- التفاصيل
تدخل ثورة الشام عامها السابع وما زالت مضرجة بدمائها مثخنة بجراحها، لم تهتد بعد إلى الطبيب الماهر الذي يعرف الداء ويصف الدواء، فقد مضت ست سنوات على هذه الثورة ومرت خلالها بمحطاتٍ عدة كان لا بد ونحن نمرّ في يوم ذكرى انطلاقتها أن نقف على أبرزها ونستخلص الدروس والعبر التي ترسم للثورة مسارها الصحيح وتعيد بوصلتها إلى الاتجاه الصحيح.
لعل أبرز ما يذكره أهل الشام عن بدء ثورتهم هو سرعة توسع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام رغم ضعف العدة والعتاد، وقلة المؤونة، ثم ما لبثت ثورة الشام كذلك حتى باتت تُحاصر العاصمة دمشق وباتت تدق ناقوس الخطر على نظام الإجرام في عقر داره، فاستنفرت أمريكا عملاءها؛ فسرعان ما تدخلت إيران وحزبها في لبنان ليكونا داعمَين لنظام أسد المجرم، في المقابل تدفقت أموال الداعمين لتشتري الذمم وتطفئ عنفوان الثورة المتقد في نفوس أهل الشام.
في الوقت ذاته لم تُغفل أمريكا أهم أعمدة الثورة فسارعت لصُنع كيانٍ سياسي ليكون ممثلاً لثورة الشام وناطقاً باسمها، فكان المجلس الوطني ثم تبعه الائتلاف الوطني، ثم تلاه هيئة المفاوضات، حيث كانت هذه الكيانات ناطقة بالفعل لكن ليس باسم الثورة بل باسم أعدائها، فحملت مشروع الدولة المدنية وسارت في الحل السياسي الذي حددته أمريكا في أول مؤتمر عقدته بجنيف لبحث ما يجري في سوريا.
كانت فكرة الحوار مع النظام ومهادنته أو الصلح معه تُعتبر جريمة بحق الثورة وشهدائها، لكن سرعان ما تحولت عند هذه الفئة السياسية إلى حنكة سياسية وحقن للدماء!! فكان جراء ذلك أن خسرت الثورة كثيراً من المناطق الاستراتيجية، خاصة محيط العاصمة دمشق، ومدينة حمص وأخيراً حلب، واليوم آخر حيٍّ في حمص عاصمة الثورة هو حيّ الوعر يلقى مصير سابقيه، فيُهجر أهله، ويعود إلى ما بات يُعرف بـ"حضن الوطن"!
لقد كانت هدنة "الفوعة وكفريا" الجريمة الشنعاء التي مهدت الطريق لغيرها من الهدن الكبيرة والشاملة، حيث لم تكن هذه الهدن سوى هدنة من طرف واحد، فبينما يلتزم الموقعون على الهدنة ببنودها، يقوم النظام المجرم بخرق الهدنة ومخالفتها، ولطالما سُجلت الخروقات لتُقدم للأمم المتحدة والمجتمع الدولي لعلهم يقتعنون أن هذا النظام هو نظام مجرم سفاح، لا عهد له ولا ذمة. لكن الأمم المتحدة ومن ورائها المجتمع الدولي كان موقفهم واضحا منذ البداية، فالثورة لا ترضيهم، بل إنها تُعتبر عدوهم الذي يريد اقتلاع نفوذهم من بلاد المسلمين، ولعل بعض المنضبعين بالغرب يقول الآن إن الغرب لم يدعم الثورة بسبب وجود تنظيم الدولة وما يُسمى بالفصائل المتطرفة؛ فلنعد إلى بداية الثورة لنجد أن هذه الفصائل لم تظهر إلا بعد انقضاء أكثر من عام ونصف على ثورة الشام، فلماذا لم يدعم الغرب الثورة وقتها؟ أجيبه وببساطة، إن الغرب لم يدعم الثورة لأنها تعارض مصالحه، ولأنه اضطر لأن يبدي وجهه الحقيقي؛ وما قدمه من شعارات حول حقوق الإنسان والحريات، ما هي إلا لذر الرماد في العيون، وللتعمية على جرائمه بحق الإسلام والمسلمين.
هذه هي ثورة الشام الكاشفة الفاضحة، فهي لم تكشف وجه الغرب الحقيقي فقط، بل كشفت أيضاً حقيقة موقف الأنظمة الإقليمية ومنها النظام التركي من الثورة، فلقد كان سقوط حلب حدثاً مدوياً، كشف تواطؤ النظام التركي مع المجرم بوتين، وكذلك فقد كشف لعامة أهل الشام أنه لا بد من قيادة سياسية مخلصة، تقود ثورة الشام إلى برِّ الأمان، وتحفظ الثورة من خاطفيها والعابثين بها.
ست سنوات مرّت على ثورة الشام، كانت مليئة بالتضحيات الجسام، قدم فيها أهل الشام مئات الآلاف من الشهداء والملايين من المهجرين، ولكنهم لم يحصلوا على ثمار تضحياتهم، فقد بات شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" كلمات كتبها التاريخ عن بداية الثورة، ولم يعد في حسبان قادة الثورة إسقاط النظام، بل جُل ما يفكرون به هو مهادنة النظام ومفاوضته!
لقد كان تقديم المال السياسي القذر لثورة الشام، جرثومة خطيرة فتكت بالثورة، وحولت إسقاط النظام إلى مهادنته، وحولت قتال النظام إلى وقف إطلاق النار معه، كما حولت الجبهات المشتعلة إلى نقاط حراسة للعدو!
لقد كانت هذه السنوات الستّ كافية لكشف الأطروحات التي قدمها الكثير والتي افتقدت للمشروع الواضح والمتكامل، وأيضاً كانت كافية لرسم مسار الثورة بشكل صحيح، فما مرَّ بالثورة خلال سنواتها فيه من الدروس والعبر ما يكفي لإعادة الثورة إلى مسارها الذي يرضي الله، فالثورة اليوم لا يجمعها سوى مشروع سياسي منبثق عن عقيدة الإسلام، مشروع لا يقبل التلون ولا الذوبان، مشروع مبلور كلُّ ما فيه، مشروع يحمله ثلة صادقة مخلصة، مشروع تتبناه كافة شرائح الثورة فتُسقط النظام في عقر داره وتقيم دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
ست سنوات كان فيها حزب التحرير وما زال الرائد الذي لا يكذب أهله، فوقف مع الثورة وحث عليها، ورسم لها مسارها وحدد لها ثوابتها، وحذر فيها من المال السياسي القذر، وكشف لها خطط أمريكا وعملائها، وقدم لها مشروعاً سياسياً مستنبطاً من الكتاب والسنة، مشروع دولة الخلافة على منهاج النبوة، واليوم يقدم نفسه كقيادة سياسية للثورة وهو الأجدر بها، يقود الثورة بما يرضي الله، يقودها نحو التخلص من نظام الإجرام وإقامة نظام الإسلام، بفهم واضح ومبلور، وعقيدة راسخة ثابتة، وبإيمان بالله وثقة بوعده، وذلك تحقيقاً لبشرى نبينا محمد ﷺ «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة».
كتبه لجريدة الراية: منير ناصر، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 15 آذار\مارس 2017م
المصدر: http://bit.ly/2mpTiU7
- التفاصيل
منذ انطلاقة ثورة الأمة في الشام عام 2011م والدول الغربية الاستعمارية وفي مقدمتها أمريكا رأس الكفر تعمل بكل قوة على إجهاضها أو حرف مسارها ولا غرابة في ذلك؛ فالكفار هم أعداء المسلمين ويحملون عليهم مخزوناً هائلاً من الحقد الدفين. فلم تخطر فكرة شيطانية في أذهان ساستهم إلا ونفذوها ولا أسلوب خبيث يرون فيه بصيص أمل لإفشالها إلا وفعلوه؛ فمؤامراتهم لم تتوقف بل تزداد سنوياً فتشتد فصولها وتتسع حلقاتها حتى غدت مؤامرة إفشالها إحدى القضايا المصيرية لديهم. فقد سلطت أمريكا أوباشها وعملاءها وحلفاءها عليها فكان بطش النظام المجرم المسنود بمليشيات إيران وأوباشها ثم بالعدوان الروسي الغاشم فكانت جرائمهم تقشعر لها الأبدان، ولما أصبحوا في مأزق نتيجة لصمود أهل الشام الأسطوري جاء دور المنافقين (السعودية وتركيا) فكانت طعنتهم الأليمة في ظهر الثورة فسقطت حلب قلعتها الشامخة في الشمال السوري، والمخطط الخبيث لا زال سائرا؛ فمفاوضات تسليم سوريا لنظام الطاغية تجري على قدم وساق من قبل المعارضة الخائنة التي تبرزها وسائل الإعلام المسمومة أنهم هم قيادة الثورة والممثلين الحقيقيين عن أهل الشام! فالمشكلة تكمن في قيادة الثورة التي صنعها الغرب على عين بصيرة وليست في أهل الشام الذين قال فيهم رسول الله ﷺ: «إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم» سنن الترمذي، وقال رسول الله ﷺ: «عقر دار الإسلام الشام» أخرجه أحمد والنسائي. فأهل الشام لا زالوا على العهد يريدونها خلافة راشدة على منهاج النبوة، إلا الذين أفسدهم المال السياسي القذر بتضليل المنافقين الذين تسلقوا على الثورة لحرف مسارها كالسعودية وتركيا، فعلى أهل الشام أن يتمسكوا بثوابت الثورة التي رددوها طوال السنوات الماضية وأن يضعوا ثقتهم في القيادة السياسية المخلصة والواعية والمبدعة التي تستطيع أن تفشل كل مؤامرات الأعداء وتقود سفينة الثورة إلى بر الأمان فتسقط نظام الطاغية وتقيم الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فتهزم أعداءها وتوحد بلاد المسلمين تحت راية العقاب وتطبق الإسلام في الداخل وتحمله رسالة نور وهدى للعالم كله بالدعوة والجهاد. وهذه القيادة السياسية لها مواصفات محددة تميزها الأمة بها عن غيرها من القيادات السياسية التي توردها المهالك وتفرط فيها وتسلمها للجزار يسلخها كيف يشاء. ومن هذة المواصفات التي تتمتع بها القيادة السياسية القادرة على إنجاح ثورة الشام وإفشال كل مخططات أعدائها ما يلي:
1- أن يكون ولاؤها للإسلام والمسلمين
إن الولاء الصحيح الذي يجعل القيادة السياسية تنجح في إفشال مخططات أعداء الإسلام يكمن في ولائها لله ورسوله والمؤمنين، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ﴾ [البقرة: 165]
فأي ولاء غير ولائها للإسلام والمسلمين سيورد الأمة المهالك كالولاء الوطني أو الولاء القومي أو الولاء الطائفي أو غيرها من الولاءات الفاسدة والمحرمة شرعاً، فعلى الأمة وقيادتها السياسية أن يكون ولاؤها للإسلام وأن ترفض جميع الولاءات الأخرى.
2- أن تمتلك المشروع السياسي المنبثق من عقيدة الأمة (الخلافة)
أي قيادة سياسية، لا تمتلك مشروعا سياسيا فإنها تبحث عن الحلول من أعدائها ولو نجحت في إسقاط النظام فإنها ستحكم بقوانينه الوضعية الفاسدة التي كانت سببا في انحطاط الأمة الإسلامية وضعفها. فالقيادة السياسية الناجحة هي التي تمتلك المشروع السياسي الصحيح القادر على حل كل مشاكل الأمة المتمثل في الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تنبثق جميع أحكامها من عقيدة الأمة وأن يكون تصور هذا المشروع لديها واضحا ومبلوراً وأن يكون لديها دستور جاهز للتطبيق بعد إسقاط نظام الطاغية.
3- أن تمتاز بالوعي السياسي
إن من صفات القيادة السياسية الناجحة أن تنظر إلى الأحداث و المفاوضات و المؤامرات التي تحوكها وتنسج خيوطها دول الكفر من زاوية العقيدة، إنها مؤامرات ليست ضد أهل الشام وثورتهم فحسب بل ضد الأمة الإسلامية قاطبة لأن ثورة الشام هي ثورة الأمة كلها وأهل الشام هم طليعتها وهم صدرها الذي يتلقى سهام الأعداء دفاعاً عنها، فالصراع في أرض الشام هو صراع حضاري بين الإسلام وأهل الشام من جهة وبين الرأسمالية والكفار وعملائهم من جهة أخرى. والقيادة السياسية القادرة على إنجاح ثورة الشام لا بد أن تفضح جميع مخططات الأعداء ومؤامراتهم ومنها المفاوضات وأن تكشف العملاء الذين ينفذون هذه المخططات خدمة لأسيادهم الكفار وفي مقدمتهم أردوغان الذي أصبح صنماً يعبد من دون الله! فيجب عليها أن تحطم هذا الصنم الذي كان له الدور الأكبر في تسليم حلب لنظام الطاغية.
4- أن ترفض أنظمة الكفر وتتخذ الكفار أعداءً لها
إن الكفار وكذلك عملاءهم جميعا هم أعداء للإسلام والمسلمين يجب على الأمة وقيادتها السياسية أن تتخذهم أعداء وأن ترفض مبادئهم ومناهجهم وقوانينهم الوضعية كالرأسمالية و العلمانية وغيرها وكذلك أنظمتهم الجمهورية والملكية وأن تكفر بها جميعها لأنها مبادئ وأنظمة كفر يحرم الحكم بها والاحتكام إليها مطلقاً قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 40]
فالقيادة السياسية الناجحة هي التي تحارب جميع أنظمة الكفر وقوانينه ومفاهيمه وحلوله السياسية وغيرها وتتخذ الكفار أعداء بشكل دائم، فقد حرم الله على المسلمين أن يجعلوا للكفار عليهم سبيلا، ومن ذلك قبول حلولهم السياسية ومشاريعهم الاستعمارية قال تعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ [النساء: 141]
والقيادة السياسية المخلصة الواعية هي التي تمنع ذلك وترفض جميع مناهج الكفار وحلولهم وتتخذهم أعداء بشكل دائم.
5- أن ترفض التبعية للكفار وعملائهم بكل صورها وأشكالها
من صفات القيادة السياسية الناجحة القادرة على إفشال مخططات أعداء ثورة الأمة أن ترفض التبعية للكفار وعملائهم بكل صورها وأشكالها المختلفة، ومن ذلك الدعم المقدم من الحكام عملاء الكفار ورأس حربتهم وخنجره المسموم الذي يسعى الكفار إلى غرسة في ظهر الثورة فيجهضها أو يحرف مسارها. فالقيادة السياسية الناجحة يجب أن ترفض التبعية للكفار وترفض كل حلولهم السياسية والمفاوضات التي يحققون من خلالها ما لم يستطيعوا تحقيقه في الحرب.
6- أن ترفض أخذ المال السياسي من أعدائها
لقد كان للمال السياسي القذر دور في إفساد بعض الكتائب وقيادتها وحرف مسارها والتنازل عن مشروعها (الخلافة على منهاج النبوة). كما كان له دور في سقوط حلب وغيرها التي كانت عصية على النظام وإيران ومليشياتها وروسيا. فمن صفات القيادة السياسية القادرة على إفشال مخططات الأعداء أن ترفض رفضاً قاطعاً أخذ المال السياسي القذر حتى لا يستطيع أحد من الكفار أو عملائهم أن يملي عليهم الحلول والمشاريع السياسية التي تتناقض مع أحكام الإسلام أو أن يستخدموها أو يوجهوا إليها أمراً أو نهياً ناهيك أن يجعلها تنفذ مخططاً واحداً من مخططاته الإجرامية.
والخلاصة
إن القيادة السياسية المخلصة الواعية القادرة على إنجاح ثورة الشام وإفشال مخططات الكفار وعملائهم هي التي يكون ولاؤها للإسلام والمسلمين وتتميز بالإخلاص لله والصدق مع رسول الله وتحمل مشروع الخلافة كمنقذ للبشرية من ظلمات المبادئ الوضعية كالرأسمالية، وتسعى إلى إقامتها بعد سقوط نظام الطاغية أو غيره من أنظمة الكفر المطبقة على المسلمين، وتتميز عن غيرها بالوعي السياسي الذي تكشف به كل المؤامرات التي تحاك ضد ثورة الشام ولديها القدرة على إفشالها إذا التف أهل الشام حولها والأمة من خلفهم وتتخذ الكفار أعداء لها بشكل دائم وترفض كل مبادئهم وقوانينهم وأنظمتهم وحلولهم والتبعية لهم وأخذ المال السياسي القذر منهم أو من عملائهم، وهذه الصفات لا توجد إلا في قيادة سياسية واحدة فقط هي حزب التحرير، ولذلك نقول لأهل الشام: لن تنجح ثورتكم ما دام العملاء من يحاولون قيادتها. فضعوا ثقتكم في قيادة حزب التحرير فهي القيادة المؤهلة والقادرة على قيادة سفينة الثورة إلى بر الأمان وإنجاحها وإفشال كل مخططات الأعداء بإذن الله تعالى فهو من يحمل مشروعكم (الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة) المنبثق من عقيدتكم وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شايف صالح – اليمن
المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/42730.html
- التفاصيل
تأتي محادثات جنيف الرابعة بعد ست سنوات على انطلاقة ثورة الشام، فهل ستكون كغيرها من المحادثات؟ أم أنها تحمل جديداً لأهل الشام؟ وهل سينتظر أهل سوريا ما يتمخض عن هذه المؤتمرات؟ أم أن لهم الحق في أن يقولوا غير ما يُملى عليهم؟
إن المتابع لأحداث ثورة الشام يجد اليوم انفراجة واضحة بين ما تعانيه الثورة وبين ما يتم طرحه في أروقة الأمم المتحدة في جنيف، بل يجد تناقضاً واضحاً بين ما يجري على أرض الشام وبين ما يتشدق به من يدعي تمثيل الثورة ويُفاوض عنها ويجلس مع عدوها وقاتل أطفالها.
هذا التباين والتناقض يدفع إلى التفكير في أصل المشكلة التي تعاني منها الثورة، ويدفع لمعرفة الأسباب التي أدت بثورة الشام إلى الوصول لطريق شبه مسدود، فالقصف والقتل الذي تعرض له أهل الشام وما زالوا يتعرضون له يؤكد أن الصراع لا يمكن أن تنهيه مفاوضات هنا أو محادثات هناك، بل إن هذا الصراع دفع المجتمع الدولي ليغض طرفه عن كل جرائم نظام أسد، بل وليشارك في ارتكابها، تحت ذريعة محاربة (الإرهاب)، فشدة هذا الصراع واحتدامه بين ثورة الشام وبين النظام المجرم ومن ورائه (المجتمع الدولي) تؤكد أنه صراع وجود وليس صراع مصالح، صراعٌ يقول فيه (المجتمع الدولي) إما أن أكون أو لا أكون، إذاً فهو صراع بين مبدأين مبدأ الغرب الرأسمالي من جانب ومبدأ الإسلام من جانب آخر.
إن معرفة طبيعة الصراع تلزم في تحديد عين المشكلة التي تعاني منها ثورة الشام، وتضع المجهر على الحلقة المفقودة في هذه الثورة، وإذا ما عدنا إلى بداية ثورة الشام، نجد أن الغرب الكافر عمد إلى صناعة قيادة سياسية، ودعمها وأظهرها للإعلام على أنها تمثل الثورة في الشام، وعقد لها المؤتمرات، واللقاءات، فقد كان المجلس الوطني، ومن ثم الائتلاف الوطني، ومن ثم هيئة التفاوض المنبثقة عن مؤتمر الرياض، وكانت مهمة هذه الفئة السياسية أن تقوم بتقديم التنازلات وتوقيع الهدن والمفاوضات، وهنا تكمن الطامة التي تعرضت لها الثورة، حيث إن القيادة السياسية لم تكن منبثقة عن الأمة ولم تحمل عقيدة الأمة كقيادة فكرية لها، لذلك وجدنا هذا التباين والاختلاف الواضح، بين ما عليه الثورة وبين ما تنطق به هذه الفئة السياسية، فرغم كل ما فعلته روسيا من قتل وتدمير في أرض الشام إلا أن هذه المعارضة السياسية خرجت لتقول إن روسيا هي طرف حيادي! فقد جاء ذلك على لسان مصطفى الشيخ وكذلك محمد علوش الذي ترأس وفد المعارضة في أستانة، واعتبر أن النظام وإيران تمنعان روسيا من أن تصبح طرفا محايدا؛ وفي الوقت الذي تعقد فيه المفاوضات المبنية على أساس وقف إطلاق النار، فإن طائرات الإجرام ما زالت تفعل فعلها وتقتل في أهل الشام.
حقاً إنها معادلة غريبة "قصف في سوريا ومفاوضات في جنيف"! ولا يحل هذه المعادلة سوى الوعي الذي يتبعه عمل على نبذ هذه القيادة السياسية ولفظها كما تلفظ النواة، والعمل على تبني قيادة سياسية واعية لثورة الشام، قيادةٍ تعرف العدو وتتعامل معه على هذا الأساس، قيادةٍ لا تتلون ولا تتبدل، قيادةٍ تنبثق من الأمة وتعبر عن تطلعاتها، وتتخذ ثوابت في عملها، وتقدم مشروعاً واضحاً مفصلاً عن رؤيتها لإسقاط النظام ولما بعد إسقاط النظام.
نستطيع أن نقول إن الحلقة المفقودة في ثورة الشام تكمن في قيادة هذه الثورة، فالثورة وأهلها مستعدون للتضحية بالغالي والنفيس لأجل إسقاط النظام، وقد قدموا أمثلة كثيرة خلال هذه الثورة، فالتضحيات الجسام التي قدمها أهل الشام كثيرة، إلا أنها إن تُركت لقيادة سياسية تفاوض في الأستانة وجنيف، وتوجه المقاتلين للباب بدلاً من دمشق، فإنها ستضيع هذه التضحيات، والتعبير الأدق أنها ستُسرق، وستذهب بثورة الشام إلى ما بات يُعرف بـ"حضن الوطن" وأهل الشام أدرى بما يعنيه حضن الوطن، أي العودة لتسلط النظام المجرم.
لذلك فإن أهل الشام اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما؛ فإما أن يسكتوا عن سرقة تضحياتهم، ويتركوا هؤلاء البائعين يفاوضون في جنيف وغيرها، وإما أنهم سيُنهون هذه المهزلة، ويضعون حداً لهذا العبث، فيأخذوا على يد من يحاول إغراق سفينة الثورة ويمنعوه من المتاجرة بالدماء والبلاد، ويسلموا قيادة هذه الثورة للرائد الذي لا يكذب أهله، حزب التحرير الذي يقدم مشروعه في بناء دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة، والذي حذر من كل المؤامرات السياسية التي أحاطت بثورة الشام، ودعا لإسقاط من يتاجر بثورة الشام، فكان بحق أهلا لأن يقود الثورة إلى بر الأمان.
وهذا دي مستورا الوجه الذي يُمثل (المجتمع الدولي) وهو مبعوث الأمم المتحدة يؤكد أنه غير متفائل بجنيف4، ويرسل تهديدات مبطنة مفادها بأنْ "يا أهل سوريا إما أن تخضعوا للإرادة الدولية أو أننا سنترككم أمام الوحوش تنهش بكم وتقضي عليكم"، فقد قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستافان دي مستورا، إن وقف الأعمال القتالية في مختلف أنحاء سوريا ضروري لتفادي معركة فتاكة أخرى كتلك التي شهدتها حلب؛ وحذر المبعوث الدولي من أن تتحول إدلب إلى حلب ثانية؛ بعدما ذهب كثير من مهجَّري حلب إليها.
كلام هذا المبعوث يؤكد أن ثورة الشام ما زالت قادرة على أخذ زمام المبادرة، وأنها ما زالت قوية يخشاها عدوها، فلتُرص الصفوف ولتُوحّد الجهود، فالنظام لو لم يكن ضعيفاً لما قَبِل التفاوض، فهو يترنح ينتظر ضربة رجال صادقين تنهي عهداً من الظلم والطغيان ليبزغ فجر الإسلام من جديد بإذن الله.
كتبه لجريدة الراية: منير ناصر، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 1 آذار\مارس 2017م
المصدر: http://bit.ly/2mq5fg9
- التفاصيل
بينما تواصل الفصائل العسكرية التزامها بوقف إطلاق النار استناداً لما اتفقت عليه في محادثات أستانة عاصمة كازاخستان؛ يواصل نظام أسد محاولاته في الضغط على بعض المناطق لعقد مصالحات معه أو الرحيل؛ والسيطرة على بعض المناطق الأخرى، حيث يعمل على فتح طريق يصل بين حي جمعية الزهراء في مدينة حلب وبين مدينتي نبل والزهراء في ريفها الشمالي، فيفصل بذلك الكثير من المناطق المحررة في ريف حلب الشمالي الغربي كمدينة عندان وحريتان وكفر حمرة عن باقي المناطق ويطبق عليها الحصار من كافة الجهات، بالإضافة إلى الاتفاق الذي أعلنه مجلس منبج العسكري الخميس 2/3/2017م مع الجانب الروسي على تسليم القرى الغربية في ريف منبج لقوات حرس الحدود التابعة للنظام السوري، وما لاقاه هذا الأمر من موافقة النظام التركي عليه، حيث صرّح رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم أن أنقرة لا تمانع فرض سيطرة الجيش السوري على مدينة منبج، فالأراضي السورية يجب أن تكون للسوريين.وبذلك نجد أن طاغية الشام يتقدم خطوة خطوة وفق استراتيجية دبيب النمل وخاصة في ظل غياب المحاسبة الدولية على الخروقات المتكررة لوقف إطلاق النار المزعوم؛ بينما تراوح الفصائل العسكرية مكانها مكتفية بِعَدِّ الخروقات ومحاولة صد هجمات طاغية الشام المتكررة على المناطق المحررة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن وقف إطلاق النار يندرج ضمن الخيارات التكتيكية وليس الاستراتيجية لطاغية الشام؛ بينما تعتبره المعارضة خياراً استراتيجياً مما يسمح لطاغية الشام بتعزيز المكاسب الصلبة التي يحقّقها على صعيد السيطرة على المناطق المحررة.
وفي المقابل وعلى الصعيد السياسي حيث انتهت الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف بالوصول إلى اتفاق حول مناقشة أربع قضايا بشكل متواز، حيث أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، أن الأطراف اتفقت على مناقشة أربع قضايا تفاوضية بشكل متواز في الجولات المقبلة من المحادثات. وتتكون السلال من وضع صيغة للحكم في سوريا، وإعداد دستور خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات حرة وديمقراطية تحت إشراف الأمم المتحدة خلال 18 شهرا، أما السلة الرابعة، فتقدم بها وفد النظام السوري وتتضمن وضع استراتيجية لمحاربة (الارهاب).
إن المدقق في هذه القضايا الأربع يجد أن المعارضة وضعت مصير ثورة الشام على المحك، فهي تعمل مع المجتمع الدولي الذي تقوده أمريكا على رسم مستقبل أهل الشام؛ حيث سيكون نظام الحكم نظاماً ديمقراطياً يفصل الإسلام عن الحياة؛ سواء أكان نظاماً جمهورياً بشقيه الرئاسي أو الوزاري أم كان نظاماً ملكياً لا فرق في ذلك ما دام الإسلام لن يحكم وما دام الحكم لن يكون لشرع الله، أما بالنسبة لدستور هذه الدولة فلن يكون دستوراً مستمداً من العقيدة الإسلامية بحال من الأحوال؛ بل سيكون دستوراً وضعياً يسطر مواده العقل البشري الذي يتصف بالتناقض والاختلاف مما سينتج دستوراً متناقضاً مختلفاً يؤدي إلى الشقاء وضنك العيش، أضف إلى ذلك موضوع الانتخابات التي بات التلاعب بها أمراً مسلماً به وخاصة عندما تكون تحت إشراف الأمم المتحدة التي أشرف جنودها على مجزرة سربينتشا التي راح ضحيتها أكثر من ثمانية آلاف مسلم؛ وما ستفرزه هذه الانتخابات من شخصيات فصلت على المقاس الأمريكي وجرت صياغتها بشكل يحقق مصالح الغرب وأهدافه، أما بالنسبة لاستراتيجية محاربة (الإرهاب) فهي استراتيجية واضحة تقضي باشتراك النظام مع المعارضة في خندق واحد بل وضع المعارضة في الصفوف الأولى لمحاربة كل من يرفض هذا الحل المعد على الطريقة الأمريكية أو يقاومه، فهدف المفاوضات الحقيقي ليس خفياً على أحد؛ وهو قتل الحالة الإسلامية عند أهل الشام وإعادة إنتاج النظام العلماني من جديد؛ بشيء من التغيير في الوجوه سواء على المستوى الرئاسي أم الوزاري لن يشكل الأمر أي فرق ما دام النظام علمانياً والدستور وضعياً والأشخاص نواطير وحراساً عند الغرب للدستور والنظام المعدان بعناية فائقة.
لا شك أن الوصول إلى اتفاق بشأن هذه الأمور الأربعة وفرضها على أهل الشام يتطلب الكثير من الوقت والكثير من القصف والكثير من القتل والكثير من الخيانة، وهذا ما ينتظر أهل الشام إن لم يتحركوا سريعاً لإنقاذ أنفسهم، وهذا التحرك لا بد له من قيادة سياسية واعية ومخلصة تعرف الأهداف الحقيقية؛ وتبصر الطريق بوضوح للوصول إليها، وتعرف الصديق من العدو وتعرف أساليب الأعداء وفخاخهم، ولا شك أن لحزب التحرير باعاً طويلاً في السياسة؛ فهو الرائد الذي لم يكذب أهله، فقد حذر من المال السياسي القذر كما حذر من الدور الخطير للنظام التركي، وحذر من الاقتتال بين الفصائل ومن الهدن مع طاغية الشام، ولا زال يحذر من المفاوضات التي تباع في حلباتها دماء المسلمين وقضاياهم، كما دعا إلى التوحد حول مشروع سياسي واضح مستمد من عقيدة المسلمين ودينهم قدمه لأهل الشام، ولا زال يدعو أهل الشام وجيوش الأمة الإسلامية للتوجه إلى رأس النظام في دمشق لإسقاطه وإقامة حكم الله على أنقاضه فالنظام لا يسقط إلا في العاصمة، وطريقها لا يمر من جرابلس بكل تأكيد، بالإضافة إلى عمل الحزب في نشر الوعي بين المسلمين لإيجاد الرأي العام على تطبيق نظام الإسلام وأحكامه في دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القادمة قريباً بإذن الله، فما على أهل الشام إلا أن يضعوا أيديهم بأيدي أبنائهم من شباب حزب التحرير ويسيروا معه للعمل على إقامة شرع الله واضعين نصب أعينهم طريقة رسول الله ﷺ في إقامة الدولة الإسلامية الأولى التي أسس بنيانها في المدينة المنورة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كتبه لجريدة الراية: الأستاذ أحمد عبدالوهاب، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 8 آذار\مارس 2017م
المصدر: http://bit.ly/2lUQ8GR
- التفاصيل
سئل أحد العلماء عن سقوط الدولة الأموية فقال: أمور صغيرة سلمناها لكبار وأمور كبيرة سلمناها لصغار فضعنا بين إفراط وتفريط.
وما حال ثورة الشام في هذه الأيام إلا الوقوع بين إفراط من قبل مَن فهم الإسلام خطأً وراح يجرب فهمه المغلوط على أهلها؛ فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، وبين صبية السياسة الذين دخلوا في نفق المفاوضات المظلم كالمستجير من الرمضاء بالنار (هذا إن أحسنا الظن بهم)!
ووقوفا على آخر تطورات ملف صك الاستسلام وبيع التضحيات نجد أن مفاوضات أستانة2 كأخواتها السابقة من مؤامرات أعداء الأمة عليها، سواء من حيث المبدأ كتثبيت الحل السياسي الأمريكي الذي يحافظ على نظام الطاغية أم من حيث النتيجة كفشل ذريع لمن يحاول أن يمكر بمن تكفل الله بها وبأهلها، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.
فبعد أن مكرت أمريكا عن طريق وكيلتها روسيا زورا وبهتانا وخداعا بالتعهد بوقف الغارات ومد الحبل قليلا لمعارضة الفنادق أن تطالب بالمعتقلين كخطوة على طريق ما يسمى الانتقال السياسي المزمع بحثه في جنيف، نجد أن وتيرة المجازر قد زادت خاصة بعد مفاجآت مجاهدي درعا من قلب ظهر المجن على من يراهن على وقف إطلاق النار الذي لم يتوقف أساساً إلا من قبل الثوار تحت ضغط الداعمين بالمال السياسي القذر.
فنجد أن آمال أمريكا وأذنابها قد تبددت ومكرهم قد بار - على الأقل في هذه الجولة -.
وإنه وإن كان من المقرر مناقشة الحكم في سوريا أو بشكل أدق فرض دستور مدني علماني في جنيف كما أعلن عن ذلك مبعوث أمريكا لتصفية الثورة دي مستورا - ويا لها من مهزلة أن تساعد عدوك في فرض نظام حياته العفن على أمتك لتسير عليه. إلا أن المراقب بدقة يخلص إلى نتيجة مفادها أن الغرب والشرق وعلى رأسهم أمريكا صاحبة النفوذ والمصلحة الحيوية في سوريا يجرون أذيال الهزيمة، وليس أدل على ذلك من طرح مشروع تدخل عسكري أمريكي في سوريا من قبل الكونغرس مما يؤكد أن كل الأدوات التي استخدمتها في حربها على أهل الشام قد باءت بالفشل مهما مكروا وخططوا وقاموا بأعمال سياسية أو حتى عسكرية، ففي كل مرة تجد أن الله يأتي بنيانهم من القواعد فيخر عليهم السقف من فوقهم ويأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون.
وما نراه من استنزاف لكل من يقاتل أهل الشام وفضح من يدعي كذباً صداقة شعبها ليسلمها لأسياده (أعدائها) لهو دليل على تهيئة الأجواء وبعاث ليجهز إقامة سلطان المسلمين، وبالتالي ليس على أهل الشام إلا أن يعتصموا بحبل الله المتين باتخاذهم حزب التحرير قيادة سياسية لهم، فهو القيادة السياسية الواعية المخلصة التي تملك مشروعاً مستنبطاً من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ قادرة على قيادة دفة السفينة وصولاً إلى بر الأمان ويتحقق قول رسول الله ﷺ«إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا».
كتبه لجريدة الراية: عامر السالم - أبو عبيدة، بتاريخ الأربعاء 22 شباط\فبراير 2017م
المصدر: http://bit.ly/2lJtvsG