- التفاصيل
ثمة من يداوم التركيز على أن الثورة خرجت ضد طاغية الشام لاستبداله باعتباره سبب الظلم وشقاء الحال؛ وذلك لصرف النظر عن حقيقة المشكلة المتمثلة في الأنظمة والقوانين الوضعية الرأسمالية التي فصلت الإسلام عن الحياة، والتي هي السبب الحقيقي في ضنك العيش وشقاء الحال وليس فقط شخص الطاغية، هذه حقيقة يؤكدها القرآن الكريم؛ قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
فكان لا بد من الثورة على هذا الواقع الفاسد وتغييره ورفع الظلم بكافة أشكاله؛ وهذا لا يتأتى في تغيّر الأشخاص فقط، فحتى نتجنب التغيير في القشور وحتى لا يبقى الواقع على ما هو عليه فننتقل من ظالم إلى ظالم ومن عميل إلى عميل؛ لا بد من الثورة على مجموعة المفاهيم والأنظمة والقوانين التي أنتجت الظلم وسمحت للظالم باستعباد الناس وعبّدت له الطريق بل وحافظت على وجوده وبقائه في سدة الحكم؛ بعد أن أحاطته بمجموعة كبيرة من الأنظمة والقوانين.
نعم لا بد من إزالة هذه الأنظمة و القوانين الوضعية؛ ووضع النظام الذي أنزله الله عز وجل موضع التطبيق، فهو النظام الوحيد الذي يصلح للبشرية جمعاء، وهو النظام الوحيد القادر على أن يؤمن للناس حياة سعيدة كريمة، قال تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.
والمتتبع لسلوك قيادات الفصائل في مناطق نفوذها؛ يجد أن الواقع لم يتغير بعد الثورة بل ربما ازداد سوءًا، وهم الذين من المفترض أنهم ثاروا على الظلم والظالمين، ولكنهم عندما وصلوا إلى شكل من أشكال السيطرة والنفوذ؛ تجدهم مارسوا الظلم الذي ثاروا عليه وظهر الفساد عليهم بشكل واضح، وما ذلك إلا لأنهم حملوا الأفكار نفسها التي كانت سببا في الظلم؛ وتخرجوا من مدارسها ذاتها، وبهذا يتضح أنه لا بد من الثورة ليس فقط على شخص الحاكم وإنما على مجموعة المفاهيم والأنظمة والقوانين السائدة؛ حتى يتسنى لنا الكلام عن ثورة ناجحة وتضحيات وضعت في مكانها وإلا بقي الحال كما هو وذهبت التضحيات أدراج الرياح.
ثمة متطلبات لا بد من توفرها حتى تصل الثورة إلى هدفها المنشود في تغيير الواقع الفاسد؛ من أهمها، وجود نظام بديل عن النظام الحاكم حتى تؤتي الثورة أكلها، وإلا بقي الواقع في جوهره كما هو مع تغيير في الأشخاص والأشكال فقط، فالثورة في حقيقتها هي فكرة سياسية شاملة لجميع نواحي الحياة؛ يراد إيجادها في المجتمع كبديل عن الأفكار السائدة التي انبثقت عنها القوانين والأنظمة، والتي بدورها أدت إلى الظلم بكافة أشكاله وإلى ضنك العيش وشقاء الحال الذي كان الدافع الأساس للثورة، وبناء عليه كان لا بد من الثورة على مجموعة المفاهيم والقوانين والأنظمة الفاسدة واستبدال مفاهيم صحيحة مستندة إلى عقيدة الإسلام بها، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم﴾.
وبالإضافة إلى النظام البديل الذي يعبَّر عنه "بالمشروع السياسي" لا بد من قيادة سياسية واحدة للثورة؛ قيادة واعية ومخلصة تكون بمثابة الرأس للجسد، فتعدد الرؤوس يمزق الجسد ويهدر طاقاته بل ويجعله يخوض صراعا مع الذات، وهذا ما حصل في اقتتال الفصائل وغيرها من الأعمال التي كانت متناقضة ومختلفة بسبب تعدد الرؤوس وتناقضها واختلافها، ولم يكن هذا التعدد عفوياً بل كان متعمداً، وهذا واضح من سلوك الدول الداعمة؛ التي كانت حريصة على عدم إيجاد رأس واحد للفصائل؛ لتبقيها متبعثرة يسهل القضاء عليها، بل وضرب بعضها ببعض، وإن غياب القيادة السياسية الواعية والمخلصة سهّل على أعداء الثورة تقسيمها إلى مناطق عن طريق الهدن والاتفاقيات التي من أخطرها اتفاق خفض التصعيد؛ هذا الاتفاق الذي جمد الجبهات مما جعل طاغية الشام يستفرد بالمنطقة تلو الأخرى حتى استطاع إحكام سيطرته على العديد من المناطق ومنها الغوطة حيث أمن بالسيطرة عليها محيط العاصمة ثم ها هو الآن ينتقل إلى المنطقة الجنوبية في درعا وريفها ليعيد السيناريو ذاته.
كما أنه لا بد من توحد الفصائل التي تشكل في مجموعها قوة لا يستهان بها؛ لا بد من توحدها حول المشروع السياسي البديل المنبثق عن عقيدة المسلمين، وبذلك تتضح الرؤية المستقبلية لشكل الدولة وأجهزتها وصلاحيات كل جهاز والأنظمة والقوانين الأساسية التي سوف تسير عليها فيرتفع الخلاف وتتوحد الرؤية، وأيضا لا بد من تبني الحاضنة الشعبية لهذا المشروع بعد أن تدرك أن لا خلاص لها إلا بحكم الله؛ ولا نصر إلا بالعمل على تطبيق شرعه كنظام بديل عن الأنظمة الوضعية...
وعندما تتوفر هذه العناصر والأدوات اللازمة والتي هي، المشروع السياسي المنبثق عن العقيدة الإسلامية، والقيادة السياسية الواعية والمخلصة التي يتجسد المشروع فيها، والقوة التي تتبنى هذا المشروع وتحمل على عاتقها نصرته، والحاضنة الشعبية التي تتبنى أيضا هذا المشروع وتطالب بتطبيقه بعد إسقاط النظام، حينها نستطيع أن نقول إن الثورة تسير في طريقها الصحيح وستصل إلى هدفها المنشود، وتكون تضحياتها في مكانها. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
كتبه لجريدة الراية: رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحريرـولاية سوريا الأستاذ أحمد عبد الوهاب بتاريخ 27 حزيران/يونيو 2018م
المصدر: https://bit.ly/2lAtxl6
- التفاصيل
لم يختلف حال حوران ما قبل الثورة عن كثير من مناطق سوريا، فقد كانت "حوران الأسد" كما هي سوريا وكما يرغب الشبيحة وأزلامهم أن يسموها، فقد كانت تعيش تحت منظومة متنوعة أمنية وعسكرية واقتصادية، منطقة تعيش في ظل الدولة البوليسية وتطبق فيها كل مخرجات هذه الدولة الوظيفية؛ هذا ظاهرها وكما يرغب الأسد وأزلامه أن يروه منها. وتحت هذا المشهد المصطنع وهذه المشاعر المصطنعة يعيش غضباً يتجاوز عمره الأربعين سنة ضجر من ممارسات أزلام النظام وما يحملون من أفكار وما يطبقون من نظم ويفرضون من قوانين...
حدث طارئ بأنْ يسّر الله أطفالاً ربما في حالة لعب وتقليد ولكن كانوا ضمن دائرة قضاء الله وليقضي أمرا كان مفعولا. فخرج أهل درعا المدينة عن بكرة أبيهم مطالبين بحقوقهم التي لم تتعد الحرية والكرامة، قوبلت هذه المطالب بالقمع والاضطهاد من النظام؛ وسعى النظام جاهدا لاحتواء درعا فعزلها عن محيطها المحلي ابتداء ثم عن محيطها الإقليمي إن صح القول، وأخذ يمارس فيها كل أنواع الفساد، وبما أن الأمر كما قلنا ضمن دائرة قضاء الله وأنه ليقضي أمرا كان مفعولا؛ لم تترك مدن وقرى وبلدات درعا عاصمتها تواجه الأسد وحدها، وفي خطوة واعية ثارت وساندتها بتحركات قطعة واحدة ولم تتركها قاصية ليستفرد الذئب بها فتكون طعاما سائغا له.
مع تحرك حوران كقطعة واحدة ضاعت قوة السفاح وتشتتت ولم تعد قادرة على مواجهة الأحداث التي تطورت بشكل ملحوظ وواضح، حتى شملت كل إقليم الشام بمدنه وقراه وبلداته في ثورة لم يعرف التاريخ أشرف منها، تطورت مبادئها ومطالبها وارتقت يوما بعد يوم رغم المحاولات الكثيرة لتحجيمها باستخدام جل الوسائل المملوكة من إعلام لتلويث فكري وتدمير ممنهج؛ بقيت على حالها ونموها وسنة الله فيها ماضية من تمييز وتمايز وكشف وفضح حتى لازمها اسم الثورة الكاشفة الفاضحة لأنها كشفت أعتى المخادعين والماكرين وأسقطتهم.
تعاقب عليها لأجل احتوائها الكثير فقد تعددت الأستانات وتمخضت عنها المقررات وانساق لها ضعاف النفوس وأراذل الثورة من قادة تعساء باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل، ومن خلفهم حساسين تاجروا بالدين واستنفعوا به لأجل لعاعة لا تسمن ولا تغني من جوع، وكان في صفهم رجالات ادعت أنها من أهل السياسة لا يختلفون عن السفاح بأن باعوا حريتهم لأجل عبودية أمريكا وأشياعها، كانت الثورة على الأرض تقوم بأهم مهامها بالكشف والإسقاط والتمايز.
لعل القول ألا خضوع حصل على الأرض هو ضربُ وهمٍ، فقد نجحت مقررات أستانة في أن تفرض على التشكيلات والفصائل ومررت ليصبح ديدن حديث مدّعي السياسة ليرجوها فيلزموا بها أهل الشام؛ فمنذ أستانة الذل والعار اختلف الوضع العسكري على الأرض اختلافاً جذريا فبدأت مسيرة التقهقر والانحسار... فالمناطق التي كانت تحت سيطرة الفصائل بيعت للداعمين ومقررات مؤتمراتهم؛ فبيع جزء من إدلب والغوطة من بعدها تبعها المخيم وتلاه القلمون وريف حمص الشمالي فلم يبق بمحيط دمشق القريب أي خطر يتهدد وكر الأفعى، لم تسقط المناطق عن عجز عتاد، فالصور والتقارير بعدها أوضحت حجم العتاد، بل سقطت بنقص عدة للفصائل فقد تركت الله والالتجاء إليه وركنت للذين ظلموا فمسهم منهم ما مسهم فسقطوا وأفضوا بأنفسهم إلى هاوية سحيقة حتى يقال فيما بعد إن أمراء وقادة وشرعيين تلاعبوا بدين الله إرضاء للكفرة والظالمين غايتهم مكاسب دنيوية لا تغني شفاعتها عند الله وسيردون بإذنه سبحانه إلى أشد العذاب بعد أن خانوا الله ورسوله وخذلوا المسلمين بفعلهم، فجعلوا للكافرين محط مكر في الثورة وبدأ سرطانهم ينتشر محاولا أن يشمل جسد الثورة كله فيصيبها في مقتل العودة لحضن الظلام كما كانت في سالف عصرها.
ولعل الناظر لسير الثورة المتتبع لتفاصيلها يقول ما أشبه اليوم بالأمس؛ فحوران التي كانت شرارة الثورة منها ومن أرضها انطلقت، عادت للمشهد من جديد، فهل هي عودة على ذي بدء أم أن مسير الظلاميين مستمر بأن يتم دثرها ودفنها في منبتها الأول؟ أم يكون لها كلمة بعد أن مرت على النار التي أشعلتها في نظام أمريكا ثماني سنوات مليئة بالأحداث كشفت الستار عن أدق التفاصيل؛ حوران اليوم يمكن القول إنها وحيدة في صورة المشهد تمارس عليها اليوم تهديدات عدة من كل دول العالم التي تداعت عليها؛ فمن يهود الذين يصرحون بأن لا حرج عندهم من دخول قوات الظلام لمناطق أنارتها الثورة بنورها، إلى العدو الروسي الغاشم وتصريحاته بدخول دببه لمناطق حوران للإشراف والفصل للوصول لتطمين أمريكا بأن لا معارك؛ والكل يعلم كذب أمريكا ودورها في إجهاض الثورة منذ بداية زيارة سفيرها فورد لحماة وسعيه لإجهاض تجمعها حتى الوصول لدورها بتغطية جرائم الأسد الكيميائية وإنقاذه منها، إلى الوصول لتصريحات حكومة الأردن العميلة بأن المعابر وجب أن تتسلمها قوات الأسد وتشرف عليها، حتى الحديث عن دعوات لدخول قوات فصل أردنية مصرية...؛ كمية كبيرة من التصريحات تبث ليس وراءها سوى تشتيت أذهان الناس وجعلهم في حالة ضياع عما يجب عليهم القيام به ومن بعدها تمرير الحل الذي يرونه ويسعون له، يشابه تماما ما كانت تروج له الأجهزة الأمنية زمن الدولة القمعية حين تسعى لتمرير قانون على الناس.
كل الضغوط اليوم تمارس على حوران وأهلها وما أشبه اليوم بالأمس، فهذا كان جزءا من ممارسات نظام الإجرام في بداية الثورة ضدها وكان من أمر الله أن يحدث اليوم من حوران تجاه هذه الضغوط ما حصل بالأمس؛ فقد برق شعاع أمل ليوحد حوران تحت مظلة رأي واحد من قلب درعا البلد، درعا الموت ولا المذلة، درعا الكرامة، فقد خرج أهلها في مظاهرة وتكلم وجهاؤها بكلمات تفهم الأسد ما هي حوران وكيف نضج الوعي عندهم، وما كان من قرى وبلدات حوران أن بادرت الخير مع عاصمتها بالخير فأيدت بيانها وما طرحه وجهاؤها وساندتهم في رأيهم انطلاقاً من التزامهم بحديث نبيهم عليه الصلاة والسلام أن الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، فلم يتركوا درعا لتواجه وحدها بل التفوا حولها كما بداية الثورة وأظهروا للعالم أن رأينا واحد قد تبلور وأن ألاعيبكم مكشوفة ومسرحيتكم واضحة فارجعوا خائبين خاسرين، فألعابكم مكشوفة وثورة الشام اختصت ببث الوعي بين صفوف المسلمين ولا موطئ قدم لكم اليوم في صفوف الثورة الكاشفة الفاضحة.
وإلى أهلنا في الشام! قد يظن ظان أن الثورة اليوم في أيامها الأخيرة مستخلصا ذلك من حجم المساحة التي تمتلكها، فهذه نظرة قاصرة فالثورة فكرة وفي حال خرجت وتبلورت لم يكن للأرض والمساحة فيها عبرة، فهي قد تستعيد ذلك في لحظات، فالأصل موجود ومقوماته حاضرة وهو أن النصر بيد الله سبحانه لا يحتاج إلا لوقوف على أمره والالتزام بشرعته وحينها يتنزل علينا النصر، فالثورة لم تقم لأجل تحرير أرض وتوسيع مساحتها وفي حال لم يتحقق ذلك فشلت، بل قامت الثورة فكرية لتهدم فكراً فاسداً بكل مقوماته ومخرجاته ومؤسساته لتوجد بديلا عنه فكرا نقيا صافيا يعم الخير من خلاله على جميع المسلمين ويعم الأمن والأمان. ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾.
كتبه لجريدة الراية: الأستاذ عبدو الدلي (أبو المنذر) بتاريخ 13 حزيران/يونيو 2018م
المصدر: https://goo.gl/8HTqqf
- التفاصيل
يراد اليوم لأهل الشام أن يخيم على مشهد ثورتهم صور قاتمة سوداوية، كي يتسرب اليأس إلى نفوس الثوار فيفت في عضدهم ويكسر شوكتهم ويهدّ عزيمتهم فينفرد حلف النظام المجرم بهم ويقضي على ثورتهم ويتابع محاولة إنعاش النظام المجرم ونفخ الروح فيه بعد أن كاد يسدل الستار عليه ويمحى ذكره...
فمشاهد الانتصارات الوهمية للنظام المجرم هي في حقيقتها استسلام من الفصائل المرتبطة وتسليم، ومشاهد التقدم الزائف للنظام المجرم في مناطق مختلفة من شامنا هو في حقيقته مخطط تنفيذي لمؤتمر أستانة8؛ مؤتمر تسليم المناطق... فقد وقعت عليه فصائلنا المرتبطة سابقا، وأما الآن فتمكر لتنفيذه عبر مسرحيات هزلية في معارك شكلية محبوكة سلفا لصالح النظام المجرم ولكن يجري تنفيذها بأيدي الفصائل المرتبطة فتوصل البلاد للتسليمات المتوقعة.
نعم تغيرت خطوط التماس، وحدث تغير في الجبهات وانتقلت أراضٍ بالتسليم من أيدي الفصائل المرتبطة إلى يد النظام المجرم، وتغيرت نسبة توزيع الأراضي بين النظام المجرم وبين الفصائل المرتبطة، كما يصورها الإعلام ويضغط بها علينا، لكن رغم كل ذلك لم تتغير المعادلة على الأرض، رغم الضخ الإعلامي ورغم الحرب النفسية ورغم تواطؤ الدول ومحطاتها الإعلامية... ورغم كل هذه المشاهد المؤلمة في الشام إلا أن المعادلة على الأرض لا تزال قائمة لم تتغير لصالح النظام كما يصور... أجل لم تتغير ولا تزال لصالح الثورة.
فلو تمعن أحدنا في صورة النظام المجرم وواقعه لوجده لا يزال ضعيفا هشا؛ فقواه البشرية لا تقدر على إسناده ليواكب تغيرات الواقع على الأرض؛ فالنظام حتى الآن لم يثبت أنه انتزع أرضا منا بقوته، لا في الشمال ولا في الوسط ولا في الغوطة. ومع أن النظام استلم المناطق من الفصائل المرتبطة تسليما إلا أنه لا يزال ليس لديه من القوة ما يمكنه من السيطرة عليها، وإلى الآن لم يستطع الدخول إلى كثير من تلك المناطق، وليس لديه القوة لبسط سيطرته عليها.
وأكثر من ذلك، فإن كل عملية تسليم جديدة لمناطق أخرى من أيدي الفصائل تضع النظام أمام تحديات جديدة لا يقدر عليها، فهو لا يستطيع أن يفرز قوة كافية لضبط السيطرة على المنطقة الجديدة المستلمة ولا تكفي قوة صغيرة للحفاظ على أمن المنطقة فيمضي حلف النظام المجرم لذلك ويتبع سياسة التهجير وإفراغ المناطق من سكانها. لكن هذه العمليات لا تسعف النظام، فلا يتخلى أصحاب الديار عن ديارهم لمجرم اغتصب أعراضهم وقراهم وقتل أبناءهم مهما توالت السنون، وفوق ذلك لا يملك النظام المجرم خطة ناجحة ليحمي نفسه من تجمع المجاهدين والثوار في مناطق الاستقبال، فلو نجحوا في وضع خطة لتحركهم لكانت كارثية على النظام.
حقا ذلك يشكل للنظام تحديا لا يقدر على خوضه؛ ولهذا نراه يزداد ضعفا على ضعف، ولولا أن النظام ضعيف لما فكرت الدول المجرمة بإدخال قوات للمناطق المحررة، فلولا عجز النظام وعدم قدرته على السيطرة لما أدخلت أمريكا تركيا بمسرحية عفرين ولم تستطع تركيا التي تنفذ خطة أستانة لصالح النظام، لم تستطع الدخول لولا جهود وأيدي الفصائل الآثمة التي أدخلتها لمناطقها بحمايتها، وما تسريبات أمريكا لإدخال قوات عربية للجنوب لجس نبض الحاضنة إلا إشعار بعجز النظام عن أن يدخل الجنوب أو يبسط السيطرة عليه، فهل بعد هذا يأتي من يقول بقوة النظام وينخدع بما يذاع عن أخباره في الشام؟!
بالمقابل رغم أن الثورة ظاهريا فقدت مناطق في الشمال والوسط والجنوب بسبب الفصائل المرتبطة، ورغم أنه جرى نقل الكثير من المجاهدين من حول دمشق وإبعادهم إلى الشمال بعيدا عن عاصمة النظام لتأمينها له، ورغم خسارة الثورة لمخازن الأسلحة والذخيرة التي كانت تستطيع بها فصائل الغوطة منفردة أن تسقط النظام في دمشق لو تحررت من ارتباطاتها وتخلصت من ارتهان قرارها، ورغم أن النظام جيش عملاءه في المناطق المحررة كي يرتفع صوت المصالحات الآثمة مع المجرم، ورغم أن اليأس بدأ يتسرب إلى نفوس البسطاء الذين أسقط في أيديهم بعد أن صدمتهم مشاهد التسليم على أيدي الفصائل الكبيرة المرتبطة، ورغم انكشاف وجود مشايخ الضفادع وهم المرتبطون مع النظام المجرم، إلا أن الثورة كسبت المزيد من القوة والمزيد من التماسك.
فأن ترى الثورة بالعين الباصرة أن الفصائل المرتبطة تسلم الأعراض والبلاد في مشهد قاس لا يردعها عنه رادع ولا إيمان، فتعرف الثورة عن قرب خطر الارتباط على وجودها وخطر الفصائل المرتبطة على مصيرها فتسعى لتحجيم الفصائل ونزع قرار الثورة المرتهن من أيديها وإعادة القرار إلى الثورة فهذا إعادة بناء داخلي للثورة لا بد منه وهو نفسه قوة للثورة. وأن تقوم الثورة بالتعرف على نقاط الضعف الموجودة فيها وكشف خطر مشايخ الضفادع المرتبطة مع النظام المجرم؛ لإزالة هذا الخطر المحدق بالحاضنة. هذا عامل قوة للثورة يزيد من تماسكها. وأن تبحث الثورة عن قيادة لها مخلصة بعيدة عن الارتباط والدول، واعية على الطريق والهدف فهذا عامل قوة للثورة. وأن تقوم الثورة مدركة ضرورة إيجاد بديل للفصائل المرتبطة قبل أن تكمل الفصائل مشروع تسليم الثورة للنظام، فتخلص الثورة للمجاهدين الصادقين وترص صفوفهم وتضع عليهم قيادة عسكرية مخلصة من الضباط الثوريين غير المرتبطين أصحاب الأيادي البيضاء والخبرة فهذا قوة للثورة.
بالمحصلة ليس فَقْدُ شبرٍ من الأرض هو الخسارة، وليس الضربة التي تلقتها الثورة على أيدي الفصائل المرتبطة هو النهاية، فالضربة الموجعة إن لم تقضِ عليك فاعلم أنها تزيدك قوة، وكذلك الثورة؛ حقا تلقت ضربات من الفصائل المرتبطة وكان وقع هذه الضربات مؤلما عليها لكنها صحّت الحاضنة ووعت على خطورتها فلم تعد تنخدع بالارتباط ولم تعد تنخدع بدور الفصائل ولا بأعمالها من اقتتالات بينها.
فيا أهلنا في الشام صبرا صبرا، وثباتا ثباتا، فالنصر له ثمن وها أنتم تدفعونه، والنصر له موعد وموعده قد آن أوانه بإذن الله ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾، ولقد أوصاكم نبيكم أن امتازوا عن المنافقين. فليس ينتصر فسطاط فيه المنافقون غالبون، فاسحبوا قراركم من أيدي الفصائل المرتبطة ولتخرج قيادة منكم تقود حاضنتكم على ثوابت ثورتكم بما يرضي ربكم وأعيدوا رص صفوف مجاهديكم المخلصين تحت قيادة عسكرية مخلصة.
﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾
كتبه لجريدة الراية: م. كامل الحوراني بتاريخ الأربعاء 31 أيار/مايو 2018
المصدر: https://goo.gl/yqTGtw
- التفاصيل
يترأس النظام السوري "المؤتمر الدولي لنزع السلاح" في سويسرا ابتداءً من يوم الاثنين 28 أيار الحالي ولمدة 4 أسابيع في مدينة جنيف السويسرية، ويستمر المؤتمر لغاية يوم 24 حزيران/يونيو القادم بحضور 65 من دول العالم من بينها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، على أن تكون مدة رئاسة النظام للمؤتمر 4 أسابيع، هذا الخبر نضعه في ملعب المحسوبين على الثورة الذين ما زالوا يريدون من الثائرين في الشام أن يتعاملوا مع النظام الدولي ومجتمعه المجرم، الذي أثبت أنه العدو الأول للثورة وأن نظام المجرم بشار ليس سوى بيدق في مواجهة الثائرين في الشام، وأن من يطالب الثوار بالاستماع إلى المجتمع الدولي هو أحمق غبي إن لم نقل إنه مجرم عميل.
لقد مرت على الثورة سنوات عصيبة ذاق فيها أهلنا في الشام شتى صنوف العذاب والقهر في سبيل التخلص من عصابة النظام وطغمته، وبوصولنا لمشارف العام الثامن ومع انكشاف الصادق من الكاذب والأمين من الخائن، وإزالة ورقة التوت عن النظام الدولي المجرم الذي ما زال الراعي الرسمي لجرائم العصابة النصيرية في الشام، بل إن هذه العصابة هي المحاضر والرئيس لمؤتمر دولي لنزع السلاح! الذي هو في الحقيقة لإعطاء الدول الأخرى عصارة تجارب هذا النظام في كيفية استعماله ضد شعب أعزل.
إن ما نشهده من تكالب دولي على ثورة الشام وثوارها الصادقين المخلصين يؤكد أنه لا مجال للولوج في المنظومة الدولية المجرمة هذه، وأن على الثائرين أن يفكروا جيداً وأن يحمدوا الله كثيراً أن فضح منظومة الكفر والعهر على رؤوس الأشهاد، وأن من يقود العالم هم عبارة عن عصابة مجرمة حاقدة على البشرية، وأن ما تدعيه من حقوق إنسان وحريات ليست سوى (مكياج) يغطي حقدهم وإجرامهم، ليس على المسلمين وحسب بل على الإنسانية جمعاء.
ولذلك كله فإن ما حصل في الثورة في الفترة الأخيرة من تراجع وتسليم مناطق وتسليم السلاح الثقيل في دمشق والغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، كان نتيجة حتمية للارتباط بين فصائل الثورة بالقوى الخارجية العاملة تحت مظلة النظام الدولي، وهذه الكارثة التي حلّت بأهلنا كان سببها مَن تسلم زمام أمور الثورة وأثبت فشله في قيادتها إلى النصر، لأسباب كثيرة أهمها عدم وجود الرؤية والتصور لما بعد إسقاط النظام، وتنفيذ إملاءات الداعمين من قبل قادة الفصائل، ولو على حساب الدماء والأعراض، في صورة تكشف قبح هذه القيادات وتواطؤ شرعييها بعد أن غرفوا من المال القذر الذي أذهب النخوة من رؤوسهم وجعلهم أدوات رخيصة في مشاريع النظام الدولي في وجه رغبة أهلهم وثورتهم في التخلص من الطغاة المجرمين.
يا أهلنا في الشام! لقد رأيتم بأم أعينكم كيف تم اقتلاعكم وتهجيركم من أرضكم وبلادكم فقط لأنكم خرجتم على عميل رخيص لهذا النظام الدولي، فكيف تسمحون لأبنائكم بأن يستعينوا به فينطبق عليكم المثل القائل "كالمستجير من الرمضاء بالنار"؟! وأن يمدوا يدهم لمن يريد القضاء عليكم، لقد انكشف زيف الدول وبانت أهدافها وليس هذا بجديد علينا ولكن الذي يجب أن يكون جديداً هو كيف نسير بثورتنا بعد الآن؟ وكيف نعالج الأخطاء؟
إن ثورة الشام المباركة التي خرجت لله ولتحكيم شرع الله ليس لها إلا طريق واحد للانتصار وتحقيق أهدافها بإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام "خلافة راشدة على منهاج النبوة"، وهذا الطريق يكون بداية بتغليظ المواثيق فيما بيننا وبين الله أولاً، وبيننا وبين أنفسنا ثانياً، على إقامة الخلافة الراشدة،وهذا لا يكون إلا باتخاذ قيادة سياسية واعية وصادقة ومخلصة، تسير بنا إلى مرضاة الله جل جلاله بداية، واستنزال نصره وتمكينه لقلع النظام المجرم وأذنابه وعملائه...
أيها الأهل في الشام! إن الحالة التي أوصلكم لها ضفادع الثورة ومن خلفهم من يأس وقنوط يريدون بكم أن تستسلموا وتخضعوا هو حلقة في مسلسل القضاء على الثورة التي ما زالت قوية عبر بث سموم اليأس والخضوع والاستسلام والخنوع، وهو آخر سلاح في جعبة الغرب وأذنابه بعد أن رأوا صبركم وإصراركم وعزيمتكم رغم سقوط الفصائل وقادتها وشرعييها، ومن يقف خلفها من تيارات فكرية وسياسية، فعلينا أن ننبذ اليأس ونبتعد عن القنوط، فالأرض أرض الله والعباد عباده والنصر نصره، وما علينا إلا الانقياد لشرع الله والاستنان بسنته، وهذا حزب التحرير بينكم يعمل معكم ويقدم لكم مشروع الخلاص لثورتكم مشروع الخلافة الراشدة التي توحد صفنا وتجمع شملنا للقيام بالثورة الحقيقية التي تكون ليس فقط على رموز النظام وأركانه وأجهزته القمعية، بل حتى على أفكاره وقوانينه وقيمه، وما انبثق عن هذا النظام من مجتمع دولي حاقد على الإسلام والمسلمين.
أخيراً لن نقول لكم يا أهلنا صبراً وثباتاً فأنتم من علّمتم الناس معنى الصبر في هذه الأيام الصعبة، لكننا نذكركم بأن الفرصة ما زالت في متناول الثائرين الأبطال والوعي الذي تشكل في هذه السنوات العجاف هو أقوى سلاح للثورة إذا تم استثماره بالشكل الصحيح، فالثورة لم تخرج من أجل تغيير شكلي أو تغيير ظالم بظالم آخر، بل لتغيير الواقع الفاسد الذي يعيشه المسلمون بعامة وفي الشام بخاصة، وهم الذين يعرفون نظامهم أكثر من غيرهم، هذا النظام الذي لا يمتلك ذرة شرف أو أخلاق ودينه وديدنه الكذب والفجور، هذا النظام الذي يريد لنا الغرب الصليبي أن نبقى تحت ربقة ظلمه وعدوانه، هذا النظام الذي لا يمت لنا ولا لعقيدتنا بأي صلة، والتغيير الحقيقي عليه يكون بتبني مشروع سياسي كامل واضح يكون دستوراً لنا مستقبلاً، هذا الدستور الذي استنبطه حزب التحرير من الكتاب والسنة ليكون منهاجاً لدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة قريباً بإذن الله.. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.
كتبه لجريدة الراية: الأستاذ أحمد معاز بتاريخ الأربعاء 31 أيار/مايو 2018
المصدر: https://goo.gl/YoMMWY
- التفاصيل
قام كيان يهود فجر الخميس 10/5/2018م بتوجيه ضربات جوية وصاروخية تفوق المئة ضربة لما يُعتقد أنها مواقع عسكرية لإيران في سوريا منها مطارات ومعسكرات تدريب ومخازن أسلحة ومنصات إطلاق صواريخ وتجمعات عسكرية، وقد سبق هذه الضربة ضربات متفرقة لمواقع وشحنات صواريخ... فما الهدف من هذه الضربات في هذه المرحلة؟
إن السياسي الواعي المتابع لمجريات الأمور من خلال الصراع في الشرق الأوسط يُدرك أن إيران تدور في الفلك الأمريكي (أي تابعة لها في السياسة الخارجية) وظهر هذا جلياً في تعاون إيران مع أمريكا في احتلال العراق و أفغانستان، بل لقد صرح الرئيس السابق لإيران محمد خاتمي أنه لولا تعاون إيران لما استطاعت أمريكا احتلال العراق وأفغانستان، بل إنه من الواضح أن أمريكا سلمت العراق لإيران بعد احتلاله، ولقد جاء الرئيس الأسبق أحمدي نجاد إلى المنطقة الخضراء في العراق وهي تحت الحراسة الأمنية الأمريكية حيث السفارة الأمريكية والمستشارون والقيادات الأمريكية في تلك المنطقة التي لا يدخلها أحد إلا من ترضاه أمريكا، وإن دخول إيران ومليشياتها العراقية واللبنانية إلى سوريا كان بضوء أخضر أمريكي لحماية عميلها نظام أسد من السقوط.
لكن هذا التدخل مكّن إيران ومليشياتها من السيطرة على مفاصل عسكرية وأمنيّة وسياسية واقتصادية كثيرة في الدولة السورية خصوصاً بعد التدخل الروسي بالضربات الجوية للثورة، مما مكّن إيران ومليشياتها من السيطرة على مناطق واسعة في سوريا ما أكسبها نفوذاً عسكرياً كبيراً على الأرض.
إن هذا الوجود العسكري الإيراني والذي تسعى إيران إلى توسيعه يشكل خطراً في السيطرة على سوريا والتحكم بالنظام بشكل كبير، بل يكاد يكون احتلالاً غير معلن وهو ما يشكل عقبة أمام الحل السياسي الذي تطبخه أمريكا لأنه لا يمكن أن يكون هناك حل سياسي في ظل هذه الهيمنة الإيرانية على الأرض وعلى قرار النظام السوري.
كما أن هذا الوجود يشكل تهديداً لكيان يهود خصوصاً الوجود في دمشق والجنوب السوري المتاخم لحدود الجولان المحتل ومزاحماً ومنافساً له في الهيمنة على المصالح في المنطقة، إن إيران تدور في الفلك الأمريكي وتتماهى وتتساوق مع ما تريده أمريكا في سياستها الخارجية على مستوى العالم عموما والشرق الأوسط خصوصاً، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا تعطي أمريكا الضوء الأخضر لكيان يهود للقضاء على نفوذ إيران العسكري في سوريا؟
إن أمريكا تستخدم الدول العميلة لها والدول التي تدور في فلكها لتحقيق مصالحها ولكن من طبيعة الدول أن تتمادى وتحاول أن تلعب دورا أكبر مما هو مسموح لها به وتحاول أن تتغول وتوسع نفوذها، لذلك تقوم أمريكا باستخدام أدواتها من الدول الأخرى لتحجيمها بعد أن تؤدي الدور المطلوب منها كما هو حال إيران في سوريا...
ومن هنا جاءت ضربات كيان يهود لإيران في سوريا بضوء أخضر أمريكي لإخراج إيران عسكريا من سوريا بعد أن انتهى دورها أو كاد مع الإبقاء على مصالحها الاقتصادية، وهذا يضعف دورها في تعقيد الحل السياسي الذي تسعى إيران أن يكون لها النفوذ الأكبر على حساب الأفرقاء الآخرين مما يعقد الحل السياسي الذي تسعى أمريكا إلى تركيبه من مكونات متعددة من العملاء الجدد وبقايا النظام المجرم.
إننا نقرأ مما تقدم أن أمريكا تستخدم الدول العميلة والتابعة والحليفة بل والمنافسة لها كروسيا ودول أوروبا في تحقيق مصالحها ثم تحجم تلك الدول بواسطة بعضها بعضا فهي تحجم أوروبا بواسطة روسيا وتحجم روسيا بواسطة أوروبا وتحجم إيران بواسطة كيان يهود وتحجم الكيان المسخ بواسطة إيران وحزبها اللبناني وتستخدم الأمم المتحدة وقوانينها... وهكذا تستفرد بقيادة العالم حسب أهوائها ومصالحها، وضربات كيان يهود من هذا القبيل فضلاً عن أن لكيان يهود هاجسه الأمني ومصالحه في المنطقة.
هذا هو حال الدول العميلة والتابعة؛ دورها أن تقدم أرواح أبنائها وأموالها في خدمة أسيادها ثم يتم تحجيمها وإرجاعها إلى حجمها المطلوب أن تبقى عليه بعد أن تنفذ المطلوب منها مقابل مصلحة لا تعوض عشر معشار ما قدمت من دماء أبنائها وأموالهم، هذا هو حال الدول الوضيعة ودورها القذر في ضرب بعضها بعضا لصالح أعداء الأمة كما فعلت إيران للحفاظ على عميل أمريكا ونفوذ أمريكا في سوريا.
كتبه لجريدة الراية: الشيخ محمد سعيد العبود، بتاريخ الأربعاء 16 أيار/مايو 2018م
المصدر: https://bit.ly/2Ik87Xn