press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

568925706 122149391258719924 904351779281004096 n

 





زار رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، برفقة وفد رسمي ضم وزير خارجيته أسعد الشيباني، العاصمة الروسية موسكو بتاريخ 15/10/2025، والتقوا الرئيس الروسي بوتين في أول زيارة رسمية بعد سقوط نظام أسد نهاية العام الماضي.

إن المتابع لأخبار هذه الزيارة يدرك أنه لا علاقة لها بموضوع المطالبة بتسليم بشار كما يروج البعض، وأنها لا تتم إلا بموافقة أمريكية لإعطاء مزيد من الشرعية لأحمد الشرع وأن علاقاته متنوعة. وقد تم بحث موضوع القواعد الروسية في سوريا وقضية استمرارها، ويبدو أنهم قد أعطوا تعهدا باستمرارها. إلا أن من أخطر دلائل الزيارة هو إظهار أن ما بعد الثورة ليس كما قبلها وأن الخط الجديد يتطلب نسيان الثورة وثوابتها.

وبالرغم من أن روسيا بقيادة بوتين كان لها دور أساسي في تثبيت نظام أسد لمدة عشر سنوات بعد تدخلها العسكري عام 2015 بطلب من أوباما، ودعمته بالسلاح والعتاد والخبراء وارتكبت أبشع المجازر بحق أهل الشام، فإن القيادة السورية الجديدة تغاضت عن هذا الماضي الإجرامي للروس؛ إذ خرج الوفد السوري وهو يتبادل مع بوتين الابتسامات والمزاح. بل أكد أحمد الشرع أنه يحترم جميع الاتفاقات السابقة مع روسيا.

ومع اجتياح موجة واسعة من الانتقاد للزيارة وتصريحاتها وما ينبني عليها من مصائب تكافئ الروس على تدخلهم في سوريا وتبيض وجوههم السوداء، يخرج وزير الخارجية أسعد الشيباني، في محاولة لإنقاذ الموقف، بمقابلة على القناة الإخبارية السورية الرسمية مصرحاً بأن "الحكومة السورية الحالية لا تقبل بالاتفاقيات الروسية السابقة المعقودة مع نظام أسد، وأنها معلّقة، وأنه يتم التفاوض وإعادة التقييم لكل ما كان من تلك الاتفاقيات السابقة". ومن هنا نرى مدى تخبط الإدارة السورية في إدارة الملفات السياسية على عكس هوى وتطلعات الشعب السوري الذي يكن لروسيا كل العداء. فلم يستطع الشيباني أن يقول إن تلك الاتفاقيات باطلة، بل وصفها بالمعلقة وأنها قابلة للتفاوض والتعديل! في مناقضة لتصريحات رئيسه أحمد الشرع عن احترام الاتفاقيات المبرمة مع روسيا.

علماً أن الشيباني قد صرح في شهر كانون الثاني/يناير من هذا العام أن هناك ثلاثين ملياراً من الديون الخارجية لحلفاء النظام البائد! وبعد موجة من الاحتجاج على تصريحه لم يصدر أي تصريح رسمي من حكومة دمشق بخصوص هذه الديون، في إشارة إلى الاعتراف بتلك الديون التي دفع الشعب السوري ثمنها دماً طوال فترة الثورة؛ ثم يُراد أن يعاود هذا الشعب المكلوم ردّ هذه الديون من جيبه إرضاءً للعدو الروسي!

إن مقولة "لا يوجد في السياسة عداء دائم بين الدول" مقولة مخالفة للشرع، فإن النبيّ ﷺ أعلن العداء ضد كل الدول المحاربة فعلاً، وقسّم البلاد إلى دار إسلام ودار كفر، وكان هدفه فتح بلاد الكفار وضمّها إلى الدولة الإسلامية لتتحول إلى دار إسلام تُحكم بشريعة الله، وأمانها بأمان المسلمين، أي بقوتهم العسكرية الذاتية.

وكان، رغم قلة عدد المسلمين، يراسل الملوك والأباطرة مهدداً: «أَسْلِمْ تَسْلَمْ»، حتى عندما عقد معاهدات مثل صلح الحديبية، كان ذلك صلحاً مؤقتاً الهدف منه تحييد قريش إلى حين؛ وكان ذلك مساعداً لفتح خيبر، ثم عاد النبي ﷺ لفتح مكة. ولم يجلس ﷺ يوماً مع قادة الكفار يبادلهم الابتسامات ويطمئنهم أنهم في مأمن من جيوش المسلمين كما يحصل الآن بين الإدارة السورية ومسؤولين يهود أو روس أو أمريكيين!

إن هذه الزيارة لا تُبرَّر ولا تعلل ولا تؤوَّل بحال من الأحوال، فقد كان من ثوابت الثورة قطع نفوذ الدول من بلدنا وتدخلها في شؤوننا، وكان الأجدر هو الالتفات لقوة الحاضنة التي أوصلتنا جهودها بمعية الله إلى دمشق منتصرين بدل ابتغاء العزة عند الكافرين.

إن الجلوس مع روسيا أو كيان يهود أو مع العدو الأكبر أمريكا والخضوع للتوجيهات الغربية هو استمرار في نهج التبعية التي تريد أمريكا فرضه على الإدارة الجديدة، وهو إبقاء سوريا في حضن النظام الدولي تماماً كما كان في عهد نظام أسد البائد. وأهل الشام لم يخرجوا لإعادة إنتاج النظام العلماني الخاضع للنظام الدولي؛ بل خرجوا لتحقيق العدل ودفع الظلم، ولا يكون ذلك إلا إذا عاد الإسلام يسود كنظام سياسي، ودولة تفرض نظاماً دولياً جديداً، لا أن تكون جزءاً من هذا النظام الدولي الفاسد المجرم بحق الشعوب.


إن الأمة اليوم مطالبة بأن ترفع رأسها عالياً، وتقطع حبال التبعية مع الشرق والغرب، وتعيد ولاءها لله وحده سبحانه وتعالى، ولرسوله عليه وآله الصلاة والسلام وللمسلمين. فكرامة الأمة الإسلامية لا تسترد إلا بسيادة الإسلام، وعدل في الأرض لا يقام إلا بحكم الله. وإن نهضة أهل الشام والأمة الإسلامية لن تكون إلا على أساس العقيدة الإسلامية ووجود مشروع جامع منبثق عنها، بإقامة دولة الإسلام الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي توحد صفوفهم، وتقطع أيدي المستعمرين عن بلادهم، وتعيد لهم مكانتهم بين الأمم، كما أرادها الله أمة واحدة، تحمل رسالة الحق إلى العالم. ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً﴾

----------
بقلم: الأستاذ أحمد الصوراني