

أفادت وكالة رويترز، بتاريخ 6 نوفمبر 2025، نقلاً عن ستة مصادر مطلعة بينهم مسؤولون غربيون ومسؤول دفاعي سوري، أن الولايات المتحدة تستعد لتأسيس وجود عسكري لها في قاعدة جوية تقع في العاصمة السورية دمشق أو بالقرب منها، في إطار خطة جديدة تشرف عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ووفقاً للمصادر، فإن الهدف من هذا الوجود العسكري هو المساعدة في مراقبة وتسهيل تنفيذ اتفاق أمني شامل يجري التفاوض عليه حالياً بين سوريا وإسرائيل بوساطة أمريكية.
إن هذه الخطوة تُعد من أخطر القرارات التي اتخذت بعد إسقاط النظام البائد ومن أكثرها تهديداً لثوابت الثورة ولأمن ومصالح أهل البلد، وهي ليست مجرد تحدٍ صارخ ومباشر لسيادة الدولة، بل هي استهانة بتضحيات أهل الثورة لا تغتفر. فكيف تجرأت أطراف التفاوض على اتخاذ مثل هذا القرار أو توقيعه أو القبول به!! فتحُ الأرض أمام إجرام الأمريكان وقذارتهم ومكنون حقدهم؟!
ثم إن مجرد الإعلان عن هدف إنشاء القاعدة هو إقرار بالمسارعة نحو التطبيع تحت مسميات " اتفاقيات أمنية"، وسط سيل من التصريحات "الترامبية" بأن هناك العديد من الدول التي ستنضم لـ"اتفاقات أبراهام"، التي سبق لترامب أن دعا الشرع، في السعودية، للانضمام لجوقة المطبعين عبر بوابة "اتفاقات ابراهام"!
إن المنطقة تشهد بالفعل انتشاراً لوباء القواعد الأمريكية في بلاد الإسلام، والتي لم تكن يومًا مصدر استقرار، بل كانت منصات للاعتداء المستمر على المسلمين وقتلهم وتمزيقهم والتنكيل بهم. إن تاريخ هذه القواعد أسود وملطخ بدمائنا في ساحات كثيرة، من أفغانستان إلى العراق وليبيا والسودان، بل وحتى في سوريا، قواعد لا يأتي منها حيث حلت إلا الدمار وفعال الاستعمار من البطش والقتل والمجازر.
وبكل صراحة، كيف تجرأتم على إعطاء هذا القرار؟! هل نسيتم ثوابت الثورة التي قامت ونادت برفع الهيمنة والتدخل الأجنبي؟! ألم تكن جمعة "أميركا، ألم يشبع حقدك من دمائنا" الجمعة، 19 أكتوبر/تشرين الأول 2012م، من أكثر المواقف السياسية التي اتخذها أهل الشام في ثورتهم حسماً وحزماً ومفاصلةً بين الحق والباطل؟!
إن هذه المحاولة لفرض وجود عسكري أمريكي تحت ستار "المراقبة" هي خيانة لثوابت الثورة، ووصمة عار على جبين من وافق عليها أو سهّل لهذا الترتيب.
يا أهل الثورة وحاضنتها، يا من ثرتم على النظام المجرم أداة أمريكا ورفعتم شعارات كشفتم بها عن الداعم
الحقيقي للنظام البائد: أعلنوها بكل صراحة، متحَدّين سافرين لهذا القرار إن هذه القاعدة ليست "منشأة للمراقبة" المزعومة، بل هي مقدمة لخطر كبير وشر مستطير يسعى لترسيخ النفوذ الأمريكي الإجرامي على أرضنا وتمكين يهود كي تعلو كلمتهم علينا وإضعاف هيبة الدولة وهيمنتها كي تبقى موحدة في ظاهرها وممزقة في مضمونها مادامت أميركا بالتنسيق مع كيان يهود تسعى لزرع بذور الفرقة والانقسام ولو بشكل غير معلن.
قولوها بأعلى صوتكم إن هذه الخطوة تخالف كل ثوابت الثورة التي نادت برفض الوصاية الغربية والنفوذ الأجنبي.
إن الواجب على كل حر وثائر وغيور على تضحيات أهل الثورة وعلى دماء المسلمين التي سفكت برعاية ومباركة أمريكا الوقوف صفاً واحداً لمنع تأسيس أي وجود أجنبي دائم وخاصة أمريكا لأن هذا الوجود هو بؤرة للهيمنة و القتل والخراب في ديارنا، فنفوذ الدول في أرضنا مرفوض رفضًا مطلقًا.
إن التبرير لهذا الفعل تحت أي ذريعة ليس إلا تبريرا لمنكر عظيم وجريمة نكراء، ومقدمة لسلسلة لا تنتهي من التنازلات المخزية، لن يسلم من شرها حتى من يقوم بها ظناً منه أنه يحسن صنعاً.
وليعلم أهل القرار حالياً في دمشق أن الرضا الأمريكي والأممي والدولي ليس بالمجان، بل له ثمن كبير من ديننا وسيادتنا وكرامتنا، وقد أعلن الغرب الكافر هذا الثمن، وعلى رأسه الانضمام لتحالف "محاربة الإرهاب" ولا يعنون بذلك حسب المفهوم الغربي إلا محاربة الإسلام السياسي وكل من يدعو لعودته ممثلاً بدولة تحكم به وتحمل دعوة الإسلام للعالمين، وهذا محور خوفهم واهتمامهم وتنبههم. هم يعلمون ذلك تماماً ويعونه، أفلا ندرك نحن هذه الأخطار وننطلق في تصرفنا بناء على هذه الحقائق السياسية العقدية الصارخة؟!
قال تعالى: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ).
وقال سبحانه: (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا).
---------
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
الثلاثاء، 18 جمادى الأولى 1447هـ
8/11/2025م
رقم الإصدار: 1447 / 7
