- التفاصيل
لقد اتخذ أردوغان الكثير من التدابير لاستيعاب حركة اللجوء السورية إلى الأراضي التركية، ليس محبة بالمسلمين ولكن طاعة وولاءً للغرب، فهذا الدور مُسنَد له منذ قيام الثورة. لقد أدى أردوغان دوره المنوط به على أكمل وجه، واستخدم الشعارات الرنانة التي أوحت للمسلمين بأنه يطبق حكم الإسلام فيهم! حتى اغتر البعض به وأطلقوا عليه لقب "أمير المؤمنين" أو "خليفة المسلمين"!
إن الدور الذي قام به أردوغان هو أخبث دور في مسرحية الطغيان العالمي للقضاء على الثورة وحرفها عن مسارها، وكل ذلك طمعًا بتمرير الحل السياسي الأمريكي الذي يطمح له الغرب في سوريا. ولا يخفى على عاقل أن تركيا ما هي إلا دولة علمانية تقوم سياستها على المصلحة والنفعية لا على رابط عقدي ولا على أخوة إسلامية. من هنا أراد أردوغان الإسلام ستارًا و شعارًا لتمرير قوانين وسياساتٍ ما تحت الطاولة. الحلم الذي يلوح في خيال أردوغان هو الحل السياسي الأمريكي، فهو هدفه المنشود ليرضي أسياده؛ وما إن يتم تطبيق الحل السياسي الأمريكي حتى تتبدد تلك الشعارات الرنانة الكاذبة التي نادى بها الثعلب المكار مدّعيًا أنه من الأنصار! تصريحات وراء تصريحات تتساقط بها الأقنعة يومًا بعد يوم، فبعد أن صرح أردوغان بأنه الأنصاري تراه يطالب بعودة اللاجئين إلى ديارهم زاعمًا أنه لم يعد قادرًا على استيعابهم والقيام بضيافتهم!! وأنه ينفق على اللاجئين من إمكانات تركيا الوطنية! وأنه غير قادر على تحمل حركة نزوح جديدة في حال حصلت.
نعم، أنفقت تركيا على اللاجئين، ولكن ليس من إمكاناتها كما يدّعي بطل الثورة، فقد دُفعت له الدولارات الكثيرة للقيام بهذا الدور القذر! تركيا تتلقى ملايين الدولارات كمساعدات دولية من أوروبا وأمريكا لتقديمها للاجئين، وإذا عرفنا هذه المعلومة ووضعناها أمام تصريحات أردوغان عن عودة اللاجئين فإننا ندرك أن الخطط والمؤتمرات تعقد هنا وهناك بشأن ما بقي من الشمال المحرر، أي أنهم يكيدون في الغرف المغلقة ويقررون مصير الشمال السوري المحرر.
أما بالنسبة للمنطقة الآمنة وعودة اللاجئين، فإن أردوغان يلوّح بها من جديد عله يكسب الدعم الدولي في إقامتها والموافقة على إقامتها من أمريكا. المنطقة الآمنة تصب في تحقيق وحدة الأراضي السورية وضمان عودتها للمجرم السفاح بشار وعلى طبق من ذهب! وتسهم في تمرير الحل السياسي الأمريكي، مغلفًا بادعاءات كاذبة وشعارات مزيفة، وبقناع ليس ككل الأقنعة، وقد سقط عند كل من يفكر بعقل سليم.
الثورة السورية رحمة للعباد، ففيها كشفت الخطط والألاعيب، وسقطت الأقنعة، وانكشف الزيف، وعُرف الظالم من المظلوم، والصادق من الكاذب، والمخلص من الخائن، والعبد من الحر. لذلك أوجه نداء لكل اللاجئين السوريين في تركيا، كونوا أينما كنتم السباقين لقول الحق، وشدوا على أيدي إخوانكم حَمَلة الدعوة، حملة مشروع الأمة، مشروع الخلافة على منهاج النبوة. كونوا مع من يحملون هم الأمة صفًا واحدًا؛ كونوا مع من يرشدونكم لما فيه صلاحكم وصلاح المسلمين في شتى بقاع الأرض؛ كونوا على قلب رجل واحد؛ كونوا مع حملة المشروع الصافي النقي الصادق، الذي إن تكلل بالنصر سيحيي أمة كاملة. كونوا معهم لتعيدوا الإسلام شعارا وحكمًا وتطبيقًا؛ كونوا لأجل أنفسكم أولًا حتى تنقشع تلك الغمة عنكم ويزول الظلم ويظهر العدل وترجع الحقوق وتنعموا بالأمن والأمان من رب كريم رحيم. وأصلحوا ما بينكم وبين الله، واغضبوا لكل مسلم على وجه البسيطة فيكون لكم الفوز في الدنيا و الآخرة، رضوان من الله وعيش كريم.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
وفاء الخطيب
- التفاصيل
أخي المجاهد، خذ مني بعض الكلمات: أن تموت شهيدًا هي غاية نبيلة وهي أسمى الأماني؛ لكن حذار من أن تموت شهيدًا ويهلك بعدك آلاف المسلمين لبعدك عن هدف ومشروع لم تحسب له حسابًا، وتذكر أن أسوتك ومعلمك عليه الصلاة والسلام تمنى أن يغزو فيقتل ثلاث مرات ولكن بعد أن أكمل طريقه في دعوته وأوضح لمن حوله من الرجال الأشداء، لصحابته رضوان الله عليهم، أن الغزو لا يكون دون هدف ودون تطبيق مشروع يحمله من أراد الغزو.
كم كان لدينا مخلصون في كل منطقة سقطت في الشام بيد نظام الإجرام، وكم كان المخلصون حينها يتعطشون للشهادة وينتظرون لحظة القتال لنيلها؛ ولكن إخلاصهم دون وجود قيادة سياسية تملك مشروعًا واضحًا من صلب عقيدتهم يلتفون حولها فتلم شتاتهم وتوجه إخلاصهم بوعي وبصيرة لإسقاط النظام وتطبيق هذا المشروع بعد ذلك، أقول إن إخلاصهم هذا لم يمنع بيع تضحياتهم من قبل من أُشرب في قلبه حب المال السياسي القذر وكان طوعًا لدول همها الأساسي هزيمة الثورة والوقوف في وجه مشروع نهضة المسلمين بتحكيم شرع ربهم. ولنا عبرة في كل فصيل أو جماعة مجاهدة منذ عشرات السنين انحرفت بوصلة جهادها ليقطف ثمارها أعداء الإسلام.
تذكر أخي هذه المقولة الشهيرة التي خطها ربعي بن عامر لكل مجاهد: (إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله). رضي الله عنك يا ربعي، ما الذي أخرجك وجعلك تحمل روحك على كفك أنت ومن معك سوى مشروع الإسلام الذي تريد إيصاله للناس -حتى الأعداء منهم-؟!
أخي المجاهد: كن كالغلام المؤمن الذي قتله الملك الكافر عندما سمّى بربه وضربه بسهم فقتله، هذه القتلة أحيت أمة كاملة وأججت الإيمان في قلوب قومه فجعلتهم يواجهون سعير النار بقلوب من حديد! وأنزل الله فيهم قرآنًا يتلى إلى يوم الدين: (إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۚ ذَ ٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡكَبِیرُ). كن كذلك ولا تحصر تفكيرك في نفسك وفي نيل الجنة وحدك؛ تذكر أنه لا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
هذه رسالتي لك أيها المجاهد حتى لا يضيع جهادك وتباع تضحياتك ويقطفها أعداؤك، ولا أرجو بها إلا رضوان ربي. (وَذَكِّرۡ فَإِنَّ ٱلذِّكۡرَىٰ تَنفَعُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ).
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
نور الدين الحوراني
- التفاصيل
لو سألت الناس عن أركان الصلاة لما اختلف عليها اثنان، وكذلك لو سألت عن الزكاة والصوم وجميع الأحكام الشرعية. ولكن إن سألتهم عن كيفية تغيير المجتمعات والوصول لإقامة دولة تحكم بشرع الله لأعجزتك كثرة الأطروحات وكأن الكلام عن مباح أو مندوب قد يختلط فهمه وليس عن فرض وحكم شرعي له كيفية وأركان لا يقام إلا بها. أرسل الله عز وجل نبينا عليه الصلاة والسلام للبشرية جمعاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور ويغير الحكم الجاهلي إلى حكم إسلامي أوحاه الله له فسار عليه كما أمره الله وتمثل بخطوات شكلت بمجموعها الطريق الواجب اتباعه لكل من أراد السير في طريق إقامة دولة الإسلام.
الخطوة الأولى: منذ بدأت البعثة سار نبينا يدعو من التمس فيه الخير من أهل مكة فدعا خديجة فأسلمت ودعا أبا بكر وعلي وزيد بن حارثة، واستمر بدعوته لكل من يلتمس فيه الخير وقبول الدعوة. وكان يعلّم النبي من آمن به وبدعوته في دار الأرقم العقيدةَ ويثقفهم بالإسلام ليحملوه في مجتمعهم ويعينوا الرسول في دعوته، وكان يحرص النبي أن يثقف كل من آمن به بالثقافة الإسلامية ويأتي به إلى دار الأرقم حتى يكتّلهم ويصقلهم ويكونوا قادرين على السير معه، فكان يريد بذلك جعلَهم جماعةً مثقفة منظمة حتى يحملوا معه الدعوة، فلا يستطيع النبي أن يقوم بهذه الدعوة منفردًا ولا بد من جماعة؛ فكانت هذه هي أولى خطواته في طريق سيره.
الخطوة الثانية: أظهر النبيُ الكتلةَ التي كان يثقفها ويعلمها في دار الأرقم بعد إخفائها لثلاث سنين، لتبدأ عملها في مجتمع مكة وتُبرز ما تعلمته في دار الأرقم فتباشر بالصراع الفكري وتحارب مع النبي الأفكار الجاهلية السائدة في مكة كوأد البنات وتطفيف المكيال وعبادة الأصنام؛ ونزلت في هذه الأفكار آيات كثيرة تبين زيفها وخطأها فمثلا نزلت: (وَإِذَا الْمَوْءُۥدَةُ سُئِلَتْ* بِأَىِّ ذَنۢبٍ قُتِلَت) لضرب فكرة وأد البنات ودفنهن أحياء. ونزلت: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ* الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ* وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) لضرب فكرة تطفيف المكيال، وهكذا.
ومارست الكتلة مع النبي الكفاحَ السياسي بضرب حكام مكة وتسفيههم وتحقيرهم أمام قومهم حتى ينبذوهم ويُعرِضوا عنهم وتنفصم العلاقة بين الطبقة السياسية الحاكمة وبين الناس ليَسهُل نشر الدعوة. ونزلت في حكام ورؤوس قريش آيات تسفههم وتحط من شأنهم، فمثلًا نزلت: (تَبَّتْ يَدَآ أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ* مَآ أَغْنٰى عَنْهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ) لتسفيه أبي لهب وتعريته أمام قومه، ونزلت أيضًا آيات في الوليد بن المغيرة وهكذا. فكانت هذه الخطوة الثانية في سير النبي وجماعته (الصحابة).
الخطوة الثالثة: وهي المشروع الذي سيحكم به نبينا عند وصوله للحكم، وكان يملك مشروعًا كاملًا ألا وهو الإسلام ويقول لقومه قولوا لا إله إلا الله تدين لكم بها العرب والعجم، فكان نبينا يعلم أنه سيحكم العالم بالمشروع الذي يحمله، وهل هناك أعظم من المشروع الذي أمره به خالق السماوات والأرض؟! وتجسد ذلك عند وصوله للمدينة من بناء المسجد الذي صار دار رئاسة ومن كتابة الوثيقة والمباشرة بحل المشكلة الاقتصادية الناجمة عن مجيء المهاجرين الذين تركوا أموالهم في مكة فآخى بينهم وبين الأنصار. وهذه هي الخطوة الثالثة التي كان يسير عليها نبينا في طريق العمل والتغيير للحكم بما أنزل الله.
الخطوة الرابعة:
كان نبينا وصحابته (الجماعة) يعملون على تهيئة المجتمع الذي سيحكمونه بمشروعهم (الإسلام) فقد أرسل نبينا مصعب بن عمير إلى المدينة ليهيئها للقبول بهذه الدعوة ولتتحمّل أعباء هذا المشروع وتدافع عنه وتحمله مع النبي للعالمين؛ فبقي مصعب يدعو ويعمل ويبذل قصارى جهده في سبيل ذلك، وكانت بعدها بسنة هجرةُ النبي ليحكم المدينة بعدما أرسل له مصعب أن ذكر الإسلام والرسول فشا في المدينة وأصبح أهلها مستعدين للحكم بمشروع الإسلام.
.
الخطوة الخامسة والأخيرة:
بعدما بقي النبي وصحابته عشر سنوات يدعون في مكة، وإذ تجمّد مجتمعُ مكة وتحجّر في وجه الدعوة ولم يقبل بها وحاربها وعاداها أشد العداء! خرج نبينا يطلب النصرة له ولمشروعه من القبائل في الجزيرة بأمر من الله كما جاء عن ابن عباس: "حدثني علي بن أبي طالب قال: لما أمر الله نبيه أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر إلى منى، حتى دفعنا إلى مجلس من مجالس العرب، وتقدم أبو بكر وكان نسابة فقال: من القوم؟ فقالوا: من ربيعة. فقال: من أي ربيعة أنتم؟ قالوا: من ذهل -ذكروا حديثًا طويلًا في مراجعتهم وتوقفهم أخيرًا عن الإجابة- قال: ثم دفعنا إلى مجلس الأوس والخزرج، وهم الذين سماهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأنصار لكونهم أجابوه إلى إيوائه ونصره، قال: فما نهضوا حتى بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم-". فكان خروجه عليه الصلاة والسلام لطلب النصرة وحيًا وأمرًا من الله، وقد لاقى في ذلك أشد ما لاقى عندما ذهب إلى الطائف فكذبوه واستهزؤوا به وأدْمَوا قدميه.
هذه طريقة رسول الله في إقامة الدولة وطريق التغيير المنتجة، فهذه الخطوات هي الخريطة والبوصلة لكل من أراد أن يحكم بالإسلام ويعمل له؛ فهي وحي من الله سطرها نبينا في طريقه لكل من سيأتي بعده. أسأل الله أن يعيننا ويكرمنا بتأدية هذه الطريقة حق الأداء وينصرنا في دولة تحكم بما أنزل الله وتنشر الإسلام وتنير الأرض وتخرج الناس من مستنقعات الجاهلية المقيتة والرأسمالية والديمقراطية، إنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
نور الدين الحوراني
- التفاصيل
رأينا منذ بضعة أيام تسيير أول الدوريات التركية في "منطقة خفض التوتر" بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا. ومع هذا الحدث المهم يجدر بنا أن نسأل: من يوفر الاستقرار والأمان لأهل الشام المحاصرين في إدلب؟
والجواب البدهي: ليس بوتين ولا أردوغان ولا مؤتمر سوتشي ومقرراته التي قررت الدوريات وفتح الطرقات من يوفر ذلك! ولا قيادات المنظومة الفصائلية أو حكومة الجبايات يمكنهم تحقيق مصالح المسلمين في المنطقة المحررة خاصة وأرض الشام عامة.
من يوفر الاستقرار والأمان للمسلمين في إدلب هو الله تعالى الذي تكفل بالشام وأهله ووعد الأمة الإسلامية بالنصر إن التزمت أوامره. وعندما يكون إرضاءُ الله الغايةَ التي ليس وراءها غاية بالنسبة لعناصر الفصائل؛ وإذ يعتصم هؤلاء المجاهدون الأطهار بحبل الله المتين، وينبذون قيادات المنظومة الفصائلية ويدوسون مقررات سوتشي القذرة، ثم يسارعون لفتح الجبهات لإسقاط النظام في عقر داره، وقتها يكون الأمن والأمان والاستقرار والرفاه حقًا وصدقًا؛ وحينئذ يتمتع المسلمون -بل الناس جميعًا- بالأمان الدائم في ظل دولة الإسلام، والعدل المستمر الذي يبسطه خليفة المسلمين.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
أحمد زكريا الضلع
- التفاصيل
في بداية عام 2011 ازداد كرب أهل الشام وكثرت عليهم الضغوط بممارسات نظام البطش في دمشق، حتى إن أحدهم ليقول: لا خلاص من هذا الواقع ولا سبيل للنجاة أبدًا. فدمشق الأمويين كان يغشاها ظلام ما بعده ظلام! من أفرع أمنية برعت في إظهار أبشع السمعات وأقذر الأساليب في كيفية كبت الناس وقمعهم، تغشتهم حتى أصبح مظهرهم أنهم يفدون نظام أسد ويضحون في سبيل أن يبقى "إلى الأبد"، كما كان يُروَّج له بشعارات أصبحت تتنفسها الناس نتيجة الماكينة الإعلامية التي برعت في تقديس هبل وإنجازاته ومكارمه. كل تلك المعطيات لم تكن لتدل على أن الياسمين سيخرج من تحت طرقات البازلت وأن ربيع دمشق قد يظهر؛ قياس مادي وفق معطيات مادية أدى لنتائج خاطئة.
هذه النظرة المادية كانت مستندًا للكثير في الحكم على واقع الشام أن لا أمل في الأفق باديًا ولا سبيل للخلاص قادمًا. ولا يختلف الحال في دمشق الوليد عن أمثاله في كل بلاد العالم الإسلامي بالعموم والوسط العربي بالخصوص، فقد ضُربت الأمثال مؤكِّدةً تلك النظرة وسيقت الأشعار شارحة تلك الحالة؛ وبقي الأمر على ما هو عليه حتى بانت لحظة الحقيقة في عام 2011 حين كُسرت القاعدة المادية والواقعية بتحرك صاحب السلطان مطالبًا بحقه المغصوب، ساعيًا لاستعادته.
امتدت نار التغيير وانتشرت حتى وصلت جذوتها لدمشق مركز أسد الذي ظن أنه مانعته حصونه من النار، ولكن ما غفل عنه هو أن حصونه مهددة من الداخل نتيجة ممارسات شرذمته على رقاب الناس، فما بناه من كتل مادية لمنع أي مسيرة للتغيير لم تكن على قدر متين تصمد به أمام أمر قضاه الله. نعم قامت الثورة في أول أمرها على نظام محلي، ولكن أهدافها وطبيعة القائمين عليها جعلت النظام العالمي يرعد ويزبد ويستنفر، لذلك لا يتعجب الناظر من أن محاربة هذا الأمر لن تكون محدودة بل هي حرب مفتوحة من عدو لئيم لن تبقي ولن تذر حتى تصل لمفترق طرق: إما أن تكسر الثورةُ تحكمَ الإرادة الدولية في الناس ومقدراتهم، وإما أن تعيدهم المنظومة الدولية لحظيرتها كما كانوا بل أسوأ مما كانوا عليه.
تجهز العالم بعجره وبجره وأظهر العداوة من اللحظة الأولى وحدد الهدف والمبتغى ورسم خطه الأعوج وحدد نيته؛ ومصداق ذلك ما قام به من أعمال لسرقة الثورة، من صناعة تمثيل سياسي للثورة مرتبط وطفيلي! وتمثيل عسكري مرتبط كذلك بحبل سري يتغذى منه ويرجع إليه. وقد أغدق لكليهما العطايا في سبيل أمر واحد: "قطع رأس الثورة".
لم يقابل تلك الأوضاع التي صنعها النظام الدولي ردةُ فعل حازمة من الناس، بل رأينا أكثر من مرة إدبارًا عن المحاسبة وخوفًا من المجابهة والقولَ بما كان يقال سابقًا أن التغيير صعب بل ربما محال! ألا ترون تسلط قوى القهر والظلام وسيادة حكومات المكوس والضرائب وسطوة الأمنيات؟ فماذا نفعل أمامهم؟!
إن هذه الفكرة سامة حدَّ القتل، ولا تسهم إلا بإبقاء الناس في مربع العبودية، لذلك وجب علاج المسلمين منها وتخليصهم من آثارها، وعلاجها باختصار يرتكز على نقطة مهمة: أننا يجب أن نبعد النظرة المادية عن أن تكون وحدها أساس المعادلة، فحينما كان أصل المعادلة فيما مضى تسلط النظام وقواه المادية وصل الحال إلى ما تعلمون، وعندما تغير أساس المعادلة تغير الحال؛ إذن فالمطلوب اليوم أن نعيد المعادلة إلى أصلها وننطلق للتغيير والترشيد والتصحيح غير آبهين بشيء أو خائفين من أحد إلا الله، وعند الله العجائب والبركات والنصر الكبير.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
عبدو الدلي