1447 04 16 في 05.46.18 e5c421c5

 

وجود مجلس للأمة لتمثيل الناس ومحاسبة الحاكم ونقل هموم الرعية في أصله جائز، لكن واقعه اليوم مختلف ومختلف حكمه..
وإن من التدليس على الناس ربط مفهوم مجلس الشعب والانتخابات الديمقراطية بالشورى في الإسلام وبحق اختيار الخليفة أو الحاكم، فكل واحد منها انبثق عن مبدأ وعقيدة آمن بها بعض الناس.
فمجلس الشعب بمفهوم اليوم هو مصطلح غربي لا أصل له في الإسلام وهو على خلاف مبدأ الشورى جملة وتفصيلاً لأن مجلس الشعب يعارض أحكام الله خالق الكون والإنسان والحياة ويجعل للعبد الحق في التشريع والاعتراض على أحكام الخالق بل ويجعل له حق التشريع من دون الله.
ومفيد في هذا المقام عرض قصة عدي بن حاتم الطائي، حيث قدمَ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو نصرانيٌّ فسمعه يقرأُ هذه الآيةَ : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) قال : فقلتُ له : إنَّا لسنا نعبدُهم ، قال : أليسَ يحرمونَ ما أحلَّ اللهُ فتحرِّمونَه ، ويحلُّونَ ما حرَّمَ اللهُ فتحلُّونَه ، قال : قلتُ : بلى ، قال : فتلك عبادتُهم.

فهذا هو واقع العبودية وواقع التشريع.
ومجلس الشعب ليس كمجلس الأمة والشورى في الإسلام، والانتخابات الديمقراطية ليست كطريقة نصب الخليفة فكل واحدة منها ناتجة عن عقيدة ووجهة نظر، فطريقة نصب الخليفة هي طريقة شرعية جعلها الشرع السلطان للأمة تختار من ينوب عنها ليحكمها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهو حق للأمة الإسلامية جمعاء لاختيار من ينوب عنها لتطبيق شرع الله وليس ليحكمهم بهواه وبما يراه من تشريع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ..ولو استُعْمِلَ عليكم عبدٌ حَبَشِيٌّ، يُقودُكم بكتابِ اللهِ ، فاسمعوا له وأطيعوا).

فالطاعة هي لمن ترضاه الأمة وتبايعه خليفة بالطريقة الشريعة على أن يحكمها بكتاب الله وسنة رسوله وما اشترطته عليه كما فعل الصحابة ببيعة سيدنا عثمان رضي الله عنه حين اشترطت عليه، فالبيعة هي عقد بالاختيار بين الأمة أو من ينوب عنها من أهل الحل والعقد ومجلس الشورى وبين من ترتضيه الأمة خليفة يحكمها بشرع الله، فهذا واقع تنصيب الخليفة ومبايعته وهو على خلاف الانتخابات الديمقراطية تماماً، ومجلس الشورى أيضا هو خلاف مجلس الشعب جملة وتفصيلاً فالشورى في الإسلام ليست تشريعا، أما مجلس الشعب اليوم فهو مشرع من دون الله وهذان ضدان لا يلتقيان.

أما موضوع الانتخابات والترشح لمجلس الشعب فهي غير جائزة شرعاً، فهي أولا ليست من الإسلام والهدف منها التشريع وهذا حق الخالق على العبد ولا دخل للعبد فيه، ومن يريد الترشح لمجلس الشعب يجب أن يعلم أنه سيصوت على أحكام الله ويعارضها ويأتي بغيرها من أحكام وضعية بحجة أو بأخرى يقدمها له الغرب الكافر لتمرير مخططاته الخبيثة، فالترشح لمؤسسة يشرع فيها من دون الله والمشاركة فيها بالتصويت أو الانتخاب حرام شرعاً لأنه يدعو للحكم بغير ما أنزل الله، والله يقول في كتابه العزيز:
﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾

فهذا هو واقع هذه المؤسسة المسماة زوراً وبهتانا مجلس الشعب وليس لها من اسمها نصيب ولا دخل للأمة فيها فهي مجرد أداة بيد السلطة التنفيذة أو الحاكمة في البلاد وليس كما يقولون أنها مستقلة، فهي أداة بيد الحاكم يستعملها لتمرير مخططات الأعداء ولتزوير الحقائق وتمييعها والتسلط على رقاب الناس بحجة التصويت من قبل مجلس الشعب والذين هم عبارة عن بعض المنتفعين وأزلام النظام الحاكم في أي بلد من البلاد، يغتصبون رأي الأمة ويبررون للحاكم ويجعلون للغرب الكافر اليد الطولى في البلاد يتحكم بمفاصل الدولة والحكم وكل ذلك عبر مرشحين من قبل مجلس الشعب، فترى كل مجموعة من المرشحين يتبعون لجهة ما تديرهم وتتحكم بما يصدر عنهم خدمة لمصالحها، فالحذر الحذر يا أهل الشام، فما يتوج تضحياتكم ويكافئها هو نظام الخلافة الراشدة فهو سبيل نجاتكم وعزكم في الدنيا والآخرة، فشمروا عن سواعد الجد وقولوها للعالم أجمع أننا بغير شرع الله لن نحكم فينصركم الله ويرفع شأنكم بين الأمم وما ذلك على الله بعزيز.

كتبه المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
إبراهيم معاز