press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

photo 2025 06 04 11 30 39



يتسم المسلمون عامة، وأهل الشام خاصة، بحُسن الظن، وهي من الصفات الحميدة التي أمرنا الله بها. لكن كثيرًا ما يُساء استخدامها، خصوصًا حين تتحول إلى ثقة عمياء توضع فيمن يتصدّر لقيادة الأمة، فيُمنح الفرص تباعًا، على أمل أن يكون من أبنائها البارين.
وقد تبالغ الأمة أحيانًا، فتنتقل من موقع المتأمل إلى موقع المدافع والمبرر، لأنها لا تريد أن تصدق أن ابنها قد فرّط أو تنازل، فتدفع فواتير باهظة من أمنها وكرامتها ودمائها وأموالها، ثم تُصاب بيأس مؤقت، نعم، يأس مؤقت، فهي أمة حيّة بطبيعتها، تبحث عن قائد تضع فيه ثقتها ليقودها لكل خير.
لكن يجب أن نفهم أن ثقافة التبرير هذه من أشد ما يؤذي الأمة ويجلب عليها الويلات، خصوصًا حين يُبالغ فيها. فالمسألة هنا ليست شعورًا عاطفيًا، بل أمانة حكم حمّلنا الله إياها، وطلب منا أن نكون رقيبًا على الحاكم، ثم محاسبًا له إن حاد عن الحق أو فكّر في أن يحيد عنه.

إن حجم التنازلات التي يقترفها الحاكم مرتبط طردًا بحجم صمت الأمة، وتبريرها لهذه التنازلات. فواجب الأمة هو الوقوف في وجه التنازل، وقول كلمة الحق، وتسمية الأمور بأسمائها، لا تغليفها بالمشاعر ولا التمنيات.
قال الله تعالى: ﴿هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَمَن يُجَٰدِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَٰمَةِ﴾. فلا يصح أن تجادل الأمة عن حاكم متنازل أو مفرّط لمجرد أنه "ابنها"، أو لأنه "ربما يعود لاحقًا إلى الحق ويقلب الطاولة على الأعداء"، فهذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ونحن مأمورون أن نحكم بالظاهر، لا أن نبني قرارات مصيرية على أمنيات غيبية.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾. فمن يقول إن الحاكم قد تنازل، لكنه "سيعود لاحقًا إلى الحق ويقلب الطاولة"، هو في الحقيقة يُفرّغ الدين من معناه العملي، ويتعامل معه كـ"معلومة مؤجلة" لا كـ"تكليف فوري"، وهو كمن يقول: "سمعنا وأطعنا"، ولكن لا أثر لهذا السمع والطاعة في سلوكه ولا في موقفه.

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
وائل مسعود