- التفاصيل
يُنسب إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله قوله: "لو أن الناس كلما استصعبوا أمرًا تركوه ما قام للناس لا دنيا ولا دين". وفي ذات السياق يقول المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
لعلهم حين قالوا قولهم هذا، ما ظنوا أن مثل قولهم يحتاجه إلا أفراد قد يصيب هممَهم تعبٌ أو شيء من خمول، لكنْ ما أحسب أحدًا منهم ظن أن هذا الخمول والتعايش مع دُنُوِّ المنزلة قد يصيب أمة لا إله إلا الله! وربما حين قالوا ذلك أرادوا تحريكًا لساكن و دفعًا لمتردد؛ لكن ما أظن أنه جال في خاطر أحدهم أن يكون البذلُ والتضحية حاضريْن لكن المطالب والمرامي قد صغُرتْ حتى تقزّمت!
تبيانًا مفصلًا لما أسلفت: حديثي عن جمهور واسع في الأمة ضاق أفق طموحه وأحاطت به أسوار من أوهام متنوعة، من أبرزها استحالةُ الخروج من قبضة الهيمنة الاستعمارية على بلادنا. وإذن سَلّم تسليمَ اليائس بحتمية تبعيتنا لأعدائنا وحتمية التعايش مع نماذجهم التشريعية في السياسة والاجتماع والاقتصاد! وخاصة أن بلاد المسلمين تصنّف في مصاف ما يُدعى بدول "العالم الثالث". ولما تراكم الإحساس بالظلم في الصدور وغلى، وزمجرت الشعوبُ ثوراتٍ مزلزلةً؛ استدرجها النظام الدولي إلى مصيدة عدوها بتقزيم المطالب وربْط شعور الظلم بممارسات وأشخاص هم جزء صغير من صورة كبيرة رسمها ساسة العالم لهذه الأمة وأقنعوها بأنها واقعها الذي لا فكاك منه.
كيف تقبل "خير أمة أخرجت للناس" أن تتخلى عن تصنيف رب العزة جل وعلا لها رائدةً وهاديةً للشعوب وتقنع بتصنيف شرار البشر لها على أنها من العالم الثالث؟!
من هانت عليه نفسه لا شك سيكون في عيون الأمم مهانًا؛ ونحن أمة عزيزة لديها من إمكانات العافية والريادة كنوزٌ في الفكر والمادة والروح. ومن أراد لأهله خلاصًا من أدنى الشرور فلا بد له من تقدير دقيق لوزن أمته عقديًا وسياسيًا، ولا بدّ له من ميزان يضبط به تلك المفاهيم؛ لا بد من ميزان المبدأ بعقيدته ونظامه ولا بد من تحطيم ميزان "الواقع" الذي رسمه أعداؤنا في أذهاننا سرابًا خدّاعًا.
هذا ليس إخفاءً لمشقة الطريق، فلا شك أننا في صراع تهشيم وتحطيم على كافة المستويات مع عدونا، لكننا وللأسف نخوض الصراع وحركتنا حركة التائه بلا مشروع و لا طموح؛ فنبذل دون مردود ونضحي بلا مكسب، وهذا هو التيه الذي صار تبديده واجبًا مستعجَلًا في أمة كلما ظن عدوها أنه أصابها في مقتل خاب ظنه فجدد سعيه لجولة أخرى من جولات التهشيم والتحطيم. فهل تتوحد الجهود مسرعة إلى درع يليق بنا نصنعه بأيدينا فيرد عن أمتنا وينتصر لها؟
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
حسن نور الدين
- التفاصيل
لم يكن ذلك اليوم حدثًا عاديًا، ولكنه أيضًا لم يكن جديدًا! فمنذ أن غاب الراعي تكاثرت الذئاب على الرعية. أحدث هجوم نيوزيلندا جرحًا جديدًا يضاف لجروح الأمة الكثيرة في مشارق الأرض ومغاربها. ولا بد عند وقوفنا على هكذا خطب جلل أن نلفت الانتباه إلى عدة نقاط:
أولًا، إن خطاب الكراهية الذي تتبناه جمعيات وجماعات بل دول عبر إعلامها يُذكي روح العداوة والانتقام عند المتلقي، ويجعل المسلمين بالغالب في موقف ضعيف مترنح يدافعون فيه عن قيم دينهم من خلال القبول باتهامه أو النزول بفكرهم من فكر مبدئي جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، إلى فكر وسطي يعني عند القائلين به التماهيَ مع الفكر الغربي –في عقيدته فصل الدين عن الحياة- والميوعة والتفريط.
ثانيًا، إنّ تصدُّر جماعات أساءت فهم الإسلام بشكل صحيح فتراوحت بين إفراط منفّر يصور الإسلام أنه دين القتل والذبح وظلم الناس وإرجاعهم لعقلية القرون الوسطى في أوروبا، وبين تفريط يفرغ الإسلام من محتواه ويجعله أشبه بالكهنوت ويحصره بالزوايا والتكايا متماهيًا مع الفكر الغربي؛ أقول: هذا التصدر ساهم في إضعاف تصور الناس عن الإسلام أنه المنقذ والمخلص للبشرية من براثن الرأسمالية المتوحشة التي أذاقت الناس الويلات.
ثالثًا، تَبيَّن أن حكام الأمة ما هُم إلا رويبضات نصّبهم الكافر حراسًا لمصالحه، دعاةً لفكره، أوفياءَ لسيدهم في الوقوف في وجه مشروع الأمة وانعتاقها من نير أعدائها، يتحقق فيهم قول الشاعر:
لا يُلام الذئبُ في عدوانه
إن يك الراعي عدوَّ الغنم
ونظرة لموقفهم من حادثة شارلي إيبدو وحادثة نيوزيلندا تظهر كم هم أذناب للغرب سائرون في ركابه.
رابعًا، برزت الحاجة الماسة لراعٍ يقول لو أن شاة عثرت في أرض العراق لخشيت أن يسألني عنها الله لِمَ لَمْ أُمهِّد لها الطريق، ذلك الإمام الجُنَّة الذي يُقاتل من ورائه ويُتقى به، الذي يسوس الناس بعدل الإسلام فلا يضطر مسلم ليهاجر بعيدًا عن بلده، وإن حصل وهاجر فيحسب له أعداؤه ألف حساب قبل أن يفكروا أن يؤذوه.
خامسًا، تَبيَّن من سلاح مجرم نيوزيلندا أنه قارئ للتاريخ بشكل جيد، ويحمل في مكنوناته آثار حروب صليبية تحطمت سفنها على صخرة هذه الأمة العظيمة حين كان لها دولة وسلطان، فليراجع دعاة حوار الأديان ومروجو العلمانية أنفسَهم ولْيقفوا على حقيقة الأحداث وإلا فَهُم عملاء للفكر الغربي وأعوانه في الحرب على الإسلام العظيم.
سادسًا وأخيرًا: يقول الشاعر:
لمَتَّْ الآلامُ منا شملَنا
ونَمَتْ ما بيننا من نَسَبِ
فلعل هذا الجرح يكون منبِّهًا لأمة نامت ردحًا من الزمن وآن أوان استفاقتها لتعود لدورها الريادي في قيادة الأمم. وهذا يذكّر كلَّ واحد منا تجاه هذا الفرض العظيم الذي وعدنا الله بتحقيقه إذ قال: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون}؛ وبشرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة) رواه أحمد. فلنغذ السير قُدُمًا نحو مرضاة قيوم السماوات والأرض لنهنأ بعيشنا في ظلها وتُنزِل السماء خيرها وتخرج الأرض بركاتها، و لمثل هذا فليعمل العاملون.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
عامر سالم أبو عبيدة
- التفاصيل
في الذكرى الثامنة لانطلاق ثورة الشام في 15 من آذار 2011. وتحت شعار "نجدد عهد ثورتنا ونؤكد على ثوابتها بإسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام": خرجت مظاهرة نظمها شباب حزب التحرير في بلدة أطمة - بريف إدلب الشمالي. كذلك خرجت عشرات المظاهرات الشعبية عقب صلاة الجمعة، في العديد من المناطق المحررة، في مدن إدلب ومعرة النعمان وخان شيخون وسراقب وبنش وسرمدا وبلدتي سرجة واحسم وقرى حزارين وسفوهن وكفرعويد والفطيرة وعزمارين، وأكد المتظاهرون على استمرارية الثورة، واستعادوا شعارات وأهازيج الثورة بترديد هتافات عام 2011، للتأكيد على تجديد العهد بالثورة. ومن اللافتات التي رفعها المتظاهرون.. لا كرامة لشعب يتخلى عن ثورته، نحن شعب لا يستسلم ننتصر أو نموت، ثماني سنوات وعلى عهد الشهداء سائرون".
- التفاصيل
تقوم الثورات عادة لتغيير الواقع السيئ إلى واقع أفضل، من أجل ذلك تقدم الشعوبُ الكثيرَ من التضحيات، وفي حال التفاف أصحاب المصالح على هذه الثورات وإفشالها فإن روح الثورة تبقى موجودة لتعيد شحن الشارع بهدف التحرك من جديد. هذا ما حدث في أوروبا نهاية القرن الثامن عشر وخلال القرن التاسع عشر، فقد حصلت عدة ثورات متتالية أدت في النهاية لتحقيق مطالب الشعب بالتغيير، منطلقها كان الثورة الفرنسية عام 1789م، حيث قامت ضد الدكتاتورية الحاكمة المتمثلة بالملك وأتباعه من طرف، والكنيسة الكاثوليكية من طرف آخر. حيث عاش الشعب الفرنسي تحت نير الظلم و الفقر، ورغم فشل الثورة الأولى، فقد تحرك الشعب الفرنسي في ثورة عام 1830م التي أطاحت بالملك وعدّلت السلطة إلى سلطة ملكية دستورية. كانت هذه الثورة شرارة لعدة ثورات حدثت في أوربا: بلجيكا، وبولندا، وانتفاضة سلمية في سويسرا، ومجموعة من الانتفاضات في الدويلات الإيطالية. لم تتوقف حدود الثورات في أوروبا بل امتدت إلى البرازيل، ولكن قلة الوعي عند الجماهير ووجود ثورة مضادة بقيادة كل من بريطانيا والنمسا أدت لفشل هذه الثورات والانتفاضات.
إلا أن الثورات لا تموت؛ حيث كان عام 1848م عامَ الثورات التي سمّيت بربيع الشعوب، خلاله انتفضت غالبية شعوب أوروبا ضد حكامها، سواء عبر ثورات شاملة أو انتفاضات سلمية، ابتداء من فرنسا ثم الدويلات الألمانية والدويلات الإيطالية وهولندا وبلجيكا والدنمارك وإيرلندا والسويد وبولندا وأوكرانيا وسويسرا والثورات في الإمبراطورية المجرية وغيرها من الدول الأوروبية الصغيرة، ولم تقف حدود هذه الانتفاضة في أوربا بل وصلت أصداؤها إلى العديد من دول العالم. بعض هذه الثورات كان هدفها إسقاط النظام الملكي وتبديله بالمبدأ الرأسمالي، وبعضها كان بهدف الوحدة الوطنية، وأخرى من أجل الاستقلال عن الدول المستعمِرة. حققت بعض هذه الثورات أهدافها وبعضها الآخر فشل، لكن هذه الثورات كانت بريقَ أمل، مما جعل الشعوب تعيد الكرّة مرة بعد أخرى، الأمر الذي أدى في النهاية إلى الوصول إلى الدول الأوربية الحديثة التي يسودها المبدأ الرأسمالي، مع ما نشاهده من تطور تكنولوجي ورخاء اقتصادي.
لقد كان السبب في تأخر الشعوب الأوربية في التخلص من الأنظمة القديمة، أن الشعوب لم يكن لها مشروع واضح ومبلور تهدف لتحقيقه، بل كانت ثورات نابعة عن غضب من الحكام، وأحلام كبيرة في الحرية والعيش الرغيد. في كل ثورة كان وعي الشعوب يتقدم درجة نحو الأمام، حيث إن التضحيات الجسام أرغمتهم على التفكير في مخرج، الأمر الذي أدى إلى الوصول للمبدأ الرأسمالي الوضعي الذي لم يحقق لهم الرخاء الحقيقي إلا بعد أن خاضت شعوب أوروبا حربين عالميتين، تم بعد كل منهما تعديلات كبيرة على المبدأ حتى وصلوا إلى ما هم عليه اليوم.
تُعلّمنا ثورات الشعوب الأوربية أن الشعوب ستبقى منتفضةً حتى تحقق أهدافها، وأن القمع العسكري والمكر السياسي للأنظمة الحاكمة لن تنجيهم من غضب الشعوب، وإنما تؤخر سقوطهم قليلًا، كما أننا في بلاد المسلمين اليوم نرى إرهاصات موجة جديدة من الثورات بعد فشل ثورات عام 2011م، وهي ثورتا السودان والجزائر، والتي من المرجح أنها ستمتد قريبًا للكثير من البلدان الإسلامية بهدف إسقاط الأنظمة العميلة الحاكمة والتخلص من النفوذ الاستعماري. لكننا أيضًا يجب أن نأخذ العبرة من تجربة الأوروبيين بحيث نحمل مشروعًا كاملًا نهدف فيه لإسقاط النظام وبناء نظام جديد، وأن لا نعتمد فقط على كراهية النظام القديم. في ذات الوقت إننا لسنا بحاجة إلى استيراد نظام وضعي جاء كردّ فعل على ظروف معينة في زمان ومكان محددين، ولا يزال مشرّعوه يعدّلونه تَبَعًا للمتغيرات! ورغم أنه حقق لشعوب أوروبا الحرية والرخاء الاقتصادي، إلا أنه دمرهم اجتماعيًا وأخلاقيًا، وهو اليوم يهدد السلامة البيئية على مستوى العالم، إضافة إلى أن نظامه المالي على وشك الانهيار مما سيجلب الكوارث للبشرية جمعاء ما لم يتم تبني نظام جديد. وقد أكرمنا الله عز وجل خالق السماوات والأرض بنظام الإسلام، فلو سعينا لإسقاط هذه الأنظمة وتطبيقه في دولة واحدة على رأسها خليفة منتخب يحكمنا بكتاب الله وسنة رسوله، لوفرنا على أنفسنا عناءً طويلًا لسلاسل متتالية من الثورات لن توصلنا إلا إلى ذات النتيجة، ولحققنا أهدافنا بالعيش الكريم مع الفوز برضوان الله عز وجل في الدراين.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
مصعب الرشيد الحراكي
- التفاصيل
يلحظ المتتبع للأحداث على أرض الشام كيف توجهت الأنظار في الآونة الأخيرة تجاه شيوخ القبائل والعشائر وذلك من أجل تمرير وتنفيذ المخططات والاتفاقات الدولية التي تهدف لإنهاء الثورة من خلال تنفيذ الحل السياسي الأمريكي الذي عجزت الفصائل العسكرية عن تنفيذه بمفردها فكان لا بد من إيجاد رديف للقوة العسكرية المرتبطة، هذا الرديف يجب أن يكون يمثل القاعدة الشعبية، ولا خير من القبائل والعشائر لتقوم بهذا الدور، خصوصاً أن غالبية المناطق المحررة ذات طابع عشائري.
فبدأ النظام التركي العمل على إيجاد هذا الرديف، وبالفعل وقبل أن يقوم بحملته (غصن الزيتون) تم عقد مؤتمر القبائل والعشائر في أنقرة بتاريخ10 أيلول 2017م، ومهّد هذا المؤتمر لعقد المؤتمر الأول للقبائل العربية في إسطنبول وذلك في 12/12/2017 حيث حضر ممثلو ما يقارب الستين قبيلة وعشيرة لذلك المؤتمر.
وقبل عقد هذا المؤتمر في إسطنبول شكلت ما تسمى حكومة الإنقاذ بتاريخ 03/11/2017 فقامت بتشكيل مجلس شورى للقبائل والعشائر بحيث تحصل الأخيرة بموجب هذا المجلس على دعم القبائل والعشائر وإضفاء شرعية على الحكومة وتأييد من القاعدة الشعبية واستيعاب باقي الشخصيات والرموز العشائرية التي لم تكن موجودة في مؤتمر إسطنبول، وهذا ما حدث بالفعل حيث أعلنت حكومة الإنقاذ وبتاريخ 26/06/2018 عن تشكيل مجلس شورى القبائل والعشائر السورية في الداخل السوري المحرر.
وكثرت في تلك الفترة التشكيلات للمجالس القبائلية والعشائرية، نذكر منها تشكيل مجلس قبيلة بني خالد تلاه تشكيل مجلس قبيلة العكيدات ومن ثم تشكيل مجلس قبيلة طيء ومجلس قبيلة النعيم ومجلس قبيلة البوشعبان ...إلخ
وكان الهدف من تشكيل هذه المجالس للقبائل كلاً على حدة هو إيجاد تمثيل لها ضمن المجلس الأعلى للقبائل والعشائر في تركيا أو في مجلس شورى القبائل والعشائر في الداخل المحرر؛ وكان آخر هذه المؤتمرات المؤتمر الذي عقد في قرية سجو في ريف حلب الشمالي بتاريخ 12/12/2018 بحضور الائتلاف الوطني. وحمَل المؤتمر شعار "يدا بيد لتحرير سوريا من نظام الأسد والتنظيمات الإرهابية وتحقيق السلم الأهلي ووحدة سوريا أرضاً وشعباً".
ودائماً يكون دور شيوخ العشائر والقبائل والوجهاء في مثل هذه المؤتمرات هو التقاط بعض الصور التذكارية على هامش المؤتمر وتناول وجبة الغداء التي يتم تجهيزها على شرف الحضور، وأصبحت لدى الجميع شبه قناعة بأن حضورهم في أي اجتماع هو من أجل إعطاء شرعية لصاحب الدعوة ولا دور للقبائل وشيوخها سوى ذلك!
وإذا عدنا قليلاً في التاريخ نجد أن للقبائل والعشائر دورا بارزا ومهما حيث كانت القبائل والعشائر هي وجهة النبي عليه الصلاة والسلام لطلب نصرتها من أجل نصرة دين الله سبحانه وتعالى، والمتتبع لسيرته صلى الله عليه وسلم يجد كيف كان يتقصد القبائل في مواسم الحج عندما تخيِّم حول مكة، فبدأ عليه الصلاة والسلام بعرض نفسه على القبائل في السنة الرابعة للبعثة، واستمر في عرض الدعوة على القبائل في مواسم الحج مستفيداً من تجمعهم، حيث تأتي القبائل إلى مكة للحج وتحصيل المنافع من تجارة وغيرها، وفي كل موسم يجدد الدعوة لهم، فكان يأتيهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم الإسلام، ومن تلك القبائل التي دعاها عليه الصلاة والسلام: بنو عامر بن صعصعة، ومحارب بن خصفة، وفزارة، وغسان، ومرة، وحنيفة، وسليم، وعبس، وبنو نصر، وكندة، وكلب، والحارث بن كعب، وعذرة.
وفي موسم حج عام أحد عشر للبعثة التقى الرسول صلى الله عليه وسلم بنفر من شباب يثرب من قبيلة الخزرج، وكانوا من العقلاء فاستجابوا لدعوته ودخلوا في الإسلام، فكانوا سفراء إلى قومهم وكان الأوس والخزرج أنصار الله ورسوله، وشتان بين دعوة القبائل لنصرة دين الله وبين دعوتها لتعين أعداءها على الحفاظ على النظام العلماني الكافر وتثبيت أركانه كما يجري اليوم!!
ولقد تنافست القبائل في عهد النبوة وبعد فتح مكّة في العام الثامن للهجرة، وانتهاء غزوة تبوك، وسقوط آخر معاقل المقاومة لدولة الإسلام، وظهور نتائج الصراع بين الحق والباطل، بادرت قبائل العرب إلى الإسلام، وأقبلت الوفود إلى النبي عليه الصلاة والسلام من كل حدبٍ وصوب، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجاً﴾ حتى ازداد عدد تلك الوفود في ذلك العام على الستّين وفداً والتي كان منها وفد بني تميم الذي يعتبر من أبرز الوفود التي جاءت إلى المدينة في ذلك العام، وذلك لمكانتها بين قبائل العرب، وسمعتها في مجال الأدب والخطابة والشعر، وفد نجران، وفد عبدالقيس، وفد بني حنيفة، وفد الحميريّين من أهل اليمن، وفد طيء، وفد بني عامر، وفد بني سعد بن بكر، وفد المراديين، وفد كندة، وفد قوم جرير بن عبد الله البجلي، وفد ثقيف، وفد تميم الداري، ووفود أخرى كثيرة... كل هذه القبائل جاءت لتنال شرف الدفاع عن هذا الدين وحمل رايته.
فرفع الإسلام شأن تلك القبائل وبقي ذكرها مقروناً ببقاء هذا الدين، فعندما يذكر العهد الأول للإسلام لا بد من ذكر تلك القبائل التي آوت ونصرت وجاهدت في سبيل الله. وإن كانت القبائل اليوم تبحث لنفسها عن مكان فعليها أن تسير على خطا أسلافها في نصرة دين الله سبحانه وتعالى وذلك بتبني مشروع الخلافة على منهاج النبوة الذي يعمل له حزب التحرير الرائد الذي لا يكذب أهله، فإذا سأل سائل لماذا الخلافة؟ نقول: لأنها فرض رب العالمين، فإذا سأل لماذا حزب التحرير؟ فنقول: لأن العمل لهذه الفريضة لا يكون فردياً بل لا بد من أن يُعمل لهذا الفرض بشكل جماعي، قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ والجماعة الوحيدة التي تعمل لإعادة الحكم بما أنزل الله بطريقته الشرعية هي حزب التحرير، فإذا قال إن إقامة الخلافة ضرب من الخيال! نقول: قال الباري سبحانه وتعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.
اللهم اجعلنا من شهودها وجنودها برحمتك يا أرحم الراحمين
بقلم: الأستاذ أحمد عبد الجواد
جريدة الراية: https://bit.ly/2UM6gwq