- التفاصيل
إن الناظر إلى أحوال الثوار المخلصين اليوم، الذين خرجوا في وجه طاغية الشام منذ البداية، متكلين على الله وحده، متحدّين بصدورهم العارية وإمكانياتهم البسيطة آلة القتل والرعب الأسدية من دون سند ولا معين إلا الله سبحانه وتعالى، إن الناظر إلى حالهم اليوم وبعد ما يُقارب السبع سنين من التضحيات الجسام والصبر العجيب، الذي لم يسجل التاريخ مثالا له في التضحية والبذل و الصبر، الصبر على الأعداء وتكالبهم، والصبر على خذلان الإخوة وخيانتهم، يراهم في الغالب الأعم على أربعة أصناف:
الصنف الأول: انحازوا جانباً لا جبناً فيهم ولا خوراً في عزيمتهم، ولا كفراً بقضيتهم، ولكن لشدّة الانحراف الذي رأوه في مسار ثورتهم التي دفعوا من أجل نجاحها الغالي والنفيس، الانحراف الذي تسبب به المتسلقون والانتهازيون و العملاء والخونة وأصحاب اللحى المستعارة وخصوصاً بعد عسكرة الثورة والزج بها في خندق الفصائلية، ولأنهم - أي الثوار المخلصون - لا يملكون حلّاً أو خطة للنجاة ولم يتبنوا في الأصل مشروعاً ورؤية واضحة، فسرعان ما انطفأت جذوة حماسهم وانحازوا جانباً يُراقبون مسار ثورتهم في حزن وأسى مكبلي الأيدي ومكبلي الأفق أيضاً، يعيشون غربة موحشة في ثورتهم وهم مستعدون دائما للعودة عندما توجد القيادة الصحيحة للثورة والتي تُعبر عنهم وعن أهدافهم التي خرجوا من أجلها بصدق وأمانة ووضوح.
أما الصنف الثاني الذين فقدناهم أو هم بحكم المفقودين، الذين قُتلوا في معارك جانبية صُمّمت خصيصاً لتكون محرقة لأمثالهم من المخلصين الذين لا يُسكِت أصواتهم الحرّة التي تنطق بالحق إلا القتل أو الاعتقال أو الاغتيال، ومنهم من خدعهم شياطين الإنس من خريجي معاهد الفتنة وأقبية المخابرات، خدعوهم بمشاريع سوداء ومناهج معلبة فصلتهم عن أمتهم فأودت بهم في هاوية التكفير والتبديع والعزلة، فكانت تلك محرقتهم، ولأن تجهيل الشعوب كان خطّة الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين - وساعدهم في ذلك علماء السلطان ومشايخ السوء - أصبحت عودة هؤلاء الشباب إلى أمتهم صعبة، وأصبح استخدامهم من قبل أعدائهم سهل والله المستعان.
ولا ننسى الصنف الثالث من الثوار البسيطين الذين يغريهم كلام قادتهم المعسول وخطاب مشايخ الدولار، وتقنعهم الشعارات الفارغة، ويُصدقون الوعود الكاذبة، يُقدم لهم أمراؤهم المسرحية تلو المسرحية، وهم بُسطاء مساكين لم يعلموا أو لم يُعلمهم أحد أن لا يمنحوا ثقتهم إلا لمن يدعوهم إلى الله على بصيرة، أي على مشروع واضح ومفصل وليس مجرد شعارات فارغة، ولم يُعلمهم أحد أن محاسبة القادة فرض وليس لأحد عليهم سمع وطاعة إلا فيما يُرضي الله وعلى بينة، ولم يُعلمهم أحد ذلك فمنحوا ثقتهم لمن لا يستحق الثقة من مشايخ الدولار وأمراء حروب باعوا أرواحهم للشيطان وعقدوا اتفاقات مع شياطين الإنس والجان على بيع ثورة عظيمة مقابل أموال أو مكاسب هزيلة.
أما الصنف الرابع وهم الأقل في العدّة والعتاد ولكنهم الأكثر في الأجر والثواب إن شاء الله، فهم الذين يصلون الليل بالنهار، ويبذلون وسعهم في تصحيح المسار، حتى لا تضيع تضحيات هذه الأمة وتصبح هباء منثورا، يصرخون في قومهم كالنذير العريان، يدعونهم للتأسي بطريقة رسول الله ﷺ، واتباع سنته، و الاعتصام بحبل الله، ويكشفون لهم خطط الأعداء ومكائدهم ومؤامراتهم ويرسمون الطريق الصحيح ملتزمين في ذلك طريقة نبيهم ونهجه وتعليماته، ولكن مَن لي بمن أعمت الأموال عينيه وسدّ الكبر والجهل أذنيه، أو قَيّد في وحل الواقع قدميه، فلا يستطيع الحركة ولا التفكير إلا بإذن الداعم والأمير!
نعم هذا هو حال ثوار الشام اليوم، فهل ترون يا إخواني من الواجب جمع جهود المخلصين باتجاه واحد، بتوثيق العلاقة مع الله وحده حتى نستحق النصر منه وحده لا شريك له، ولا يقولن أحدكم لقد اتسع الخرق على الراقع، لأن نبيكم ﷺ يقول «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها»، وها هو حزب التحرير يقدم طوق النجاة لثوار الشام، ولا يحجب رؤيته إلا غشاوة التكبر والجهل أو العمالة والارتباط أو خور في العزيمة والإيمان، فيا أيها الثوار المخلصون أينما كنتم وفي أي موقع كنتم: تواضعوا لأمتكم واسمعوا نصيحة مُحب صادق لكم، فإن المركب واحد، والسفينة في خطر، فإما أن تصل إلى نصر مبين فننجوا جميعا، وإما أن تغرق في هزيمة نكراء فنغرق جميعاً.
كتبه لجريدة الراية: محمد بيطار، بتاريخ الأربعاء 25 تشرين الثاني/أكتوبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2h7ea1L
- التفاصيل
يُثير انقياد بعض العناصر لقادتهم في كل أمر يصدر منهم سواء أكان في رضى الله أم في سخطه، تساؤلات كثيرة في نفس المتتبع لذلك، فقد رضي الكثيرون أن يكونوا أدوات يستخدمها القادة والمسؤولون حسبما يشاؤون، فأعداء الأمس الذين يُرمَون بالخيانة وتُستباح دماؤهم، يُصبحون أصدقاء اليوم الذين يجب أن نكون معهم في صف واحد وفي جبهة واحدة، مصيرنا هو مصيرهم وغايتنا هي غايتهم، وبالعكس أيضاً يُصبح أخوة الأمس أعداء اليوم، تُستباح دماؤهم وأموالهم، كل ذلك دون أن تتغير المواقف أو المبادئ.
والعجيب العجيب أن يوجد لكل المواقف مُبررون ومُسوّقون يتلبسون بلبوس الشرع حيناً وبلًبوس السياسة حيناً آخر، حتى غدا الشرع يتوافق مع أهوائهم ومصالحهم في كل حين.
وإذا حاولنا معرفة الأسباب التي تُؤدّي إلى مثل هذه المواقف المتذبذبة المتقلبة نجد أهمها ما يلي:
• التكسب بالثورة: حيث تخلى الكثيرون عن مفهوم الثورة والعمل من أجل تحقيق شعاراتها التي كانوا يرفعونها في بدايات الثورة، لتغدوا الثورة عندهم مشروعاً اقتصادياً مُربحاً، فهم لا يُفكرون إلا بمكاسبهم أو برواتبهم ليُصبح هذا الصنف عبداً للدولار ومن يملكه هو من يدفع، فهو السيد المطاع.
• الطاعة العمياء: أما بالنسبة للفصائل أو الحركات ذات الصبغة الإسلامية بشكل خاص، فإنّ الخلل في الفهم الشرعي للطاعة، وسيطرة مفهوم الطاعة العمياء حيث تُنفِّذ كلّ أوامر القائد أو الأمير دون تفكير أو تدبّر، ويغدو الخروج على طاعة الأمير معصية كبيرة حتى ولو كان العناصر يدركون خطأ هذه الأوامر.
• الارتباط الشخصي وغياب المشروع والمنهج: يكتفي معظم القادة بطرح شعارات عامة غالباً ما تلامس مشاعر الناس ويُغيّب المشروع أو المضمون المُحدّد فيستغلّ القائد أو الأمير هذه الشعارات لفرض سلطته المطلقة على من أعطوه قيادتهم دون أن يتمكن أحد من محاسبته لغياب المشروع المُحدّد الواضح الذي تتم المحاسبة على أساسه.
• وجود بعض الشرعيين الذين يبررون للأمير تصرفاته ويزينون للعناصر قراراته ولذلك أسباب متعددة منها جعلهم المصلحة أساساً للحكم الشرعي ومنها المفهوم الخاطئ للسياسة الشرعية فبدل أن تكون رعايةً بأحكام الإسلام أصبحت تنازلاً عن أحكام الشرع وتخلٍ عن الالتزام به.
ولا بد من أجل معالجة هذه الظاهرة الخطيرة على أصحابها وعلى الأمة أيضاً من التركيز على الأفكار التالية:
1- الإخلاص لله بالعمل وجعل رضا الله هو الغاية والالتزام بما أمرنا الله عز وجل.
2- الارتباط بالفكرة المحددة والمشروع الواضح وعدم الارتباط بالأشخاص فقط وخاصة إذا كانوا يرفعون شعارات عامة لا تحمل أي مضمون.
3- التفريق بين مفهوم الطاعة الواعية والطاعة العمياء، فالطاعة الواعية هي المطلوبة شرعاً، وهي كما قال صلى الله عليه وسلم (لَا طَاعَة لبشرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) رواه البخاري ومسلم، أمّا الطاعة العمياء فهي طاعة في كل أمر وافق حكم الشرع أم خالفه وكل أمر في معصية الله لا تجوز طاعته.
4- تفعيل مفهوم المحاسبة للأمير أو القائد على أساس الشرع وكذلك محاسبة الشرعيين على ما يُروّجون له من آراء، بعرضها على مقياس الشرع وعدم تأجير العقول لهم.
5- تصحيح مفهوم السياسة الشرعية بأنّه رعاية الشؤون بأحكام الإسلام وليس كما هو شائع أنّه التخلّي عن أحكام الشرع، والتنازل عن الإسلام بحجّة أنّ ذلك سياسةً شرعية، فكم تبدّلت المواقف وأُبيحت المحرمات وتغيّرت حتى الشعارات بحُجّة السياسة الشرعية، وما كان ذلك إلا محاولةً لإرضاء الدول الداعمة أو خشية من دول الكفر التي تكيد بنا.
6- الوعي على أن مصلحتنا الحقيقية هي في طاعة الله وليس فيما تقرره عقولنا ويبُعدنا عن شرع الله، فإعراضنا عن أمر الله واستماعنا لوساوس الإنس والجن لن يُوردنا إلا المهالك، وهذا ما نراه بأم أعيُننا في ثورة الشام المباركة.
إنّ الواجب على الثائرين الصادقين الذين ثاروا على القهر والظلم وهتفوا ملء حناجرهم "هي لله هي لله" وقدّموا من أجل نصرة دين الله الغالي والنفيس وتحمّلوا كلّ أنواع القتل والبطش والتشريد، أن يتفكروا في الحال التي وصلت إليه ثورتهم وفي الأمواج التي تتقاذف سفينتهم، وأن يُدركوا إلى أيّ مصير مجهول يقودهم من تصدّى لقيادتهم فيُبادروا إلى محاسبتهم وعدم التسليم الأعمى لقراراتهم.
ولن يحصل ذلك إلا إذا كنّا نسير على بصيرة من أجل تحقيق المشروع الذي يُرضي الله عز وجل تحت قيادة واعية، فتتوحد كلمتنا ويتصحح مسارنا وتتكاتف جهودنا، عندها نكون أهلاً لأن يمنّ الله علينا بالنصر والتمكين قال تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ *وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ).
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
حنين الغريب
- التفاصيل
أصدر حزب التحرير/ ولاية سوريا كتابا مفتوحا بعنوان "كتاب مفتوح من حزب التحرير/ ولاية سوريا إلى قادة فصائل الثورة السورية"، وكان أهم ما جاء فيه النقاط التالية:
أولا: أطلق حزب التحرير/ ولاية سوريا صيحة مدوية يريد من خلالها لفت أنظار قادة الفصائل إلى ما آلت إليه ثورة الشام بعد سبع سنين من التضحيات الجسام، مخاطبهم بحديث النذير العريان الذي قال فيه ﷺ مخاطبا الصحابة الكرام أنه ينذرهم عذاب الله وحاله حال النذير العريان الذي ينذر قومه خطرا محدقا بأهله وهو لهم ناصح أمين وحريص حزين يخاف عليهم صولة أعدائهم.
ثانيا: إن ما وصلت إليه ثورة الشام من مهدها في درعا وغوطتها في دمشق إلى عروسها في حمص وقلبها النابض في حلب وإلى ما جرى في شرقها والحالة التي وصلت إليها إدلب اليوم لحالة تدمي القلوب "ففي درعا أعيدت أقدام الثائرين إلى الأغلال وأرغمت معركة الموت ولا المذلة على التوقف" و"في الغوطة استعاد النظام المبادرة وأخذ يضغط ويقصف في ظل التناحر الدائم بين فصيليها جيش الإسلام و فيلق الرحمن" و"في ريف حمص الشمالي يمنع المخلصون من فتح الجبهات المؤثرة ويعزف المرجفون على وتر المناطقية في ظل استياء الوضع وتدهوره ثوريا وشعبيا" و"في الشرق يقضم النظام من جهته المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة تباعا بعد أن عبر التنظيم عن فهمه المشوه للخلافة وللإسلام ويستعد للرحيل من دون أن يأسف عليه من أبناء منطقته أحد"، "وأما مناطق درع الفرات فقد دجن الأتراك فيها الثائرين وقتلوا الثورة ويستعدون لقتلها كذلك في منطقة ريف حلب الغربي وإدلب التي أصبحت ملاذاً للثائرين وحصن الثورة الأخير الذي يريد الغرب الكافر أن يصبغها بصبغة (الإرهاب) ولا تعلم للقائمين عليها توجها ولا تتبين لهم مرادا". وقد تطرق الكتاب إلى الحالة التي وصلت لها مدينة إدلب وتحدث عن المتناقضات الموجودة فيها وعدم تصور واضح لقيادة المرحلة، وقد جاء فيه "فقد رأينا ما وقعت فيه هيئة تحرير الشام من شراك فخ لم تعد قادرة على الخروج منه بعد أن استدرجت لقتال حركة أحرار الشام وهيمنت على أغلب الشمال الغربي المحرر وراحت تناور بين خيارين خاطئين تظن أن لا ثالث لهما فإما أن تنهج نهج تنظيم الدولة في الفهم والتطبيق المجتزأين الخاطئين لأحكام الإسلام فتنفر الناس من مشروع الإسلام العظيم وتعُدُهم لأي مشروع علماني قادم وأي قوة محتلة بالورود بعد أن تذر الأرض من ورائها تلالا من الركام والخراب وإما أن تخضع للإملاءات كما خضع غيرها وتخلع عنها كل ستر وتبيح الأرض والعرض للعلمانيين والمرتزقة من أذناب الغرب أولا وللنظام تاليا بدعوى حفظ إدلب من المصير الذي آلت إليه كل من الرقة و الموصل".
وقد تناول الكتاب فكرة الإدارة المدنية بما يلي "وما طرح الإدارة المدنية في الآونة الأخيرة إلا محاولة منها لإيهام الغرب أننا أصبحنا حملانا وديعة ولم نعد إرهابيين وما هي في الحقيقة إلا خطوة جديدة على سبيل إعادة الثائرين إلى سجن النظام بعد إشغالهم بهذه الفكرة على هدفهم الأساسي الذي تبلور واتضح خلال العامين الأولين من الثورة ألا وهو إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام"، وأما عن الدعوة التي أطلقتها الدول الداعمة على لسان ما يسمى «المجلس الاسلامي» فقد جاء "نقول ما هذه الدعوة إلا محاولة التفافية جديدة - من قبل المهزومين من الداخل والمضبوعين بالغرب والذين يخشون أن تصيبهم دائرة - على المشروع الإسلامي للثورة لمنعها من القيام وعلى النفس الإسلامي الذي لا زال قائما في الثورة لإنهائها وإيقاظا لفكرة الاصطفاف والاقتتال الداخلي بين الفصائل من جديد".
وقد وجه الكتاب رسالة عتاب إلى الثائرين وقادة الفصائل وقد جاء فيه "فهل لهذا خرجتم يا قادة الفصائل؟! أبعد ألف ألف شهيد ومئات آلاف الجرحى والمعاقين والمعتقلين وأكثر من عشرة ملايين مهجر وعشرات آلاف المباني المهدمة ومثلها من المدارس والمشافي والأسواق المدمرة... أبعد كل هذه التضحيات تعودون إلى النظام المجرم أذلاء خانعين؟ ليلهب ظهور الأحرار بسياطه من جديد ويسوق حرائرنا إلى معتقلاته من جديد؟! فتنقضون غزلكم بأيديكم من بعد قوة أنكاثاً".
ثالثا: وأما عن الأسباب التي أوصلت الثورة إلى ما هي عليه الآن:
1- المال السياسي القذر الذي استخدمه الغرب كي ينفذ من خلاله إلى ضعاف النفوس من قادة الثورة وتحويلهم من ثائرين على الظالمين وأصحاب قضية مصيرية إلى أدوات تنفذ مشاريع الغرب في الداخل.
2- الشرعيون الذين استخدموا قواعد شرعية في غير موضعها ليبرروا لقادتهم سوء أعمالهم فشرعنوا للاقتتال الداخلي ونسوا حرمة الدم، وأجازوا أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيل بفتاوى لا ترضي الله ولكن ترضي قادتهم وكبراءهم، واستدلوا بقواعد استدلالا في غير مكانه كقاعدة "الغاية تبرر الوسيلة"، وتوهموا أن مصالح المسلمين تتقاطع مع مصالح الدول الكافرة وأجازوا التحالف مع الشيطان لمواجهة شيطان مثله.
رابعاً: وقد قدم الكتاب حلا لما يجري في ساحة الشام من وجهة نظر شرعية، وقد تلخص هذا الحل في الأمور الآتية:
1- تحديد ثوابت الثورة بشكل واضح كي لا ينحرف المسير.
أ- إسقاط النظام بكافة أشكاله ورموزه.
ب- التحرر من نفوذ الاستعمار بشكل كامل كي يكونوا أصحاب القرار السياسي داخليا وخارجيا.
ج- إقامة دولة الخلافة التي بشر بها نبينا الكريم ﷺ.
2- فك الارتباط بجميع الدول ونبذ المال السياسي القذر.
3- نبذ الفرقة والاقتتال الداخلي والاجتماع على مشروع سياسي مستنبط من الكتاب والسنة الذي يقدمه حزب التحرير لثورة الشام.
خامساً: وأما عن أسباب توجيه هذا الكتاب لقادة الفصائل فنقول: إن قادة الفصائل هم من أوصل الثورة إلى ما وصلت إليه وهم الذين تصدروا المشهد السياسي عن طريق حضور المؤتمرات كأستانة وغيرها... وتصدروا المشهد العسكري للثورة فأصبح بيدهم قرار فتح الجبهات وإغلاقها فأصبحوا بذلك المسؤول الأول عما آلت إليه الأمور.
سادساً: وقد تباينت ردود الأفعال حول ما تضمنه هذا الكتاب فعلى المستوى العسكري هناك من اعتقل شباب الحزب على أثر تسليمهم هذا الكتاب كفيلق الرحمن في الغوطة، ومنهم من أثنى على هذا الطرح واعتبره المخرج الوحيد لما آلت إليه الأمور، ومنهم من تجاهل هذا الكتاب وكأن الأمر لا يعنيه!
وأما عن المستوى الشعبي فقد سارع الكثير من الوجهاء إلى تصوير فيديوهات يتبىنون فيها هذا الطرح ويطالبون من خلالها قادة الفصائل بتبني هذا الكتاب.
كتبه لجريدة الراية: أسامة الشيخ، بتاريخ الأربعاء 18 تشرين الأول/أكتوبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2xOscjl
- التفاصيل
• ويبقى التاريخ المصدر الحافل بالدروس والعبر.. فهل من دارس للتاريخ ومعتبر؟!
• يُروى أن تيمورلنك لمّا أراد احتلال دمشق سنة /803/ هـ، وفشل في اقتحامها، عَرَض على أهلها تسليم المدينة ولهم الأمان! وخُدع بذلك قاضي قضاتها ابن مفلح الحنبلي، الذي راح يخذّل الناس عن القتال بحجة حقن الدماء وحفظ الديار! بل ويثني على تيمورَ ودينه! وغلب رأيُه على من خالفه، فنادى في الناس: "إنه من خالف ذلك قُتل وهُدر دمه".. فكفّوا عن القتال! وسُلّمت دمشق إلى تيمورلنك! الذي ما لبث أن ألزم أهلها أن يُخرجوا إليه ما لديهم من السلاح جليله وحقيره! وحلّ بأهل دمشق من البلاء ما لا يوصف من قتل واغتصاب وحرق وتنكيل!
• وحديثاً في نيسان من عام /1993/ م، وبعد أن طلبت الأمم المتحدة من مقاتلي مدينة سربرنيتشا المسلمين في البوسنة تسليم أسلحتهم خلال حربهم مع الصرب! مقابل ضمان أمن مدينتهم من قبل الكتيبة الهولندية التابعة لقوات حفظ السلام! واستجاب لها المقاتلون المدافعون عن المدينة وسلّموا أسلحتهم! فبعد ذلك دخلت القوات الصربية المدينة على مرأى ومسمعٍ من الجنود الهولنديين، وعزلوا الذكور ما بين /14/ و/50/ عاماً عن النساء والشيوخ والأطفال! وقتلوا الذكور الذين بلغوا ثمانية آلاف، وساقوا النساء إلى معسكرات الاغتصاب الجماعية!
• واليوم، وبإدخال القوات التركية إلى الشمال الغربي المحرر، هاهو نفس المشهد المؤلم يريد أن يتكرر، ويريد الأعداء الإيقاع بأهل الشام خداعاً بعد أن أرهقوهم قتالاً ومغالبةً، ويقوم "أبناء مُفلح"، شرعيّو المصلحة والمفسدة، وعرّابو التنازل والاستسلام، بنفس الدور الذي لعبه شيخهم قاضي القضاة الحنبلي.. فهل تنطلي هذه الخدعة على أهل الشام الثائرين، فيقبلون بوصاية النظام التركي الذي يتاجر بهم وبثورتهم منذ سبع سنين، وقد بعث بقواته أخيراً للقضاء على ثورتهم، وإعادتهم أذلاء خانعين إلى قبضة النظام؟!
• إن أي متابع منصف لمجريات الأحداث، منذ بداي الثورة وإلى الآن، ليدرك يقيناً أن الثورة لم تؤتَ من قبل من يُظهرون عداوتها، بل أُتيتْ من قبل من يدّعون صداقتها، وعلى رأسهم النظام العلماني في تركيا، الدولة العضو في حلف الناتو بقيادة أمريكا.. تركيا التي على أرضها اشتُريت ذمم القادة وبيعت الثورة، ومن قاعدتها العسكرية (إنجرليك) أقلعت الطائرات الحربية الأمريكية، ومن ممراتها المائية (البوسفور والدردنيل) عبرت السفن الحربية الروسية، وعلى حدودها وتحت جدارها العازل تم قنص المئات من النازحين، وأخيراً تجتمع مع الروس والإيرانيين في آستانة وتتعهد لهم بمنع الثوار من إطلاق النار على النظام، وتدخل بقواتها إلى الداخل لتحقيق ذلك! فهل لا تزال مَنْ هذه أفعالها صديقةً للثورة في عيون "أبناء مُفلح"؟! أم أنها الخيانة الصريحة؟!
• لقد آن لكل عاملٍ في هذه الثورة، مدني أو عسكري، له ذرةٌ من تأثير، أن يرى الواقع كما هو، بعيداً عن الأوهام والآمال، ويدرك أن وظيفة أردوغان لم تكن إلا احتواء ثورتنا العظيمة، عبر فتح بلاده بدايةً للنازحين، ومستشفياته للجرحى والمصابين، وإدخاله إلينا الخيام والأكفان وأكياس الطحين، وذلك كله لذر الرماد في العيون، وإيهامنا بأنه صديقنا وصديق ثورتنا، وإغفالنا عن حقيقة دوره الخبيث الذي يخدم به سيدته أمريكا، في الإجهاز على الثورة، عبر الانتشار العسكري لقواته في الداخل المحرر، ثم تحجيم الفصائل تدريجياً، وسحب السلاح جميعه من يد الثائرين بدءاً بالثقيل، وضرب من يبقى من المخلصين، وإعادتنا عرايا إلى النظام المجرم، ليكمل مهمته الأمريكية بتأديب الثائرين، عبر قتل الرجال واغتصاب النساء..
• وكذلك فقد آن لثوارنا أن يعوا حقيقة اللعبة، ويعلنوا رفضهم الصريح لكلا الخيارين الخاطئين، الذين تحاول وسائل المكر العالمي حصر خياراتهم فيهما، وهما إما أن يدخل الروس والإيرانيون، وإما أن يدخل الأتراك! وبالتالي فيجب علينا ـ كما يقول "أبناء مُفلِح" ـ اختيار أقل الضررين وأهون الشرين، وهو دخول الأتراك! نعم، يجب على الثوار والمجاهدين رفض هذين الخيارين جملةً، واختيار الطريق الثالث، وهو التوحد في كتلة عسكريةٍ واحدة، خلف قيادة سياسية صادقة حكيمة، قادرة على قيادتهم نحو إسقاط النظام وإقامة حكم الإسلام.
• فهل ينتهي "أبناء مُفلِح" من الشرعيين عن شرعنتهم لجرائم المجرمين؟! أم أنهم في غيهم سادرون؟!
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
عبدالحميد عبدالحميد
رئيس لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير - ولاية سوريا
- التفاصيل
أسدل الستار على مشهد دخول النظام التركي إلى محافظة إدلب؛ وانتهى الجدل حوله مع دخول أول وفد استطلاعي يزور مناطق التموضع منذ أكثر من أسبوع تحت حماية هيئة تحرير الشام؛ التي طالما أعلنت رفضها التام واستعدادها لمحاربة الجيش التركي في حال وطأت قدماه الأراضي المحررة التي تسيطر عليها، فكان لا بد من تجميع أجزاء الصورة المفقودة علها ترسم لنا ملامح المستقبل ولو بشكل مرحلي؛ ولا بد من الاستناد إلى الحقائق لنأمن بذلك العيش في الأوهام.
لا شك أن النظام التركي هو كباقي الأنظمة في العالم الإسلامي؛ نظام قام على أنقاض الدولة الإسلامية التي أسقطها الغرب الكافر؛ وقسمها إلى دويلات هزيلة جعلها مزارع له، ونصب على كل مزرعة ناطورا يحارب كل من يعمل لعودة الخلافة من جديد؛ ويحافظ على تقسيم البلاد الإسلامية باسم الوطن والوطنية؛ ويطبق أنظمة الكفر باسم التحرر والحرية.
ومن هذا المنطلق نستطيع أن نرى بوضوح حقيقة النظام التركي ونستطيع أن نفسر سلوكياته نحو ثورة الشام؛ والتي تصب في بحر المصالح الغربية؛ مع محاولة تحقيق بعض مصالحه والتي لا تتعارض مع مصالح أسياده، فكان استقبال النازحين من براميل الموت والضباط المنشقين ودعم الثورة بالعدس والطحين إحدى أساليبه لذر الرماد في العيون؛ لتسهل عليه مهمة الإجهاز على ثورة الشام بادعائه الوقوف إلى جانبها، ومن ثم أطلق تصريحاته الشهيرة الرنانة التي لامست مشاعر أهل الشام ومعاناتهم بأنه لن يسمح بحماة ثانية؛ لنجد فيما بعد تحول أرض الشام كلها إلى حماة، بالإضافة إلى تصريحه الشهير أنتم المهاجرون ونحن الأنصار لنجده يقنص ويقتل (المهاجرين) على حدود (الأنصار) ليصل العدد إلى أكثر من خمس مائة قتيل بين طفل وامرأة وشاب وكبير، وبنى جدار فصل عنصري ليحول المناطق المحررة إلى سجن كبير ضاربا عرض الحائط كل معاني الإسلام بل وكل معاني الإنسانية، كما جعل من قاعدة أنجرلك منطلقا لطائرات الموت التي لم تفرق بين صغير وكبير وبين رجل وامرأة، ليس هذا فحسب بل شاركت طائراته في قتل أهل الشام باسم محاربة الإرهاب، وسمح للطائرات الروسية باستخدام مجاله الجوي لتصل إلى أقصى المناطق الحدودية، بالإضافة إلى دوره في تسليم حلب وما تخلل ذلك من قتل الآلاف وتهديم البيوت فوق رؤوسهم؛ وهذا ما صرح به النظام الروسي، كما أنه مارس ضغوطه على الفصائل للذهاب إلى آستانة وعقد ما سمي اتفاق خفض التصعيد تحت رعاية النظام الروسي وبمباركة أمريكية، وها هو الآن يكمل دوره في تصفية الثورة اليتيمة استعدادا لتسليمها على طبق من ذهب لطاغية الشام. هذا بعض ما ظهر من سلوكياته وما خفي أعظم، فهل بعد كل هذا نستطيع أن نضع مصير ثورة ضحت بكل شيء بين يديه؟؟!!! وهل لازال خافيا على أحد أين يتجه مصير الثورة؟ وأخيرا أقول أن النظام التركي لم يتدخل وهو يرى مئات الآلاف من الشهداء تساقطت على مدى سبع سنوات ولم يحرك ساكنا بل اكتفى بإطلاق التصريحات الرنانة المخادعة وهو الآن يدعي أنه يدخل إلى المناطق المحررة من أجل حماية المدنيين وستكشف ثورة الشام كذبه ولو بعد حين.
أحمد عبد الوهاب
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير / ولاية سوريا