press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

18 3 2019 wakft taamul

 

تعيش أمة الإسلام اليوم لحظات عصيبة، يغلب عليها حالات التوتر المنهكة لقوتها، تقف عند سكة المعاناة متعبة، تنتظر قطار إسلامها أن يبعث من جديد، تعيش اليوم حالة مخاض قبل عملية الولادة التي تحمل مشاعل النور وتمحو آثآر الظلام، ظلام متبقٍ من أنظمة قالت لله لا وللكفر نعم، ولكن هيهات هيهات أن تبقى هذه الأنظمة وتتمدد، فرب السماوات والأرض سيقلب الموازين ويدحض أنظمة الكفر عما قريب بإذنه ومشيئته. ولكن لا بد لهذه الأمة من ابتلاء ولا بد من تضحية حتى يرتسم خيط النصر على سماء فجر هذه الأمة، وحتى يخرج من بين ركام اليأس الثلة الصادقة الصابرة الموعودة بوعد ربها و بشرى نبيها لتقطف ثمار ثورة ضحت بفلذات أكبادها من أجل الانعتاق من العبودية للأنظمة، والعيش في كنف الإسلام العظيم.

إنه ومما لا شك فيه أن هذه الأنظمة اليوم هي أنظمة فرضت نفسها على الأمة غصبًا بالسيف والدم، إما أن تعيش وأنت صاغر ذليل وإما أن تموت جوعًا وبردًا! الأمة تلتحف السماء وتفترش الأرض، و الأنظمة في كوكب منفصل عن كوكب رعاية الناس! والحقيقة أن القضية الأساسية للشعوب لا تكمن في شخص الحاكم أو الرموز الموجودة في سدة الحكم، بل هم مجرد أدوات لتحقيق فكرة، كسائق الدبابة عندما تنتهي مهمته أو يموت يأتي شخص آخر ليكمل المهمة ويضع خبرته لقيادة الآلية، وفي خضم الواقع الذي تعيشه اليوم عامة الناس فقد أثبت الواقع فساد الأنظمة السائدة على بلاد المسلمين، ودليل ذلك تحركات الشعوب ضدها، فحركات الأمة على النظام -وإن كانت ليست على بيّنة من أمرها بتحديد هدف تسير نحوه- إلا أنها تعي أن المشكلة بالنظام القائم، ولكن افتقادها لأحد أهم ركائز التغيير: الهدف الواضح المبلور وتبني المشروع البديل من أجل تطبيقه ريثما ينتهي النظام الذي ثارت عليه هو ما يؤخر وصولها إلى ما تريد.

إن ثورات الربيع العربي أكدت وتؤكد لنا دائمًا أن الأنظمة وقوانينها يجب أن تكون الضربة القاضية للشعوب، كونها فرّقت الشعوب وأشعلت نار الفتنة بينهم، وأفقرت الناس وصرفت نظرها إلى ممتلكات الأمة من مياه وثروات ومعادن على وجه السلب والنهب! وما يدمي القلب أكثر هو جمع المال وإرساله للغرب الكافر لينعش به اقتصاده ويقوّي به دوله، بينما المسلمين يسكنون المخيمات ويهاجرون من أرضهم إلى أرض أخرى، ويحرقون أنفسهم ليس انتقامًا من شخص ما، بل هرب من واقع اقتصادي بائس فرضه عليهم النظام القائم عليهم. وقد أكدت ثورات ما سمي بالربيع العربي -التي ستزهر ذات يوم وسيفوح عطرها بإذن الله- أن الحكام بمجملهم ليسوا إلا أشخاصًا يحرسون النظام ويطبقون قوانينه وأحكامه؛ فقد سقط مبارك، ومات القذافي، وقتل عبد الله صالح، وهرب زين العابدين، إلا أن الداءَ لا يزال موجودًا -إذ إن التغيير الذي حصل كان للوجوه فقط- والفسادَ لا يزال يدور بين الشام وأرض الزيتونة ومصر الكنانة وليبيا قاهرة الطليان.

إن الله تعالى أكرم المسلمين بالنظام الإسلامي الذي أنزله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو النظام الجدير بالتطبيق لأن مصدره الوحي، وحي الخالق الذي يعلم ما يصلح عباده وما يفسدهم؛ ولأنه حين طُبق رفع الناس إلى حياة كريمة ملؤها السعادة والطمأنينة والرخاء، ووقائع التاريخ تثبت ما نقوله. ولقد صنع هذا النظام الفريد من نوعه دولةً قوية ذات جيش مهيب لم يشهد له التاريخ مماثلًا إلى الآن في قوته أو في الأسس التي قام عليها، فإن أوذي أهل الشام زأر لهم أهل اليمن، وإن ظلم المسلمون العرب هبَّ لنصرتهم المسلمون الأعاجم من ترك وكرد وشركس، وما ذاك إلا لأن المبدأ الذي اعتنقوه جعلهم إخوة تربط بينهم العقيدة الإسلامية. أما أنظمة اليوم فقد جلدت ظهورهم وأدمت أجسادهم وانتهكت حرماتهم، وفرقتهم بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان، عربي وتركي، وسوري ومصري، وأبيض وأسود!

لذلك: وجب على المسلمين اليوم أن يصبوا أغلب قوتهم ويصرفوا مجمل وقتهم ويفرغوا المزيد من طاقاتهم للعمل لإعادة النظام الإسلامي إلى الحكم من جديد، وما الدماء التي تسيل كل يوم -وآخرها دماء المسلمين في نيوزيلندا- إلا إشارة لكل إنسان مسلم أنه وبغياب دولتك يُنتهك عرضك وتسرق ثروتك ويشتم دينك… فهل ترضين بهذا يا أمة الإسلام؟!

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
أحمد إبراهيم الحسن

 

 

17 3 2019 thort alcham

 

مع دخول ثورة الشام عامها التاسع، ووصول الواقع الميداني إلى حالة يرثى لها من فقدان الثوار للمناطق المحررة وانحسارهم في رقعة جغرافية لا تتجاوز 10% بعد أن كانوا يسيطرون على حوالي 80% من سوريا، يضاف إلى ذلك ارتهان قيادات الفصائل لقيادات سياسية معادية للثورة، أصبح من الضروري دق ناقوس الخطر والتحذير من ضياع تضحيات الملايين من المسلمين في سوريا والذين ضحى كثير منهم بأرواحهم وأهليهم وممتلكاتهم في سبيل انتصار هذه الثورة المباركة.

نعم إنها ثورة مباركة رغم تشكيك البعض بوجود بركة فيها مع ما آلت إليه الأمور من خسارات جسيمة تعرضت لها بأيدي أبنائها الذين تصدروا للقيادة فلم يحسنوا التدبير. كيف لا تكون مباركة وقد مضت 8 سنوات من المكر الكُبَّار والحشد الدولي للقضاء عليها مع وجود معاول هدم داخلية لا يستهان بها تعيش بين حاضنة الثورة وتسعى لتمزيقها من الداخل لكنها رغم ذلك صمدت؟! كيف لا تكون مباركة وقد كشفتْ كلَّ العملاء والمتآمرين من حكام المسلمين والدول الغربية المدعية صداقة الشعب السوري مرورًا بما يسمى "حزب الله" ومحور الممانعة الكاذبة الذي تغنى نظام أسد بكونه جزءًا منه لعقود؟!

كيف لا تكون مباركة وقد كشفت كثيرًا من علماء البلاط والسلاطين الذين طالما وثق الناس بهم وبعلمهم وفتاويهم لتتساقط كثير من مواقفهم بداية الثورة أمام إغراءات الحكام الخونة الذين اشتروا ذممهم حتى غدوا في صف الظالم متهِمين الشعوب بالمفتنين والمشاغبين! كيف لا تكون مباركة وما زالت جذوتها المشتعلة تلهم الشعوب الإسلامية في المنطقة للتحرك ضد الطغاة وليس الجزائر والسودان عنا ببعيد؟ كيف لا تكون مباركة وقد أظهرت عِظَم العقيدة الإسلامية التي يحملها أهل الشام ومواقفَهم المشرفة التي سيكتبها التاريخ بماء من ذهب، ومطالبَهم الواضحة في إعادة الإسلام للوجود من خلال دولة إسلامية تجعل الإسلام المصدر الوحيد للتشريع وتنبذ أي شكل من أشكال الدولة الديمقراطية أو العلمانية.

ولكن كونها مباركة لا يعني أنه ليس فيها دخن، وليس فيها مخالفات شرعية اقتضت ألا يتنزل النصر بعدُ وأن يتأخر تحقيق مطالب الشعب. وكان الخلل من هذه الناحية في عدم وجود قيادة سياسية إسلامية مخلصة توجه جماهر الأمة وتضبط تحركاتها بالحكم الشرعي وتضع ثوابت واضحة للثورة تصل بها إلى بر الأمان. والذي نراه أنه لابد من أن تعطى قيادة الثورة السياسية في سوريا لحزب التحرير لأنه جدير بها فقد ثبت وعيه وثباته لكل منصف. كما أنه يحمل مشروعًا سياسيًا إسلاميًا مفصلًا لجميع أركان الدولة من دستور وتفصيل أجهزة الحكم والإدارة والنظام الاقتصادي والاجتماعي ونظام العقوبات والقضاء مرورًا بمناهج التعليم، فهو يملك هيكلية واضحة للدولة ومؤسساتها، ولديه مجموعة كبيرة من السياسيين ورجال الدولة القادرين بإذن الله على بناء نظام دولي جديد يقف أمام عنجهية وتغطرس أمريكا ويضع حدًا لهيمنتها على بلاد المسلمين.
قال تعالى: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَیَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَیُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِینَهُمُ ٱلَّذِی ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَیُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنࣰاۚ یَعۡبُدُونَنِی لَا یُشۡرِكُونَ بِی شَیۡـࣰٔاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤئكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ).

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
أحمد الصوراني

 

1332019alraya

 

خرجت عقب صلاة الجمعة، مظاهرات نظمها شباب حزب التحرير في مناطق عدة من المحرر تطالب بفتح الجبهات، نصرة للقرى والمدن التي تتعرض للقصف الوحشي، وعدم السكوت عن قصف النظام للمناطق المحررة. ففي بلدة السحارة - بريف حلب الغربي خرجت مظاهرة حاشدة عبرت شعاراتها ولافتاتها المرفوعة عن رأي الحاضنة الشعبية، من خلال سلسلة لافتات ساءلت إحداها قادة الفصائل: إذا كان هدف القصف تهجير الناس وفتح الطرق، فما هدفكم أنتم؟ واستفهمت لافتة أخرى: هل يرجو عاقل حماية من النقاط التركية العاجزة عن حماية نفسها أصلا؟ مهمة الأتراك وقادة فصائلهم تنفيذ الاتفاقيات: فما مهمتكم يا عناصر الفصائل؟ في حين أوضحت أخرى لأهل حوران: أن الذي خدعكم بأمان التسويات في الجنوب: هو الذي يقتلكم في الشمال. أما في بلدة تل الكرامة - بريف إدلب الشمالي، فقد خرجت عقب صلاة الجمعة مظاهرة نددت بالقصف المستمر وصمت الفصائل، وتميزت لافتات المظاهرة بأنها عكست الشعارات الأولى لثورة الشام فقالت إحداها: "هي لله هي لله، ما لنا غيرك يا الله"، وتعهدت أخرى مؤكدة: سنعيدها سيرتها الأولى، وفي مدينة أريحا - بريف إدلب الجنوبي، اختزلت مظاهرتها عقب صلاة الجمعة بالشعارات واللافتات المرفوعة، المشهد السائد في ما تبقى من أراض محررة، فأكدت إحدى اللافتات أن: إسقاط النظام وإرضاء الداعم الضامن هدفان متعاكسان لا يلتقيان، وأخبرت أخرى: أن الأطفال القتلى يشكون إلى الله الضامن التركي الشريك والشاهد على قتلنا بواسطة إنجرليك ونقاط المراقبة، وذكّرت أخرى أن: جرجناز تقصف كل حين، وتشكو وتسأل نخوة المجاهدين.

 جريدة الراية: https://bit.ly/2EWHBPb

15 3 2019 achrat alsa3a

 

لو تأملنا في أشراط الساعة لوجدنا في القرآن والسنة عشرات الأخبار المستقبلية عن أشراط الساعة، وقد كتب المسلمون عن علامات وأشراط الساعة كتبًا كثيرة، ولكن الذي يؤلم الفؤاد ويحز في النفس أن الأمة حينما أقفلت باب الاجتهاد وعطّلت ملكة التفكير، وقفت من علامات الساعة وأشراطها موقف القدرية الغيبية، أي موقف المتفرج وانتظار وقوع هذه العلامات ومن ثم الاستسلام لما سيقع! وليس التفكير المسبق لمعالجة ما سيحصل لهم من مصائب، بل ولا حتى موقف التسابق في تحقيق البشارات.

مع أن الأمة سابقًا حينما سمعت مثلًا بقوله عليه الصلاة والسلام: (لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) بادرت وتسابقت وسارعت إلى تحقيق هذه البشارة ولم تقف موقف المتفرج، ولا موقف القدرية الغيبية الذي ينتظر وقوع الحدث ولا يفكر كيف يشارك في صنع الحدث؛ فقد جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 468) عن عبد الله بن بشر الغنوي حدثني أبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) قال عبيد الله: فدعاني مسلمة بن عبد الملك فسألني عن هذا الحديث فحدثته فغزا القسطنطينية (قال الذهبي : حديث صحيح).

واليوم نرى كثيرًا من أبناء الأمة الإسلامية يتعجب من الأمريكي والياباني الذي يفكر للأمام لسنوات طويلة، ولكنهم في ذات الوقت لا يرون أبعد من أنوفهم! بل إنهم إذا شاهدوا حزبًا سياسيًا يفكر للمستقبل ويعمل لإقامة الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة يسخرون منه ويقولون له أنتم تحلمون وتتوهمون وتعيشون خارج الواقع، وذلك بدل أن يسيروا معهم ويعملوا معهم لإقامة هذا الحدث الذي سيغير وجه التاريخ ثانية، كما غيرته البعثة النبوية سابقًا.

علمًا أن كثرة إخبار الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام عن أشراط الساعة هذه الكثرة، تتجانس تمامًا مع طبيعة العقيدة الإسلامية، فالعقيدة الإسلامية عقيدة روحية سياسية، فلا بد من بناء عقلية الأمة على هذا الأساس، أي لا بد لأمة هذه عقيدتها أن يكون لديها التفكير بالمستقبل والتفكير بوضع الخطط من أجل تغيير الواقع والإبداع في أساليب صناعة التاريخ، فتبادر وتتسابق إلى تحقيق البشارات التي أخبر بها الله ورسوله، وتأخذ حذرها من المصائب والفتن التي ستعترض طريقها مستقبلًا. ولا ينبغي أن يكون تفكير الأمة تفكيرًا آنيًا ولا تفكير اللحظة التي تعيشها ولا تفكير من يستسلم لواقعه، بل لا بد أن تقوم الأمة بوضع أهداف بعيدة الأمد لتحقيقها على مسرح الحياة وعلى حلبة الواقع الدولي.

 

للمكب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
معاوية عبد الوهاب

 

1332019raya

 

يوشك العام الثامن أن يمضي على انطلاق ثورة الشام المباركة، والتي كانت ضمن تحرك عارم تشهده أمة الإسلام، فيما بات يعرف "بالربيع العربي"، هذا التحرك نحو التغيير الذي انطلق من تونس مروراً بمصر واليمن وليبيا فالشام، ولن تكون السودان والجزائر آخر المطاف، كان بسبب الشعور المتعاظم بالظلم الذي وقع على هذه الأمة جراء تسلط زمر مجرمة كانت من مخلفات الكافر المستعمر، سلبت سلطان الأمة وأذلتها، وطبقت عليها أحكام الكفر وسامتها سوء العذاب على مدى عقود عدة.

لكن وبالرغم من التضحيات الجسام التي قدمتها الأمة في مسيرتها هذه، نحو التغيير والنهضة، نلاحظ بأن تحقيق التغيير المطلوب الذي تنشده الأمة يبدو صعب المنال، وذلك لعدم وعيها على أمر أساسي لتحقيق ذلك وهو اتخاذها القيادة السياسية الواعية المخلصة، صاحبة المشروع الواضح، التي تسير بالأمة ومعها نحو التغيير والنهضة المنشودين.

لقد كان لعدم اتخاذ الأمة، القيادة السياسية الواعية المخلصة بالغ الأثر في انتكاسة الكثير من التحركات التي حصلت في أكثر البلاد التي شهدت "الربيع العربي" فقد تم الالتفاف عليها واستُبدلت بوجوه الحكام السابقين، وجوها أكثر حقداً وقتلاً وإجراماً، كما هو الحال في مصر الكنانة، في حين نجد حال حكام تونس الجدد أكثر سفوراً في حربهم للإسلام وشريعته، بينما نرى أعداء هذه الأمة وأدواتهم من حكام العرب والعجم يعبثون بدماء وخيرات أبناء هذه الأمة في اليمن وليبيا والعراق، أما في الشام، فبينما كان النظام وأركانه يرتجفون من الخوف وهم ينظرون من نوافذهم في قلب العاصمة دمشق إلى تحركات المقاتلين التي وصلت على مشارف عقر دار النظام، وكاد النظام يتهاوى، لكن لعدم اتخاذ القيادة السياسية الواعية المخلصة، التي تدرك معالم الطريق الصحيحة لإسقاط الأنظمة، انقلبت الموازين بشكل دراماتيكي، فهجر الناس من حول دمشق، بل ومن المنطقة الجنوبية والوسطى، إلى الشمال، والمقاتلون في حالة ذهول مما حصل، وانقلبت حال النظام بعد أن كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة.

فالجميع يدرك بأن ما حصل لم يكن البتة ناتجاً عن ضعف مادي في العتاد والعدة، أو تراجع في المشاعر الثورية لدى الناس، بل كان نتيجة لتحول الثورة من شعبية عارمة إلى فصائلية مقيتة، تحكمت بمفاصل الثورة فحرفت مسارها.

فقد أمسكت بالثورة منظومة فصائلية، تم تصنيع معظم قاداتها عن طريق مخابرات الدول المختلفة، أو شراؤهم بالمال السياسي القذر، فعملوا على تهميش الأمة التي احتضنتهم، والتي لولاها ما قامت لهم قائمة، بل وقاموا بما لم يستطع النظام المجرم نفسه القيام به، من اقتتال بغيض راح ضحيته الآلاف من شباب هذه الأمة، فضلاً عن خسارة العدة والعتاد، إضافة إلى إنشاء السجون السرية والمحاكم، فتحولت المناطق المختلفة إلى إمارات متنافرة، تتحكم في الناس بعقلية أمنية على شاكلة الأنظمة المجرمة فأدخلوا اليأس إلى نفوس الكثيرين بأن هذه الثورة لن تخلصهم من الظلم الذي خرجوا عليه، ذلك اليأس الذي لم يستطع أن يدخله إجرام النظام وحلفه من قصف وتدمير وتقتيل.

كما عملت هذه المنظومة الفصائلية على مصادرة قرار الناس الثائرين، وتنفيذ أجندات دول خارجية، فأدارت ظهرها للناس، وأصبح همها هو تلبية متطلبات الدول الداعمة أو المتحكمة، فعقدت الهدن والاتفاقيات السرية، بعيداً عن رأي الناس، فسلمت المناطق للنظام وحلفه، وتقدمت فلوله، بعد انسحابات المنظومة الفصائلية المكشوفة، وسط ذهول الناس مما جرى!

ولقد كان كل ذلك نتيجة لعقد الصفقات المشبوهة، والاشتراك بالمؤتمرات والمفاوضات المختلفة وقبولها أو الخضوع لها، ولعل أبرزها كان اتفاقيات خفض التصعيد التي تم بموجبها تسليم المناطق للنظام الواحدة تلو الأخرى. تلك المفاوضات التي أدارتها وحاكت خيوطها الدول التي ما انفكت تسوم أهل الشام سوء العذاب كروسيا وإيران من جهة أو التي تلجم الفصائل بالوعد والوعيد كتركيا في الشمال والأردن ومن خلفها في الجنوب من جهة أخرى.

أما الآن وبعد تجمع عشرات الآلاف من المقاتلين في المنطقة الشمالية، فإن أخطر ما مكرته هذه الدول هو اتفاق سوتشي، والذي من خلاله يريدون أن يكرروا السيناريو ذاته الذي نفذوه في المناطق الأخرى مع فارق بسيط، فحقيقة ما يحدث الآن في إدلب من قصف للمدن وتهجير للبلدات التي تقع على الطريق الرئيسي وشرقه، مع التزام المنظومة الفصائلية التي احتكرت السلاح والمواقع مع النظام، عدم الرد أو التصدي لهذا الإجرام اليومي، ليدل دلالة واضحة بأن هذه المنظومة الفصائلية لا تزال تقوم بنفس الدور القديم الجديد، وهو تنفيذ الاتفاقيات التي يعقدها أعداء هذه الأمة والتي لا تخدم تطلعاتها ولا هدفها ولا تحركها نحو التغيير والنهضة الذي لن يكون إلا بالعمل الجاد على إسقاط هذا النظام وإقامة نظام الإسلام.

فقد نسي هؤلاء أو تناسوا الهدف الأساس الذي قام له الناس وهو إسقاط النظام، فقد أصبحت أهدافهم، تنفيذ ما تريده الدول أو ما تمليه عليهم.

لكن الأمة الآن بحاجة إلى ثورة راشدة، تقوم على أمرها قيادة سياسية مخلصة واعية، صاحبة مشروع تحرير، منبثق عن عقيدتها، تعمل على قطع حبال الكافر المستعمر، من أنظمة الحكم الجبري العفن، التي بان عوارها وهرمها، وباتت مكشوفة مفضوحة للأمة من المحيط إلى المحيط.

فالأمة لم تمل من التضحيات أبداً فهي أمة التضحيات والفداء، وتاريخها يشهد بذلك، لكنها ملت من حكامها وأشباههم الذين يقتفون أثرهم في إذلالها. والقيادة السياسية المطلوبة في هذه المرحلة ليست قيادة حكم وسيطرة كما يروج البعض عن جهل أو عن مكر ليضلوا الناس ويلبسوا عليهم أمرهم، إنما هي قيادة إرشاد ودلالة، قيادة نصح وهداية، تسير مع الأمة وبها على الطريق الذي سيوصلها إلى مرضاة الله وتطبيق شرعه، تجنبها المهالك والشراك التي ينصبها لها أعداؤها من خلال ما تحلت به من وعي سياسي منذ انطلاقها، وليس أن ترهن رقاب الأمة لعدوها وتكبلها باتفاقيات مجرمة بحقها، تحول دون استعادتها لسلطانها المسلوب منذ عقود، بل يجب أن تكون كما وصف الله سبحانه قائد هذه الأمة بقوله ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [سورة التوبة: 128]

بهذا فقط تستطيع الأمة أن تعبر هذه المرحلة الخطيرة من نهاية حقبة الحكم الجبري، وتقيم النظام الذي ارتضاه الله لها، نظام الإسلام العظيم، نظام الخلافة على منهاج النبوة، وعد الله عز وجل وبشرى رسوله الكريم e، الخلافة التي بدأت ملامحها تلوح بالأفق، وإرهاصاتها تتجلى يوماً بعد يوم، ﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [سورة يوسف: 21]

 

بقلم: الدكتور محمد الحوراني

 عضو لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا

جريدة الراية: https://bit.ly/2Tx0eU7