- التفاصيل
خرجت ثورة الشام في العام 2011 بعد خروج ثورات في تونس ومصر وليبيا واليمن لكن ثورة الشام كانت ذات طابع ولون يختلف عن باقي الثورات؛ فمنذ بدايتها كان الناس يخرجون من المساجد وكانت شعاراتها تتميز عن الشعارات في مصر وباقي الدول العربية. الشعارات التي نادت بها الثورة في الشام كانت شعارات إسلامية فمنذ البداية ردد الناس (هي لله هي لله) و(ما لنا غيرك يا الله) و(قائدنا للأبد سيدنا محمد) وغيرها من الشعارات التي حددت هوية الثورة بأنها ثورة إسلامية وتنادي بالإسلام ليكون بديلا عن النظام العلماني الذي يحكم البلاد في سوريا. وسرعان ما أدرك الغرب خطورة هذه الشعارات على مستقبل حضارته العفنة ففهم من خلال هذه الشعارات الإسلامية أن أهل الشام يتوقون لاستعادة سلطانهم (سلطان الإسلام) فبدأ بالمكر والكيد لهذه الثورة للحيلولة دون تحقيق غايتها بإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام.
من المعلوم لدى الجميع أن الثورة كانت في بدايتها سلمية لكن سرعان ما بدأت تتحول إلى مسلحة بسبب بطش النظام ووحشيته مما دفع الناس لحمل السلاح والدفاع عن أنفسهم وأعراضهم فأخذت تتشكل مجموعة من الثائرين للدفاع عن أهلهم وحملوا ما يملكون من السلاح الخفيف وبعض الذخيرة القليلة التي إن قارناها بما عند النظام من عتاد وسلاح كانت لا شيء.
لكن معية الله والتوكل عليه وحده دون غيره يصنع المعجزات فبهذا السلاح الخفيف والذخيرة البسيطة استطاع الثوار تحرير ما نسبته 85% من الأراضي السورية وتحقيق إنجازات تعجز الجيوش عن تحقيقها من الاستيلاء على مستودعات الذخيرة والدبابات والمدافع، لكن هذه الانتصارات أخذت لاحقا بالتضاؤل والانحسار، فماذا تغير وماذا جرى؟
في الحقيقة هناك أسباب كثيرة كانت السبب في هذه الخسارة منها:
1- القبول بالدعم المشروط من قبل الثوار ما أدى إلى الالتزام بالخطوط الحمراء التي وضعها الداعم وعدم فتح أي جبهة إلا بأمره فبات قرار السلم والحرب بيد هذا الداعم.
2- عقد الهدن والمفاوضات مع النظام مما دفع النظام للمقايضة على المناطق التي كان يحاصرها وهدنة كفريا والفوعة خير شاهد على ما نقول، فقد عقدت الفصائل في الشمال هدنة مع إيران والنظام تقضي بعدم اجتياح مدينتي الزبداني ومضايا مقابل عدم اجتياح كفريا والفوعة، وما هي إلا أيام قليلة حتى تخلت إيران والنظام عن الاتفاقية وبدأوا بالقصف على الزبداني ومضايا حتى انتهى الأمر بتهجير أهالي المدينتين إلى الشمال، بالمقابل بقيت الفصائل محافظة على الاتفاق وصمتت صمت أهل القبور!
3- المجيء بقادة لهذه الفصائل يسهل التعامل معهم وربطهم بغرف المخابرات الموك والموم.
4- عدم وجود مشروع واضح المعالم لدى الثورة مما دفع لخسارة المناطق الواحدة تلو الأخرى.
5- عدم وجود قيادة سياسية لهذه الثورة مما أدى لصناعة قيادة لها في الخارج تتماشى مع تطلعات الدول التي تسمى بأصدقاء سوريا.
6- الذهاب إلى المؤتمرات الدولية والإقليمية والاجتماعات بعواصم الدول من جنيف إلى الرياض إلى القاهرة إلى مؤتمرات أستانة وسوتشي التي كانت نتيجتها ما يسمى بمناطق خفض التصعيد التي سهلت على روسيا والنظام قضم المناطق الواحدة تلو الأخرى إلى أن انحسرت المناطق من أربع عشرة محافظة إلى محافظة إدلب التي تجمع فيها كثير من المدنيين والمقاتلين الذين خرجوا من مناطقهم بسبب هذه الاتفاقيات.
إن الوقوف على المجريات التي مرت بها الثورة ليس لبث اليأس وروح الهزيمة بل لتدارك الأخطاء القاتلة التي أوصلت الثورة إلى هذا المسار.
وبعد كل الذي جرى ها هي إدلب وكل عيون الأعداء تنظر إليها من دول العالم المجرم لكي يرجعوها إلى حضن نظام الإجرام إما بالعمليات العسكرية أو بالألاعيب السياسية، فلا بد من تدارك الخطر المقبلين عليه ولا بد من اتخاذ الخطوات التالية:
أولا: وجود مشروع واضح يلتف حوله الناس بحيث يكون من عقيدة المسلمين فهو الذي يجمع شتاتهم ويوحد كلمتهم ويبلور أهدافهم.
ثانيا: لا بد لهذا المشروع من قيادة سياسية واعية مخلصة واضحة فكرتها مبصرة لطريقتها توجه الجهود نحو الأعمال التي من شأنها أن توصل الثورة إلى هدفها المنشود.
ثالثا: لا بد من تحديد ثوابت للثورة:
1- إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه.
2- قطع العلاقات مع الدول الداعمة.
3- إقامة الخلافة على منهاج النبوة على أنقاض هذا النظام.
بهذه الثوابت نضمن الحفاظ على الثورة من الانحراف والضياع وتحقيق الهدف المنشود بالنصر والتمكين الذي وعد به ربنا عز وجل حيث قال:
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾،
وبشر به الرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ».
بقلم: الأستاذ محمد حدود
المصدر:https://bit.ly/2piXTdG
- التفاصيل
تدقُّ طبول الحرب مرةً أخرى في سوريا، حيث إن قوات بشار الأسد ونظرائه في موسكو وطهران يستعدون لما يبدو أنه المرحلة النهائية في هذه المعركة التي دامت 7 سنوات. فهناك الآن أخبار يومية تتداول الغارات الجوية وتحركات القوات وانتقاد تركيا للهجوم المستمر والتهديد الأمريكي للتدخل في حال استخدام الأسلحة الكيميائية. فقد قدم جميع المشاركين في هذه المعركة روايتهم الخاصة لإخفاء نواياهم الحقيقية ولإظهار خلاف ما يقومون به فعلاً. نحن نعلم أن الحقيقة هي الضحية الأولى للحرب وهذا يجعل الأمر أكثر أهمية في فصل الحقيقة عن الخيال.
لطالما قام أردوغان وأعوانه بأعمالهم بمساعدة الجماعات المعارضة للدكتاتور بشار الأسد. قامت تركيا منذ الأيام الأولى للثورة بإيواء منشقين من الجيش السوري وتدريبهم وتسليحهم قبل إعادتهم إلى الجيش السوري الحر. فمن خلال عملية شاه الفرات ودرع الفرات أقامت تركيا وجودًا عسكريًا في شمال سوريا وفي إدلب، كما أن لها قواعد متعددة (على الرغم من أنها تسمى بمراكز المراقبة).
ولكن على الرغم من هذا الوجود فإن تركيا لم تقم إلا بالقليل لمساعدة الجماعات المعارضة أو المسلمين في سوريا ضد النظام. لم تدعم تركيا بتاتاً أي مجموعات معارضة بالأسلحة الثقيلة والتي من شأنها أن تحدث فرقا، أو صواريخ أرض جو ولكنها تستخدمها لتحقيق أهدافها الضيقة الأخرى. في معركة حلب أجبرت تركيا الجماعات المعارضة التي دعمتها على مغادرة المدينة والقتال في عملية درع الفرات في المناطق الكردية الشمالية، مما أضعف رد الثوار في حلب مما أدى إلى سقوط المدينة. وفي وقت سابق دفعت تركيا الثوار في إدلب إلى قبول اتفاق تهدئة كانت قد تفاوضت عليه مع روسيا وإيران.
كما أصرت تركيا على أن أي حل عسكري لإدلب سيكون كارثة، لكن ليس لأنه سيؤدي إلى القتل الجماعي للشعب ولكن لسبب آخر كشف عنه المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين في اجتماع يوم الجمعة 14 أيلول/سبتمبر مع ممثلي فرنسا وألمانيا وروسيا، فقد كشف كالين أن "الهدف المشترك للجميع هو أن الحل يجب أن يكون سياسيًا وليس عسكريًا". وقال كالين إن هناك إجماعًا عامًا على أن عواقب أي هجوم محتمل على إدلب ستكون خطيرة جدًا وستتسبب في أزمات إنسانية وموجة جديدة من الهجرة، وأضاف: "بالطبع لن تؤدي موجة الهجرة الجديدة إلى إثقال كاهل تركيا فحسب بل قد تتسبب في سلسلة جديدة من الأزمات من هنا إلى أوروبا". إن قلق تركيا يتعلق بالهجرة التي ستؤكد حقيقة أن مسلمي سوريا يذبحون. وما يؤكد هذا هو الغارات الجوية الروسية التي تخفف الأهداف البرية للغزو البري الوشيك.
وقد جمعت روسيا أسطولًا بحريًا قبالة الساحل السوري يضم 25 سفينة وطائرة مقاتلة والسفينة الحربية مارشال أوستينوف. الأسطول هو ظاهريًا يشارك في التدريبات. لكن ديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين قد اعترف بأن التدريبات كانت مرتبطة مباشرة بإدلب. إن قاعدة روسيا البحرية سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم تبعد أكثر من 600 ميل عن سوريا وبين شبه جزيرة القرم وسوريا وتركيا. كل هذه الآلات الحربية أبحرت عبر البوسفور للوصول إلى سوريا. على الرغم من سماح تركيا لها بالمرور إلا أن القادة الأتراك يصرون على أنهم يدعمون الثوار! ويدعم قادة تركيا الأهداف العامة للقوى الأخرى في سوريا على الرغم من الاختلافات في تفاصيل العمليات.
وأكثر ما يمكن للولايات المتحدة حشده بشأن المذبحة القادمة كان من خلال مؤتمر صحفي في القدس حيث كشف جون بولتون: "نحن قلقون بشكل واضح من احتمال أن يستخدم الأسد الأسلحة الكيميائية مرة أخرى"، كما قال بولتون. "حتى لا يكون هناك أي ارتباك هنا: إذا استخدم النظام السوري الأسلحة الكيميائية فسوف نرد بقوة، ويجب أن يكونوا قد فكروا في هذا الأمر منذ وقت طويل". استخدمت روسيا وإيران والأسد أساليب الحصار والتجويع والاستسلام. وكذلك استخدموا التكتيكات والاستهداف العشوائي للمستشفيات والمدارس والبنية التحتية، لكن المسؤولين الأمريكيين يمكنهم فقط أن ينتقدوا الاستخدام المحتمل للأسلحة الكيميائية، التي شكلت حلقة مفرغة عندما استخدمها النظام عدة مرات، والولايات المتحدة فقط هددت ولم تفعل شيئًا للنظام. إذا كان هناك أي شك فبعد سبع سنوات من الحرب كانت هذه هي السياسة الأمريكية - انتقد النظام ولكن لا تفعل شيئًا، وهو في أي سيناريو هو الدعم الضمني والغطاء لإعادة العمل.
بالنسبة إلى استعادة بشار الأسد فإن إدلب ستكون انتصارا دعائيا ضخما، فعلى الرغم من خسارته معظم البلاد في عام 2015، إلا أن ذلك سيعني أنه قد استعادها تقريبا مرة أخرى وسيستخدم ذلك كرمز لأنظمته الشرعية. كما تطرح سوريا وإيران وروسيا دعاية بأنهم يحاربون (الإرهابيين) في محافظة إدلب لتغطية جرائمهم. وفي الوقت نفسه يقول الأسد بأن سوريا وتركيا لديهما أهداف متعارضة، حيث يتهم الأسد باستمرار أردوغان بدعم الجماعات (الإرهابية) ويحاول تطوير روايتهم "نحن وهم". في حين إن أردوغان والأسد لا يناقشان العديد من القضايا، إلا أنهما على نفس الصفحة حول الجماعات المعارضة (الإرهابية) ولكنهما يختلفان فقط حول طريقة التعامل معها.
لكن إعادة إدلب لن يكون عملا سهلاً. سيكون الأمر أصعب وأكثر تعقيدًا من العديد من الحملات الأخيرة الأخرى في جنوب البلاد. إنها منطقة أكبر بكثير من المناطق في الجنوب، مثل درعا والغوطة الشرقية والقنيطرة، التي استولى عليها الجيش السوري في الأشهر الأخيرة. وهي أكثر كثافة بالسكان المعارضين لأن العديد من عمليات وقف إطلاق النار التي توسطت في الجنوب سمحت بمرور المعارضين الآمن من هذه المناطق إلى إدلب. سيتعين على الأسد مواجهة عدد أكبر بكثير من المقاتلين في إدلب مما كان عليه في المعارك في جنوب سوريا، مما يجعل القتال أكثر دموية وأكثر تكلفة وأقل قابلية للتنبؤ. على الرغم من أن الأسد قد أعاد مؤخرًا تثبيت قبضته على أجزاء كبيرة من البلاد، إلا أن شريحة كبيرة من جيشه غير قادرة على القيام بعمليات هجومية لأنها تستخدم بشكل أساسي في مهام الحماية. وهذا يعني أن الخسائر الكبيرة التي يمكن أن يتكبدّها الجيش السوري ستكون بين صفوف الأسد الأكثر خبرة والمدربة تدريباً جيداً - الأمر الذي قد يشجع الثوار على تحدي النظام في مناطق أخرى، مع العلم بأن موارده ستصل إلى أقصى حد.
في الختام لقد سلب مستقبل سوريا إلى حد كبير من يد الشعب السوري. حيث تتنافس كل القوى الإقليمية والقوى العالمية المحيطة على السيطرة على الأراضي كوسيلة لتحديد التسوية النهائية لهذا النزاع المستمر منذ 7 سنوات والحفاظ على نفوذها داخل الدولة. إنه لمن العار أن نرى العالم الإسلامي يساعد في التحريض على المذبحة الوشيكة لإدلب. في طليعة هذه الخيانة تركيا، بلد تآمر سرا مع روسيا وأمريكا لجعل تدمير إدلب حقيقة واقعة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عدنان خان
المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/55001.html
- التفاصيل
1- إن هدف أمريكا النهائي هو إخضاع كافة الأراضي السورية لسيطرة النظام العميل لها، باستخدام كلا أسلوبي البطش والإجرام، والمكر والخداع. ثم تأديب الشعب المسلم الذي ثار على عميلها، بإذلال الرجال واغتصاب النساء، وتصوير ذلك بالكاميرات، ثم بثه عبر وسائل الإعلام، لإفهام المسلمين في العالم أن هذا هو مصير كل من يثور على أمريكا وعملائها.
2- لا تختلف إدلب وما حولها في نظر أمريكا عن باقي مناطق الثورة التي أعادتها أمريكا إلى قبضة النظام، كحلب والغوطة وحوران، فهي منطقة ثائرة يجب أن تعلن توبتها الصادقة بعد استسلامها للنظام.
3- إن كافة الوعود والتطمينات التي ترِد إلى الشعب المسلم في هذه المنطقة من قِبَل الدول التي تدّعي صداقة الثورة، وخصوصاً تركيا وأمريكا، ومن قِبَل قادة الفصائل المرتبطين بهما، حول نيتهم منع النظام من الهجوم العسكري على المنطقة، لهي جميعها وعود وتطمينات كاذبة، المراد منها تخدير الناس، لأجل استمرار منحهم قيادتهم لهذه الدول ولهؤلاء القادة، لإتمام مهمتهم الكبرى، وهي إعادة هذه المنطقة لقمة سائغة إلى النظام وإنهاء الثورة.
4- إذا شعرت أمريكا أو علمت أنه بالهجوم العسكري من قبل النظام على المنطقة سوف تحدث مقاومة حقيقية من قبل الناس فلن تقرر القيام بهذا الهجوم، لأن النظام بات مهترئاً من الداخل، وسيكون النصر حتماً للشعب الذي سيعلم يقيناً وقبل فوات الأوان من أصدقاؤه ومن أعداؤه، وسيحدد هدفه وسيتوكل على خالقه. ولن يحدث هذا الهجوم العسكري إلا إذا ضمنت أمريكا أن الناس متوكلة على غير الله، وغير جاهزة للمقاومة.
5- لذلك فأمريكا الآن تقوم - عبر أتباعها - بالأعمال السياسية التي تظن أنها ستؤدي إلى تسليم المنطقة بدون قتال، عبر تخدير الناس بالوعود والتطمينات الكاذبة والنبرة العالية التي يظهرها بعض قادة الفصائل، والتي من شأنها أن تصرف الناس عن التجهز النفسي الكامل، وعن إعداد العدة المادية المتاحة للمعركة القادمة، وعن التوكل على الله حق التوكل.
6- ومن هذا المنطلق فواجبنا اليوم تذكير الناس بحقيقة المعركة القائمة، وتذكيرهم بأن الدول حالياً جميعها عدوة لهم وللإسلام،وعلى رأسها يقف النظام التركي العلماني المتآمر على الثورة منذ بدايتها..
ويجب علينا إعلام أهلنا في الشام بأن الله تعالى لن ينصرنا إلا إذا عاهدناه بأننا إنْ هو سبحانه نَصَرَنا فسنقيم دولته ونحكّم شرعه، لا نخاف فيه لومة لائم..
ذاكرين أبداً قوله تعالى:
( وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ )
كتبه الأستاذ عبد الحميد عبد الحميد
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير ولاية سوريا
المصدر: https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=149715689272350&id=100027017590527
- التفاصيل
انعقدت في طهران يوم الجمعة الفائت، السابع من أيلول، قمّة جمعت بين الرئيس التركي أردوغان مع أخيه العزيز الرئيس الإيراني روحاني، وصديقه العزيز الرئيس الروسي بوتين لبحث الأوضاع في سوريا وخاصة إدلب، والخروج بحل تتوافق عليه هذه الدول والتي تُسمى "الضامنة" والتي اجتمعت مرّات سابقة في أستانة وأنقرة، فما الجديد الذي حملته هذه القمّة؟
لقد كانت اتفاقيات أستانة سابقاً تخرج ببيان مُشترك بين هذه الدول شبيهٍ إلى حدٍّ ما ببيان قمّة طهران، وبعد انتهاء مؤتمرات أستانة يشهد أهل الشام تطبيقات لمُخرجات أستانة غير التي تم ذكرها في الإعلام، فقد كان تهجير كلٍّ من الغوطة والقلمون وريف حمص الشمالي ودرعا ضمن مُخرجات أستانة غير المعلنة، وكذلك سيطرة النظام المُجرم على "شرقي السكة" جنوب إدلب.
ورغم أن قمة طهران خرجت بإعلان هدنة في إدلب حسب ما اقترح أردوغان، إلا أن الطيران الروسي بدأ بصبّ حممه على مناطق عدّة جنوب إدلب وشمال حماة، فهل تحمل قمّة طهران مُخرجات غير مُعلنة كسابقاتها في أستانة؟ أم أن القصف الروسي هو ضمن المُخرجات المُعلنة على اعتبار أن بوتين تردد في قبول الهدنة في إدلب؟ وهل يمنع وقوع الهجوم تصريح أردوغان بأنه "لن يقف مُتفرجا حال الهجوم على إدلب"؟ أم أنه زوبعة في فنجان وذر للرماد في العيون؟
عند البحث في بيان قمة طهران تجد أن البيان قد نصّ صراحة على "عزمهم على مواصلة التعاون من أجل القضاء نهائياً على تنظيم داعش وجبهة النصرة وجميع الأفراد والمجموعات والمشاريع والهيئات الأخرى المرتبطة بالقاعدة أو داعش الذين تم تصنيفهم كإرهابيين من قبل مجلس الأمن الدولي، وشددوا على أنه في مكافحة (الإرهاب)، سيكون - للفصل بين الجماعات الإرهابية المذكورة أعلاه وجماعات المعارضة المُسلحة التي انضمت إلى نظام وقف إطلاق النار والتي ستنضم لاحقاً - أهمية قصوى، بما في ذلك فيما يتعلق بوقوع إصابات بين المدنيين".
وُجود هذا النص يؤكد أن القصف الروسي لم يكن خارجاً عن الاتفاق، وأن تركيا لن تمنع ذلك بل هي مُطالبة حسب الاتفاق بمواصلة التعاون مع الدول الضامنة، إضافة إلى أن العمل على تطبيق هذا الاتفاق سيولد الشقاق والنزاع بين فصائل الشام تحقيقاً لبند الفصل المذكور، مما يُنذر باقتتال جديد بين الفصائل تُشارك فيه تركيا تحت مُسمى "القضاء على الإرهاب"، تلك الذريعة التي لطالما استخدمها نظام أسد في حربه على أهل الشام.
كما أن القمة الثلاثية كما في كلّ مرّة يجتمع فيها هذا الثالوث الإجرامي تؤكد على "سيادة الجمهورية العربية السورية على جميع أراضيها" وهذا يعني تماماً أن المُجرم أسد له الأحقية في استعادة كل الأراضي من سيطرة الثوار، بل وكانت هذه القمة قد أثنت على الجهود التي بُذلت في تهجير كلٍّ من الغوطة ودرعا وريف حمص، تحت مُسمّى "الحدّ من العنف في جميع أنحاء الجمهورية العربية السورية والمُساهمة في تحقيق السلام والأمن".
إن هذه القمة ومُخرجاتها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن النظام التركي جزءٌ رئيس في المنظومة الدولية التي وقفت مع طاغية الشام منذ أكثر من سبع سنوات، وإلا فماذا تعني المباركة والثناء على سيطرة النظام على كثير من المناطق؟ وماذا يعني التعاون مع روسيا المُجرمة في حربها على أهل الشام تحت مُسمّى "محاربة الإرهاب"؟ وماذا يعني السكوت عن القذائف والصواريخ التي تنزل على أهل الشام بالقرب من نقاط المراقبة التركية؟
إن معرفة ما يُخطط وما يُمكر بنا لا يعني أبداً الاستسلام لمُخططاتهم، ولا يعني أبداً اعتباره قدراً لا قِبل لنا بردّه، بل هو ضرورة مُلحة لمواجهته والوقوف بوجهه، فالوعي على مكر الأعداء أول خطوات الانعتاق من التبعية والعبودية لهم، والوعي أيضاً يُحدد للمخلصين طريق سيرهم ومكمن خلاصهم، وهو دافعٌ لهم لمواصلة المسير حتى يتحقق نصر الله الموعود.
فثوار الشام اليوم عليهم أن يُدركوا خطر الدور التركي فلا يطمئنوا لوعوده ولا يُنفذوا أوامره، وعليهم أن يُدركوا غدر الروس وحقدهم على المسلمين فلا يتصالحوا معهم ولا يقبلوا عُروضهم، فها هم المُصالحون في درعا قد وقعوا في شباك ما اطمأنوا إليه، وكانوا ضحيّة غدر الروس ونظام أسد المُجرم، وهذه بداية إظهار الحقد المدفون والإجرام المتأصل فيهم، فأهل الشام أدرى بإجرام نظامهم والعالم أجمع شهده خلال السنين الفائتة.
إن معرفة العدو الرئيس الذي يُحاربنا ومعرفة أدواته تُعتبر أولى مراحل خوض الصراع، فهذا الثالوث الإجرامي ما اجتمع في كل مرّة إلا ليضع اللّبنات في بناء الحلّ السياسي الأمريكي الذي وضعت قواعده في جنيف صيف 2012م، وإن أهل الشام لقادرون بإذن الله على تقويض هذا البناء من قواعده وهدمه فوق رؤوس أصحابه والعاملين فيه؛ وذلك يكون بالعمل بعيداً عن هذه المنظومة الدولية، وبعيداً عن إملاءاتها وقراراتها ومؤتمراتها، والعمل مع القوة القادرة على إنهائهم جميعاً بطرفة عين أو أقل من ذلك، وهو العمل مع الله القوي المتعال، فهو القادر على أن يُنهي هذه المنظومة المُجرمة، والعمل مع الله يتطلب الثقة به والتوكل عليه واتباع أوامره واجتناب نواهيه والتوكل عليه والاستعانة به وحده، وكل هذا يجتمع في الاعتصام بحبل الله والعمل على تطبيق شرعه بتبني مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة الذي فرضه الله على عباده، وطلب النصر منه وحده فهو القادر عليه، وإذا ما نصر الله عباده فلا غالب لهم.
قال تعالى: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
كتبه لجريدة الراية أ. منير ناصر
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
المصدر: https://bit.ly/2Ml2aqj
- التفاصيل
منذ انطلاقتها المباركة قبل أكثر من سبع سنين، لم ينقطع المكر والكيد بثورة الشام من دول الكفر بشكل عام وأمريكا بشكل خاص، التي شعرت بحقيقة خطر هذه الثورة على نفوذها ووجودها في هذه المنطقة المهمة من العالم، بل لقد شعرت بالخطر يتهدد وجودها في هذا العالم، وذلك لتجلي الحالة الإسلامية بشكل واضح في هذه الثورة، التي كانت انطلاقتها من بيوت الله، كما كانت شعاراتها "هي لله هي لله" و"قائدنا للأبد سيدنا محمد".
وقد أخذ مكر دول الكفر بثورة الشام أشكالاً متنوعة، وكان الهدف منها جميعها ولا يزال هو القضاء على هذه الثورة. ولكن أخطر هذه الأشكال على الإطلاق حتى الآن هو ما نتج عن مؤتمرات أستانة، حيث قُسمت الساحة إلى مناطق سميت زوراً وبهتاناً بمناطق خفض التصعيد، وبرز ثالوث الإجرام الضامن "روسيا وإيران وتركيا"، الذي لم يكن له هدف إلا تنفيذ الخطة كما هي مرسومة أمريكياً، وهي المحافظة على النظام من السقوط، وإخضاع المناطق، الواحدة تلو الأخرى لسيطرته.
فقد كان كل قطب من هذا الثالوث المجرم يضمن الجهة التي تكفّل بها لتنفيذ هذه الخطة الخبيثة، فكانت روسيا وإيران قد تكفلتا بحماية النظام ومدّه بأسباب الحياة ومساعدته على قضم المناطق، الواحدة تلو الأخرى، فقُضمت الغوطة الشرقية والريف الجنوبي لإدلب شرقي السكة والريف الشمالي لحمص وحوران والقنيطرة، بينما كانت مهمة الضامن التركي هي منع الثوار من القيام بأي عمل من شأنه عرقلة تنفيذ قضم المناطق، وتمنيهم بالوعود الفارغة، بل وتخترع لهم أغصاناً ظاهرها زيتون أخضر، بينما باطنها، جحيم ووبال على أهل الشام وثورتهم.
وقد كانت هذه الدول "الضامنة" تكتفي بالمراقبة والتخدير ضمن خطة مبيتة، وخير دليل على ذلك المجزرة المروعة التي حصلت بالأمس في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين بين شهيد وجريح، بسبب استهداف الطائرات الروسية للبلدة، والتي تقع ضمن المنطقة التي ضمنها النظام التركي، فأية ضمانة هذه إذا لم تكن تحمي المدنيين العزل؟! لكنها المؤامرة التي باتت مفضوحة للقضاء على أهل الشام وثورتهم.
وقد رأينا كيف تخلت أمريكا عن ضمانة عدم تحرك النظام في الجنوب، بل فقد ذهبت أبعد من ذلك عندما قالت للفصائل بعد أن لجمتهم ومنعتهم من القيام بأي عمل نصرةً للغوطة أو غيرها من المناطق الأخرى، حيث قال المندوب الأمريكي في عمان لقادة الفصائل صراحة لقد تخلينا عنكم، ولن نساعدكم، فواجهوا مصيركم لوحدكم واختاروا كيف تتعاملون مع النظام!
كما قد أدت هذه المؤامرة كذلك لتقسيم الساحة لمناطق عدة، وقد أصبحت فصائل كل منطقة تفكر في نفسها، وكيفية المحافظة على أمانها الذي يهدده النظام وحلفاؤه كل وقت وحين، وبهذا ضاع من قاموس هذه الفصائل الشعار الذي طرحه الناس في بداية ثورتهم وهو "إسقاط النظام" وأصبح كل قائد فصيل يحاول عبثاً الحفاظ على مصالح فصيله الضيقة عله يعيش فترة أطول ويحقق مكاسب أكثر!
أما ما تبيته هذه الدول الضامنة لإدلب، فلا يخرج عن السياق العام الذي انتهجته دول الكفر منذ بداية الثورة، وهو محاولة القضاء على الثورة وإعادة المناطق والشرعية للنظام بغض النظر عن شخصيات وأسماء معينة في النظام، وإنما ضمن إطار فرض العلمانية من جديد على أهل الشام وفرض أنظمة تابعة لرأس الكفر أمريكا. ولكن قد يكون ذلك عبر أعمال سياسية وأخرى عسكرية، وقد ألمح الروس لذلك بأنه لن تكون في إدلب عملية عسكرية واسعة!! وهنا يكمن دور النظام التركي الخبيث من خلال أعمال سياسية، يضغط فيها على الثوار والفصائل، للقيام بأعمال بحجة عدم استفزاز النظام ويكون نتيجتها وقوع الثوار في الفخ الكبير الذي يجعلهم مسلوبي الإرادة وغير قادرين على المواجهة العسكرية وبالتالي "الاضطرار" للدخول في التسوية المشؤومة والملعونة.
فلا بد من التنبؤ لكل هذه الأعمال السياسية والعسكرية التي ستقوم بها كل الجهات المعنية بهذا، وإدراك أن هذه الدول الضامنة، ما هي إلا أدوات بيد أمريكا، لتحقيق ذلك الهدف الأمريكي، في القضاء على الثورة، وهذا يتطلب حكماً عدم الركون إلى وعود الداعمين وخصوصاً هذه الدول الضامنة. فهذه الدول ستتخلى عن الفصائل بعد إنجاز المهمة والقضاء على المخلصين من الثوار وستنسحب من المشهد بمجرد حصول ذلك ولن تأبه بصيحات المدنيين أو نداءات المستغيثين.
لهذا على الثوار وخصوصاً المخلصين منهم التنبه لهذه الأمور وأخذ زمام المبادرة، والعمل بشكل حاسم على قطع الطريق على أمريكا وأدواتها وأذنابها، والعودة بالثورة إلى سيرتها الأولى، ولن يتم ذلك إلا بالعمل على تبني قيادة سياسية واعية، تحمل مشروع الأمة، مشروع الإسلام العظيم، مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ذلك المشروع الذي تهتز لمجرد ذكره صروح الكفر كلها، والسير على ثوابت واضحة معينة وعلى طريقة واضحة محددة على بصيرة، من أجل تحقيق أهدافنا وإقامة مشروع الإسلام العظيم الذي سيعيد لنا عزتنا وكرامتنا، إذ لا عزة لهذه الأمة ولا كرامة لها إلا في ظل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
وننوه أخيراً إلى أن الأمة لم تيأس أبداً ولم يفت الأوان بعد كما يروج المرجفون، فالثورة اندلعت وهزت أركان النظام في وقت لم يكن محرراً بعد ولا شبر واحد من البلاد، فالثورة ليست نزاعاً على بلد أو منطقة، بل هي تغيير فكري شعوري، وهو لا يزال متوقداً في نفوس الناس بحمد الله، والنظام وأعوانه في أضعف حال، ودليل ذلك تصريح المستشار الإيراني منذ فترة بأنه "إذا انسحبت إيران وروسيا فإن (الإرهابيين) سيعودون"، فهذا يدلك على أن عمر النظام في مراحله الأخيرة، فالنصر يحتاج لصدق مع الله يقفه مخلصون لله، يعملون على إعادة منهج الله سبحانه وتعالى إلى الأرض يملؤها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً ﴿لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [سورة الروم: 4 - 5]
بقلم: الدكتور محمد الحوراني
عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا
المصدر: https://bit.ly/2waDhHy