press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

alraiah080616

إن المتتبع للأحداث بعد انهيار الجولة الثانية من مفاوضات جنيف والتصريحات التي صرح بها «ستافان دي ميستورا» مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا في بيان بتاريخ 26/5/2016، أن الجولة الجديدة من مباحثات السلام السورية لن تعقد قبل أسبوعين أو ثلاثة على الأقل، إن المتتبع يرى بوضوح محاولة نظام طاغية الشام استغلال الفرصة التي منحته إياها الهدنة في السيطرة على مناطق عدة وإحراز تقدم على المستوى العسكري؛ مستغلا وقوف المجتمع الدولي خلفه، فبعد أن قام بالسيطرة على بعض المناطق في الغوطة الشرقية مستغلا اقتتال الفصائل مع بعضها البعض، نراه يركز على مدينتي حلب وإدلب؛ حيث شهدت محافظة حلب في الأيام الأخيرة تصعيدا مكثفا تجلى بإلقاء مئات البراميل المتفجرة وآلاف الغارات الجوية التي أدت إلى سقوط المئات من الشهداء وأضعافهم من الجرحى خلال أيام قليلة، وذلك في محاولة لمحاصرة مدينة حلب عن طريق استهداف المنفذ الوحيد الذي يربطها بريفها الغربي بعد الضوء الأخضر الذي تلقاه من سيده أوباما مطمئنا إياه بعدم استخدام الخيارات العسكرية لحل المشكلة السورية؛ حيث قال أوباما في 24/4/2016م إنه من الخطأ أن تستخدم الولايات المتحدة أو بريطانيا قوات برية للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وأضاف أوباما في حوار مع قناة "بي بي سي" البريطانية، بث يوم الأحد 24/4/2016، أن الخيارات العسكرية لن تكون حلا للمشكلات التي طال أمدها في سوريا.

كما وقامت طائرات طاغية الشام بقصف مدينة إدلب إلى جانب الطائرات الروسية مما أدى إلى وقوع الكثير من الشهداء والجرحى وإلى نزوح عدد كبير من أهالي المدينة، مما دفع جيش الفتح لإعلان مدينة إدلب خالية من المقرات العسكرية ليوثق بعدها خروقات النظام، هذا الموقف الذي أعلنه جيش الفتح يدفعنا للتساؤل لمن سيرفع هذا التوثيق وكلنا يعلم تآمر المجتمع الدولي وكذبه وخداعه؟! فقد أخلت روسيا مسؤوليتها عن قصف مدينة إدلب وسارت على خطاها أمريكا معلنة أننا لا نستطيع معرفة من قام بقصف المدينة، كما أن القصف طال المستشفيات والتجمعات السكنية ولن تعجز أمريكا ولا روسيا عن إيجاد الحجج لقصف أهل الشام سواء في إدلب أو في غيرها. كما يحاول طاغية الشام تحقيق انتصارات على تنظيم الدولة في ريف حماة الشرقي، وبذلك يكون طاغية الشام قد استغل الوقت لكسب الجولة الجديدة من المفاوضات وذلك عن طريق تقديم المزيد من التنازلات من قبل ما يسمى الهيئة التفاوضية بعد أن وضعت أمريكا قطار حلها السياسي على السكة وحددت محطاته وسرعته بعد أن أدخلته في نفق المفاوضات، وليستخدم المزيد من الضغط على أهل الشام لتركيعهم وقبولهم بالحل السياسي الأمريكي وذلك في الوقت الذي تتقدم فيه قوات سوريا الديمقراطية باتجاه منبج مدعومة بغطاء جوي كثيف من طيران التحالف الأمريكي بعد أن بسطت سيطرتها على مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي تحت غطاء الطيران الروسي لتشارك في حصار الريف الشمالي لمدينة حلب.

لقد وجدت أمريكا وروسيا ضالتهما في وحدات حماية الشعب الكردي الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، مستغلة مطالب الأكراد في السعي لإنشاء دولة كردية تمتد على طول الشريط الحدودي مع تركيا من عفرين في ريف حلب باتجاه الحسكة. تريد أمريكا استخدام الأكراد في حرب بالوكالة ضد تنظيم الدولة وتحاول عن طريقهم تضييق الخناق على المناطق المحررة لعزل من وضعتهم على لائحة الإرهاب ومحاولة تطويقهم وخاصة وهم لا يبعدون إلا بضعة كيلومترات عن معبر باب الهوى الحدودي والذي يعتبر المنفذ الرئيس لدخول المواد الغذائية إلى الداخل السوري المحرر. وقد أشارت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية خلال مؤتمرها الصحفي الأسبوعي يوم الخميس 2/6/2016 إلى ضرورة إغلاق الحدود السورية-التركية من أجل وقف تدفقات الأسلحة والمقاتلين الجدد إلى صفوف التنظيمات الإرهابية التي تواصل انتهاكاتها للهدنة في سوريا، كماوضح الناطق الصحفي باسم وزارة الدفاع الروسية خلال مؤتمر صحفي، أن الصور الجديدة التي نشرتها وزارة الدفاع الروسية متعلقة بمعبر "سرمدا-الريحانية" الذي يستخدم لنقل الأسلحة والمواد الأخرى للإرهابيين الذين يسيطرون على مدينتي حلب وإدلب. وأضاف أن معظم التوريدات عبر هذا المعبر تنفذ ليلا.

إن ما يجري من استغلال للأكراد في حرب بالوكالة ضد تنظيم الدولة ليس ببعيد عن النظام التركي رغم المواقف المعلنة من قبله بالتدخل العسكري فقد وضع النظام التركي خطا أحمر يستعد للتدخل السريع في حال تم خرقه، ويتجلى هذا الخط بقيام دولة كردية متاخمة لتركيا على الجانب السوري، وما دام هذا الأمر بعيد المنال فلا بأس من استغلال الأكراد في هذه الحرب.

إن ما يجري على أرض الشام لم يكن ليحدث لولا ارتباط بعض قادات الفصائل بالمال السياسي القذر الذي صادر قراراتهم وأدخلهم في هدن مع قاتل أطفالهم ومنتهك أعراضهم، ووضع لهم خطوطا حمراء باتت معروفة للجميع وتتمثل في العاصمة دمشق سهل الغاب حيث حاضنة النظام الشعبية، فلا بد حتى تعود الثورة إلى مسارها الصحيح من قطع كل العلاقات مع الغرب الكافر وأذنابه والتوجه نحو العاصمة دمشق لإسقاط النظام فيها، فنظام طاغية الشام لا يسقط في حلب ولا إدلب.


كتبه لجريدة الراية: الأستاذ أحمد عبدالوهاب رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 8 حزيران\يونيو 2016م
المصدر: http://bit.ly/1UdoanA

alraiah010616

لا ينقضي يوم إلا ويحمل في طياته جديدا فيما يتعلق بالأحداث في سوريا، فالأزمة في سوريا في حراك مستمر ولهيب المعارك فيها لا يتوقف، والأحداث فيها متقلبة، وكلما تسارعت الأحداث فيها باتجاه معين انقلبت باتجاه آخر، فالحسم ليس في متناول يد أحد حتى الآن، إلا أن هذا لا يعني عدم وقوع تطورات لافتة ومؤثرة، من شأنها أن تحدث تغييرا جوهريا في سير الأحداث ونتائجها.

فقد أفاد مساعد وزير الخارجية الأمريكي "أنطوني بلينكن" يوم الجمعة 13/5/2016، "أنّ بلاده توصلت إلى اتفاق نهائي مع تركيا بخصوص التعاون من أجل تطهير المناطق الواقعة بين مدينة منبج ومارع بريف حلب السوري، من عناصر تنظيم داعش الإرهابي. وأوضح بلينكن خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر الخارجية الأمريكية بواشنطن، أنّ التعاون التركي الأمريكي في هذا الخصوص، سيتمثل في زيادة الدعم لقوات المعارضة السورية المعتدلة، وأنّ الأيام القادمة ستشهد حملات كبيرة ضدّ داعش في هذه المناطق. وفي هذا الصدد قال بلينكن: "هدفنا المشترك مع تركيا، يتمثل في تطهير المناطق الواقعة بين منبج ومارع من عناصر داعش، واستعادة مارع بالكامل من يد التنظيم". (ترك برس 13/5/2016)، وقد سبق ذلك اتفاق "تركيا مع الولايات المتحدة على نشر بطاريات أمريكية مضادة للصواريخ على حدودها مع سوريا، بدءا من أيار/مايو، لمواجهة عمليات القصف المتكررة التي يشنها تنظيم "الدولة الإسلامية" وتستهدف الأراضي التركية، بحسب ما نقل عن وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو.وقال الوزير في تصريح لصحيفة "خبرتورك"، نشر الثلاثاء، "توصلنا إلى اتفاق لنشر صواريخ (هايمارس)، وهي صواريخ أمريكية مضادة للصواريخ... ويأمل الوزير التركي، من جهة ثانية، في أن تتوصل المحادثات الجارية مع الولايات المتحدة بشأن إنشاء "منطقة آمنة" في شمال سوريا بين مدينتي منبج وجرابلس، إلى قرارات ملموسة. وقال الوزير في هذا الصدد "إن هدفنا هو تطهير هذا الشريط البالغ طوله 98 كم من داعش". (بي بي سي 26/4/2016).

وفي 21/5/2016 قام قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط الجنرال جوزيف فوتيل بزيارة سرية لسوريا، وقال مصدر عسكري أمريكي إن "فوتيل أمضى 11 ساعة في شمال سوريا، والتقى مسؤولين محليين وقوات أمريكية خاصة منتشرة في سوريا". وصرح فوتيل بعد الزيارة أن "تدريب القوات المحلية لقتال تنظيم الدولة الإسلامية هو الخيار الصائب". وأضاف "غادرت وأنا على ثقة عالية من إمكانياتهم وقدرتهم على دعمنا". وقال بريت ماكغورك المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لدى التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية في تغريدة إن فوتيل زار سوريا السبت "للتحضير لهجوم الرقة". (بي بي سي 22/5/2016)، وكان بريت ماكغورك نفسه قد زار منطقة عين العرب كوباني في 18/5/2016 وفي مساء اليوم نفسه جرت مكالمة هاتفية بين أوباما وأردوغان، فقد "أعلن بيان للبيت الأبيض، الأربعاء، أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحث في اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الجهود الرامية لهزيمة تنظيم الدولة، والوضع في سوريا... وقال البيت الأبيض إن الزعيمين اتفقا على أهمية مواصلة الجهود لإضعاف وهزيمة داعش وشل قدرة التنظيم المتشدد على تنفيذ هجمات في تركيا وأوروبا وأماكن أخرى". (سكاي نيوز العربية 19/5/2016)، وقد استبانت آلية تطبيق هذا الاتفاق بظهور صور جنود أمريكيين يحملون شارات ما يسمى بوحدات حماية الشعب الكردية، فقد اعتبر المتحدث باسم وزارة الدفاع بيتر كوك، أن حمل المقاتلين الأمريكيين للشارات، ليس بالأمر الغريب، قائلاً "عندما تعمل القوات الأمريكية في مناطق معيّنة، فإن ما يفعلونه هو الاندماج مع المجتمع لتعزيز حمايتهم وأمنهم". وتابع كوك في الموجز الصحفي للبنتاغون "قواتنا بحاجة لأن تتخذ خطوات يحتاجونها من أجل تنفيذ مهمتهم وحماية أنفسهم". ورفض كوك، الحديث عن الصور المنتشرة على الإنترنت أو تأكيد الموقع الذي تم التقاطها فيه "حفاظاً على سلامة القوات الأمريكية"، على حد قوله. (إرم نيوز 26/5/2016)، وقد عبرت تركيا عن غضبها ظاهريا على لسان جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي حيث قال "ننصحهم (الولايات المتحدة) بوضع شعارات داعش والنصرة والقاعدة عندما يتوجهون إلى المناطق الأخرى في سوريا، وشعارات بوكو حرام عندما يذهبون إلى أفريقيا"... وأضاف الوزير التركي "استخدام جنود دولة تعد شريكتنا، وحازمة في محاربة الإرهاب، شعار منظمة إرهابية أمر لا يمكن قبوله". (وكالة أنباء الأناضول 27/5/2016).

وقد صرّح الكولونيل بالجيش الأمريكي ستيفن وارن بقوله: "وضع شارات وحدات حماية الشعب الكردية هذه لم يكن مصرحًا به، ولم يكن مناسبًا... وتمَّ اتخاذ إجراء تصحيحي حياله". (مصر العربية 29/5/2016)، وسياق الأحداث والتصريحات يدل على أن تركيا أردوغان قد نسقت مواقفها مسبقا مع أمريكا بخصوص مساندة أمريكا لما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات الحماية الشعبية الكردية القوة الحقيقية فيها، والتي تعتبرها أنقرة ذراعا لحزب العمال الكردستاني!. وعلى الرغم من أن التوجيه الإعلامي كان باتجاه اقتراب معركة الرقة، إلا أن حركة القتال على الأرض لا تدل على ذلك، وهذا ينسجم مع الرأي بأن أمريكا ليست مستعجلة على معركة الرقة، وإن كانت إعلاميا دقت طبول المعركة، فحركة القتال على الأرض اتجهت بشكل مركز باتجاه منطقة مارع وقام تنظيم الدولة بشن هجوم كثيف على القرى المحيطة بمارع وسيطر على عدد من القرى التي تصل مارع بإعزاز مثل كلجبرين وكفر كلبين، وأحكم الحصار على مارع، وفي المقابل استغل ما يسمى "بقوات سوريا الديمقراطية" تقدم تنظيم الدولة باتجاه مارع، "ودخلت بلدة الشيخ عيسى على الطريق باتجاه مارع، بعد أن ألزمت فصائل المعارضة في المنطقة بتسليم البلدة مقابل ضمان مرور آمن للمدنيين من أهالي مارع باتجاه إعزاز. إلا أن الأمر لم يتم بحسب مراسل "عنب بلدي" في حلب، وقال إن القوات لم تسمح بتوجه النازحين إلى إعزاز أو دارة عزة، ناقلًا عن ناشطين قولهم إن "سوريا الديمقراطية" تحاول الضغط على المعارضة بهذه الخطوة. دخول القوات جاء، صباح السبت 28 أيار، بعد هجوم لم يستطيعوا الدخول إثره، وفق المراسل، وأوضح أن وفدًا من القوات دخل الشيخ عيسى عقب إنذارات عبر مكبرات الصوت قال فيها "قرية الشيخ عيسى مقابل خروج المدنيين من مارع لإعزاز"، ما دعا فصائل "الحر" المرابطة في البلدة للانسحاب إلى مارع". (موقع عنب بلدي 28/5/2016)، فوقعت فصائل المعارضة والمدنيين في مارع وما حولها بين فكي كماشة (تنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية)، والذي دفع الكثير من المراقبين للتساؤل عن مدى التنسيق بينهما علىالرغممن وقوع معارك بين التنظيمين إلى الشمال من مدينة الرقة، فأمريكا تدفع لجعل التحركات على الأرض تُدفع باتجاه حصر خيارات أهل الشام بين (النظام المجرم) أو (تنظيم الدولة) أو (وحدات حماية الشعب الكردية) أو (فصائل متناحرة)!.

وعلى وقع هذه التطورات على الأرض نجد أن النشاط المحموم السابق للسير في محادثات السلام، قد خفت وتيرته، فقد صرح دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا في بيان يوم الخميس (26/5/2016) "إن الجولة الجديدة من مباحثات السلام السورية لن تعقد قبل أسبوعين أو ثلاثة على الأقل وذلك بعد مشاورات في مجلس الأمن استمرت لساعتين ونصف. وقال البيان "أطلع (دي ميستورا) المجلس عن نيته بدء الجولة المقبلة من المباحثات في أسرع وقت ممكن لكن هذا بالتأكيد لن يكون خلال الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع المقبلة". (وكالة الأنباء الألمانية 26/5/2016)، ويبدو أن هذا التريث سببه انتظار معرفة الآثار التي ستنتج عن المعارك الجارية ومدى تأثيرها على الخيارات الشعبية، فعلى وقع القتل والتدمير والتهجير اجتمعت ما تسمى بالهيئة العليا للمفاوضات في الرياض 26-28/5/2016 وأعلنت أنها ستقدم وثيقة لحل شامل في سوريا (ورأت الهيئة أن جهود إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات يجب أن تتزامن مع اتخاذ خطوات جادة لوقف التصعيد العسكري من قبل النظام وحلفائه، وإيجاد آلية إشراف دولية لضمان الالتزام بذلك، والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول السريع والآمن إلى كافة المناطق المتضررة وفق جدول زمني تشرف الأمم المتحدة على تنفيذه، وتطبيق قرار مجلس الأمن 2268/2016، فيما يتعلق بوقف الأعمال العدائية، وذلك من خلال توفير آلية مراقبة أممية لضمان الالتزام وتحديد الجهة المسؤولة عن الخروقات التي تقع، ومن ثم استحداث إجراءات عقابية صارمة ضد من يرتكبها.) (العربية 29/5/2016)، والدور الذي تقوم به هذه الهيئة في أحضان آل سعود عملاء أمريكا هو تطويع الشعب السوري باتجاه القبول بالتسوية التي تريدها أمريكا، وهذا الدور لا يختلف من حيث النتيجة عن المعارك التي تدور في مارع والمعارك التي تدور في الغوطة بين الفصائل المتناحرة، لأنها تؤدي بالنتيجة لإخضاع المسلمين في الشام إلى حضن أمريكا.

وليس من مخرج لفصائل الثورة في سوريا إلا بالاعتصام بحبل الله المتين، والانفكاك التام عن قوى الدعم الإقليمية والدولية، والخروج من عباءة عملاء أمريكا أردوغان وآل سعود والخدام والأذناب، فإن لم يفعلوا فستجعل منهم أمريكا سكينا تذبح بها الثورة ثم تذبحهم بأيديهم، نسأل الله سبحانه أن يهدي إخواننا إلى أرشد أمرهم، وأن يحفظ هذه الثورة المباركة من أعدائها ومن جهل أبنائها.


كتبه لجريدة الراية: عبدالله المحمود، بتاريخ الأربعاء 1 حزيران\يونيو 2016م
المصدر: http://bit.ly/1WXubXC

alraiah1805161

تشهد العاصمة النمساوية فيينا يوم الثلاثاء 17/5/2016 (أمس) اجتماعا وصف بأنه سيكون مفصليا لما يسمى بالمجموعة الدولية لدعم سوريا، وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد أعلن عن عقد هذا الاجتماع في أعقاب اجتماعه بلافروف في 9/5/2016، وقبيل انعقاد اجتماع باريس الوزاري. ولا بد من إعطاء صورة للأحداث التي تزامنت مع الإعلان عن عقد هذا الاجتماع، لمعرفة ما يمكن أن يسفر عنه مثل هذا الاجتماع، وما يمكن أن ينتج عنه من آثار!

فقبيل انعقاد اجتماع باريس لما يسمى بمجموعة النواة الصلبة للدول الداعمة للمعارضة السورية بساعة صدر بيان مشترك لكل من روسيا وأمريكا يوم الاثنين 9/5/2016 "أكدتا فيه التزامهما باتفاق وقف العمليات القتالية في سوريا وقالتا إنهما ستكثفان الجهود من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع هناك. وطالبت موسكو وواشنطن كذلك جميع الأطراف بوقف الهجمات على المدنيين والبنية الأساسية المدنية. وقال البلدان إنهما سيعملان على إقناع الأطراف المتحاربة في سوريا بالالتزام باتفاق وقف العمليات القتالية. وأفاد البيان "قررنا تأكيد التزامنا مجددا بوقف إطلاق النار في سوريا وتكثيف الجهود لضمان تنفيذه في أنحاء البلاد". وأشار البيان إلى أن روسيا وأمريكا "تقران بالصعوبات التي تواجه الهدنة في عدة مناطق وبالمشكلات التي تعرقل وصول المساعدات". (فرانس 24، 9/5/2016).

وقد جاءت ردة الفعل الأوروبية على لسان مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى صرح لصحيفة الشرق الأوسط بقوله "إن توقيت الإعلان قبل ساعة واحدة من بدء اجتماع باريس، أمس لم يكن مجانا، بل إنه يفيد بأن الضغوط السياسية يمكن أن تفعل فعلها". وأجمع وزير الخارجية الفرنسية ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ووزير الخارجية الألماني وآخرون على الإشادة بالبيان الأمريكي الروسي وما تضمنه من التزامات. ووصفته فيديريكا موغيريني بأنه "إيجابي جدا". بيد أن الوزير الفرنسي عد أن ما يهم هو التنفيذ "لا أن يبقى البيان حبرا على ورق". وفهمت باريس والدول المشاركة في الاجتماع أن البيان بمعنى ما رسالة مباشرة موجهة للمجتمعين الذين يهدفون أساسا إلى الضغط السياسي على روسيا والولايات المتحدة الأمريكية من أجل الوصول إلى هذه "الإنجازات" (الشرق الأوسط 10/5/2016).

وفي حديث صحفي لوزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت قال فيه إن كيري "يعي تماما أننا في طريق مسدود" وأن "المفاوضات (محادثات جنيف) لا يمكن أن تستمر ما دام النظام ينتهك الهدنة ويقصف المستشفيات ومخيمات اللاجئين، وأن المعارضة هي التي تستهدف في حلب وليس (داعش)". وفهم هذا الكلام على أنه "انتقادات مباشرة لطريقة الوزير كيري في إدارة الأزمة ثنائيا مع موسكو" وفق ما قالته مصادر دبلوماسية أوروبية لـ"الشرق الأوسط" أمس، في معرض تقويمها لاجتماع باريس. وأضافت هذه المصادر أن الدول المجتمعة "أرادت إسماع صوتها ورؤيتها للوزير الأمريكي" وتأكيد "حضورها ودورها في الملف السوري وعدم رغبتها في تسليم إدارته للثنائي كيري لافروف"...) (الشرق الأوسط 10/5/2016).

وجاء في تعليق المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر حول اجتماع باريس قوله ("نحن ندعم كافة الجهود، وخصوصا جهود شركائنا وحلفائنا، بشأن سوريا" لكن "نعتقد أن المجموعة الدولية لدعم سوريا تتولى الأدوار الأولى" في هذا الصدد.) (الجزيرة. نت 10/5/2016)، وهذا كله يدل على أن أمريكا مستاءة من التداخلات الأوروبية على الأزمة السورية وتريد أن تبقيها بيدها وحدها فقط!

ويبدو أنه على الرغم من انبطاح المعارضة "الفندقية" لأمريكا إلا أن بعضها يدرك نوعا ما حقيقة الدور الأمريكي فقد (قال رئيس وفد المعارضة المفاوض أسعد الزعبي لـصحيفة "العربي الجديد"، إنه "لم يشعر بخيبة أمل بنتائج اجتماع باريس"، مضيفاً "كنا نتوقع ذلك خصوصاً بعد وصول جون كيري إلى باريس، على الرغم من أنه لم يكن مدعواً للاجتماع". ويشير الزعبي إلى أن "مجرد وجود كيري يعني عرقلة أية جهود لمساعدة السوريين، وكل جهد ضد بشار الأسد"... ووفقاً للزعبي، فإنه "إذا حضر كيري الاجتماع فالنتيجة واضحة"، معتبراً أنه تم "تعيين كيري وزير خارجية في الولايات المتحدة للقضاء على الثورة السورية"، على حد قوله. بدوره، يقول سفير الائتلاف الوطني السوري في إيطاليا، بسام العمادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن البيان الروسي الأمريكي المشترك الذي صدر الاثنين "فارغ لا يتضمن أي جديد". ويعتبر أن "الهدف منه إفشال اجتماع باريس، ورسالة للمجتمعين بأن ما ينوون القيام به لا قيمة له من دون رضا روسي أمريكي") (العربي الجديد 10/5/2016)!

فإذن التحركات الأمريكية الأخيرة والدعوة لاجتماع فيينا، والبيان الأمريكي الروسي، قطع للطريق على أي محاولة أوروبية للدخول إلى الأزمة السورية، أما لماذا تسارعت التحركات، فذلك لأنه على الرغم من أن أمريكا دفعت باتجاه إجراء مفاوضات بين من أعدتهم أمريكا ليقوموا بدور الممثلين عن المعارضة في سوريا وبين نظام الأسد، وذلك من أجل وضع الأزمة السورية على سكة الحل السياسي والمفاوضات لتتمكن من استبقاء نظام الأسد العميل، وهيأت لذلك باصطناع ما سمته هدنة لوقف الأعمال العدائية، بالرغم من ذلك، فقد ظهر من سير العمليات العسكرية في سوريا بأن أمريكا أرادت من الهدنة ليس إتاحة المجال للسير بالمفاوضات فقط، بل من أجل إسكات جبهات ليتمكن النظام من خلال خادمة أمريكا في سوريا روسيا ويد أمريكا في سوريا إيران وميليشياتها وحزبها والمرتزقة والأعوان، ليتمكن كل أولئك مجتمعين، من السيطرة على حلب وإخضاعها لبطش النظام، وقد كان واضحا من الهجمة الوحشية على حلب أن المقصود هو تركيع أهل سوريا، وإخضاعهم، وإجبارهم بقتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير كل شيء، لكي يصرخوا مستغيثين بأمريكا والشرعة الدولية، مطالبين بالتحرك لإيجاد حل، هذا ما كان يرجوه أوباما وكيري والخدام والأذناب، ولكن ما ظهر من ردود أفعال لأهل حلب وهم يحملون أطفالهم موتى بين أيديهم، ويخرجون من بين الأنقاض، أن صيحاتهم وصرخاتهم لم تكن ترتفع إلا متوجهة لخالق الأرض والسماء، وبقي نداؤهم (ما لنا غيرك يا الله) هو الثابت الذي لم يتغير، وهذا يجعل أمريكا تدرك شاءت أم أبت أن المفاوضات والحلول السياسية وتبديل الوجوه وتغيير الأسماء وتنويع المسميات لن يوجد الحاضنة التي يمكن أن تخنع للحل الأمريكي في سوريا، وأنها لو بدلت عميلها بعميل غيره، ولو جملت وزوقت نظامها العميل، في ظل مثل هؤلاء الناس، فإنما سيكون صنيعها ككيد الساحر ﴿ولا يفلح الساحر حيث أتى﴾.

لذلك كله، فإن أمريكا تتعامل مع الأحداث في سوريا بالمزاوجة بين القتل والتدمير حتى إذا انقلب الوضع لغير صالح النظام، كما وقع في خان طومان حيث أصيبت إيران في مقتل، انقلبت أمريكا باتجاه التهدئة والمفاوضات، وهكذا حتى تتمكن من تمكين النظام من إعادة السيطرة على المدن الرئيسة في سوريا، وحصر الثورة في الأطراف والأرياف، ثم لو طال أمد المفاوضات أو قصر بعد ذلك لا يضيرها، لأنها ما زالت بحاجة للوقت الذي يمكنها من ترتيب عميل بديل يضمن لها استقرار نفوذها في سوريا. والذي ينكد على أمريكا مخططاتها ثبات أهل الشام وعدم خضوعهم على الرغم من انعدام الناصر والمعين وكثرة المضللين والمثبطين، إلا أن صرخات المظلومين (يا الله يا الله ما لنا غيرك يا الله) هي الوقود الذي يبقي جذوة هذه الثورة مشتعلة حتى ييسر الله لها من يحملها فيحرق بها ظلم الظالمين ويعيد الحق إلى نصابه، فيعم العدل بحكم الإسلام في ظل خلافة على منهاج النبوة وتخسأ من بعد أمريكا وروسيا وأوروبا والأذناب!


كتبه لجريدة الراية: عبدالله المحمود، الأربعاء 18 أيار\مايو 2016م
المصدر: http://goo.gl/Xud89G

alraiah250516منذ مدة والمواجهات تستعر بين فصائل المعارضة في الغوطة بين جيش الإسلام من جهة؛ وفيلق الرحمن وجيش الفسطاط من جهة أخرى، وكل طرف يلقي باللوم على الطرف أو الأطراف الأخرى، وقد سقط نتيجة هذا الاقتتال مئات القتلى من الفصائل ومن المدنيين، كما زاد هذا الاقتتال من ترويع الأهالي فوق ترويع طاغية الشام لهم... وقد بات واضحا أن جزءا مهما من الخطة الأمريكية لإضعاف الثورة والقضاء عليها هو جعل القتال بين الفصائل نفسها. ويوم الأحد 22/05/2016 أعلنت مصادر تابعة للنظام والمعارضة سيطرة قوات النظام على عشر بلدات في الغوطة الشرقية بريف دمشقبينها دير العصافير التي تشكل خسارة استراتيجية، وذلك إثر انشغال فصائل المعارضة بالاقتتال في ما بينها.

لقد عملت أمريكا، منذ أن اتخذت ثورة الشام المنحى العسكري، على زج الفصائل في اقتتال فيما بينها، ولا يعد الاقتتال الحاصل الآن في الغوطة الشرقية هو الأول من نوعه على الرغم من أنه الأخطر؛ بل سبقه إلى ذلك اقتتال بين فصائل عدة وبأسماء مختلفة وتوجهات مختلفة، وقد ساعد على وجود مثل هذا الاقتتال بين الفصائل عوامل عدة كان من أهمها:

-       ربط بعض قادة الفصائل بالدعم العسكري والتمويل مما أفقدها السيادة على قرارها وجعلها رهينة القرار الخارجي؛ وجعل بعض قادة الفصائل يتحولون إلى أمراء حرب لنيل أكبر قسط ممكن من الدعم.

-       تقسيم الفصائل بين جيش حر وإسلاميين رسخته وسائل الإعلام، متناسين أننا جميعنا مسلمون ويحاربنا الغرب دون تمييز.

-       محاولة بعض الفصائل قطف الثمار قبل نضوجها فسارعت لفرض سيطرتها على بعض المناطق، مما جعلها في مواجهة مباشرة مع الفصائل الأخرى.

هذه العوامل وغيرها مهدت الطريق أمام اقتتال الفصائل فيما بينها؛ متناسين ما خرجوا من أجله وهو إسقاط النظام بكافة أشكاله ورموزه، متجاهلين الأحكام الشرعية المتعلقة بحرمة سفك دم المسلم، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾. وقال جل في علاه: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. وعن الأحنف بن قيس قال ذهبت لأنصر هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال أين تريد؟ قلت أنصر هذا الرجل، قال: ارجع، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار». فقلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: «إنه كان حريصا على قتل صاحبه»، رواه البخاري. كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما». رواه البخاري، وقال صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض». رواه البخاري، فهذه النصوص وغيرها تجعل التنازع بين الفصائل والاقتتال فيما بينها سببا لذهاب ريحها وبالتالي سيطرة طاغية الشام على المناطق الموجودة فيها، وهذا عين ما حصل في الغوطة الشرقية، فخطورة الاقتتال بين الفصائل ليست على الفصائل فحسب؛ وإنما على ثورة الشام المباركة؛ التي قدمت الغالي والنفيس من أجل إسقاط هذا النظام المجرم وإقامة حكم الإسلام على أنقاضه، فلذلك كان على قادة الفصائل أن يتقوا الله في أنفسهم أولا؛ وأن يتقوا الله في أهلهم؛ وأن يتقوا الله في دماء الشهداء وتضحيات أهل الشام، فأهل الشام لم يخرجوا لقتال بعضهم بعضا. كما يجب على قادة الفصائل أن يعالجوا المشكلة من أساسها لا أن يغرقوا في التفاصيل فيضع كل قائد فصيل اللوم على الآخرين، فكان لزاما فك الارتباط بالقوى الخارجية التي تبين للجميع أن دماء أهل الشام لا تعنيها؛ وإنما تعنيها مصالح أسيادها، كما يجب عدم الاستعجال في قطف الثمار قبل نضوجها؛ والعمل جميعا (جيش حر وإسلاميين) بوصفنا مسلمين بما أوجبه علينا ربنا سبحانه وتعالى لإسقاط طاغية الشام في عقر داره وإقامة حكم الله على أنقاضه، ولا يكون ذلك إلا بالاجتماع على ثوابت ثورة الشام المباركة والتي هي إسقاط النظام بكافة أشكاله ورموزه، والتحرر من دول الكفر وإنهاء نفوذها، وإقامة الخلافة على منهاج النبوة، فيجب أن يدرك قادة الفصائل؛ أن الغرب الكافر يسعى لجعل الاقتتال بين الفصائل فيما بينها، أو بينها وبين تنظيم الدولة لإنهاك جميع القوى الفاعلة في الثورة؛ تمهيدا لتيئيس أهل الشام من إمكانية التغيير ومن ثم الخضوع لما تمليه عليهم، فيكون بذلك قد أجهض ثورة الشام المباركة وأهدر تضحياتها. وعلى أهلنا في الشام تقع مسؤولية تقويم المعوج من قادة الفصائل بالوقوف سدا منيعا في وجوههم ومنعهم من خرق سفينة الثورة فالكل معني بذلك شرعا، فكلنا في سفينة واحدة فإما أن ننجو جميعا وإما أن نهلك جميعا.

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا».


كتبه لجريدة الراية: الأستاذ أحمد عبدالوهاب رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 25 أيار\مايو 2016م
المصدر: http://goo.gl/Tepu3S

alraiah180516

كشف تقرير لمعهد لندن الدولي للدراسات الاستراتيجية - وهو معهد دراسات بريطاني أُسس في العام 1958 ويُعد نفسه سلطة عالمية رائدة حول الأمن العالمي والمخاطر السياسية والصراعات العسكرية - أن العام الماضي كان دموياً بالرغم من تراجع عدد النزاعات المسلحة، إذ سقط نحو 167 ألف إنسان جراء هذه النزاعات، ثُلثهم في سوريا وحدها. وحسب الدراسة التي أعلن عنها الخميس 5 أيار 2016 في لندن فإن 80 بالمئة من هؤلاء قتلوا في ستة صراعات مسلحة كبيرة في سوريا والكاريبي والمكسيك وأفغانستان ونيجيريا والعراق.

كما أشار الخبراء إلى أن «عدد الضحايا ارتفع بشكل سريع جراء النزاع في أفغانستان، حيث قتل 15 ألف شخص عام 2015، بالمقارنة مع 3500 ألف شخص عام 2013، حين كانت قوات (إيساف) الدولية تقدم المساعدة الأمنية للبلاد».

وقتل ثلث هذا العدد في سوريا وحدها حسبما أبرز التقرير السنوي، حيث «بلغ عدد قتلى الحرب الأهلية في سوريا العام الماضي نحو 55 ألفا، في حين قتل أكثر من خُمس ضحايا الصراعات المسلحة في العالم العام الماضي في المكسيك أو أمريكا اللاتينية».

وفقد عدد أقل من الناس حياتهم في دول أفريقية واقعة جنوب الصحراء الغربية، وذلك على الرغم من الحرب على منظمة «بوكو حرام» في نيجيريا. وأظهر التقرير أن الحكومات في كل من العراق وسوريا والصومال واليمن نجحت عام 2015 في استعادة مناطق كانت تحت سيطرة متمردين، وحدث ذلك غالبا بمساعدة مدفعية أجنبية، حسبما قال رئيس المعهد، جون تشيبمان.

ونقل التقرير السنوي عن المدير العام للمعهد، جون تشيبمان، قوله إن «عدد اللاجئين والنازحين في العالم جراء النزاعات المسلحة ارتفع من 33 مليون شخص في عام 2013 و43 مليونا في عام 2014 إلى 46 مليونا في منتصف عام 2015 بحسب المعطيات المتوفرة».

من جانبها، قالت أنستاسيا فورونكوفا، إحدى المساهمات في وضع التقرير، إنه «رغم تراجع عدد النزاعات المسلحة في العالم، إلا أن عدد الضحايا ارتفع كثيًرا».

مصطلح النزاعات المسلحة لفظ بديل لما كان يعرف بالحروب، وهي نوعان حسب التعريف القانوني؛ حروب دولية بين دول، وحروب داخلية، أو ما يعرف بالحروب الأهلية التي يمكن أن تتحول من نزاع مسلح داخلي إلى نزاع مسلح دولي عند تدخّل طرف دولي أجنبي فيه؛ على أن تقديم المساعدة المادية أو الدعم التكتيكي والاستراتيجي للأفرقاء لا يغيّر من الطبيعة القانونية للنزاع، بمعنى أنه يبقى نزاعا أهليا بنظر القانون الدولي وعلى هذا فما يحصل في سوريا واليمن والعراق وليبيا نزاع أهلي بغض النظر عن تدخل الدول الكبرى والصديقة وصراعها في هذه الدول.

(تقوم الحكومات والجماعات المسلحة، في شتى أنحاء العالم، بمهاجمة المدنيين بشكل روتيني... أظهرت القوى العظمى رغبة لئيمة بالتلاعب بالمؤسسات الدولية أو تطبيق معايير مزدوجة، وغالبا ما تقوم هذه الدول بتسليح القوات المعروفة بارتكابها لانتهاكات جماعية وتنكر مسؤوليتها عن المذابح. ويتغذى العنف المستمر على تظلمات عالقة نابعة من سنوات من النزاع المدمر يرافقه تقاعس عن محاسبة الجناة على ما يرتكبونه من انتهاكات خطيرة. ولهذا السبب فثمة حاجة ملحة إلى استحداث نظام صارم يحقق المساءلة)... هذا النص بين قوسين من موقع منظمة العفو الدولية.

يقول ابن خلدون "إن الأوطان الكثيرة العصائب قلّ أَنْ تَسْتَحكمَ فيها دولة". وهذا ما فعله الغرب ودوله في حالة دولة الخلافة العثمانية التي كانت تحكم هذه البلاد، فمسألة الصراعات الداخلية العربية لها جذور تاريخية تصب في دور القوى الخارجية الغربية على إثارة الفتن الداخلية، فأثيرت المسألة الشرقية التي انطوت على طرح امتيازات للطوائف المختلفة في المنطقة العربية، في إطار السعي الأوروبي لاقتسام الولايات الخاضعة للخلافة، وهذا يعني زيادة التدخلات الأوروبية بدافع المصالح التجارية والاستراتيجية في الدرجة الأولى، وإن اقتضت هذه التدخلات تحريك الطائفية والمذهبية والإثنية في فترة ما قبل سقوط الخلافة بقليل، وبعد مؤامرة هدم الخلافة بعد الحرب العالمية الأولى وتقسيم البلاد الإسلامية التي كانت جزءاً من دولة الخلافة وأصبحت دويلات تابعة سياسيا لنظام دولي غربي رأسمالي، وبدأت بذرة النزاع والشقاق فيما بين هذه الكيانات المصطنعة، ولاحقا فيما بين أهل هذه الكيانات، والتاريخ القريب شاهد على ذلك؛ فقد كانت سوريا والعراق على حافة المواجهة، والجزائر والمغرب، والكويت والعراق، وليبيا ومعظم الدول العربية، وأثيرت قضية الأمازيغ في الجزائر والأقباط في مصر والأكراد في العراق والشيعة في البحرين وهكذا.

وبعد أن بدأت الأمة تصحو من سباتها وظهر للغرب أن هذه النماذج من أنظمة الحكم غير مستقرة وانتهت صلاحيتها ولا تخدم مصالحه، ونتيجة للصراع الطبيعي بين الدول المؤثرة في المسرح الدولي، قام بافتعال الحروب وإشعالها؛ فكانت حرب العراق وإيران، ثم حرب الخليج، ثم أفغانستان وتلاها احتلال العراق مع كل ما رافق ذلك من إزهاق لأرواح المسلمين في هذه البلاد. وبعد ما سمي بالربيع العربي وتحرك الأمة لاستعادة سلطانها المغصوب، أشعل الفتن وأججها في كل البلاد التي تحرك فيها أهلها طلبا للانعتاق من ظلم أنظمة الجور والاستبداد، فليبيا ومصر واليمن والشام لا يزال أهلها يعانون وإن بدرجات مختلفة وأشكال مختلفة، فالقتل مستحر فيها وفي الشام أشد والرقم المذكور في التقرير ليس حقيقيا، فالعدد أكثر بكثير من 55 ألفا ولكن هذا الرقم الذي وصل رسميا لأصحاب التقرير، والدور الأمريكي في مأساة أهل الشام بالذات واضح ولا يحتاج إلى دليل، فأمريكا هي التي تقرر وتسمح بالدمار والقتل، وأفغانستان التي ذكرها التقرير، ازدادت فيها أعمال القتل والتفجير نتيجة الصراعات القبلية والعرقية التي تغذيها أمريكا وأخواتها في الإجرام من الدول الغربية، والتي يحاول التقرير ربطها بمغادرة القوات الدولية (إيساف) للبلاد، فالأمن والأمان بوجوده (الكفر) أو وجود من يمثله، والدمار والقتل سيزداد في حالة مغادرته للبلاد وتحررت البلاد من سطوته وجبروت عملائه.


كتبه لجريدة الراية: حاتم أبو عجمية، الثلاثاء 17 أيار\مايو 2016م
المصدر: http://goo.gl/n5dnfZ