النازحين السوريين في مناطق (أهل السنة) كطرابلس وبعض قرى منطقة البقاع، الأمر الذي عزّز حالة الفرز الطائفي المتزايد في لبنان مع تصاعد الدعوات في أوساط النصارى إلى اللامركزية الموسّعة أو الفيدرالية أو ما شاكلها من دعوات الفرز الطائفي.
وقد لوحظ مؤخّرا التحاق السلطة الرسمية - وعلى رأسها رئيس الحكومة ووزير داخليته (السُّنّيان) - بالتحريض على النازحين السوريين ودق ناقوس الخطر الديمغرافي الذي يمثّلونه، بعد أن كانت هذه السلطة تنأى بنفسها عن هذا الخطاب وتُظهر المنحى القانوني في التعامل مع النازحين.
هذه الأحداث وما يكتنفها من أجواء شحن عنصري طائفي ضدّ النازحين السوريين يلبس لبوس العصبية الوطنية كذبا وزورا، تقودنا إلى النظر في الموقف الدولي من قضية النزوح السوري إلى لبنان ومسألة عودتهم إلى مدنهم وقراهم وبيوتهم داخل سوريا. فما الموقف الدولي من هذه القضيّة؟ وهل عودة هؤلاء النازحين إلى مناطقهم التي شُرّدوا منها واردة في خطط ما يسمّى المجتمع الدولي؟
لقد بات واضحا أنّ الدول الكبرى جميعا، من الولايات المتّحدة إلى دول أوروبا وروسيا والصين إضافة إلى إيران الضالعة في عملية التهجير المنهجية هذه منذ بدايات الحـ..ـرب، لا تتطلّع لعودة ملايين النازحين داخل سوريا وخارجها إلى ديارهم. بل إنّ هذا التهجير جاء ضمن خطّة شيطانية بدأت منذ غزو العراق، لتغيير البنية الديمغرافية لمنطقة المشرق العربي ترتكز على تحويل الغالبية فيها إلى إحدى (الأقلّيات) بحيث تتحوّل المنطقة إلى جزر من (الأقلّيات) القومية والطائفية والمذهبية والعرقية، ولتُفصَّل بعد ذلك على قياس هذه الجزر الديمغرافية كيانات سياسية صغيرة يصبح كيان يهـ..ـود كيانا طبيعيا بينها. ولقد فاجأ وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان الماروني العوني هكتور حجّار أهل لبنان بكلام صريح نقله عن مسؤولين في الاتّحاد الأوروبي أثناء زيارته لبروكسل منذ حوالي شهر، وتحديدا عن مسؤول فرنسي خاطبه قائلا: "إنّ مصير السوريين في لبنان كمصير الفلسطينيين الذين أتوا إلى لبنان. وانسوا ما رسمنا من حدود نحن والإنجليز، إن سايكس-بيكو اليوم يعاد رسمه في المنطقة بطريقة جديدة مع تغيير ديمغرافي". بالطبع لم يشكّل هذا الكلام مفاجأة من حيث مضمونه، وإنّما من حيث التصريح به بهذا الشكل الفجّ من مسؤول أوروبي للمرّة الأولى، وإن لم يذكر اسمه. وهذا بالطبع يفاقم مخاوف الطوائف وزعمائها في لبنان، هؤلاء الذين تحكّمت بهم هواجس (الأقلّية) منذ عشرات السنين، بل منذ قرون.
أمّا نحن المسلمين أبناء الأمّة الممتدّة من شرق الأرض إلى غربها، فإنّه لا يجوز مطلقا أن ننساق مع هذه العنصريات تحت شعار الانتماء الوطني والولاء للوطن. فما الوطنية ولا الولاء للوطن إلّا عصبية جديدة مصنّعة اخترعها الكافر المستعمر عقب هدم دولة الخلافة وتقسيم أراضيها وفق اتفاقيات سايكس بيكو وسان ريمو وأخواتهما ثمّ اختراع دويلات تكرّس هذا التقسيم دستوريا، واختراع عصبيات وسرديات تاريخية تُكرسّه في العقول والنفوس. نحن أمّة واحدة قال الله تعالى فيها: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وقال: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ﴾، وقال فيها النبيّ ﷺ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَأَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، وَلَا أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ إِلَّا بِالتَّقْوَى».
فيجب أن يكون موقف أهل الديار المقيمين فيها تجاه إخوانهم النازحين إليهم كموقف الأنصار أهل المدينة المنوّرة من إخوانهم المهاجرين من مكّة الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حقّ، وقد قال الله تعالى في الفريقين:
﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.


---
بقلم: الأستاذ أحمد القصص