- التفاصيل
كثيرةٌ هي التساؤلات التي تدور هذه الأيام حول حقيقة الموقف الأمريكي مما يجري في سوريا، وخاصة بعد المواقف والتصريحات الأمريكية الأخيرة، الواضحة تارةً، بينما يعتريها شيء من الغموض والتناقض والتخبط تارة أخرى إزاء موقف أمريكا من نظام عميلها أسد واستمراره في سدة الحكم من عدمه.
فما هي دلالات هذه التصريحات وما مدى جديتها؟!
وهل تعكس فعلاً توجهاً أمريكياً جاداً للمجاهرة بتعويم نظام أسد المجرم؟!
وما علاقة ذلك بالحل السياسي الذي وضعت أمريكا أسسه في جنيف1 عام 2012م؟!
وهل تفكر أمريكا فعلاً بسحب قواتها من سوريا على غرار أفغانستان والعراق؟!
وهل يمكن أن تفعل ذلك قبل أن تسبقها روسيا وإيران؟!
هذا ما سنحاول استعراضه والإجابة عنه في السطور القادمة بإذن الله.
ولنعد قليلاً للوراء، لنرى أنه ومنذ انطلاق ثورة الشام عام 2011م، أدركت أمريكا أنها ثورة متميزة عن باقي انتفاضات المنطقة، بوضوح أهدافها وصدق هتافاتها.
ومع اشتداد عودها واتساع رقعتها وسرعة ارتقاء وتبلور مطالب أهلها وتحديدهم لثوابت تضمن نجاحها، ازداد يقين أمريكا أن نظام عميلها أسد بات في خطر حقيقي محدق، وأنه لا بد لها من تحرك جاد وسريع للحيلولة دون سقوطه.
وكعادتها في التعامل مع عملائها، ردحٌ وتراشقٌ أمام وسائل الإعلام وتوافقٌ وتنسيقٌ خلفها، سعت أمريكا من وراء ستار لدعم عميلها ومدّه بأسباب الحياة عبر عملائها وأدواتها في المنطقة لكبح جماح الثورة والالتفاف على مطالب أهلها. وراحت تمده بالمهل الدموية واحدة تلو الأخرى، وراحت تتلطّى خلف الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تظهر نفاقاً استياءها من الفيتو الروسي والصيني ضد أي قرار يدين عميلها أسد، بينما تضحك في الخفاء ملء فيها.
وعمدت إلى توزيع أقذر الأدوار على أعدائنا لإجهاض ثورتنا، فأوكلت إلى إيران وحزبها في لبنان والمليشيات الطائفية مهمة إنقاذ النظام، والبطش بمسلمي الشام، ليخضعوا ويقلعوا عن ثورتهم.
ولما عجزوا عن ذلك كان الضوء الأخضر الأمريكي لروسيا بالتدخل عام 2015م، في اليوم التالي للقاء أوباما بوتين في نيويورك.
فيما كان دور المكر والالتفاف والاحتواء من نصيب النظام التركي، ومعه كل من قطر والسعودية والأردن وكل من زعم نفاقاً "صداقة الشعب السوري"، فكان الضخ الرهيب للمال السياسي القذر، لشراء الذمم، وتجميد الجبهات، وحرف المسار، والدفع نحو جريمة الاقتتال بين الفصائل لقتل روح الثورة وتنفير الناس منها ولاستنزاف قوة الثورة والانشغال بالاقتتال عن إسقاط النظام، بالتوازي مع تقسيم المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وتسليط حكومات وظيفية على رقاب الناس لترهقهم وتشغلهم بقوت يومهم عن هدفهم الذي خرجوا لأجله، مع هدن كارثية ومفاوضات أثيمة يخوضها من نصّبتهم أمريكا كواجهة سياسية ليتحدثوا باسم أهل الشام، والثورة وأهلها منهم براء.
إذاً، ومنذ سنوات الثورة الأولى أطلق أوباما تصريحات مسرحية أن نظام الإجرام قد فقد شرعيته وأنه يجب أن يخضع للمساءلة، فكان أن استخدم النظام كل الأسلحة المحرّمة، بل المفضلة دولياً لوأد الثورة، كالكيماوي وغيره، فما كان من أوباما إلا أن سعى لتنفيس مشاعر الغضب والاحتقان بأساليب شيطانية شتى، مع إعطاء الطاغية مهلاً دموية متكررة، وفرصة تلو الفرصة، للقضاء على الثورة.
وسار على نهجه خلفُه ترامب، الذي قصف مطار الشعيرات ببضعة صواريخ، كانت مثار سخرية الناس وتأكيداً لحقيقة أن من يقف خلف نظام الإجرام ويمده بأسباب الحياة هو أمريكا.
واليوم، ورغم إدراك أمريكا التام أن عميلها في الشام قد احترقت ورقته وسقطت هيبته ولم يعد يصلح لتلبية مصالحها، تجدها تطالعنا بمواقف وتصريحات تبين حقيقة موقفها من استمرار عميلها في الحكم، ولو مؤقتاً.
فمنذ أكثر من عام، طالعنا جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي الأسبق إلى سوريا، بالقول إن "أمريكا لا تريد إخراج روسيا من سوريا ولا إسقاط النظام ولا تغيير بشار إنما فقط تعديل في سلوكه".
كما يوافق كلام جيفري ما قاله بلينكن، وزير الخارجي الأمريكي، قبل أيام: "لا نشجع التطبيع مع الأسد ولن نسمح بإعادة الإعمار حتى تتغير تصرفاته".
وفي مطلع الشهر الحالي أعلن الإنتربول الدولي عن رفع الحظر عن نظام الإجرام بعد إبعاده منذ عام 2012م.
فيما فتح النظام الأردني الحدود المغلقة منذ سنوات مع النظام المجرم عبر معبر جابر نصيب. خطوةٌ باركتها أمريكا ثم عادت وقالت إن موقفها من الموضوع "قيد الدراسة"، مع خطوات تطبيع اقتصادي وسياسي من خلال لقاءات مشتركة لمسؤولين أردنيين مع مسؤولين من نظام أسد، مع الحديث عن تسليم الغاز المصري والوقود الأردني إلى لبنان عبر سوريا.
أما إدارة بايدن فقد اتخذت قراراً بتخفيف بعض العقوبات المفروضة على أسد ضمن قانون قيصر، مع حراك سياسي مصري عراقي لإعادة نظام أسد إلى الجامعة العربية، وإعادة الإمارات والبحرين لفتح سفارتيهما في دمشق.
وقد عبر شكري، وزير الخارجية المصري، الناطق فعلياً بما تريده أمريكا عن أمله في أن "تُسفر الجولة المقبلة لأعمال اللجنة الدستورية عن تطورات إيجابية على مسار التسوية السياسية". تصريحٌ يؤكد خطورة لجنة صياغة الدستور كإحدى أدوات أمريكا القذرة للمضي قدماً في تطبيق خطوات الحل السياسي الأمريكي، والتي أنجزت حتى الآن ما يقارب 110 مواد بعيدا عن الضجيج والإعلام.
ويحضرنا هنا تصريح روبرت فورد آخر سفير أمريكي في سوريا: "سيبقى الأسد في السلطة، لا يوجد بديل عملي ولا يمكن تخيل طريقة تستطيع المعارضة السورية عبرها أن تكون قادرة على إجباره على التنحي"!
فأمريكا حتى الآن لم تجد البديل العميل المناسب المقبول شعبياً القادر أن يحل محل بشار.
مع التذكير أن موقف إدارة بايدن الحالي من نظام أسد ليس جديداً. فقد قالها جون كيري عام 2015م، أن طاغية الشام "سيترشح في الانتخابات، وعلى المعارضة أن تحاول ألا ينجح".
فيما صرح مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بصفاقة أن "النظام السوري لم يوفر حتى الآن البيئة الآمنة لعودة اللاجئين والنازحين بصورة مستدامة وكريمة". بمعنى أنه وبعد كل جرائمه مرحبٌ به إن أظهر شيئا من التغير في سلوكه الإجرامي!
ومعلوم أن بسام الصباغ لا يزال ممثلاً رسمياً للنظام لدى الأمم المتحدة.
أما صحيفة واشنطن بوست فقد نشرت مقالاً للكاتب جوش روجين يؤكد فيه أن "بايدن أعطى تأكيدات صريحة بأنه لن يعاقب المطبعين مع النظام السوري بموجب قانون قيصر".
فيما أعطت واشنطن الضوء الأخضر لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لتوسيع تجارة النفط مع نظام أسد، علما أن أحد أهداف عملية غصن الزيتون وبعدها نبع السلام هو دفع الأكراد للارتماء بحضن النظام أكثر فأكثر.
ومن خلال ما سبق، يظهر جلياً محاولات تعويم النظام وإعادة الشرعية له عبر البوابة الاقتصادية والأمنية وحتى السياسية.
وخلاصة القول: فإن أمريكا ليس لديها خيار آخر سوى العمل على تعويم نظام عميلها أسد، كأمر واقع تفرضه على الناس، أملاً منها في كسر إرادتهم، والمحافظة على مؤسسات الدولة، لتعمل لاحقاً على حصر المشكلة بشخص الرئيس، تمهيداً للمرحلة الانتقالية، ولإتمام تنفيذ الحل السياسي الذي يفرضه البطش العسكري. بحيث تبقى المؤسسات القمعية، الأمنية والعسكرية، جاثمةً على صدور الناس، مع دستورٍ علماني خالص يعلن الحرب على دين الله وعباده، مع محاولة تغيير شخص الرئيس إن رأت أمريكا عميلا مناسباً مع ظروف ناضجة لهذا العميل الجديد، وهذا بإذن الله لن يكون ما دام في مسلمي الشام عرق ينبض. فقد أقسموا على إسقاط النظام بدستوره وأركانه ورموزه ومؤسساته القمعية، وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه عبر دولة الخلافة، مهما اشتدت الظروف وبلغت التضحيات. إذ لا تزال كل مقومات الانتصار حاضرةً لدينا، ولا يزال نظام الإجرام يعاني من كل عوامل التصدع والانهيار.
وما علينا إلا الأخذ بأسباب النصر، والالتفاف خلف قيادة سياسية تحمل مشروع خلاص من صميم عقيدة الأمة، ترسم لنا طريق الخلاص وخارطة الطريق للوصول للعاصمة دمشق، بعد التوكل الكامل على الله سبحانه، الذي وعد عباده بالنصر والتمكين، فقال عز من قائل: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
كتبه: الأستاذ ناصر شيخ عبد الحي
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
المصدر: https://bit.ly/3BcOPJW
- التفاصيل
لقد خلق الله الإنسان وميزه بالعقل، فكونه مفكرا هو أهم ميزاته التي فطر عليها.
فلا بد للإنسان أن يُفعّل آلية الإدراك ليتمكن من فهم ما يحيط به من أحداث، بعد أن يفهم معنى هذه الحياة.
وحل العقدة الكبرى عنده حلاً صحيحا يقنع العقل و يوافق الفطرة هو الذي يُوجد عنده مفاهيم عن الحياة بأنها مخلوقة لخالق مدبرٍ تجب عبادته واتباع أمره ونهيه، ليكون هو المتحكم في سلوكنا وأفعالنا وأنظمة حياتنا بأكملها.
سأستهل المقال بما حصل معي أثناء مشاركتي في زراعة شجرة زيتون في أرض صخرية مع أبي وجدي حيث احتاجت زراعة شجرة واحدة الى تحمل المشقة و الى جهد كبير من أكثر من شخص.
فإذا كانت غرسة واحدة فقط لا تُذكر على هذه البقعة الصغيرة جداً من العالم تحتاج لهذا الجهد و المشقة حتى يتم غرسها، ومن ثم تحتاج لجهود إضافية ووقت أطول بكثير، قد يصل لأعوام، حتى تصبح شجرة مثمرة.
فكيف بمن يسعى لبناء دولة وحضارة، تقود العالم نحو النور والرفعة والسؤدد. دولة وكيان أمر الله بهما رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، بأن يقيمها ويستقيم على هذا الأمر ليقيم حكم الله وشريعته في الحياة، وفق طريقة ثابتة واضحة، استقام عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتم البناء وأثمر بعد تضحيات وسنوات طويلة لم يشغله شيء عنها، كانت مليئة بالعذاب والقهر، وصراع فكري بالعقيدة الإسلامية و ما انبثق عنها من أفكار مع أفكار الشرك و الكفر والجاهلية التي كانت سائدة حينذاك .
وفي الجانب الآخر، متوازياً مع الصراع الفكري، فقد مارس النبي صلى الله عليه وسلم الكفاح السياسي مع الحكام والزعماء الذي أدركوا خطر الإسلام وأفكاره على مناصبهم و كراسيهم. فقد أبهرهم الإسلام بإشراقته السياسية وجرأته على نزع الحكم منهم وكسر كبريائهم وتسلطهم، ليكون أمر الله، المتمثل بالإسلام عقيدة و نظام حياة هو السائد مجسدا بدولة تطبقه و تحمله الى الناس رسالة هدى ونور و خلاص و عزة.
نعم إن بناء دولة هو بحاجة لتضحيات وصبر وعزيمة وإصرار، و فوق ذلك فإن إقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة يتطلب الالتزام بالواجبات الشرعية و إلتزام بالطريقة الشرعية لأقامتها و الثبات على ذلك في أحلك الاوقات و أشد الظروف مهما تنوعت المغريات او اختلفت الظروف.
وعلى العاملين لإقامة هذا الواجب العظيم أن يدركوا بعض الحقائق ومن أهمها:
أولا: بناء دولة يعني السعي لإقامة خلافة وإيجاد خليفة وإمام للمسلمين والحكم بما أنزل الله الذي هو فرض عظيم مسطور في كتاب الله، وفيه الوعد والوعيد، بل وسخط الله وغضبه لا يرفع عن الأرض إلا بأن تكون شريعته هي المطبقة والحاكمة والفاصلة.
ثانيا: إن بناء الدولة هو فرض كونه ينقل الدار التي تحكم بغير أحكام الإسلام الى دار تحكم بالإسلام، وهذا بحد ذاته فرض عظيم، وإثم تَرْكِه يعم الجميع عدا العاملين. فلا بد من تحويل الدار من دار كفر إلى دار إسلام، ولا يكون ذلك إلا بدولة وخلافة تطبق الإسلام وتبايع الأمة فيها خليفة يحكمها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن رضا و اختيار ..
ثالثا: يتطلب بناء دولة صبرا كبيراً وأناساً متميزين، يفقهون القرآن والسنة بعيداً عن لوثات الأفكار الدخيلة والتأثر بالواقع الفاسد، ولو بجزئية واحدة. بل هم أناس مفكرون مبدئيون و سياسيون من وجهة نظر الإسلام، يتبنون مصالح الناس ومعالجة مشاكلهم من مشكاة الوحي وحده، دون تبديل أو تحريف أو ترقيع. فهم جزء من أمتهم ويعملون لنيل رضوان الله من خلال ذلك.
رابعا : بناء دولة أمر عظيم يحتاج لجهود جبارة، وهي على عاتق كل مسلم.
فهي لا تقام بيوم وليلة، ولا تقام ونحن ننتظر، ولا تقام والخوف يخلع قلوبنا..
ولا سبيل لإقامتها دون مشقة وصبر وتحمل أذى واجتياز كثير من الصعوبات والحواجز التي تعترض طريق العاملين، وأول العاملين لها هو رسول الله الذي تعرض لكل هذا العذاب و المشقة، فلسنا أعلى منه مقاما "حاشا لله"، حتى ننأى بأنفسنا عن العمل ونتواكل، فنخسر دنيانا وآخرتنا، والعياذ بالله، بتركنا لما فيه صلاح الدارين، وبل أعظم من ذلك إرضاء الله ربنا الذي دونه النفوس والمهج والأرواح.
خامسا: إن بناء الدولة لا يكون إلا بطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز اتباع غير طريقته، فهي فرض من الله على رسوله، وبالتالي فرض على المسلمين، كما هو فرض عليهم أن يصلوا ويصوموا ويحجوا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سادسا : واستكمالا لطريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عمل بها على إيجاد كتلة صلبة رسخ فيها الطريقة المبدئية في التفكير وثقفها، فأصبحت واعية قوية تحمل ثقافة الإسلام وأفكاره بنفوس مخلصة وقريبة من ربها وأمتها، ثابتة راسخة لا تتنازل ولا تساوم ، وعليه تكون الكتلة متمثلة بحزب سياسي يقتدي بحزب محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم في كل خطوة، حزب سياسي مبدؤه الإسلام وطريقته طريقة رسول الله، ومشروعه واضح مفصل مستنبط من القرآن والسنة، يبرئ الذمة أمام الله وأمام الأمة والعالم، بسعي دائم لإقامة دولة تستأنف الحياة الاسلامية التي بدأت في المدينة على يدي خير البرية ..
أيها المسلمون أينما كنتم:
ها أنتم تدركون حقاً أنه لا خلاص لكم مما أنتم فيه من انحطاط وتقهقر وتسلط الغرب الكافر وعملائه عليكم، ولا سبيل لإرضاء الله ورفع سخطه عن الأرض، إلا بإقامة حكم الإسلام عن طريق إقامة دولة الخلافة، وفق طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم. وها هو حزب التحرير يواصل ليله بنهاره، يقدم بين أيديكم مشروعاً مستفيضاً نيّراً من المحجة البيضاء، يريم خارطة الطريق لبلوغ المراد. فقولوا كلمتكم واجهروا بصوتكم، لنقيم معاً دولة ترضي الله ورسوله والمؤمنين، وفي ذلك عز الدارين بإذن الله، وما ذلك على الله بعزيز.
====
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمد حميدان
- التفاصيل
إن واقع ما يسمى بالمحرر اليوم، وللأسف الشديد، بات مؤلماً. ففي الوقت الذي تعج فيه المراصد يومياً بإعلان متابعتها ورصدها لطيران الإجرام ومدفعيته، ترى الرد مخجلاً ومخزياً، وهو الاكتفاء بالتعميم على المراصد وقنوات الأخبار، وإطلاق صفارات الإنذار.
مع غياب تام لأصوات مضادات الطيران التي تملكها الفصائل التي يقودها قادة مرتبطون يخذلون العناصر المرابطبن بقرار عدم الرد، وأيضا غياب أي ردة فعل ممن نصب نفسه علينا "ضامنًا"!
وكأن لسان حالهم يقول للمدنيين العزل المستهدفين: "عند سماعكم لصفارات الإنذار سارعوا للنطق بالشهادتين، فنحن لا حول لنا ولا قوة للرد على العدوان، لأن ضمائرنا قد أماتها حب الدولار، وعشعش في قلوبنا حب الدنيا، والخنوع لأسيادنا،، و لم يسمح لنا ضامننا ولا السيد الأمريكي بالرد . فالسلاح الذي ترونه بين أيدينا مسلوب الإرادة، لا نملك أمر استخدامه إلا في حالات الاقتتال الداخلي، وفي إرهاب الناس والتضييق عليهم وإجبارهم على دفع مزيد من الضرائب والإتاوات والمكوس، وحماية دوريات الحاقدين، وملاحقة المخلصين والمستقلين تحت ذريعة تخليص المحرر من الإرهابيين والمطلوبين لأجهزة المخابرات الغربية الكافرة، لعلنا ننال بذلك القبول والرضا من أسيادنا .. وبمعى آخر: خلاصكم ليس بأيدينا فنحن للمستعمر أدوات"!!
قال تعالى:(وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).
إن هذا الحال لم يعد خافياً على أحد، والوعي على الواقع مقدمة لتغييره، ولكن لا سبيل لتغييره مادمنا ساكتين وراضخين ومستسلمين، وكأننا فريسة تنهشها الضباع وتكبّلها شباك العنكبوت الضامنة، عبر أدواتها، من قادة مأجورين ومشايخ مبررين مطبلين، وحكومات تسلطت على رقاب العباد لإخضاعهم لما يريده الأعداء من حلول استسلامية تعيدنا لحظيرة طاغية الشام عميل أميركا.
لقد آن الأوان لمخلصي الأمة وأهل القوة فيها أن يقولوا كلمتهم وأن يُرُوا اللهَ من أنفسهم خيراً، فيتحدوا تحت قيادة سياسية واعية ومخلصة لا تخاف إلا الله ولا ترتبط إلا به، تحمل مشروع خلاص رباني واضح المعالم والهدف وخطوات الطريق، لقطع حبائل الشيطان وتمزيق شباك المخادعين، والعودة بالثورة سيرتها الأولى، لتستعيد قوتها وسلطانها بعد استعادة قرارها، لتواصل السير نحو إسقاط النظام المجرم بدستوره العلماني وجميع أركانه ورموزه، لتحكيم شرع الله على أنقاضه، عبر دولة تحمى الحمى وتنصر المستضعفين في جميع أصقاع الأرض، وتحمل الإسلام العظيم رسالة نور وهداية تنقذ به البشرية جمعاء من شر أنظمة الكفر الوضعية المفروضة علينا، وما ذلك على الله بعزيز.
قال تعالى:(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين)
======
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
علاء الحمزاوي
- التفاصيل
سؤال يشغل بال الكثير من الناس، ولطالما شغل قيادات الحركات الإسلامية السياسية منها والجهادية: "من يمتلك القوة الأكبر.. الثوار أم نظام أسد؟!"
إن عوامل القوة لكل دولة أو تجمع بشري لا تتوقف على القوة العسكرية فقط بل تتعداها إلى غيرها.
فها هي الدولة العثمانية في أواخر عهدها كانت تمتلك قوة عسكرية كبيرة، ولكن المرض والضعف قد اعتراها حتى أُطلق عليها لقب "الرجل المريض".
ولا زال التاريخ يذكر جيش الروم الحديدي الذي واجه المسلمين الذين كانوا لا يملكون من القوة العسكرية الشيء الكثير، ومع ذلك هُزمت الروم بجيشها وقوتها العسكرية أمام المسلمين.
وها هي غزوة مؤتة التي واجه فيها المسلمون قوة عسكرية مرعبة آنذاك وكانت المعركة غير متكافئة ومع ذلك سطر المسلمون في هذه المعركة بطولات عظيمة أرعبت جيش الروم فكانت مؤتة مفتاح النصر في اليرموك.
إذاً فالقوة العسكرية لا تكفي لأن تكون الركيزة الوحيدة للمعركة وللدولة وليست المعيار الوحيد لقياس قوتها، ولكن لا بد من ركائز أخرى لا تقل عنها أهمية.
فما الذي أضعف دولة كدولة الخلافة في أواخر عهدها رغم وجود القوة العسكرية؟ وما الذي أمد المسلمين في بداية نشأتهم بهذه القوة التي هزمت فارس والروم في ظرف عشر سنين تقريباً؟!
إنها أولاً قوة المبدأ، الذي يؤمن به أصحابه، ومن ثم القوة السياسية الواعية الصادقة. فما تسمى اليوم "الحاضنة الشعبية" عندما تدعم القيادة السياسية والقوة العسكرية والجميع يتوحدون حول مشروع واحد ينبثق من المبدأ الذي يؤمنون به فيولد في داخلهم العزيمة والقوة، فإنهم يشكلون قوة جبارة وعزيمة صلبة لا تلين.
أما القوة السياسية فتكون متمثلة بالقيادة السياسية وبالأحزاب والجماعات التي تمتلك مشروعاً سياسياً حضارياً يسعى لتغيير نمط الحياة عند البشرية جمعاء، فلا يرضى بالمهادنة ولا بأنصاف الحلول.
وأما قوة الحاضنة برأيها العام واحتضانها للمشروع وحملته وأنصاره فهي السند الطبيعي الثابت للمشروع وحملته ولأنصاره أيضا، فهي التي تحتضن القوة السياسية برجالها ومشروعها وتدعم الأنصار بإمكانياتها وطاقاتها.
أما القيادة السياسية المتمثلة بالمشروع ورجال الدولة فهي من أهم مقومات قوة الدولة. فقد أعز الله العرب بالإسلام وأعز الإسلام برجال الدولة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم رضوان الله عليهم. فقد كان الصحابة رجال دولة وسياسة قادرين على إدارة المواقف وتحمل الأعباء. فقد كان موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع المرتدين ومانعي الزكاة نقطة تحول مفصلية في تاريخ الدولة الناشئة، وقد فتح الله فارس والروم على يدي عمر رضي الله عنه الذي تغنى الناس بعدله وعدل النظام الذي حكم به، وقد أخَّر السلطان عبد الحميد رحمه الله انهيار الدولة المتسارع وكاد أن ينجح بانتشالها لولا كثرة التآمر والضعف الشديد الذي طرأ على الدولة حينها.
إذاً فرجال الدولة والسياسيون الذين ينظرون للأحداث من زاوية مبدئيةٍ عقدية لا من زاوية المصلحة والمفسدة هم من عوامل قوة الدولة وركائزها القوية.
أما المشروع السياسي الذي يجب أن ينبثق من عقيدة الأمة فهو الأمر الوحيد الذي يجتمع عليه الناس اجتماعاً صحيحاً فيوحدهم بعد تفرق ويبصرون به طريقهم وأهدافهم البعيدة والقريبة، فعليه يجتمعون ولأجله يقاتلون ومنه تصاغ عقيدة الجند القتالية وبه يُجمع الناس بوجهائهم وكبرائهم. فبدون وجود خطة سياسية واضحة لمشروع سياسي جامع يضع الأهداف ويرسم الطريق ويحدد المهام ويوزع الأدوار، لن يصل الإسلام إلى الحكم، حتى وإن وصل مسلمون إلى كرسيِّ الحكم. فهذا المشروع هو الذي يبين كيفية الوصول وكيفية التطبيق، فيحفظ الجماعة من الانحراف حتى تصل لهدفها، ويحفظ الدولة من الانحراف بتبيان مسار عملها وخطها العريض وكيف تبني سياستها الداخلية منها والخارجية فلا يدع مجالاً للشك بقدرة الإسلام على الحكم ورعاية الناس ولا يدع مجالاً للاختلاف بعد الاجتماع، فقد استبان الطريق ووَضُحَ الهدف وتبلورت الأفكار.
أما قوة الحاضنة والرأي العام فهي حجر الزاوية وبيضة القبان، فهي من ستحتضن القوة السياسية وهي من ستفرز الجنود وتمدهم بالمال والسلاح والعتاد.
فلولا حاضنة ثورة الشام لما تجرأ أحد من جنود نظام أسد على الانشقاق وتشكيل كيانات عسكرية تقاتل النظام وتحرر المناطق. ولولا الحاضنة الشعبية التي عمل عليها سيدنا مصعب بن عمير رضي الله عنه لما اكتملت أركان الدولة في المدينة. ففي أول معركةٍ حدثت خرج الرسول ﷺ وقاتل معه جميع المسلمين في بدر ولم يقاتل بجماعة المهاجرين فقط، بل قاتلت معه الحاضنة والتفت حوله فكانت الكتلة السياسية برجالها ومشروعها وقيادتها مع الحاضنة كجسدٍ واحد.
وها هو نظام أسد المجرم عندما تحركت الحاضنة الشعبية ضده وانكسر حاجز الخوف كاد أن يسقط لولا تآمر الشرق والغرب على هذه الثورة اليتيمة، وقد قالها لافروف بأنه لولا تدخل روسيا لكانت الرايات السود ترفرف فوق العاصمة دمشق. وقد أثبتت أحداث درعا الأخيرة هشاشة النظام المجرم عندما احتضنت الحاضنة الشعبية المقاتلين. فأعيت هذه المدينة بسلاحها البسيط النظام المجرم لأكثر من سبعين يوماً، فلجأ النظام للمكر السياسي واضطر للتفاوض مع الثوار لحفظ ماء وجهه.
إذاً من يمتلك الحاضنة الشعبية يمتلك منبع القوة ونبراسها. وإذا ما اقترنت الحاضنة مع القوة السياسية والقوة العسكرية أصبحت قوة لا تقهر.
ونظام بشار الآن يقود عناصره بالقوة أحياناً وبالمصلحة أحياناً أخرى. فلا عقيدة قتالية ولا حاضنة شعبية، حتى إن حجر الأساس لديه، ألا وهو المشروع السياسي العقدي، غير موجود أساساً فهو يعتمد على الدعم الخارجي وعلى قوة السلاح.
أما ثورة الشام المباركة فتمتلك حاضنة شعبية كبيرة رغم أنّ هذه الحاضنة قد مُكِرَ بها مكراً عظيماً ومورِسَ عليها ضغط شديد أدى إلى تململها. لكن الثورة ما زالت متقدة في نفوس أهلها، وأيُّ حركةٍ صادقة تكنس الرماد الذي بدأ يغطي جمر الثورة سيظهر لهيبها من جديد. أما القوة العسكرية الموجودة في الثورة فهي كافية لإسقاط النظام بدستوره وكافة أركانه ورموزه. لكنَّ ارتباط قيادات الفصائل بالدول الداعمة ورهن قرارهم لها كبَّل هذه القوة العسكرية ومنعها من إسقاط نظام الإجرام.
وأما الكتلة السياسية فهي موجودةٌ برجالها ومشروعها. فها هو حزب التحرير، وهو حزب عالميٌ عريق يملك مشروعاً سياسياً منبثقاً من عقيدة الأمة، ولا زال يسعى لنشره بين حاضنة الثورة وبين مقاتليها حتى يفتح الله به وبها دمشق بإذن الله.
صحيح أن المحنة عظيمة ولكن المنحة أعظم بإذن الله، فالتفوا حول الرائد الذي لا يكذب أهله، وكونوا سنده وحاضنته يَسِرْ بكم إلى كل خير بإذن الله.
وأنتم أيها المقاتلون المخلصون في الشام: لقد خبرتم مرارة الارتباط ورهن القرار، وقد جمعكم الداعم ليكبلكم وينسيكم أهداف ثورتكم. بينما يدعوكم حزب التحرير لتجتمعوا على مشروع الخلافة العظيم، الذي فيه عز الدنيا ونعيم الآخرة. فقد أثبتت الأيام ضعف النظام مقابل قوة الثورة، فمعركة فك الحصار عن حلب لم تكن الأولى التي ينكسر بها النظام ولن تكون معركة درعا الأخيرة، ولكن لكل أجل كتاب، حتى يهيئ الله لحملة مشروع الإسلام العظيم أنصاراً كأنصار الرسول وحاضنة كحاضنته ﷺ، ليعز بهم الإسلام وأهله، فنسقط نظام الإجرام ونقيم على أنقاضه حكم الإسلام، وما ذلك على الله بعزيز.
كتبه: الأستاذ مصطفى رضوان
المصدر: https://bit.ly/3BXBZ3y
- التفاصيل
خرج الناس في ثورة الشام ضد نظام الإجرام، وظن البعض أن الصراع هو مع نظام الطاغية وحده، لكن سرعان ما تكشفت الحقائق أن المنظومة الدولية برمتها وعلى رأسها أميركا تقف خلفه وتمده بأسباب الحياة.
فكان ان رفعت الثورة شعارات تؤكد حقائق:
- "أمريكا .. ألم يشبع حقدك من دمنا"؟!.
- "المجتمع الدولي شريك في قتلنا".
- "صمتكم يقتلنا وغير الله ما لنا".
نعم، لقد كشفت ثورة الشام أكاذيب كثيرة كحقوق الإنسان والأسلحة المحرمة دولياً، وعرّت من يدّعون صداقة الثورة وكشفت حقيقة "المجتمع الدولي" وغير ذلك الكثير ..
وقد كلّفَ كشفُ هذه الحقائق تضحيات جسام أنارت للثورة طريقها كي لا تقع في شراك الغرب فتكون ضحية لمؤامراته ومؤتمراته.
ثم يأتي بعد ذلك كله من يطالب، بإصرار عجيب مشبوه، بتنفيذ قرارات المجتمع الدولي الشريك في قتلنا، ويطالب بالحل السياسي الأمريكي الذي يعني وأد ثورتنا ونسف تضحياتنا وإعادتنا إلى حضن نظام الإجرام وبطشه.(فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى ٱلْأَبْصَٰرُ وَلَٰكِن تَعْمَى ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ).
يجب على أهل الثورة والتضحيات تنبيه من لازال غافلاً عن حقيقة المجتمع الدولي شريك النظام في حربنا، والتنبه لأصحاب الدعوات المشبوهة التي تريد السير بالثورة إلى حتفها ونبذهم وتوجيه أصابع الاتهام لهم وتحذير الناس منهم ومن سمومهم التي يبثونها.
فإنه ليس من الثورة وأهلها من لا يتبنى ثوابتها ويطالب بتحقيق أهدافها ويحافظ على تضحياتها.
نعم.. قلناها منذ البداية و نحن عليها بإذن الله ثابتون:
لا تراجع، لا استسلام حتى إسقاط النظام، وإقامة حكم الإسلام"
وإنه لكائن عما قريب بإذن الله.
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله).
=====
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
فادي العبود