مقالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
شرف الصحبة مع أبي أسامة، أحمد بكر (هزيم) رحمه الله
في صبيحة الثاني والعشرين من ربيع الأول 1447 هجرية الموافق الرابع عشر من أيلول 2025 م، وعن عمر ناهز سبعة وثمانين عاما، انتقل الى جوار ربه أحمد بكر (هزيم)، من الرعيل الأول في حزب التحرير. حمل الدعوة سنوات طويلة وتحمل في سبيلها السجن الطويل والتعذيب الشديد فما لان ولا ضعف ولا غيّر ولا بدّل بفضل الله وعونه.
أمضى في سوريا في الثمانينيات أيام حكم المقبور حافظ سنوات طويلة متخفيا حتى تم اعتقاله مع ثلة من شباب حزب التحرير من قبل المخابرات الجوية سنة 1991م، ليلاقي أشد أنواع التعذيب بإشراف المجرمين علي مملوك وجميل حسن، حيث أخبرني من دخل غرفة التحقيق بعد جولة من التحقيق مع أبي أسامة و بعض رفاقه أنه شاهد بعض قطع اللحم المتطايرة والدماء على جدران غرفة التحقيق.
و بعد أكثر من سنة في زنازين فرع المخابرات الجوية في المزة، تمّ تحويله مع بقية زملائه الى سجن صيدنايا ليحكم عليه بعدها عشر سنوات، قضى منها سبع سنوات صابرا محتسبا ثم منّ الله عليه بالفرج.
بعد خروجه من السجن واصل حمل الدعوة مباشرة واستمر حتى بدأت اعتقالات شباب الحزب التي شملت المئات في سوريا في منتصف الشهر 12 عام 1999 م، حيث تمت مداهمة بيته في بيروت وتم اختطافه من بيروت لينقل الى فرع المخابرات الجوية في مطار المزة، لتبدأ مرحلة جديدة من التعذيب الرهيب. وكان رغم كبر سنه بعون الله صابرا ثابتا محتسبا.
انتقل بعد ما يقرب السنة الى سجن صيدنايا من جديد، ليحاكم في محكمة أمن الدولة، ليحكم فيما بعد مدة عشر سنوات كتب الله له أن يمضي منها ما يقرب من ثماني سنوات ثم منّ الله عليه بالفرج.
قضيت معه عام 2001 م سنة كاملة في سجن صيدنايا بل كنت فيها الى جانبه تماما في المهجع الخامس (أ) يسار الطابق الثالث، كنت أناديه عمي العزيز.
كنا نأكل معا وننام الى جانب بعض و نتدارس الثقافة والأفكار. منه اكتسبنا الثقافة ومنه كنا نتعلم الصبر والثبات.
كان سمحا محبا للناس حريصا على الشباب يزرع فيهم الثقة بالنصر وبقرب تحقق وعد الله.
كان حافظا لكتاب الله وكان يقرأه كل يوم وليلة وكان يقوم أغلب الليل فإذا اقترب الفجر هزني ليوقظني لصلاة القيام ثم لصلاة الفجر.
خرجت من السجن ثم عدت إليه سنة 2004م ، ونقلنا الى سجن صيدنايا من جديد بدايات 2005 م، لنلتقي من جديد بمن بقوا في السجن عند خروجنا للمرة الأولى نهاية 2001 م، وكان منهم العم العزيز أبو أسامة أحمد بكر (هزيم) رحمه الله.
كنا نتمشى لفترات طويلة أمام المهاجع لننسى معه جدران السجن وقضبان الحديد وفراق الأهل والأحبة، كيف لا وهو الذي أمضى سنوات طوال في السجن ولاقى ما لاقى.
ورغم قربي منه وصحبتي له فترات طويلة لم أره يتذمر أو يشتكي أبدا وكأنه ليس في سجن بل يحلق خارج أسوار السجن.
يحلّق مع القرآن الذي يتلوه في معظم أوقاته، يحلّق بجناحي الثقة بوعد الله وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم بالنصر والتمكين.
كنا في أحلك الظروف وأشدها قسوة نتطلع الى يوم النصر الكبير يوم تتحقق بشرى رسولنا صلى الله عليه وسلم ( .. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة). كنا نتشوق الى الاجتماع تحت ظل الخلافة وراية العقاب خفاقة. ولكن قضى الله أن ترحل من دار الشقاء الى دار الخلد والبقاء.
نسأل الله أن تكون في الفردوس الأعلى ولا نزكي على الله أحدا.
عمنا العزيز أبا أسامة:
نسأل الله أن يتغمدك بواسع رحمته وأن يسكنك فسيح جناته وأن يجعلك مع الصديقين والشهداء، وأن يجزيك عما لاقيت من أذى وعذاب الدرجات العلا في الجنة، ونسأله عز وجل أن يجمعنا بك على الحوض مع رسولنا صلى الله عليه وسلم وفي مستقر رحمته.
عزاؤنا أنك تفد على أرحم الرحمين ولا نقول إلا ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
أبو صطيف جيجو
15 \ 9 \ 2025 م