press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

260668936 694733081447759 4524940738518770065 n

الخبر:


"وفد من الخارجية الأمريكية يدعو المعارضة السورية لتفعيل دور الحكومة السورية المؤقتة في مناطق سيطرتها، لتكون شبيهة بتجربة مناطق شمال شرقي سوريا".


و"شدد على ضرورة وجود إدارة مركزية واضحة تتسم بالشفافية المالية". (الجزيرة – سوريا).

التعليق:


يبدو للمتتبع أن أمريكا أحياناً تبدو متخبطة في بعض قراراتها وآلية تعاملها مع الأحداث في سوريا، وأحيانا أخرى تبدو أنها تغيّر في خططها وأدواتها ووسائلها وأساليبها حسب الواقع وتطورات الأحداث ومستجداتها.


ومعروف أن هدف أمريكا الأساسي في سوريا منذ البداية كان وأد الثورة وإعادة كل المدن السورية إلى سيطرة نظام الإجرام. إلا أنه، ومع طول أمد الثورة وعدم قدرة النظام (المنهك والمهلهل) ومن معه من الدول والمليشيات على الحسم بالصورة التي تريدها أمريكا، وعدم إمكانية تحقق ذلك على المدى المنظور، وخاصة مع تجذر فكرة الثورة في نفوس أهل الشام رغم الصعاب والألم وعظم التضحيات، من الطبيعي أن تفكر أمريكا بحلول مرحلية واستراتيجيات تناسب المرحلة.


ولو كانت أمريكا مطمئنة لاستتباب الأمر لعميلها حال الاجتياح العسكري الكامل دون تفلت الأمور وضياع مكر عقد من الزمن، ولولا حساباتها تجاه الوجود الروسي، لما توانت في الدفع بهذا الاتجاه لحظة واحدة، وخاصة مع رغبة روسيا الجامحة بحفظ ماء وجهها والخروج من المستنقع السوري مع بعض المكاسب، رغم أن أمريكا لا تريد لها أن تخرج إلا ذليلةً خالية الوفاض، وبعد أن تنهي مهمتها، فتأخذ الضوء الأخضر بالخروج كما أخذته عام 2015م بالدخول، وكذلك إيران التي تريد قطف ثمرة تدخلها المكلف طوال السنوات العشر الماضية.


إلا أن أمريكا تطبخ الأمر على نار هادئة عكس الطرفين، فهي وإن كانت تريد إنهاء ملف شائك شيب رأس أوباما، إلا أنها في الوقت نفسه تريد حلاً يحمل صبغة الاستقرار والاستمرار والديمومة، بعيداً عن أي مفاجآت غير متوقعة تخشاها من ثورة الشام، فكان أن نادت مراراً وتكراراً أن الحل في سوريا سياسي وليس عسكرياً، وفي جنيف حصراً، وليس في أستانة أو سوتشي أو غيرهما. وهذا ما كانت تدفع دوماً باتجاهه، عبر تغاضيها وسماحها بالقصف البربري تارةً، وعبر المكر والتضييق الاقتصادي الممنهج عبر الأدوات تارةً أخرى، لإخضاع الثائرين لما تمليه عليهم من حلول مُذلة عبر البوابة الأممية.


وقد يفهم الخبر المذكور أعلاه في هذا السياق..


بمعنى أن التقسيمات والكانتونات الموجودة فعلياً على أرض الواقع، ربما يتم التعامل معها أمريكياً كأمر واقع (مرحلياً)، حتى تتمكن أمريكا من إحراز تقدم في حلها الذي تريده وتخطط له منذ عقد من الزمان، على أمل أن تتمكن مستقبلاً من إعادة خارطة الشام إلى ما قبل 2011م، بمعنى أن أمنية أمريكا أن تعيد مركزية الدولة، إلا أن الواقع لا يوافق هواها.. وقد طالعنا جويل ريبورن، المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، في إحاطة صحفية له يوم الجمعة الماضي، بتصريح لافت، بأن "الحل الدائم في سوريا سيكون من خلال القرار الأممي 2254 حصراً"، لافتاً بالقول: "أود التوضيح أنه لا توجد عودة إلى ما قبل 2011، سوريا التي نعرفها لن تعود ولا يعلم أحد كيف ستكون سوريا الجديدة".


وفي السياق، هناك من يقول إن الدستور الجديد الذي تصوغه اللجنة الدستورية بإشراف أمريكي سيمنح مجالاً للأقاليم أو شيئاً من "الحكم الذاتي"، مع الحديث عن مناطق ستبقى تحت إشراف وإدارة تركيا على المدى المنظور.


فطبخة الحل السياسي الأمريكي لم تنضج بعد بالصورة التي تريدها أمريكا، ودونها بعض العقبات.


ومعلومٌ إعلان أمريكا مؤخراً أنها لن تخرج من سوريا حالياً، تحت ذريعة "مواجهة تنظيم الدولة"، بعد أن أعلنت سابقاً أنها "تعتزم إخراج قواتها"، وتسليمها إدارة المنطقة لأدواتها.


ومن المفيد أيضاً نقل تتمة ما قاله ريبورن، بأن "الملف السوري يبقى مهماً بحد ذاته ولا يمكن تجاهله"، وأن "الأزمة السورية ستبقى مهمة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي إذ يبدو أن الحل لم يحصل بعد وسيستمر طويلاً". مضيفاً أنه "لا يعتقد أن سوريا ستستقر أو أن الحرب ستنتهي طالما النظام موجود كما هو". مؤكداً أن "المحاولات المختلفة لإبقاء نظام الأسد ستؤول للفشل ولن تعود سوريا كما كانت".


وعودةً لدعوة أمريكا المعارضة السورية لتفعيل دور الحكومة السورية المؤقتة في مناطق سيطرتها، هذه الحكومة المصنوعة على عين أمريكا هي وائتلافها، إذ لا بد من التأكيد أن هناك خطوات عملية قد بدأت فعلياً، من خلال طلب تركي سابق من أعضاء الحكومة المؤقتة النزول للداخل السوري والعمل في الداخل منذ فترة، ونقل مكاتبهم إلى الداخل وبناء مقر للحكومة المؤقتة، كما يُتوقع أن يتبع ذلك خطوات أخرى في هذا الاتجاه.


والخلاصة أن أمريكا تريد جهة سياسية ذات شأن تكون قادرة على السير والانتقال للمرحلة الانتقالية، لإسباغ الشرعية على عملية البيع والتنازل والقبول بالحل السياسي الأمريكي الذي يثبت أركان نظام الإجرام ويعاقب كل من خرج في ثورة الشام، في سيناريو مشابه للدور الخياني لهيئة التحرير الفلسطينية وما قامت به من شرعنة للاحتلال وبيع للتضحيات.


هذا هو مكر أمريكا وهدفها المرحلي؛ ألا وهو إيجاد شريك سياسي لا يرد يد لامس، يكون هو من يوقع على الخطوات العملية الخيانية للحل السياسي؟!


مع التأكيد أنه ليس كل ما تريده أمريكا وتخطط له كائناً.. فالعاقبة للمتقين.


ونختم بقوله تعالى: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

المصدر: https://bit.ly/3nXoRqt