- التفاصيل
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم لأصحابه : (أَنْتُمُ اليَوْمَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ تَأْمُروْنَ بِالِمَعْرُوْف وتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَر وتُجاهِدُوْنَ في اللهِ ثم تَظْهَرُ فيكُمُ السَّكْرَتَانِ سَكْرَةُ الجَهْلِ وسكرةُ حُبِّ العَيْشِ وستُحَوَّلُوْنَ عَن ذلك فلا تَأْمُرُوْنَ بمَعْرُوفٍ ولا تَنْهَوْنَ عَن مُنْكَرٍ ولا تُجَاهِدُوْنَ في اللهِ عَزَّ وجَلَّ القائمون يَوْمَئِذٍ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ له أَجْرُ خَمْسِيْنَ صِدِّيقَاً قالوا يا رسول الله ! منَّا أَوْ مِنْهُمْ قال بل مِنْكُمْ). حديث صحيح، رواه أبو نُعيم في الحلية.
الشرح:
في هذا الحديث يشرح النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه عن الواقع الذي يعيشون فيه، وكون فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطبقة بشكل مرضي وهو ما يجعل الأمة تتسم بالخيرية على باقي الأمم، كما قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) . [سورة آل عمران : 110]. وهذا يعني أن المجتمع الإسلامي في مأمن عن الانحراف ليكون ذلك المجتمع الذي أراده الله، مجتمع تسود فيه الفضيلة وتختفي فيه كل رذيلة.
وكانت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطبقة من قبل الدولة التي تملك التغيير باليد ومطبقة من قبل الأفراد الذين يعملون بهذه الفريضة، كلٌٌ في محيطه الذي يعيش فيه، كل ذلك طاعة لله ولأجل المحافظة على صلاح المجتمع وطهره ونقائه.
ثم عطف النبي صلى الله عليه وسلم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجهاد فقال (وتُجاهِدُوْنَ في اللهِ) وهذا الجهاد هو جهاد الطلب الذي هدفه نشر الدعوة الإسلامية وفتح البلاد ولا يمكن القيام به على أتم وجه إلا بوجود دولة للمسلمين كما هو الواقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
بعدها قال (ثم تَظْهَرُ فيكُمُ السَّكْرَتَانِ سَكْرَةُ الجَهْلِ وسكرةُ حُبِّ العَيْشِ وستُحَوَّلُوْنَ عَن ذلك) ظهور الجهل هو التغشية التي طالت عقول المسلمين نتيجة الغزو الثقافي الشرس الذي تعرضت له الأمة الإسلامية ما أدى إلى تبدل المفاهيم ودخول مفاهيم غير إسلامية إلى جسد الأمة، وكان منها حب العيش والركون إلى الدنيا والرضى بالواقع الفاسد، وهو ما يعني تعطل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعطل الجهاد ونشر الإسلام، كل ذلك سيحصل بعد أن يتمكن الكافر المستعمر من هدم الخلافة وإبعاد الإسلام عن سدة الحكم.
ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم عن العاملين لإعادة حكم الإسلام ودولته فقال (القائمون يَوْمَئِذٍ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ له أَجْرُ خَمْسِيْنَ صِدِّيقَاً) مما يدل على عظم أجر العاملين للإسلام ولأن ترجع أحكامه مطبقة في الدولة والمجتمع، ولكن المفاجئة الكبرى عندما سأل الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فقالوا (يا رسول الله ! منَّا أَوْ مِنْهُمْ قال بل مِنْكُمْ) أي أن هؤلاء العاملين سيكون لهم أجر عظيم يفوق أجر الصحابة الذين يعيشون في ظل الدولة الإسلامية في رغد وبحبوحة من العيش، بينما تكون الثلة العاملة لإعادتها في آخر الزمان ثلة مستضعفة تتعرض للأذى والتضييق في العيش والسجن والنفي وقطع الأرزاق، ما يجعل الثابتين الصابرين على هذا العمل العظيم يستحقون أجراً كبيراً فهم على خطا النبي وأصحابه في الفترة المكية الذين قاسوا الأمرين حتى أكرمهم الله بالنصر والتمكين بإقامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أحمد الصوراني
للاستماع عبر اليوتيوب:
- التفاصيل
عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مات وليسَ عليه إمامُ جماعةٍ؛ فإنَّ مَوْتَتَه موتَةٌ جاهليَّةٌ)، رواه الحاكم بسند صحيح. وفي رواية عند مسلم: (مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً).
الشرح:
هذا الحديث فيه تحذير شديد لمن لم يبايع الخليفة الذي في زمانه ويموت وهو على ذلك مفارقاً للجماعة، رافضاً بيعة الخليفة بيعة الطاعة، وكذلك فهو تحذير شديد لمن تقاعس عن العمل الجاد لتنصيب حاكم وخليفة للمسلمين في حال خلو الزمان من دولة تحكم المسلمين بشرع الله وتقيم الحدود وتبسط العدل وتطبق الإسلام في كافة نواحي الحياة.
والخليفة هو الدولة وهو القائد الأعلى للجيوش والقوات المسلحة وهو إمام جماعة المسلمين الذي يوحد الأمة في كيان واحد مترامي الأطراف، لذلك بغياب الخليفة فإن الأمة ستُحكم بأنظمة الكفر والجاهلية والذي يتقاعس عن العمل لاستبدال النظام الجاهلي بنظام الإسلام فإن معصيته عظيمة فإن مات على ذلك فإن موتته موتة جاهلية أي حاله في الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك, وليس المراد أن يموت كافراً بل يموت عاصياً . ويُستثنى من الوعيد الوارد في الحديث المتلبس بالعمل للخلافة، الساعي لها بكل ما أوتي من قوة ولو أدركه الموت فهو أدى الذي عليه.
أما رواية مسلم فتتكلم عن البيعة وأن من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية، والمقصود بالبيعة هنا هي بيعة إمام جماعة أو خليفة المسلمين، وليس بيعة أمير جماعة أو فصيل عسكري أو ما شابه ذلك، لأن البيعة أصبح لها معنىً شرعي وهي حسب ابن خلدون: "العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره. وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، وصارت البيعة تقترن بالمصافحة بالأيدي، هذا مدلولها في عرف اللغة ومعهود الشرع وهو المراد في الحديث في بيعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة وعند الشجرة". انتهى من المقدمة.
وواجب على الأمة الإسلامية أن تبايع خليفة على الحكم بالإسلام وتعاهده على السمع والطاعة طالما أنه يحقق شرط تطبيق الإسلام وإلا فلا سمع ولا طاعة وقد تُنقض البيعة إذا انحرف الحاكم وفقد شرطاً من شروط انعقاد الخلافة.
ومعنى قوله (وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ) أي ليس هناك خليفة مُبايع فلا يلزم أن يبايعه بيده بل مجرد وجود الخليفة يجعل له في عنق المرء بيعة.
والبيعة نوعان بيعة انعقاد ويعقدها أهل الحل والعقد للخليفة وبها تثبت صحة خلافته.
أما النوع الثاني فهي بيعة الطاعة والانقياد وذلك بعد انعقاد الخلافة ببيعة الانعقاد، وجب على جميع الأمة الخضوع لحكم الخليفة الجديد والاعتراف به حاكماً شرعياً على بلاد المسلمين.
وقد أخطأ من جعل البيعة لتنظيم أو حزب أو جماعة إسلامية، فأتباع الجماعات قد يلتزمون الطاعة لأمير جماعتهم ولكنها ليست بيعة بالمفهوم الشرعي ولا هي المقصودة بالحديث بحيث ينجو من أظهر الطاعة والانقياد لأمير جماعته، وقد يُقبل إطلاق تسمية البيعة لهؤلاء الأمراء من باب المجاز اللغوي وليس من باب الحقيقة الشرعية.
وكذلك حكام وملوك العرب لا يسمى انتخابهم بيعة شرعية، لأن هؤلاء الحكام لم يتم اختيارهم بل فرضهم الكافر المستعمر على بلاد المسلمين، لذلك لا تجب طاعتهم ولو بايعهم مشايخ السلطان والضلال، بل الواجب العمل على خلعهم والإطاحة بهم وتنصيب خليفة يجمع شتات الأمة ويوحد صفوفها ويجاهد عدوها حتى يعم نور الإسلام مشارق الأرض ومغاربها.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أحمد الصوراني
للاستماع عبر اليوتيوب:
- التفاصيل
منذ ظهور الوهن في جسد الأمة في المرحلة الأخيرة من الخلافة العثمانية وما تلاها حتى يومنا هذا، يعيش المسلمون في صراع داخلي شديد بين هويتهم الإسلامية وتأثرهم بالحضارة الغربية، فتجد المسافر إلى الغرب ينبهر بالمنتجات المدنية والنظام الرتيب مما يجعله معجباً و منقاداً للغرب، في الوقت الذي يتناقض المبدأ الرأسمالي مع العقيدة الإسلامية بشكل صارخ، ومع الأسف ارتد قلة من المسلمين عن دينهم بالكامل لصالح الإلحاد، في حين بقي الكثير مسلمين بعواطفهم، في الوقت الذي كانت عقولهم منقادة نحو المبدأ الرأسمالي، وبالتالي نادوا بتجديد الإسلام انطلاقاً من أن الأحكام الإسلامية لا يمكن تطبيقها في هذا الزمن ويجب القبول ببدائل غربية، أو أن هناك نقاطاً مشتركة بين المبدأين وانطلاقاً منها يمكن انتاج إسلام رأسمالي متماشي مع العصر الحديث، ومن ثم أطلقوا شعارات جميلة على هذه الأفكار: كالوسطية والاعتدال والتجديد، و بحسن نيّة غالبية من يحمل هذه الأفكار، وانطلاقاً من حبهم للإسلام، أصبح شغلهم الشاغل الدفاع عنه في عيون الغرب، بعد أن قبلوا وضعه في قفص الإتهام، وأن يكون المبدأ الرأسمالي الوضعي حكماً على شرع رب العالمين. يقول العالم الموسوعي ابن خلدون رحمه الله في مقدمته الشهيرة: ".....في أن المغلوب مولع أبداً بالاقتداء بالغالب في شعاره، وزيه، و نحلته، و سائر أحواله و عوائده، و السبب في ذلك: أن النفس أبداً تعتقد الكمال في من غلبها و انقادت إليه. إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أولما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي، إنما هو لكمال الغالب، فإذا غالطت بذلك و اتصل لها، حصل اعتقاداً، فانتحلت جميع مذاهب الغالب، و تشبهت به، و ذلك هو الاقتداء. أو لما تراه و الله أعلم من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية و لا قوة بأس، و إنما هو بما انتحلته من العوائد و المذاهب، تغالط أيضاً بذلك عن الغلب، و هذا راجع للأول، و لذلك ترى المغلوب يتشبه أبداً بالغالب في ملبسه و مركبه و سلاحه في اتخاذها و أشكالها، بل و في سائر أحواله...." مقدمة ابن خلدون، الجزء الأول، الفصل الثالث والعشرون.
نعم إن ما قاله ابن خلدون رحمه الله قبل 600 عام ينطبق على حالنا اليوم مع الغرب، فيرى المنبهرون بالغرب صحة مبدأه فيسعون للتشبه به، لكنهم يصطدمون بنصوص الشريعة، فتراهم يعملون جاهدين على إيجاد تفسيرات جديدة أو ليّ عنق النصوص لتوافق آراءهم، وقد روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه)، ينطلق غالبية العلماء في شرحهم لهذا الحديث الشريف، من أضرار تشبه المسلمين بلباس الغرب و"الموضة" وهذا صحيح، لكن الأخطر والأشد فتكاً بالإسلام وأهله هو التشبه بعقيدة الغرب في فصل الدين عن الحياة.وصف العالم تقي الدين النبهاني رحمه الله أصحاب هذا التفكير بقوله: "المضبوعين بالحضارة الغربية"، وذلك كناية عن الأمثال الشعبية، فالمضبوع هو: الفريسة التي يستدرجها الضبع إلى خارج العمران وهي منقادة له معجبة به، ثم إذا حان الوقت المناسب إفترسها. نعم فقد أهمل هؤلاء مبدأهم الإسلامي القائم على شرع الله عز وجل، ونسوا أنه الوحيد الضامن لقيام نهضة حقيقية لكل البشر بمختلف أديانهم ومللهم، لأن الخالق العظيم الذي خلقهم وضع لهم نظاماُ دقيقاً قادراً على حل مشاكلهم بطريقة ترضي العقل وتملأ القلب طمأنينة، وأن الأنظمة الوضعية مهما علا إنتاجها المادي ستبقى ناقصة وعاجزة عن حل مشاكل البشر، ومن أراد الاستفاضة في أسباب وهن الأمة الإسلامية والمقارنة بين المبدأ الإسلامي والرأسمالي، فهناك الكثير من الكتب والأبحاث حول هذا الأمر لا يتسع المقام لمناقشتها، لكن المشكلة الأساسية اليوم هي انقياد جزء كبير من النخبة الفكرية والسياسية في العالم الإسلامي للغرب، وليس الحديث هنا عن الحكام العملاء وأذنابهم، بل عن العلماء وقادة التغيير وممثلي الثورات.
إذا نظرنا إلى حال الأمة اليوم خلال الثورات، نجد أن الغرب استطاع التحكم بالشعوب الغاضبة على ظلم الحكام، وإبدال عميل مكان آخر دون أن يتدخل عسكرياً، ذلك "وللأسف" لأن شطراً كبيراً من النخب الثورية والفكرية في العالم الإسلامي متأثرة بالغرب، وينطلقون في أعمالهم وتصريحاتهم مما يرضي الغرب أو على الأقل لا يغضبهم، ظناً منهم أنهم قادرين على تحييد الغرب والحصول على الدعم خلال مرحلة انهاض دولهم، فلا تجد بياناً صادراً عن هذه الأحزاب والفصائل المسلحة إلا وهدفه طمأنة الغرب بأن المسلمين ليسوا بصدد إقامة النظام الإسلامي، بل دولة مدنية "علمانية"، ديمقراطية، تعددية، تحافظ على الحريات، تعترف بالحدود المصطنعة، تعترف بالأمم المتحدة والمواثيق الدولية الغربية ..... الخ، مع أن الأساس الشرعي أن ننطلق مما يرضي الله عز وجل لا ما يرضي أعداءه، والأنظمة الغربية لا ينقصها المكر والدهاء السياسي، حتى تستخدم المسلمين بعضهم ضد بعض، لتحقيق أهدافها في إبقاء العالم الإسلامي تحت نير استعمار غير مباشر، فيتبعها بعض المسلمين ظناً منهم أن أمريكا وأوربا سيمسحون يوماً بالتدرج لإيصال الإسلام إلى سدة الحكم، وما هم إلا يتبعون الضبع إلى مغارته ليفترسهم..... .
قال تعالى: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120) سورة البقرة.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
مصعب الرشيد الحراكي
- التفاصيل
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةٍ. ثُمَّ سَكَتَ. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بسند صحيح.
الشرح:
هذا الحديث فيه بشارة من أعظم البشارات التي بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم، ألا وهي عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بعد زوالها، وقد مر الحكم الإسلامي بمراحل عدة قبل أن يتمكن الكافر المستعمر من القضاء على دولة الإسلام وهدم الخلافة صرح المسلمين وحامية بيضتهم.
فالمرحلة الأولى كانت حكم النبوة وهي الفترة التي حكم بها النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي الذي كان يتنزل عليه، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اتفق الصحابة على تنصيب سيدنا أبي بكر خليفة على المسلمين بعد مشاورات تمت في سقيفة بني ساعدة، ومع تسلم أبي بكر الحكم بدأت مرحلة الخلافة الراشدة التي كانت على منهاج النبوة ودامت هذه المرحلة حتى خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه وأرضاه، حيث تنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان والذي تحولت الخلافة في عهده إلى مُلك عضوض، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (ثم تكون مُلكاً عاضاً) وهي فترة الحكم الأموي والعباسي والعثماني من بعده وهي فترات خالف فيها الحكام منهج الحكم النبوي في قضية البيعة، فأساؤوا تطبيق حكم بيعة الخليفة بعد موت خليفة سابق، فأصبحت البيعة تؤخذ لولي العهد في حياة الخليفة، وهذا للأسف ما سنه معاوية عندما أخذ البيعة لابنه يزيد في حياته.
وقيل في العضوض هو الحكم الذي يعض فيه الحاكم على الكرسي ويتشبث به حتى أنه يورثه لأولاده وأحفاده، وهكذا بقي الحكم الإسلامي لمئات السنين ينتقل ضمن العائلة الواحدة حتى تتغلب عائلة على أخرى وتنتزع الحكم منها، إلا أنَّ الأمر قد ختم في عهد الخلافة العثمانية، فتم وبتآمر بريطانيا وعملائها في تركيا هدم الخلافة وإعلان جمهورية علمانية على أنقاضها، وقسمت بلاد المسلمين إلى دويلات وطنية، يحكمها حكام هم أذناب الغرب الكافر في بلادنا.
هنا بدأت مرحلة الحكم الجبري الاستبدادي والذي مضى عليه الآن قرابة القرن الكامل، وقد ظهرت المبشرات بانتهائه قريباً إن شاء الله وخاصةً بعد ثورات الشعوب الإسلامية في المنطقة العربية ضد حكامها.
وقد بلغ عدد الثورات التي اندلعت في المنطقة 5 ثورات، في تونس وليبيا ومصر واليمن وآخرها في سوريا، لكنها أُخمدت جميعها وحُرفت عن مسارها إلا ثورة الشام المباركة استمرت جذوتها مشتعلة 7 سنين حتى الآن ولم يستطع الغرب القضاء عليها رغم شدة التآمر الدولي ورغم ما تعرض له الشعب السوري من إبادة جماعية بكافة أنواع الأسلحة الفتاكة ما تسبب بمئات الآلاف من الشهداء والمصابين وملايين المهجرين.
والرسول صلى الله عليه وسلم بشر بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ولعلها تعود من الشام التي بارك الله ورسوله فيها وبأهلها.
ومن الجدير بالذكر أن البشارات الواردة في الكتاب والسنة لابد أن تؤخذ للعمل وأن تكون حافزاً للجد والتحرك الدؤوب من أجل تحقيقها، لا أن ننتظر تحققها وكأنها ستنزل كما ينزل المطر من السماء، فالنبي صلى الله عليه وسلم بشر بفتح القسطنطينية ومدح الجيش الذي سينطلق لفتحها وأثنى على أمير ذلك الجيش، فقال: (لتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ ، فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا ، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ) لذلك انطلقت الجيوش على مدى مئات السنين وهي تحاول دك أسوار القسطنطينية، مستبشرين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وراغبين في أن يشملهم مديح النبي الأكرم عليه أفضل الصلاة والسلام، حتى أكرم الله المسلمين بفتحها على يد السلطان محمد الفاتح العثماني الذي تحققت البشرى على يديه.
لذلك هلم نشمر عن سواعدنا ونعمل لتحقيق بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إعادة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بعد أن ذقنا مرارة الحكم الجبري لعقود من الزمان، عسى الله أن يمن علينا بإقامتها من جديد خلافة ترتعد منها فرائص الكفار المعتدين، خلافة توحد بلاد المسلمين وتقيم العدل بينهم وتنشر نور الإسلام في ربوع الأرض بعد أن انحدرت الإنسانية في دياجر وظلمات الأنظمة الرأسمالية العفنة التي أشقت أهلها قبل أن تُشقي من تبناها من أبناء المسلمين.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أحمد الصوراني
للاستماع عبر اليوتيوب:
- التفاصيل
جعلت بعض الجماعات والتنظيمات من الواقع مصدراً للتشريع بدلاً من أن يكون موضعاً للتغيير وإتخذت منه قوانين وأنظمة تسلحت بها وخزنتها في جعبتها لتفرضها على الناس بعد معاركها الفكرية مع الأمة ولم يعد خافياً على أحد تلك التشريعات الوضعية الهدامة للأمة التي كرست أنظمة الحكم و التي تُريد أن تقنع الناس بعدم تغيير تلك الحياة التي باتت سمومها ممزوجة بحكامها وأنظمتها، ونظرة لتلك التشريعات المستمدة من القانون الوضعي أنها لم تُغيير من واقع الامة شيئاً فقالت بإصلاح الفرد و الصبر على الإبتلاء وغيرذلك من كلمات تكرس واقع الأنظمة، ودليل ذلك بأنهم و منذُ أكثر من عشرات السنين وتكاد أن تصل للمئة يتظاهرون بتلك المقالات ولم يُغيرو من الواقع شيئا فيجعل الرجل يدعو بيته وأهله وجيرانه 100 عام ولا يظهر لذلك أثر في المجتمع بل المجتمع بمجمله ينحدر نحو القاع.وطرف آخر يأخذ من الإسلام القليل و يترك الكثير ويجعل السنة بمقام الفرض بتشديده عليها والفرض بمقام السنة بتفريطه ببعضها وتهاونه فيها وهذا إن دل فإنما يدل على الفهم الخاطئ للإسلام ولطريقة النبي في تغيير مجتمعه.لم يحصر رسولنا تفكيره في أمور الحجاب ولا في تقصير الثوب كواقع بعض التنظيمات اليوم والحقيقة أن عمله لم يكن مركزا على إصلاح الفرد ولم يطلب من الناس أن يبقوا صابرين عشرات السنين على حكم الكفر ، بل كان عمله تغيير الواقع تغييراً جذرياً بمقارعة قريش سياسياً وتعريتها فكريا وطلب النصرة من الجيوش وهذا من أهم الأعمال السياسية.
وهنا يأتي العمل على الجوهرة التي تضيئ الأمة بنورها ونور أفكارها التي إستمدته من كتاب ربها وجعلت من الطريقة دربا واحدا وهي الطريقة التي خطها نبيها محمد رسول الله فلم تجعل من الواقع مصدراً لتفكيرها بل جعلته موضعاً للتغيير ، ولم تأخذ من الإسلام القليل بل أخذته شاملاً فبعد أن وضعت بعض الجماعات والتنظيمات أفكاراً وطنية وقومية وغربية في الأمة وصارت الأمة في حيرة من أمرها يأتي عمل شباب حزب التحرير بأن أُوجدوا فكرة الحكم في الإسلام وجعلوا الإسلام نظاماً لحياة الناس لا يدخله شيئ من خارج القرآن ولا سُنن غير سنن قائده محمد وهنا عمل شباب حزب التحرير الجاد المُجد لتثبيت أفكار الناس على الفهم الصحيح وإعادة الثقة بالله لا بغيره وأنه لا طريق للنجاة إلا طريقة العمل لتغيير هذا الواقع تغيير جذري وهذا العمل لا ينتج إن كان فردياً بل يجب أن يكون ضمن حزب كحزب الرسول الذي إنقلب على قريش.رغم كل المكائد و السعي لحرف الثورة عن مسارها الصحيح إلا أن الامة مازالت حية وقلبها ينبض بنبض الإسلام ومطلبها الوحيد شرع الله لا شرع أمريكا ونظام الإسلام لا نظام ديمقراطي وضعي.نحن على موعد مع وعد من الله و بشرى من الرسول وعلى الأمة أن تختار طريقها وتميز بين الصفوف وترى من يرفع لواء الحق فتمشي خلفه ومن يرفع شعار الباطل فتجابهه وتسقطه.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
أحمد الحسن