press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

 

#مجلة_الوعي:
ثورة الشام وطوفان الأقصى: عسى أن يكونا مفتاح باب التغيير الرباني، بإذن الله تعالى
بقلم: الأستاذ عبدو الدَّلّي
https://www.al-waie.org/archives/article/19178

أسباب قيام الثورة… بداية النهاية
انطلقت ثورة الشام من محافظة درعا، فأخذت اسم شرارة الثورة ودرعها ومهدها، وكان ذلك الحدث بسبب أمر قد يراه المتتبع للواقع في سوريا حدثًا عاديًّا، وبخاصة أنه لم يكن جديدًا ولا فريدًا… فكثيرٌ من القصص تتسرَّب من أقبية المخابرات وغرف التحقيق تحكي ما هو أبشع من ذلك بكثير؛ إذًا، لماذا كان هذا الحدث سببًا لانفجار ثورة أعيت العالم وقضّت مضاجعه وأربكته حتى صارت محاربته للثورة علنية جهارًا نهارًا.
لا يمكن البحث في أسباب ما حصل مالم نرجع عقودًا إلى الوراء وتحديدًا إلى عام 1970م، فهذا الحدث كان بداية التجهيز لهذا الانفجار؛ حيث استلم المقبور حافظ أسد سوريا في هذا التاريخ. وبما أنه رجل غير مقبول شعبيًا، فلقد جاء بوجه بشوش يقصد من خلاله كسب ودِّ الناس وقبولهم به، فلم تكن القبضة الأمنية سمة من سمات حكمه في سنواته الأولى؛ ولكنها كانت حاضرة في مواقف لا يسمح أن تشوِّش على حكمه وسلطته.
ظلَّ هاجس عدم قبول حافظ أسد كرئيس يقضُّ مضجعه رغم محاولاته التودُّد للناس؛ وذلك بزيارتهم والجلوس معهم والتقرب إليهم؛ ولكن عبثًا حاول، فالأوساط الشعبية بقيت غير راضية به لا من قريب ولا حتى من بعيد، ولعل قصص استقباله بالبيض والبندورة في مناطق كأرمناز وغيرها أكبر دليل على ذلك.
كشَّر النظام عن أنيابه بعد أن وطَّد حكمه، فكانت أولى هذه التكشيرات مجازر الإخوان في جسر الشغور وحلب وحماة… من هنا بدأ الاحتقان الفعلي لغاز الانفجار على هذا النظام، ولقد أدرك النظام ذلك وخاصة بعد أن وسم حكمه بالدم والمجازر، كان حدث الإخوان حدثًا مفصليًا في تاريخ الدولة المستبدة، ومن حينها بدأت القبضة الأمنية تظهر بشكل واضح والاحتقان يتوسع وينتظر الشرارة.
بعد حادثة الإخوان، بدأت عملية بناء للدولة قائمة على أساس الخوف والرعب؛ حتى كانت قصص الرعب موادَّ يتم تداولها بين الناس وذلك ليكبحوا جماح احتقانهم الذي كان ينمو حينًا بعد حين. كان نظام أسد أنموذجًا للنظام القذر المجرم في المنطقة: تعذيب وقتل في السجون، وملاحقات أمنية، وقبضة حديدية، وتضييق في الأقوات وفي الأرزاق وفي كل شيء حتى إن أردت أن تفتح كشكًا فأنت بحاجة لموافقة أمنية، لا قبول لك بأي وظيفة أو أي عمل إلا بموافقة أمنية، ويا ويل من لم يكن مرضيًّا عنه أو كان في تاريخ عائلته نقطة سوداء كما كان يوصف عندهم. وحتى أنا أذكر أني باعتقالات شباب حزب التحرير عام 1999م وكنت حينها في الصف السابع وأنا جالس مع أبناء خالتي نتحدث عن طرق التعذيب التي سيتعرض لها شباب البلد نتيجة عملهم السياسي، وحتى قالها بالحرف أحد أبناء خالتي: «ضرب الكف على الرقبة شغال من أول الدرج». لقد كان عندنا تصور أن الأفرع أقبية، وأن التعذيب والقتل هو طعامهم وشرابهم. نعم، لقد بدأت عملية الاحتقان من اللحظة الأولى لتولي المقبور الحكم، وزاد عليها مجازر الإخوان والقبضة الأمنية والتضييق الأمني، وقد كانت نفحات تحرك تظهر هنا وهناك، كأحداث دير الزور ومناطق القامشلي وسرعان ما يتم إخمادها؛ ولكن حقيقةً كانت هذه أحداثًا تعبر عن واقع الناس واحتقانهم وأنهم ينتظرون الشرارة.
إن ما كان يحدث في سوريا هو ذاته ما كان في المحيط العربي والإسلامي، والسبب أنه لا أحد من هؤلاء الحكام يحكم بناء على رغبة الناس، بل الجميع كان يأتي بموجب انقلابات وبدعم خارجي؛ لذلك لم يكونوا مقبولين أبدًا، ونتيجة عدم قبول الناس بهم كانوا يعملون على تخويف الناس حتى يبقوا على الكرسي، لقد كان التسخين سمة الصفيحة العربية من تونس إلى غيرها. وجاءت الشرارة من تونس والتي لم يكن حدثها بأن يحرق العزيزي نفسه حدثًا عابرًا كما باقي الأحداث أبدًا، فلقد جاء بعد أن امتلأت الغرفة بالغاز، فحصل الانفجار.
وبالعودة لسوريا حاول النظام بعد حدثِ تونس أن يجعل نفسه بمعزل عما حدث، فاشتغلت ماكينته الإعلامية المهترئة على بث أفكار عن عجلة الإصلاح وقانون الفساد، ونحن غير، ومن هذا القبيل من الكلام الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوع، كيف يكون ذلك؟؟؟ إنك لا تستطيع أن تغير عقلية دولة بيوم وليلة، ولا تستطيع أن تُهذب سلوكًا إجراميًا بجرة قلم. وبالفعل حصل ما كان يخشاه النظام، فكتب الأطفال: جاييك الدور يا دكتور. وهنا ذهب كل هري النظام عبر ماكينته أدراج الرياح. كيف لا، وقد مُسَّ الأب والقائد والمفُدى فنسوا كل ما تكلموا به، وعادت العقلية الإجرامية، عاطف نجيب يعتقل الأطفال، يقلع أظافرهم، ويشبح بقتلهم قتلًا بشعًا، ويرفض أي وساطة، حتى الساعة الأمور ضمن إطار المسموح والمعروف عند الناس والـمُعتاد عليه، نفر من وجهاء درعا يزورون المجرم فينطق بالمحظور ويتكلم بالممنوع: «أولادكم اُنسوهم، جيبوا غيرهم، ما عندكم قدرة جيبولنا نسوانكم» وهنا كانت الشرارة لثورة أحرقت أسدَ، وميليشياتٍ دعمته، ودولًا آزرته، وشيبت رأس أكبرهم أوباما.
مسار الثورة :
عاد الوفد بما قاله عاطف نجيب، وتمت مخاطبة الناس بالحرف بما قاله، فبدأت تكبيرات الثورة وبدأت المظاهرات وبدأت معها أعظم ثورة، بدأت الثورة من مدينة درعا البلد ومن الجامع العمري فيها والذي كان مكان التجمع والانطلاق. لم تنتظر الثورة وقتًا كبيرًا لتتوسع، فما هي إلا ساعات حتى التحق ريف مدينة درعا بالمدينة، حاول النظام احتواء الأمر ولكن حجم الاحتقان كان أعلى وأكبر. توسَّعت الثورة وانتشرت بشكل كبير كانتشار النار في الهشيم، فالتحقت دمشق وحمص وحماة وإدلب ودير الزور والرقة وريف حلب وبعدها حلب، ولقد كان القاسم بين جميع المناطق واحدًا كما كان بداية الثورة: فمكان الانطلاق كان من مساجد الله، والهتاف كان لله فمن (الله أكبر على أفعال النظام) إلى (هي لله هي لله، لا للسلطة ولا للجاه) إلى عبارة (يا الله مالنا غيرك يا الله)، فارتبطت الثورة منذ بدايتها بالله سبحانه وتعالى، ونادت ربها معينًا وناصرًا لها، وسارت بخطى ثابتة نحو تحقيق الهدف، كل ذلك كان تحت أعين الدول، وكيف يروق لها وقد ارتفعت شعارات نادت بالإسلام حكمًا وبالخلافة نظامًا؟!، كيف ترضى وقد نادى الناس أن بعد دمشق القدس؟! وقد أثبتت تصريحات النظام هذه الحقيقة، فمن قول وليد المعلم يتهم أهل سوريا أنهم يسعون لإقامة خلافة فيها، إلى عبارة أن أوروبا ستكون في خطر، وعبارة أن سوريا آخر قلاع العلمانية ويجب الدفاع عنها، كذلك صرحت روسيا قائلة أنهم يسعون لإعادة الخلافة… هكذا بدأت الثورة، وهكذا كانت مراكز انطلاقها، وهكذا كانت شعاراتها، ثورة عالمية نادت بفكرة عالمية، ثورة أمة بحق، كيف لا وقد تفاعلت الأمة كلها معها من أقصاها إلى أقصاها؟!.
كيف تعاملت الدول مع الثورة، وهل بقيت تراقب وتنظر بصمت؟؟
لم تنتظر الدول دور المراقب طويلًا، بل بدأت بالفعل بمحاولات لاختراق الثورة وإجهاضها، فكيف تنتظر بعد أن سمعت ما سمعت وشاهدت ما شاهدت، فالأمور صارت عندها على كف عفريت كما صرح بذلك أوباما نفسه، والفراغ الذي أوجده نظام أسد سيُسد بنظام جديد غير الذي تريده هذه الدول، والناس بدأت تتوجه ضد هذا النظام وتهاجمه، لذلك كان لا بد من إجهاض هذا التوجه وتحطيمه في أذهان الناس بشتى الوسائل ومهما كانت النتائج. من هذا المنطلق، عمدت أمريكا والتي تعتبر رأس الحربة وصاحبة البيضة والتقشيرة على تشتيت الشارع، فكانت أولى خطواتها الدفع ليكون هناك مؤتمر عام للمعارضة، فكان مؤتمر إسطنبول الأول ثم الثاني، ثم كان الائتلاف بعد ذلك. ثم انتقلت بعدها لتشتيت القوى العسكرية، فكان هناك معتدلين ومتشددين. وحصلت التصنيفات: جيش حر وفصائل إسلامية، كل ذلك لتعمق الخلاف وتشتت الثورة والثوار…
وكيف لا تفعل ذلك وهيمنتها تُهدَّد؟! لقد بذلت الدول أقصى ما تستطيع حتى لا تصل الثورة لمبتغاها، ولم تدَّخر جهدًا ولم توفر أسلوبًا إلا واستخدمته، فاستخدمت أوراق الضامنين، وكان للنظام التركي دور كبير ضمن خطة الإجهاض والتشتيت، فلقد كان حلسًا ملسًا تمسكن حتى دخل وتمكَّن، وكان له دور كبير لما وصلت إليه الثورة اليوم، كما وفعّلت أمريكا ملف أصدقاء الثورة وأدخلت المال السياسي وفعّلت المؤتمرات كما واشترت ذمم الكثير… ومن لم يأتِ بمثل هذه الطرق مارست معه القتل عبر المسيّرات والاغتيالات… كل هذا مارسته الدول تجاه الثورة ولم تبقَ متفرجة، وكانت هذه الجوقة بقيادة المايسترو الأمريكي.
هل نجحت الدول فيما قامت به؟ وأين وصلت الثورة اليوم؟ وما علاقتها بطوفان الأقصى؟؟
استطاعت الدول خلال السنوات الماضية ومن خلال الجهود التي بذلتها التشويش على الناس في الثورة. هي لم تقدر أن توصلهم إلى حالة اليأس ولا أن تقتل الثورة في صدورهم؛ ولكن استطاعت التشويش عليهم، عملت جاهدة من خلال المطبات التي نصبتها: من خذلان الضامن التركي الذي أظهر كم هو متآمر وكم هو متواطئ على إنهاء الثورة، إلى خسارة المناطق، إلى تقديم صورة سيئة عن الإسلام عبر تنظيم الدولة، من أجل أن تجعل الناس تتبرأ من الثورة وتعلن توبتها؛ ولكن ما حصل أن الناس تجاوزت كل ذلك وتخطتهم، فكانت تقول: إن هؤلاء هم من سقط، وأما الثورة فهي لا تزال حاضرة، فالثورة هي لمن صدَق وقدَّم وضحَّى وليست لهؤلاء.
إن كل ما قامت به الدول وإن كان البعض يراه نجاحًا لها ولكنه في حقيقته لا يعدو كونه تشويشًا، وأكبر دليل على ذلك هو النفس الثوري العالي الذي لا يزال حاضرًا ويعبر عنه الناس في مواطن كثيرة ومواقع ومناسبات. وما ردة فعل الناس تجاه التصريحات التركية في شهر آب من عام 2022م إلا أكبر دليل على ذلك، وما عجز الدول عن تمرير ما قررته من خلال الأدوات التي اتخذتها لها في جسم الثورة إلا دليل آخر على محاولة التشويش. كما وأن العودة لفكرة إعادة تعويم النظام ليؤكد أن أعمال أمريكا هي فقط التشويش والتشويش لا أكثر، وبخاصة أن الثورة في عقول السوريين لها بُعدٌ عقديٌ وعمقٌ تاريخيٌ لا يمكن أن تطفئه هكذا أعمال؛ لذلك كانت ثورة أهل الشام بحق حدثًا عظيمًا سيكون على يده تغيير مسار عجلة التاريخ إن شاء الله تعالى. كيف لا، وقد رسمت خطًا في الكفاح يحتذى به، وانتهجت نهجًا في الصبر والثبات قلَّ نظيره، وهذان عنصران أساسيان لمن أراد أن يدخل التاريخ.
طوفان الأقصى القطب الثاني لدخول التاريخ:
دخل طوفان الأقصى شهره السادس، حرب مختلفة تمامًا عن حروب سابقة بدأت من 1948م، ومرورًا بـ (1956 و1967م و1973 و2006)م وصولًا إلى حروب كيان يهود على غزة (2008، 2012، 2014، 2021)م.
حرب، رغم أن قوامها ليس جيشًا نظاميًا؛ إلا أنه حقَّق ما لم تحققه تلك الجيوش النظامية؛ حيث إن كيان يهود لم يعتدْ على مثل هكذا حروب، وأكبر شاهد على ذلك هو الصراع وتضارب الرؤى الحاصل بين رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو ووزير جيشه يوآف غالانت ورئيس أركانه هرتسي هاليفي.
على مر عقود مضت كان العمل جادًّا على فكرة سلخ فلسطين من قائمة قضايا الأمة، وكانت بداية ذلك بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وقد كانت بداية العمل من أجل جعل الأمة تنسى قضية فلسطين هو حصر الصراع وتقزيمه… وقف ياسر عرفات وقال: «أعلن قيام دولة فلسطين» حينها كانت بداية سلسلة من الأعمال الخبيثة لحصر الصراع بين أهل فلسطين وكيان يهود، إعلان خبيث كان خلفه مخطط خبيث لجعل الأمة تنسى قضيتها المصيرية فلسطين. وبعد مخاض عسير وطويل، جاء الطوفان ومراحل التطبيع قد بلغت مبلغًا كبيرًا من قبل حكام الأنظمة الخونة، فقد بدأ الترويج لفكرة التعايش وفكرة القبول بكيان يهود كجزء من الجسد، وظهر ذلك من خلال أعمال من قبل الإمارات وقطر والسعودية ومصر والأردن لجعل كيان يهود جزءًا لا يتجزأُ من الواقع، خطوات سارت على قدم وساق لا يعكر صفوها أي شيء حتى وقعت الواقعة على كيان يهود.
طوفان الأقصى قلب الطاولة، وكشف الأقنعة، وأظهر حقيقة الكيان المسخ.
لم يكن أحد من الحكام المجرمين يتوقع ما حصل، فبعد سنوات وسنوات من التجهيز، وسنوات وسنوات من العمل الدؤوب والتركيز الإعلامي على تثبيت فكرة التعايش ودمج الكيان ضمن المحيط، وعبر حلقات طويلة وبث مباشر من أفخاي أدرعي يقرأ فيها آيات من القرآن ويتوجه بالمعايدة للمسلمين في مناسباتهم،و يقف يوم الجمعة فيخطب، ويقرأ الأحاديث، وغيره من مثله الكثير… وفجأة تنقلب عليه كل الأمور، وكأنك يا أبا زيد ما غزيت، ويتحقق فيهم قول الله سبحانه: (إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ٣٦) نعم انقلبت أعمالهم جميعها عليهم. وما إن تم إعلان الطوفان حتى عادت الأمة لتتفاعل معه ومع نتائجه، عادت لترفع صوتها من جديد أن قضية فلسطين هي قضيتها المصيرية.
في طوفان الأقصى تكشّف الكثير الكثير وبان للعين ما لم يكن بيّنًا، لقد افتضحت الأنظمة الجبرية، كما لم تفتضح من قبل، فقد رأوا عمالتها للغرب خيانتها للأمة، وتنسيقها مع الكيان من تحت الطاولة عين اليقين، ، وأنها هي التي تحمي كيان يهود، بل إن الكيان بات كالظلِّ لها، ولن يزول حتى تزول هذه الأنظمة قبلها. لقد استطاعت ثلة مؤمنة مجاهدة في سبيل الله بقلة عدة وقلة إمكانيات أن تُنيخ جيشًا له تعداده على مستوى العالم،، فكيف إذا تحركت جيوش؟! لقد ظهرت حقيقة النظام الأردني والمصري وقبلهم النظام التركي فهؤلاء كانوا يدعون للكيان في حربه على غزة، ويمدونه بالأمان، وبأن حدوده محمية، وهم من كانوا يزودونه بأسباب الحياة من مؤونة ومواد أولية لصناعة السلاح، لقد سقطت الأنظمة وصار واقعها معروفًا لكل ذي عينين، ولم يعد يخفى واقعهم على أحد، وما الأصوات التي خرجت من مصر من مخلصين من أبناء الأمة والأصوات التي خرجت من الأردن إلا دلائل على واقع هذين النظامين وزيادة في الحجة عليهم، وما الدور الذي قام به النظام التركي إلا دليل زائد أنه من أكبر المتآمرين على الأمة وعلى قضاياها وأنه متاجر بها ليس أكثر. وكم ظهرت جليَّة حقيقة المؤامرة؛ إذ تضامنت دول العالم الغربي وعلى رأسه أمريكا مع كيان يهود وباركت حملته، وحرَّكت أساطيل لها خوفًا من تغيير مجهول. وما تحريك أمريكا لأساطيلها وجلبها إلى المنطقة إلا أوضح دليل على أنها رأس الحربة في صراعها مع الإسلام… بعد حدث الطوفان صار الصراع مع العالم جهارًا نهارًا لا لبس فيه، وظهرت حقيقة الدول الغربية، وظهرت حقيقة أدواتها من الأنظمة الإقليمية، فلا تغطية بعد اليوم، والصراع بين الأمة وبين هؤلاء صار علنيًّا مكشوفًا.
لقد أثبت الطوفان حقائق كبرى من ضعف الكيان وهشاشته، وأكد كيف أن الأمة تنتصر بإخلاصها وإيمانها وليس بإمكانياتها وقدراتها فحسب، وفضح الطوفان واقع الأنظمة وواقع دول العالم، لذلك صار واجبًا علينا أن نظهر لهم العدواة والبغضاء كما أظهروها لنا وأن لا نخجل من شيء بعد.
بيضة القبان في المعركة
لقد بعث الطوفان برسائل عدة وكشف أمورًا عدة، ولم يعد لأحد عذر في التقصير بعد اليوم. فالواجب بعد أن ظهر من يقف بوجه نصرة أهل غزة أن يجري التحرك لاجتثاثه، فنصرة غزة تكون بإزالة العوائق التي تمنع ذلك، فما فائدة الرتب والعناصر والجند والدبابات والطائرات والسفن والصواريخ إن كانت الغاية منها حماية من يحمي كيان يهود…
لقد صار توجيه السلاح نحو يهود ضروريًا فالأمة هي من دفعت ثمنه من جيوبها، وهي من تطالب اليوم أصحابه أن يتحركوا وأن يقتلعوا من يصنع الظل من الأرض ليزول الظل بعده مباشرة… لقد صارت المعركة اليوم واضحة المعالم، وعلى جيوش الأمة أن تدخل المعادلة، فلا حجة لها بعد اليوم، فلقد انكشف العدو وعُرفت قدرته فلا حاجة للاستطلاع، كما وأن التفويض بالتحرك قد أعطته الأمة فلا حاجة لانتظار الأوامر. وأما تكلفة السلاح فمن دفعها ليوجده فهو مستعد ليدفع مرات ومرات… فالأمة جاهزة للدعم المادي واللوجستي والمعنوي؛ فلا تترددوا وبادروا باتخاذ القرار واحذروا أن تُكتَبوا في التاريخ من المخلَّفين.
خاتمة القول :
إن الصراع اليوم على أشده بين فسطاطين: فسطاط كفر معه أدواته ومعداته وإمكانياته، وفسطاط إيمان معه الله ربُّ الأسباب، ومنزل النصر، وصاحب العزة… فعلى مر التاريخ الإسلامي لم تكن غلبة المسلمين يومًا على عدوهم بكثرة عدة وعتاد، بل كانت بقلة، وكان الظفر لهذه القلة؛ حتى قال عمر رضي الله عنه عندما خاطب سعدًا فقال: «يا سعد، اعلم أن ذنوب الجيش أخوف عليه من عدوه، وأننا ننتصر على عدونا بطاعتنا لله ومعصية عدونا له، فإذا استوينا في المعصية، كانت لعدونا الغلبة بالعدد والعدة». والمعطيات الدالَّة على هذا الأمر كثيرة وهي حاضرة وماثلة أمامنا، ولا داعي لأن نغوص بين صفحات التاريخ لاستجلاب الأدلة عليها. فثورة الشام حاضرة وطوفان الأقصى حاضر ونشاهد الأمثلة على صدق الأمر كل يوم. إن هذا الصراع يستحكم في بلاد الشام أكثر وأكثر، والعالم كله قد ضاق ذرعًا بالنظام الدولي الحالي القائم على استغلال الناس والتضييق عليهم وملاحقتهم في أقواتهم وجعلهم لا يملكون من أمرهم شيئًا… نظام يفتت قيم المجتمع ويبيح الشذوذ ويخط قوانينه كما يتناسب مع الحكام ورجالات المال، ولعل هذا الأمر سيكون تمهيدًا من الله سبحانه لأن تكون الأرضية جاهزة لاستقبال النظام العالمي الجديد تمامًا كما مهد سبحانه لنبيه في يثرب عندما حدث يوم بُعاث وضاق الناس بما فعل الآباء والأجداد، فكانوا جاهزين لأن يستقبلوا النظام الجديد عن رضى وقبول. إن الله سبحانه يُرينا تدخله، وأن أصل المعادلة، وأنه ليس المطلوب منا سوى أن نكون معه حتى يكون معنا، وأن ننصر دينه حتى ينصرنا… إن العالم اليوم على أبواب تغيير كبير وكبير جدًا، والأجواء كلها تشهد بذلك الأمر. ويمكن القول إن حدثي ثورة الشام وطوفان الأقصى هما مفتاحا هذا الأمر، وعلى أيديهما سيصنع التغيير والتاريخ إن شاء الله تعالى. كما وأثبتت الوقائع أن الأمة الإسلامية أمة خير، وأنها أمة نصر، وأنها لا تنتظر أن يأتي إليها النصر بل تثب إليه وثبًا… فعلى من قرأ أن يبادر بالالتحاق بالركب، وأن يكون من الساعين للفوز الكبير في الدنيا والآخرة، وأن لا يتخلف فيكون من الخاسرين النادمين.

434032035 122139004706091646 5284825255283795533 n

بداية سننطلق من بعض التصريحات لمبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا حيث صرح بيدرسون أن التطورات في سوريا كلها تسير في الاتجاه الخاطئ بما في ذلك في المجالات الأمنية والإنسانية والاقتصادية والسياسية وحقوق الإنسان، التقديرات تشير إلى أن أكثر من 100 ألف شخص محتجزون تعسفيا أو مختفون قسريا أو مفقودون، كما أن نصف عدد السكان قبل الحرب ما زالوا يعانون من التشرد أو المنفى لأكثر من عقد من الزمن في العديد من الحالات.
يتحدثون عن ثــ.ورة الشام المباركة وعن الحالة المزرية التي وصل إليها أهل الشام الثائرون ويتباكون عليهم ويظهرون أنفسهم وكأنهم حمامة سلام تريد الخير لأهل الشام ولثــ.ورتهم، وأنهم (الغرب وأمريكا) هم من سيجلب هذا الخير لأهل الشام الثائرين ولثــ.ورتهم المباركة!
أولا: لا بد أن نعلم ويعلم الجميع أن ثورة الشام المباركة ما زالت متقدة وما زالت جذوة الثــ.ورة مشتعلة لم تنطفئ، وما زال الصــ.راع مستمراً وفي أوجه في هذه المرحلة المفصلية من عمر ثــ.ورة الشام، فعلى الرغم من اشتداد القــ.صف والقتــ.ل والتدمير بين الفينة والأخرى إلا أن هذا الأمر ليس بجديد وليس بخطير بالنسبة لأهل الشام الثائرين ولثــ.ورتهم، أما ما ينذر بالخطر فهو المؤامرات والمكر والخداع والحلول السياسية المسمومة التي تحاك وتديرها أمريكا رأس الكفر وأدواتها على الأرض.
فالمسلمون على مر العصور والأزمنة بقوتهم الروحية التي يستمدونها من عقيدتهم هم المنتصرون دائما في المواجهة العــ.سكرية فلا يخشى عليهم من هذه الناحية، وكذلك أهل الشام، أما ما يخشى بعد انفراط عقد المسلمين وإسقاط دولة الخـــ.لافة الإسلامية على يد الغرب الكافر أن المسلمين أصبحوا بدون حماية مادية ولا فكرية، وأصبح لديهم فراغ ملأه الغرب الكافر بأفكاره ومفاهيمه العفنة التي استطاع من خلالها تفرقة المسلمين وتمزيقهم إلى دويلات وكنتونات صغيرة خالية من القوة المادية والفكرية ومشبعة بأفكار الغرب ومفاهيمه.
إن هذا الصــ.راع في الشام بالنسبة لأهلها وبالنسبة لعدوهم هو قضية مصيرية وصراع حياة أو موت لا هوادة أو استكانة فيه، فمن ينتصر يقضي على الآخر ويطبق أفكاره ومبدأه وتكون له الكلمة العليا والقول الفصل، وما هذه التصريحات التي يدلي بها بيدرسون بأن الأمور تتفلت من يدهم وأن الأمور في الشام تسير في طريق الخطأ وتزداد سوءاً يوماً بعد يوم بالنسبة لهم، فسببها أنهم أيقنوا أن أهل الشام بهمة الصادقين الغيارى أصحاب الفكر المستنير يسيرون بالأمة ومعها إلى طريق الخلاص وهو إيجاد قيادة سياسية وعسكرية صادقة مخلصة مبدئية تقود الثــ.ورة لبر الأمان.
فأهل الشام قد كشفوا جميع المؤامرات والخطط الخبيثة التي يرسمها الغرب ويزينها على أنها الخلاص بالنسبة للثــ.ورة، وهذا كان بإذن الله وبهمة الواعين ونتيجة لازدياد نسبة الوعي بشكل كبير لدى أهل الشام بعد كل هذه السنين، فقد باءت جميع محاولات إجهاض الثــ.ورة وإعادتها لحظيرة النظام المجرم بالفشل وتسربلت بالخزي وخيبة الأمل بالنسبة لأعداء الثــ.ورة.
ثانياً: إن أهل الشام اليوم في امتحان كبير وفي معاناة عظيمة في ظل ظروف مأساوية يعيشونها؛ فمن جهة قصف ودمار وتشريد في المخيمات، ومن جهة حالة اقتصادية سيئة وفقر شديد يعيشونه، بالإضافة للضرائب والمكوس التي يفرضها عليهم عملاء التحالف وصبيانهم في مدينة إدلب، بالإضافة لمناطق الشمال (درع الفرات وغصن الزيتون)؛ سلب ونهب وقتل وخطف وكأننا خرجنا في الثــ.ورة لكي يتسلط علينا هؤلاء العملاء من جديد فيصبحوا نظاماً آخر علينا بلبوس ثائر يستغل منصبه أو سلطته ليبطش بأهل الثـــ.ورة ويشبح عليهم! وهذا جزء يسير من معاناة أهل الشام الصابرين الثابتين.
على الرغم مما ذكرناه من معاناة أهل الشام يجب علينا أيضاً أن نعلم أن الليل مهما اشتدت ظلمته سيأتي بعده الفجر ويطلع نور الصباح، ونقول لأهل الشام الصابرين الثابتين: إن الطريق الذي خرجتم فيه هو طريق الأنبياء والمرسلين، وهو طريق مليء بالأشواك، ولقد خبرتموه طوال ثلاث عشرة سنة من عمر ثــ.ورتكم المباركة وذقتم فيه شتى أنواع المحن والنوازل التي عصفت بكم، ولكن ومع ذلك أبشروا فإن هذا الظلم وهذا القهر سيعقبه فرج ونـــ.صر وتمكين بإذن الله.
ولنا في رسول الله أسوة حسنة وفي سيرته العطرة بشرى لنا وللأمة جمعاء؛ فقد ذاق ﷺ شتى أنواع العذاب من الكفار والمشركين، ونكلوا بأصحابه وحاربوهم بأرزاقهم وأرواحهم وساموهم أبشع أنواع العذاب، ومع ذلك صبروا وثبتوا حتى نصــ.رهم الله نصراً عزيزاً مؤزراً. كما اشتد أذى الكفار له ﷺ ولأصحابه بعد أن أوحى إليه الله أن يخرج للقبائل فيعرض عليهم الإسلام ويطلب منهم النــ.صرة وخاصة عندما ذهب إلى الطائف، فما كان منهم إلا أن رفضوا دعوته، ولم يكتفوا بذلك بل سلطوا عليه سفهاءهم وغلمانهم حتى سالت الدماء الزكية من قدمه ﷺ، ومع ذلك لم ييأس بل تابع دعوته المباركة حتى جاء نصر الله وفرجه عليه وعلى أصحابه بنــ.صرة أهل المدينة وإقامة الدولة في المدينة المنورة.
وختاماً: تشهد مناطق الشمال السوري المحرر بشقيها إدلب وريفها وريف حلب موجة ثانية للثـــ.ورة المباركة تعيد رونقها وينصع طيبها وتنفي خبثها، وذلك بعد انتفاضة الشارع الثوري منذ أكثر من عشرة أشهر بحراك شعبي منظم واعٍ ضد منتهك الحرمات عرّاب المصالحات عميل التحالف وأدواته للقضاء على ثورة الشام وإعادتها لحظيرة النظام المجرم.
كان انطلاق هذا الحراك رداً على اعتقال الثــ.وار والناشطين وحملة الدعوة من شباب حزب التحرير وسبقهم الكثير من المـــ.جاهدين المخلصين الذين تمت تصفية بعضهم داخل أقبية مخابرات ما تسمى زوراً وبهتاناً هيئة تحرير الشام التي تعمل الآن على ترتيب الأوراق في المحرر لجره لمقصلة جزار الشام بشار المجرم ونظامه العلماني الكافر ولكن كان لأهل الشام الثائرين رأي آخر.
تشهد الساحات اليوم في الشمال المحرر انتفاضة بكل ما تعنيه الكلمة ضد الطغاة المجرمين عملاء التحالف ومطالب صريحة بإسقاط رأس العمالة الجولاني وجهازه الأمني وتبييض السجون، مطالب صريحة واضحة للحراك المبارك لا يمكن التنازل عنها ولا بشكل من الأشكال، ويوما بعد يوم تزداد رقعة المظاهرات ويزداد عدد المشاركين وتتهاوى لبنات جدار الخوف واحدة تلو الأخرى، حتى تحقيق مطالب الحراك الشعبي وإسقاط الطغاة وتصحيح مسار الثــ.ورة.
وأخيراً رسالة لأهل الشام الثائرين: إن خروجكم المبارك ضد هذا الطاغية الجولاني وجهاز أمنه العام ومن قبله طاغية الشام ونظامه البعثي وفروعه الأمنية هو أمر زلزل عروش الطغاة والمجرمين وقض مضاجعهم وجعلهم يقفون على قدم واحدة فباتوا يصلون الليل بالنهار لبحث آلية للوقوف بوجه هذه الثورة وهذا الحراك وكيفية الالتفاف عليه، فلا بد لكم اليوم من إعادة ترتيب صفوفكم بشكل منظم والوقوف على ثوابت الثـــ.ورة وكيفية المحافظة عليها من المتسلقين والمنتفعين ومن أعدائها.
إن ثوابت هذه الثـــ.ورة هي إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه، وقطع يد الكافر المستعمر والتبعية له، وإقامة حكم الإسلام في دولة الخـــ.لافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة على أنقاض هذا النظام المجرم. وأيضا لا بد من قيادة سياسية مخلصة مبدئية صاحبة مشروع سياسي ودستور مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله، تكون قادرة على قيادة مركب الحراك الشعبي والثورة بأكملها لطريق الخلاص وذلك بفتح الجبهات والوصول لدمشق وإسقاط النظام المجرم وإقامة شرع الرحمن على أنقاضه وما ذلك على الله بعزيز. قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

 


- بقلم: الأستاذ إبراهيم معاز

 

المصدر: https://tinyurl.com/2vnztzpr

 

تداعيات ودعوات يرّوج لها فرعون وجنوده

 

 

في الآونة الأخيرة ومع انطلاق الموجة الثانية من ثورتنا المباركة ، مطالبةً بإسقاط الظالمين واقتلاع الطغاة المجرمين ، ثورتنا تسير بهدي الرحمن وعنايته لا يضرها من خذلها .

وكعادة الطغاة في اِتباعهم ذات السبل والطرق لمحاولة تمييع المطالب ، وحرف بوصلة السير ، نرى تسابق قطعان المطبلين لتقديم الحلول الترقيعية لإنقاذ العميل المستبد ، وتحريف المطالب وتشكيل اللجان التي لا تغني ولا تسمن ، وإطلاق القرارات الخلّبية ، والتي في واقعها تداعيات ودعوات يرّوج لها فرعون وجنوده .

يبدو أن الطغاة وأعوانهم لم يطّلعوا على تاريخ من سبقهم ، وكيف أن الله تعالى يمهل ولا يهمل ويملي للظالم «وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِين» ، حتى إذا تعاظم ظلمه وتكبّره أخذه بغتةً بعذابٍ أليمٍ وذلٍّ مهينٍ « حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) » ، وهذا هو حالهم .

انطلقت ثورتنا المباركة بغاياتٍ وأهدافٍ واضحةٍ لا لبس فيها ولا غموض ، وهي إسقاط نظام الطاغية وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه ، ووصل بها الحال إلى ما هي عليه اليوم من تسلط أدوات الماكرين ، من قادة وأجهزة وإدارات أمنية ، تبطش وتظلم بأهل الثورة ومجاهديها ، لحرف مسارهم وكسر إرادتهم وتثبيط عزيمتهم ، لمحاولة استدراك الموقف المتهالك لسيدهم الطاغية و نظامه القمعي ، وتطبيق الحلول الاستسلامية و الانهزامية بمصالحة هذا النظام المجرم ، الذي سفك الدماء وانتهك الحرمات ودمّر البلاد "وهم على نهجه في الظلم و الطغيان سائرون" ، فكانت هذه الأفعال شعلةً للموجة الثانية للثورة المباركة ، والتي خرجت تحت بندٍ عريضٍ لتسقط كل من يقف في طريق إسقاط النظام المجرم ، ومن ضمنهم القادة العملاء والأمنيين الجبناء ، وذلك لتستعيد الثورة قرارها وسلطانها المغتصب ، و تعود عجلة الثورة للدوران لتسحق كل طاغية يقف في وجهها ، وأما محاولاتهم البائسة في حرفها وتمييع أهدافها فهي أساليب قديمة استخدمها من قبلهم من هم أكثر إجراماً وفشلوا .
فالآن أهل الشام يمضون نحو ثورة واعية بقيادة مخلصة لا تنثني عزائمهم ولا تلين ، مؤمنين بوعد الله ونصره لجنده المخلصين ، ولا يضرهم من خذلهم ، انطلقوا ليعيدوا ثوابت الثورة المباركة ، بإسقاط نظام الإجرام ، وقطع حبال الداعمين واستئصالهم ، وحتى تحكيم نظام الإسلام بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة .

هذا هو الطريق الذي سيوصلنا بإذن الله لعّز الدنيا والآخرة ، ونحن على ثقة تامة بأن الله سيقصم ظهر الطغاة والظالمين ويمّكن لعباده المؤمنين .
قال تعالى {فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }

--------------
علي مـعـاز

 

 

434032051 122138997182091646 5240498450378971113 n

 



أفادت نشرة أخبار السبت 30/03/2024م من إذاعة حزب التحرير في ولاية سوريا، بأن الحراك الثــ.وري اليومي المطالب باستعادة قرار الثـــ.ورة وإسقاط الجولاني، وإطلاق المعتقلين، واصل فعالياته الشعبية المستمرة في ريفي حلب وإدلب في جمعة جديدة وبزخم شعبي كبير. فقد خرجت مظاهرات بعد صلاة الجمعة 29/03/2024 وأخرى ليلية في أكثر من 25 مدينة وبلدة ومخيم بريفي حلب وإدلب، كان أبرزها مدينة إدلب، ومدن بنش وسرمدا وحارم وجسر الشغور وكفرتخاريم بريف المحافظة، إضافةً لمدينة الأتارب وأبين وحزانو غربي حلب، للتأكيد على إسقاط الجولاني، وحل "جهاز الأمن العام"، والإفراج عن معتقلي الرأي في سجون هيئة تحرير الشام، ومحاسبة الجولاني والمتورطين في قضايا التعذيب، وأكد المتظاهرون على مواصلة حراكهم السلمي حتى تحقيق كافة مطالبهم. بينما خرجت ظهر السبت 30/03/2024 وقفة احتجاجية أمام وزارة العدل التابع لحكومة الإنقاذ في إدلب للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين المظلومين في سجون جهاز الأمن العام.

 

 

المصدر: https://tinyurl.com/wkkjfx2w

 

 

أنصاف الثورات مقتلة وتضييع للتضحيات

 


بعد مرور ثلاثة عشر عاماً على انطلاق ثورة الشام المباركة ، ثورة العزّة والكرامة ، في وجه أحد أعتى الطغاة المجرمين في زمننا المعاصر وهو نظام الطاغية بشار أسد المجرم ، كانت أنظمة الغرب على علمٍ بأن ثورة الشام مختلفة عن بقية الثورات في الربيع العربي ، وهي ليست مجرّد ثورة للسوريين لتغيير شكل الحاكم واستبدال حاكمٍ آخر على شاكلته به، وإنما كانت ثورة أمة تهدُف للتغيير الجذري وليس لتغيير الحاكم فقط ، بل لتغيير نظام الحكم الجبري واستبداله بنظام الحكم الربّاني ، المتمثل بدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ، فالثورة خرجت تنادي بإسقاط النظام العلماني المجرم وتطبيق حكم الإسلام على أنقاضه ، وخرجت من بيوت الله لتؤكد على ذلك ونادت بأعلى صوتها " هي لله هي لله ولتحكيم شرع الله" فكانت ضربة قاصمة لأنظمة الكفر التي حاولت عبر سنوات طويلة أن تنهي النفس الإسلامي في الأمة .

ولذلك بدأت الحرب الشرسة وتكالبت أمم الكفر قاطبةً لمحاولة إجهاض هذه الثورة ، وتشويه البريق اللامع للمطالب والغايات الأصيلة لها ، خاصة وأنها وجّهت أنظار الأمة الإسلامية جمعاء تجاهها ، ونعلم جميعاً كيف بدأت عمليات حرف المسار عبر إدخال المعارضة المزيفة التي لا يمكن تسميتها سوى مطايا لتنفيذ مخططات الدول المتآمرة ، كواحدة من الخطوات الخبيثة والمتعددة التي عمل عليها أعداء الإسلام ، وكيف أدخلوا المال السياسي القذر فاشترى ذمم الكثير من القادة ضعفاء النفوس ، وكيف تحول عملهم من فتح الجبهات وتحرير المناطق وإعادة المهجرين لديارهم ، إلى تسليمها بأوامر من المعلم والداعم .

يا أهل ثورة الشام إننا في هذه الثورة المباركة خضنا العديد من التجارب والمنعطفات والعثرات ، فكانت نتائج هذه التجارب طوال الثلاثة عشر عاماً هي الخبرة والوعي الكبير بعد التجربة والمعاناة ، فأصبح مكر الغرب واضحاً في سعيهم لتشكيل لجنة دستورية لتنفيذ مصالحهم والسير بالثورة نحو مستنقع المصالحات القذرة مع نظام الإجرام ، كما أصبح واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار ارتهان قادة المنظومة الفصائلية لهذه المقررات ، بل وأصبحوا أداةً رخيصةً لتنفيذ هذه المقررات ، وكسر إرادة الثائرين وإخضاعهم ، وما إغلاق الجبهات وتسليم المناطق واتجاههم نحو بناء المؤسسات الكرتونية والمعابر والمولات وغيرها إلا تأكيداً على ذلك ، وهذا بحد ذاته تجارة واضحة بالتضحيات والدماء التي قدّمتها ثورتنا في سبيل إسقاط النظام المجرم ، ولكن أهل الشام الثائرين أعلنوها بإذن الله نحو ثورة واعية بقيادة مخلصة تصون التضحيات وتنتقم لدماء الشهداء ، حتى تسقط نظام الطاغية المجرم وتقيم على أنقاضه حكم الإسلام بإذن الله .

والوقت الآن هو وقت العمل الجاد وتحمل المسؤولية من الجميع ، وإلى من يدّعي الوقوف على الحياد أقول لهم ، لم يعد هناك مجال للوقوف ومتابعة النظر والانتظار ، فالحق واضحٌ جليّ والباطل وأهله قد فضحتهم ثورتنا على رؤوس الأشهاد ، ولا عذر لقاعد فهبوا لإنقاذ ثورتكم والتحقوا بركب الثائرين الأحرار كي نقود ثورتنا نحو النصر والتمكين .

---------------
علي مـعـاز