
عندما أكرمنا الله قبل عام تقريباً بإسقاط النظام البائد ودخول دمشق تعالت بعض الأصوات المخلصة تقول يا ليت جحافل المجاهدين تكمل مسيرتها لمواجهة يهود لتحرير فلسطين ولا سيما أن يهود من أول سقوط النظام توغلوا جنوب الأراضي السورية حتى اقتربوا من دمشق وطائرات كيان يهود أصبحت تقصف بجنون كل مخزن سلاح أو صواريخ تخشى أن يقع بأيدي المجاهدين الصادقين ليتم استخدامه في استهداف الكيان الذي لم يحتمل أي ضربة عسكرية بعد معركة طوفان الأقصى عام 2023.
عندما كانت تُطرح فكرة المواجهة العسكرية مع الكيان كان الرد دائماً من قبل أصحاب فكرة تصفير المشاكل وأصحاب النظرة الوطنية والانكفاء على الذات وطلب السلامة والأمن والاستقرار وبناء سوريا الجديدة وإعادة الإعمار، كان ردهم يا أخي نحن ضعفاء ولا نريد دخول حرب جديدة غير متكافئة مع كيان مدعوم من أمريكا والغرب!
ولكن هل نحن فعلاً ضعفاء ولا نقوى على مواجهة الكيان وهل لنا في التاريخ عبرة نعتبر بها فنستمد من تاريخنا الإسلامي المجيد ما نشد به عزائما ونقوي به شكيمتنا؟
إنها غزوة حمراء الأسد، لماذا؟ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام في أشد ضعفهم، أجسادهم مثخنة بالجراح وقد استشهد منه سبعون شهيدا في أحد، ورغم كل ذلك اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرار الخروج للقتال بعد الانكسار الذي تعرض له المسلمون في أحد، إذ بلغ النبي وأصحابه بعد عودتهم إلى المدينة أن قريشاً تحشد قواها بهدف استئصال المسلمين في المدينة، لذلك كان القرار النبوي بوحي إلهي بضرورة عودة جميع من شارك في أحد إلى أرض المعركة بغض النظر عن إصاباتهم وقدرتهم على القتال، ولو اضطر المسلمون لحمله حملاً فخرج بعض الصحابة وهم مثقلون بالجراح فأنزل الله تعالى: {ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ} [آل عمران: 172]. فالغاية إذاً أن نستجيب لله ورسوله وخاصة في القضايا المصيرية ونحن موقنون أن النصر بيد الله وحده.
خرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو نفسه يعاني من الجراح في كافة أنحاء جسده الشريف ومعه 630 رجلاً في مواجهة جيش قريش الذي كان في أوج قوته وتعداده 3000 يعني 5 أضعاف جيش المسلمين المثقل بالجراح!
ما هي النتيجة! جبُن جيش المشركين ولم يَقوَ على المواجهة رغم عدم تكافؤ القوى بالمنظور الدنيوي المادي ورغم كثرة الجرحى في جيش النبي ورغم تعرض جيشه للانكسار في أحد!
قال تعالى: (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175).
إنه الرعب الذي قذفه الله في قلوب المشركين، وهذا الرعب نراه كل يوم يُقذف في قلوب المغضوب عليهم عندما يواجهون ثلة صغيرة من المجاهدين في غزة أو الضفة فما بالك إذا تحركت أمة الإسلام وجيوشها.
وإنه لمن العار أن نرى عربدة يهود في الجنوب السوري مع غياب تام للسلطة السورية التي أفرغت الحدود ورضيت بمنطقة عازلة آمنة ليهود يصولون فيها ويجولون بكل أمان. لكن ماذا لو تحركت كتائب وفصائل مثل فصائل الثورة السورية، والتي لو امتلكت قائداً صادقاً مخلصاً لقلبت الموازيين ولزال الكيان مع أول إعلان حرب حقيقي عليه من قبل هذا القائد الرباني والذي ستجتمع الأمة من كافة أصقاع الأرض للمشاركة في معركة التحرير القادمة وتطهير مسرى الرسول الله صلى الله عليه وسلم من رجس يهود إن شاء الله.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
أحمد الصوراني