press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

maqal250418 1

قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي فإنها أعظم المصائب).
وأي مصيبة أعظم من موتك يا سيد الخلق والبشر.... وأي مصيبة أعظم من انقطاع الوحي والرسالة, وخصوصا أنك خاتم الأنبياء والمرسلين؟
هذه المصيبة العظيمة التي كشفت معدن الرجال ، وأظهرت المواقف المشرفة لمن صدق وثبت ،و كذلك المواقف المخزية لأولئك الذي انقلبوا على أعقابهم وغيروا وبدلوا .
فبعد وفاته صلى الله عليه وسلم ذُهل المسلمون واضطربوا... منهم من أنكر موته عليه الصلاة والسلام, ومنهم من لم يستطع الكلام, ومنهم من لم يستطع الوقوف على قدميه, ومنهم من ثبَّت اللهُ قلبه فاستطاع أن يثبِّت الناس...هكذا كان حال المسلمين.

أما حال الكفار والمنافقين الذين كانوا يتربصون بالمسلمين وبدولتهم الإسلامية, وكانوا يتحينون الفرصة للانقضاض عليها فقد انقلبوا على أعقابهم ، وارتدوا عن دينهم ، و ازداد حقدهم ومكرهم بالإسلام وبدولته
نعم لقد ظهرت المواقف المخزية ممن دخلوا بالإسلام نفاقاً نتيجة الرأي العام الإسلامي الجارف, وهيمنة سلطان المسلمين على المجتمع ، وظهور أفكاره وأنظمته ومشاعره ، لكنهم سرعان ما أظهروا وجههم الحقيقي وكشروا عن أنيابهم ، وارتدوا عن دينهم ، و أصبحوا خطرا عظيما يتهدد دولة الإسلام .
ولكن بالمقابل ظهرت المواقف العظيمة والمشرفة التي كان رائدها أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه, فقد كان رضي الله عنه رقيق القلب سخي الدمع, شديد الرحمة!! لكن هذه المواقف تحتاج إلى شدة وصرامة وحزم..
وقف أبو بكر رضي الله بعد أن ألقى نظرة الوداع على حبيبه وصاحبه رسول الله وقبله على جبينه, ثم وقف خطيباً بالناس بكل ثقة ويقين ، وبكل جرأة وحزم فقال:
(من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت).
وتلا قوله تعالى: ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِين )( أل عمران 144 )

نعم إن الإسلام لا ينتهي بموت أحد حتى ولو كان نبياً ورسولاً, ولا ينتهي بمجرد سقوط منطقة من المناطق ، وقد ظن أعداؤه من قبل أنهم قضوا عليه عندما هدموا دولته ، ولكنهم خابوا في ظنهم فها هم المسلمون يغذون السير لإعادة دولتهم من جديد وقد لاحت تباشير فجرها القريب بإذن الله . لذك يجب التمسك بما جاءت به الرسل وهو " الوحي " الذي لازال بين أيدينا, حتى ولو مات النبي أو قتل, أو سقطت بعض البلاد بأيدي أعداء الله ، ويجب حمل مشروع الإسلام العظيم والتمسك به .
لقد سقطت القدس ودمشق وبغداد وغيرها من البلاد بأيدي الصليبين والمغول , لكن سرعان ما اجتمع المسلمين تحت قيادة ربانية صادقة وواعية, واستطاعوا أن يستعيدوا بلادهم ويطردوا الغزاة أعداء الله, وقد مرغوا أنوفهم بالتراب . فما بال اليوم في ثورة الشام نرى أقواما وضعوا أوزار الحرب والحرب لازالت قائمة, و أعلن بعضهم استلامه واقتنع بما يروجه أعداؤه من هزيمته ، و بعضهم اعتزلوا في بيوتهم أو خرجوا من بلادهم ظناً منهم أنهم في مأمن من أعداء الله وطائراتهم, والله تعالى يقول: (ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا). فالحقيقة التي يجب أن ندركها أننا أمام خيارين لا ثالث لهما :

-إما أن نتخذ المواقف الحازمة المشرفة فنثت على ثورتنا ونجتمع على ما يوحدنا ، وهو مصدر خلاصنا وعزنا " مشروع الخلافة على منهاج النبوة " ، بعيداً عن الارتباطات الخارجية, وبهذا المشروع وحده نستطيع أن نصد الهجمة الشرسة لأعدائنا ونرد كيدهم الى نحورهم , فصون أنفسنا ونحفظ ديننا ، ونبني دولتنا ، ونكون بذلك قد سرنا على خطى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه.
-أو أن نُمكِّن أعداء الله وأعداءنا منا ، ونتنازل عن ديننا ، ونترك أعراضنا وبلادنا مستباحة أمام المجرمين, وعندها ستجري علينا سنة الاستبدال ، وهذا والله خزي الدنيا والآخرة.
قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (المائدة 54 )

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
عبد اللطيف الحريري أبو جرير

maqal250418

كالعيس في البيداء يقتلها الظما *** والماء فوق ظهورها محمول

لطالما جسد هذا البيت من الشعر حال الأمة على مر سنوات طوال حيث كم قدمت وما زالت تقدم من تضحيات ليس إلا لأنها آمنت بربها ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ وتتطلع إلى الانعتاق من ربقة المجرمين أتباع المبادئ الأخرى من رأسمالية وغيرها الذين جروا على العالم ما جروه من ويلات.

وجدت الأمة متنفساً في الأرض المباركة التي قال عنها رسولنا الكريم ﷺ «أَلَا إِنَّ عُقْرَ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ» فقامت ثورة على نظام متغطرس أعمل في جسدها الجراحات على مر عشرات السنوات بمنظومة أمنية وعسكرية مجرمة، فكانت ثورة وليدة خرجت من المساجد وصدحت بشعارات تنبئ بإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام.

ولما كان هذا النظام المجرم كغيره من أنظمة الجور في العالم الإسلامي، حلقة من سلسلة النظام العالمي وبذرة شر زرعها أسياده في الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا كان لا بد من أن يستنفر الغرب والشرق للإجهاز على هذه الثورة كل حسب الدور المرسوم له، فصنعوا قيادة سياسية علمانية ألحقوا بها القوى العسكرية، وساقوهم لمفاوضات مع المجرمين برعاية المجرمين فصار الجلاد هو الضامن، فانحسرت الثورة ولحقت بها خسائر متتالية وبدأ النزول بعد صعود والهزيمة بعد النصر، فتبين أن الانتصارات التي أحرزت ما هي إلا إحدى اثنتين: إما كرم من الله وأعطية رغم معاصينا وذنوبنا علها تكون موجهاً نحو الطاعة والامتثال لأمره، أو حبلاً من حبال أمريكا مكرت حتى تلفه على رقابنا وتشده في اللحظة المناسبة لتعيد للنظام ما أخذ منه مع تحقيق الهزيمة النفسية للثورة ومن ثم تصفيتها، وفي كلا الحالتين الانحسار تحقق فسلمت بلاد وعباد وعتاد، أعاد للنظام نشوة النصر بعد ذل الهزيمة!!

وبالتشخيص الدقيق للمرض الذي استشرى في جسد الثورة من مال سياسي قذر واقتتال بين الفصائل وهدن ومفاوضات وتسليم البلاد والعباد والعتاد...إلخ، ما كان ذلك ليحصل لو كانت هناك ثوابت تسير الثورة بها ووفقها تحت ظل قيادة سياسية من صلب الأمة واعية مبصرة لطريق النجاة والخلاص.

هذه الثوابت تفرض نفسها كواقع شرعي من باب الحاجة الملحة وليس الترف الفكري،فثورة خرجت على نظام يُفترض أن تسعى لتغييره عن بكرة أبيه وتجتثه من جذوره وتسقطه بكافة أركانه ورموزه وأكثر، ما يعني ذلك المنظومة الأمنية والعسكرية؛ فبهم تتمثل الدولة العميقة وكل ما سوى ذلك إنما هو ترقيع للنظام وإعادة إنتاجه.

وبالتالي فالثابت الأول يجب أن يكون إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه، وبالسياق نفسه يفرض الثابت الثاني نفسه ألا وهو التخلص من نفوذ دول الكفر والانعتاق من التبعية لها وللأنظمة التي تواليها ﻷنها لن تقبل بإسقاط حلقة من سلسلتها فكيف إن كان هذا السقوط مؤذناً بنهايتهم فستجد مكرهم تكاد تزول منه الجبال، وهذا ما حصل فكانت العصا الغليظة (النظام وروسيا وإيران وحزبها في لبنان ومرتزقة المليشيات) من جهة، والعصا الناعمة الملمس (أمريكا وتركيا وقطر و السعودية وغيرها ممن ادعى زوراً الصداقة) من جهة أخرى.

وأما الثابت الثالث فكان إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ وذلك ﻷن الثورة التي خرجت ﻹسقاط النظام فهي بحاجة لتصور البديل عن هذا النظام، وكونها قامت على النظام العلماني الكافر فكيف بها تقبل بغير شرعة ربها وكيف تطلب من الله أن ينصرها إن لم تحقق معادلة ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ وكيف ينصرها على غير طاعته.

هذه هي الثوابت الثلاثة التي لا بد للثورة أن تلتزم بها ولا تحيد عنها قيد أنملة ولا تحتاج بذلك إلا لقيادة سياسية مخلصة واعية على خطط الكفار وأعوانهم وتملك مشروعاً مستنبطاً من كتاب الله وسنة رسوله فتكون الربان الذي يقود دفة السفينة إلى بر الأمان بعد تلاطم أمواج الكفر عليها وتقاذفها بها.

وها هو حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله يقدم نفسه ﻹخوانه قيادة سياسية واعية على الأحداث ومكر الغرب وخططه، مالكة لمشروع تفصيلي يرضي رب العباد، فيا أهل الشام لا تكونوا كتلك العيس واعلموا أن الحل بين أيديكم، فسيروا على بركة الله واعلموا أن الله سبحانه﴿غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ و﴿سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾.

كتبه لجريدة الراية: الأستاذ عامر سالم أبو عبيدة بتاريخ 25 نيسان/إبريل 2018م
المصدر: https://bit.ly/2FeMnWm

maqal200418

• عندما ثار الناس على نظام السفاح بشار في بديات الثورة ، كان أول شيء قاموا به أنهم كسروا جدار الخوف الذي كانت الأجهزة القمعية تسجنهم خلفه ، وتمنع كل واحد منهم من مجرد التفكير بتغيير هذا الواقع المرعب من الظلم والقمع الذي يعيشون فيه .
• وانتشرت الثورة وسقط جدار الخوف وامتلك الناس قرارهم وهتفوا ملء حناجرهم بشعارات تنبع من داخلهم ثم تنبثق من عقيدتهم معبرين عن إرادة التغيير ، الذي كانوا على استعداد لبذل الغالي والنفيس من أجل تحقيقه .
• كانت الثورة شعبية قوية تشمل كل شرائح المجتمع اندفع الجميع من أجل انجاحها فكانت أملا للمظلومين والمقموعين والمضطهدين ، والمتطلعين لاسترجاع كرامتهم وكرامة الأمة وإقامة حكم الإسلام الذي يعيد للأمة عزتها ويحقق تحريرها من الاستعباد الداخلي والخارجي .
• بعد عسكرة الثورة ونشوء الفصائل ، أخذت الفصائل تعتبر نفسها هي الممثل الأول ويكاد يكون الوحيد للثورة ، وقد عزز ذلك عقلية التسلط وفرض الرؤيا بالقوة من جهة ، وعدم امتلاك مشروع محدد ، بل مجرد وجهات نظر جزئية محدود ، وتطلعات للسيطرة المناطقية عند قيادات الفصائل التي سيطرت عليها النظرة الضيقة ، وتملّكها غرور القوة ، وغاب عنها عقلية الرعاية ، ولم تدرك أن الحاضنة الشعبية هي السند الطبيعي الذي يجب أن تحافظ عليه .
• هذه العقلية وتلك التصرفات ، التي عززها غياب الوعي والانحراف عن الهدف الأساسي للثورة ، ومحاكاة الأجهزة القمعية التي ثار الناس عليها ، من حيث انشاء الأمنيات التي حاكت تصرفات الأجهزة القمعية عند نظام السفاح ، وتسلطت على الناس ؛ ومن حيث التصرفات التسلطية القمعية غير الواعية للكثير من حملة السلاح ، كل ذلك أدى الى حصول الفصل بين الحاضنة الشعبية من جهة ، وبين المنظومة الفصائلية بتركيبتها السائدة من جهة أخرى ، وأصبح من يُفترض أن يكون أملا للناس سيخلصهم مما كانوا يعانونه من بطش وظلم وقمع ، هو مصدر ظلمهم وقمعهم .
• كل ذلك ترافق مع ظروف قاسية عاناها الناس من قصف وقتل وتدمير وتهجير ، أدى الى زعزعة فكرة الثورة في نفوس كثير منهم ، وأدى الى اعتزال الكثيرين العمل الثوري ، وزرَع اليأس من إمكانية التغيير المنشود الذي كانت الناس تراه حتميا في بدايات الثورة ، مما جعل المنظومات الفصائلية تتمكن من سلب إرادة الناس من جديد الى حد ما .
• هذه التصرفات الفصائلية الأمنية والقمعية أدت الى سلب أرادة الناس ، وقتل الأمل في نفوس الكثيرين منهم ، ومكنت قيادات المنظومات الفصائلية في ظل غياب محاسبة الناس من الانحراف ببوصلة الثورة الى الاقتتال فيما بينها حينا ، والى التنازل عنها وبيعها في سوق المفاوضات والمؤتمرات حينا آخر . لأن الثورة فقدت قوتها الشعبية الفاعلة والمؤثرة عندما تخلت الحاضنة الشعبية عن فاعليتها ولم تعد تثق بقدرتها على التغيير والتأثير .
ولن يتم انقاذ سفينة الثورة من هذا المنزلق الخطير إلا بتحقيق الأمور التالية :

1 - إن تتبنى الثورة مشروعا محددا ينبثق من عقيدتها يبلور لها أهدافها ، ويركز ثوابتها ويجمع شتاتها
2 - أن تتخذ قيادة واعية حاملة للمشروع ، تبصر طريقها وتسير بالثورة نحو أهدافها ، وتعي على مخططات الدول المتآمرة ومكائدها .
3 - أن تعود الثورة من جديد لتشمل كل شرائح المجتمع ، وأن تأخذ الحاضنة الشعبية دورها الفاعل في نصرة المشروع وحملته وأنصاره ، وفي محاسبة المنحرفين عن نهجه ، وبذلك تستعيد سلطانها الذي فقدته من جديد .
إن المصير واحدٌ والمسؤولية كبيرةٌ ، وليس الواجب في انقاذ سفينة الثورة على فئة دون أخرة ، بل هو مسؤولية الجميع ، ويجب أن يقوم كل منا بما هو واجب عليه ، فنمتلك قرارنا ، ونتوكل على ربنا ونعتصم بحبله ، ونقوم بما أوجبه الله علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبذلك ننجو جميعا من الواقع الذي نحن فيه ، لنحقق خلاصنا ونصرنا وعزنا ، وما ذلك على الله بعزيز . قال تعالى :
(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ) ( القصص 5 )

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
حنين الغريب

maqal230418

لقد قامت حركات عديدة بمحاولة إنهاض المسلمين، بعد أن هدم الكافر المستعر دولتهم، ومزق كيانهم الى دويلات صغيرة، واستعمرها حينا من الزمن؛ ثم نصّب عليها حكاما نواطير لنظامه العفن ، وحراسا لمصالحه ، مهمتها المحافظة على عبودية الأمة للكافر المستعمر ، والقضاء على كل محاولات الأمة للتغيير، وذلك من خلال البطش والقمع . ولكن هذه الحركات التي قامت بمحاولات النهضة ، كانت تفتقد الى مقومات النجاح ، وتحمل بذور فشلها في داخلها بمعزل عن ممارسات الحكام القمعية وتسلط أجهزتها البوليسية والمخابراتية التي نشرت الرعب وكممت الأفواه .
فهذه الحركات السابقة ، و التي نشهدها اليوم ونعايشها أيضا ، لم تكن حركات وأحزاب مبدئية تتبنى مشروعا محددا ، وأفكارا مبلورة ، وتتخذ لنفسها طريقة مستقيمة من جنس فكرتها ، بل قامت على أفكار عامة وشعارات غير واضحة ، واتخذت طريقة ارتجالية ملتوية حسبما يسمح لها الواقع بذلك .
ولم تكن تهدف لتغيير الواقع تغييرا جذريا انقلابيا ، بل لجأت الى محاولات الإصلاح و الترقيع ، وعمدت الى مشاركة الأنظمة الحاكمة ، والدخول بلعبتها الديمقراطية ، وطرح ما يمكن أن يكون مقبولا من هذه الأنظمة ، أو ما هو تحت السقف الذي تسمح به هي وأسيادها من دول الغرب الكافر .
فمن هذه الحركات والأحزاب من اتخذ المشاركة في الحكومات الفاسدة العميلة أسلوبا للتغيير حسب زعمه، و منها من ظنَّ أن الدخول في البرلمانات أسلوبا للتغيير ، ومنهم من جعل الفرد هو الأساس ، وركز جهده على إصلاحه وفق مقولة " أصلح الفرد يصلح المجتمع " متجاهلا طبيعة تغيير المجتمعات ، وأنها تختلف عن طبيعة تغيير الفرد ، ومنهم " كحزب النور السلفي " جعل المداهنة للحاكم سبيلا للتغيير والإصلاح كما يزعمون .
ومنها من اتخذ العمل المسلح والتغيير المادي أسلوبا لتغيير الواقع ، وأراد فرض رؤيته الجزئية – إن كان يمتلك رؤية – بالقوة والتغلب . متغافلا عن الطريقة الصحيحة التي بينها لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو يسعى لإقامة دولة الإسلام التي أقامها في المدينة المنورة .
فكان لابد لنا من اتباع طريقة رسولنا الكريم محمد ابن عبد الله ، عندما قام بمحاولة تغيير مجتمع مكة ، وتحويله الى مجتمع إسلامي ، فهو صلى الله عليه وسلم رفض مشاركتهم في أنظمتهم ، بل أنكر عليهم ، وسفه الهتهم وعاب عليهم تقاليدهم. و قام عليه الصلاة والسلام بإيجاد جماعة أي حزب ، و حدد طريقته وهدفه وغايته ،وبدأ يسير بهم على بصيرة كما أوحى له ربنا جلا وعلا ، وصحابته الكرام يترسمون خطاه دون الحيد عنه قيد شعرة ،و قد لاقوا في سبيل ذلك الكثير من العذاب ، فلم يجعلهم ذلك يتنازلون عن فكرة واحدة من أفكارهم ، ولم يجعلهم يحيدون قيد أنملة عن طريقتهم التي شرعها لهم ربهم ، وبقوا على ذلك حتى منَّ الله على رسوله وعليهم بأنصار المدينة أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقاموا دولة الإسلام وفتحوا بعدها الأمصار والبلدان .
إن المبدأ الإسلامي الذي أعزنا الله به من قبل ، فحوَّل العرب من قبائل متناحرة تتقاتل من أجل ناقة أو جمل ، ويتلاعب فيها الفرس والروم ، هو المبدأ الذي سينقذنا مما نحن فيه من تشرذم وتشتت وضياع وهوان على الناس ،
فلا بد لنا إن أردنا العزة والكرمة والفوز في الدنيا والآخرة ، أن نعود اليه من جديد نسعى لإقامة دولته التي تجعله واقعا مجسدا في الحياة ، وفق طريقة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، والتي تجمع الركائز الثلاثة لقيام الدولة وهي حملة المشروع الذين يجمعنا ، والذين تبلور عندهم ، فحملوه بكل تصميم وثبات صافيا نقيا وفق طريقة مستقيمة ، و الحاضنة الشعبية التي وجد فيها الرأي العام المنبثق عن وعي عام ، فكانت لذلك سندا طبيعيا لحملة المشروع ولأنصاره ، ومن ثم أنصار المشروع ، وأنصار حملته من أهل المنعة والقوة ، الذين يكونون كسعد بن معاذ وسعد بن عبادة و غيرهم من الأنصار المفلحين .
ونحن في ثورة الشام أدركنا نتيجة سيرنا على غير هدى دون أن نتبنى مشرع الإسلام العظيم ، وكيف أن تضحياتنا كانت في خدمة الدول المتآمرة علينا ، الذي تريد النصر لمشروعها ، والمحافظة على نظام الكفر العميل الذي ترعاه .
وأدركنا النتائج الكارثية لمن أرادوا أن يفرضوا رؤيتهم المحدود بالقوة ، حتى لو زعموا أنها إسلامية .
ورأينا أولئك الذين وثقوا بأعدائهم وسراب وعودهم القاتلة ، وأولئك الذين سلكوا طريق الهدن والمصالحات مع من ثاروا عليه ، كيف هُجٍّروا هم وأهلوهم في البلاد ، وانتُزِع منهم السلاح ، ولن ينالوا إلا الخزي و الحسرة والندامة .
إن امتلاكنا – وخاصة في ثورتنا - المشروع المحدد الذي ينبثق من عقيدتنا ويدفعنا الى تغيير الواقع الذي نعيش فيه تغييرا جذريا ، لا مجال فيه للمساومات ولا لأنصاف الحلول ، ويجعلنا نعرف ما نريد ونسعى له بكل طاقاتنا ، يحفظنا - ما دمنا متمسكين به - من كل محاولات التضليل ، التي تهدف الى تضييع أهدافنا ، وحرف بوصلتنا ، وتغييب ثوابتنا ، والقضاء على ثورتنا .
وإن تبنينا لطريقة واضحة مستقيمة من جنس فكرتنا ، هي طريق رسولنا صلى الله عليه وسلم ، هو ما يجعلنا نسير على بصيرة نحو تحقيق أهدافنا ، وتغيير واقعنا تغييرا جذريا ، من هذه الواقع المرير الذي نعيشه ، والذي لا يخفى على أحد الى الواقع المنشود الذي يرضى عنه ساكنو الأرض والسماء .
وعندها فقط نصحح مسارنا ، ونرضى ربنا ، ونصدق الله في قولنا الذي هتفت به حناجرنا
( قائدنا للأبد سيدنا محمد )
قال تعالى : ( قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ﴿١٠٨ يوسف ﴾

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
أحمد إبراهيم الحسن

maqal180418

لعل كثيرا من الكلام قد تم الحديث عنه بخصوص ثورة الشام وما آلت إليه أحوالها، وقد يصل بعض الأحيان القارئ إلى الضجر من تكرار الأحداث والسرد للوقائع من باب أنها أصبحت معلومة للجميع، ولكن هل هذا يكفي...؟

نعم قد تم تكرار التفاصيل مرات عدة ولكن التجاوب والاستجابة لم تصل للمستوى المطلوب فليس المقصود هو الخبر وإنما الأفعال، فإن لم تقد الفكرة لسلوك فهذا معناه أنها لم تتجاوز كونها معلومات فقط تكون فائدتها أنها تذكر في المجالس والجلسات فقط... لذلك لزم أن تعاد الفكرة وتطرح مرات ومرات ويتكرر الحديث عنها مرة بعد مرة لأجل أن تتركز وينتج عنها سلوك يفضي لتحرك يكسر حاجز قد بني ليحول دون ذلك.

فما دام مصدر التغيير لا يستجيب مع علمه بمكمن الخلل فدلالة ذلك أن حاله يختلف عما كان عليه قبل أن يكسر حاجز الصمت الذي كان يعيش فيه. لذلك كان لزاما على الرائد الذي لا يكذب أهله أن يذكر مرات ومرات الأمة بواجبها ودفعها لاستعادة سلطانها لتضعه بمكانه الصحيح، لذلك يذكّر بالمشهد العام للثورة وتتكرر الأفكار مرات ومرات كما قطرات المطر حتى تحدث أثراً ويتحقق المقصود.

وسؤال الكثيرين المطروح هو: هل أوشكت ثورة الشام أن يقضى عليها وأصبحت على بعد خطوات من العودة لدائرة حكم النظام الوظيفي في الشام؟

إن الناظر بعين بصيرة لثورة الشام ليجد أنها منذ أيامها الأولى لم تكن بمأمن من المتربصين والخبثاء والمتسلقين والمتلونين وغيرهم من أصحاب الفكر الظلامي والانبطاحيين. فمنذ أن أعلنت ثورة الشام في آذار وحتى هذا اليوم وبعد أن مر عليها سبع سنوات ويزيد من الأيام وهي ما مر عليها يوم لم تكن فيه بين صفيحي ساخن...

فذئاب العالم أجمع تكالبت عليها؛ كل يريد أن ينهش جسدها؛ فمن طامع لأن يكون له موطئ قدم فيها بعد أن قطعت، إلى متأمل أن ينال نصيباً من خيرات بلدها، إلى قذر يرغب أن تبقى تحت مظلته سنين وسنين وما همهم أهلها ولا معاناتهم ولا ما يمارس عليهم، تلك هي علمانيتهم وهذا هو حقدهم...

كان حليفهم في ذلك أنظمتهم الوظيفية التعيسة التي وضعوها بعد أن أسقطوا حاضنة المسلمين وراعية مصالحهم، أنظمة جائرة على رعيتها مطواعة لأسيادها غايتها رضوانهم ليبقوا في مناصبهم ولو كان الأمر بسخط الله، فهذا آخر همهم وما يجول في خاطرهم، أعمتهم الدنيا عما استرعوا عليه فخانوا الأمانة وضيعوها...

فمنذ آذار من عام 2011 وأمواج الغدر والخيانة تلطم سفينة أهل الشام لمنعها من الوصول لهدفها وغايتها المنشودة. لم تترك وسيلة لم تمارس وأسلوب لم ينفذ، وكانت أدوات ذلك فرقة تلبست بلبوس الثورة لخدمة أسيادها فغدرت بأبناء الشام وطعنتهم وساهمت بحرف بوصلة ثورتهم. فمن سياسيين نفعيين علمانيين إلى قادة فصائل عملاء طماعين حتى الوصول لشرعيين وقحين مع الله ونصوصه حرفوها وزينوها برعاية شيطانية لأجل لعاعة من الدنيا لن تدوم ولكنها سبيل وصولهم لجهنم وبئس مثوى الظالمين.

أيام وسنوات مرت على أهل الشام فيها ضنك العيش ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، رافقه صبر صاحبه احتساب الحال لله فعجزت أعتى الدول ومن خلفها عن كسر إرادتهم فكانوا كما قال فيهم رسول الله ﷺ خيرة الله من عباده على خيرته من أرضه.

واليوم وبعد كل ذلك وضح الداء الذي استشرى في هذه الثورة المباركة، فبعد أن كانت ثورة أمة تتضافر جهود أبنائها ليسيروا بخطا ثابتة لإسقاط نظام الغدر والخيانة والعمالة في دمشق أصبحت ثورة فصائل جل غايتها سلطة ومالاً وجاهاً!!

حالة من الحالات التي مرت على أهل الشام وجب تجاوزها في سبيل السير للهدف المنشود الذي قامت عليه ثورتهم بإسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه. تشبه سابقاتها وتضاف لما برع النظام على القيام به حين يصعب عليه أن يسقط ويكسر إرادة أهل الشام.

هذا ديدن ملة الكفر؛ تسعى جاهدة لوأد أي تحرك للأمة، أدواتها أنظمة الرويبضات التي أوجدت لأجل تلك الغاية، أذون مفتوحة تعطيهم إياها ليستعينوا بأبشع الوسائل لأجل منع أي حركة صحية تسير بالأمة نحو هدفها باستعادة سلطانها المسلوب؛ حتى وإن كانت مواد محرمة دوليا كالكيماوي مثلا الذي استخدم مرات ومرات في الغوطة وخان شيخون ودوما مؤخرا.

وما يُظهر جليا سُخف هذا المجتمع وحكوماته ونياته المقصودة هي ردود الفعل بعد كل مرحلة يستخدم فيها ما يسمونه محرم دوليا، فهم يحاولون قدر الإمكان حفظ ماء الوجه من خلال تصريحاتهم وتلميحاتهم بنية التحرك ولكن أدرك القائمون على ثورة الشام والمشاركون فيها والثوريون أن العالم جله كحكومات غايته واحدة ونيته واحدة وهدفه واحد وإن تنوعت أساليبه؛ وهو منع أن تقوم قائمة لهذا الدين والسعي بكل جهد لأن يبقى لهم نفوذ في بلاد المسلمين وإن كلفهم ذلك قتل الملايين فهذا آخر همهم وهذه طبيعة مبدئهم التعيس.

يا أهلنا في الشام! كنا معكم منذ نعومة أظفار الثورة كثوريين وفاعلين ونشطاء وكنا معكم كجهاز مناعة لكم عندما حاول الجبناء سرقة ثورتكم وكنا بين صفوفكم ونلنا ما نلناه من معاناة وألم، وكنا لكم كما الأم لابنها ترعاه وتحفظه وتصونه وتوجهه لخير الطرق وسدادها. عايشنا معكم كل مراحل الثورة الساخنة والتي لم تخرج يوما من بين صفائح النار وحذرناكم من الغرب الكافر ونيته إجهاضها وأساليبه التي قد يتبعها لأجل ذلك، فكنا رائدا لا يكذب أهله ويصدقه، ونذيرا عريانا في مراحل الخطر الكبير، واليوم وغدا وحتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وسنبقى رائدا لا يكذب أهله ويسير أمامهم في سبيل الوصول لوعد الله وبشرى رسوله خلافة راشدة على منهاج النبوة.

يا أهل الشام! لا تيأسوا من هذا الحال الذي وصلت له الثورة فإنما هي سنة الله في خليقته أن يسبق الفجر أشد ساعات الظلمة وأن تضيق الحلقات حتى تستحكم ولكن بعدها فجر يبزغ وفرج قادم، فما عليكم إلا الصبر والله، وأن توسدوا الأمر لأهله فقد سقطت كل أقنعة الظالمين.

ثورة الشام اليوم أمام مشهد عظيم وليس هو الوحيد الذي مر عليها، يتربص بها ذئاب البشر في سعي للقضاء عليها ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ولكنه عند الله، فالمطلوب هو عدم اليأس من روح الله والالتجاء إليه والسعي ضمن دائرة طاعته فما النصر إلا من عنده ولكن وجب علينا نصرته وفي حينها ليس الله بمخلف وعده رسله إنه عزيز ذو انتقام.

كتبه لجريدة الراية: الأستاذ عبدو الدلي (أبو المنذر) بتاريخ 18 نيسان/إبريل 2018م
المصدر: https://bit.ly/2JW2CuX