WhatsApp Image 2025 10 06 at 12.03.30 AM

أهلُ غزّةَ ومجاهدوها يسيرون على خطى الصحابة الكرام، ويسيرون على خطاهم في جهاد يهود وفي مواقف الثبات والتضحيات في سبيل الله.
فقد شهد التاريخ صفحاتٍ مشرقةً لصحابةِ رسولِ الله ﷺ، قدّموا فيها أروع البطولات وبذلوا أغلى ما يملكون طلبًا لرضوان الله. واليوم نرى مشاهدَ شبيهةً لمواقف الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، في غزّة العزّة، حيث يسطّر أهلُها ومجاهدوها مواقفَ تعجزُ الكلماتُ عن وصفها.

فهذا الصحابي الجليل البراء بن مالك رضي الله عنه اقتحم "حديقة الموت" يوم قتال أصحاب مسيلمة، إذ حمله أصحابه على تُرسٍ فوق أسنّة الرماح، فألقوه بين جموع الأعداء، فقاتلهم حتى فتح باب الحديقة، وخرج منها مثخنًا بأكثر من ثمانين جرحًا.

واليوم يتكرر شبيه ذلك المشهد في غزّة؛ إذ صعد مجاهدٌ فوق دبابة "ميركافا"، ووضع عبوة ناسفة داخلها، وهو بين خيارين: إما أن يدمر دبابة يهود ويعود سالمًا إلى موقعه، أو يلقى اللهَ شهيدًا تحت أزيز الرصاص والمدافع والطيران المسيَّر والحربي وقنّاصة العدو. إنها تضحيةٌ لمن جعل الصحابة الكرام كالبراء وغيره قدوة لهم.

ومن مواقف الصحابة، حين تشتدّ المعارك ويعظم البلاء، كانوا ينادون بأعلى أصواتهم: "يا ربّ خُذْ من دمائنا حتى ترضى". واليوم، نسمع الصرخةَ ذاتها في غزّة، من رجلٍ يخرج من تحت الأنقاض، وقد فقد أهلَه وأطفالَه، فيقف ثابتًا صابرًا محتسبا، يردد رافعًا صوته: "يا ربّ خُذْ من دمائنا حتى ترضى".

وكما صبر الصحابةُ على حصار شعب أبي طالب، وأكلوا ورق الشجر ولم يتنازلوا عن دينهم، يصبر أهلُ غزّةَ على الحصارٍ والقصفُ يدمّر البيوت فوق ساكنيها، والجوع يفتك بالأجساد، ورغم ذلك تراهم شامخين كالجبال، لا يفرّطون بدينهم ولا بمسرى نبيّهم صلى الله عليه وسلم، عاهدوا الله أن يكونوا طليعةَ الأمة وشعلتها المضيئة حتى تتحرّر فلسطين من رجس يهود.

وقد بشّر النبي ﷺ بما يرفع المعنويات ويثبّت القلوب، إذ روى الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن مدينة عسقلان:
«مقبرةٌ بأرض العدو يُقال لها عسقلان، يفتحها ناسٌ من أمتي، يبعث الله منها سبعين ألف شهيد، فيشفع الرجل منهم في مثل ربيعة ومضر، ولكل عروسٍ — وعروسُ الجنة عسقلان».

فهنيئًا لكم يا أهلَ غزّةَ ومجاهديها، يا من اقتديتم بصحابة رسول الله و أثبتم أن المسلمين قادرون بعون الله أن يعيدوا سيرة ثباتهم وتضحياتهم ومواقفهم، فما أعظمَ مقامكم عند الله، وما أكرمَ تضحياتكم في سبيله.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
مصطفى نِجار