press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

 

 

٢٠٢١٠٣١٢ ١٦١٣٢٢

 

عُرفت القيادة بأنها القدرة على توجيه الناس نحو هدف ما، وجاء الإسلام قيادة فكرية لمعتنقيه يوجههم لما فيه خير الدنيا والآخرة.
وكانت أسوة المسلمين في فن القيادة تتمثل في رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم الذي ضرب أروع الأمثلة في القيادة السياسية المبدئية، قيادة جمعت بين الفرقاء وأرعبت أعداء الدين وحيرتهم، حتى انهزمت أمامها كبرى الدول العظمى في عصر النبوة، كما حصل في غزوة تبوك عندما جبُن الروم عن ملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم وجيشه رغم تفوق عددهم.

فما هي أبرز صفات القيادة المبدئية للنبي صلى الله عليه وسلم التي قادت المسلمين ليكونوا سادة الدنيا ففتحوا الشرق والغرب ونشروا دين الله في ربوع الأرض؟

أولاً: قوة العقيدة: تُعدّ قوة العقيدة أمرا أساسيا لِكُلِّ إنسان، وهي من الصفات المُميّزة للقائد الحقيقيّ؛ لأنها الأساس المتين الذي يحقق الثبات في وجه التحديات والصعاب ويقوم عليه النصر، كما أنها تُتيح لصاحِبِها تنمية الصفات الأُخرى لديه، وتجعل حامل الدعوة أينما كان موقعه قدوة وهو يحمل دعوته على بصيرةٍ.
وقد قام النبي عليه الصلاة والسلام بترسيخ العقيدة الإسلامية في عقول الصحابة الكرام، وزرعها في قُلوبهم. كي تتجسد الدعوة فيهم عمليا وليتمكنوا من مواجهة ما سيلاقونه من أذى وتعذيب ومحارَبَة.
وقد سطروا أروع النماذج في الثبات فكانوا دعوة عملية فاستحقوا لقب الصادقين.

ثانياً: القيادة السياسية للدولة الإسلامية: وبعد إقامة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة كان النبي صلى الله عليه وسلم القائد السياسي الفذ الذي قاد الدولة الإسلامية الناشئة، قيادة فعلية، في وقت كانت فيه الأخطار تحيط بدولته الفتية من كل جانب فواجهها بكل صلابة وحكمة.
كما أنه عليه الصلاة والسلام كان القائد الفعلي للجيش الإسلامي الذي شكّل نواتَه المسلمون من المهاجرين والأنصار، ورغم وجود بعض القادة والأمراء العسكريين الذين لهم باع طويل في الخطط العسكرية وفنون القتال إلا أن قرار الحرب الحاسم كان للنبي صلى الله عليه وسلم وحده رغم استشارته لأهل الخبرة فيما يتعلق بالنواحي المتعلقة بالخطط الأنجع في ساحة المعركة.
وكان صلى الله عليه وسلم يقود الغزوات ويرسل السرايا فيوصيهم ويعقد لهم الألوية، ويحدد لهم الأهداف.
كل ذلك يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو القائد الفعلي للجيش في الدولة الإسلامية وهذا ما سار عليه الخلفاء من بعده أيضاً.

ثالثاً: الثبات على المبدأ: من أبرز صفات القائد الثبات على المبدأ وعدم الحيد عنه مهما تعرض هذا القائد لضغوطات تحت وطأة الترغيب أو الترهيب. فقد حاول مشركو مكة حرف النبي صلى الله عليه وسلم عن دعوته وعرضوا عليه العديد من العروض المغرية فرفضها كلها وأصر على المضي قدماً في الدعوة إلى الله وتمكين دينه. فعن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: أرأيتَ أحمد يؤذينا في نادينا وفي مسجدنا فانهَهُ عن أذانا، فقال: يا عقيل ائتني بمحمد، فذهبتُ فأتيته به فقال: يا ابن أخي إن بني عمِّك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم وفي مسجدهم فانتَهِ عن ذلك، قال: فلحَظ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ببصره ـ وفي رواية فَحَلَّقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَصَرَه ـ إلى السّماء فقال: أَترَون هذهِ الشَّمس؟ قالوا: نعم، قال: ما أنا بَأَقدرَ على أن أَدَعَ لكُم ذلك مِنْ أن تُشْعِلوا لي منها شُعْلة (يعني الشمس)، قال: فقال أبو طالب: ما كَذَبنَا ابنُ أخي قط (أبدا)، فَارْجِعوا) رواه الطبراني وأبو يعلى وحسّنه ابن حجر.
ونحن نرى اليوم بأم أعيننا كيف سقط كثير من التيارات والجماعات في فخ التنازلات ثم ما لبثوا أن غاصوا في مستنقعه الآسن بذريعة التدرج حينا وما يسمونه زورا بالمصلحة الشرعية التي هي في الحقيقة مصلحة أهوائهم ورغباتهم، فضاعوا وأضاعوا لعدم تأسيهم بالرسول صلى الله عليه وسلم في ثباته على المبدأ وعدم التنازل ولو عن حكم واحد في أحلك الظروف وأشدها.

رابعاً: الماضي المُشرق والسيرة الحسنة للقائد: عُرف النبي صلى الله عليه وسلم بالصادق الأمين قبل بعثته وكان ذكره طيبا في قومه وعُرف بأعالي الأخلاق ومكارمها وهو ما عزز فيه صفات القيادة، وجعل أتباعه مطمئنين له ولما يأتيهم من خبر السماء فإن كان القائد من سجيته الصدق والعفاف والتنزه عن المعاصي والمنكرات، فإن ذلك يجعله أقدر على القيادة والقيام بأعبائها.
وقد اصطفى الله خير البشر ليكونوا أنبياء ورسلاً يبلغون رسالات الله.

خامساً: الشجاعة والإقدام: كان النبي عليه الصلاة والسلام يتمتّع بالشجاعة والجُرأة، ويشهد له الصحابةُ الكرام بِذلك، وظهرت هذه الصفة في جميع معاركه التي شارك بها، كما ظهرت في أعماله الأخرى، وفي يومِ حُنين فرّ عنه معظم المسلمين في ساحة المعركة، ولكنّه عليه الصلاة والسلام بقي ثابتنا في مواجهة الأعداء وهو يردد: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب.
و قد روي عن علي ابن أبي طالب وهو الفارس المقدام قوله: كنا إذا حمي الوطيس نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو عليه السلام يضرب لنا الأسوة الحسنة في ثقته بربه عز وجل، وقوّة توكُّلِهِ عليه.

سادساً: الحزم: الحزم من أهم الصفات التي يجب أن يتميز بها القائد الناجح، وقد كان أسوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حازما فلمّا سرقت المرأة المخزومية راع الناس كيف ستقطع يد امرأة من بني مخزوم، وبدأوا يبحثون فيمن يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم كي لا يقطع يدها وأرسلوا له أسامة ابن زيد فقد كان حِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأسامة غاضبا مستنكرا أتشفع في حد من حدود الله؟.
ثم جمع الناس وخطب بهم فكان مما قال: ..و الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
وفي بدر التي كانت أوّل معاركه، وكان معه جمعُ من الصحابة، يقدر بثلاث مئة رجل خرجوا لملاقة عير قريش ولم يتهيؤوا لمواجهة جيش يفوقهم بأكثر من ثلاث مرات عدداً وعدة، كان النبيّ صلى الله عليه وسلم حازماً وشُجاعاً باتّخاذ قرار المواجهة فكانت معركة بدر، معركة الفرقان وأول نصر للمسلمين على صناديد قريش.
وفي غزوة تبوك عندما سمع أن الروم وهم دولة عظمى آنذاك، يجمعون الجموع ليغزوا المدينة ويقضوا على المسلمين، اتخذ صلى الله عليه وسلم قرار المواجهة بكل حزم على حدود الجزيرة العربية، ولم ينتظرهم في المدينة المنورة، رغم صعوبة الظروف، وقلة المؤنة، وبعد المسافة، وخرج على رأس جيشه يقطع الصحراء الملتهبة، فما كان من قادة الروم عندما سمعوا بذلك إلا أنه جبنوا عن المواجهة بعد أن قذف الله في قلوبهم الرعب، وهم الذين جربوا قتال المسلمين وثباتهم وإقدامهم في غزوة "مؤته".

هذه أبرز صفات القيادة المبدئية الفذة للنبي صلى الله عليه وسلم وهي كانت متمثلة بالخلفاء الراشدين من بعده الذين حملوا الأمانة وقادوا الأمة الإسلامية من نصر لنصر حتى وصلت جيوش الفتح إلى الصين شرقاً وإلى الأندلس غربا، تحمل رسالة الإسلام، فكانت دولة الخلافة الإسلامية أعظم دولة عرفتها البشرية لقرون عديدة، حتى استطاع الكافر المستعمر القضاء عليها، وتفرقت الأمة إلى دويلات وطنية هزيلة يسيطر الغرب فيها على قراراها السياسي والعسكري.

وإن الأمة الإسلامية اليوم لا بد لها أن تستعيد سلطانها وتنصب خليفة مسلم يقودها إلى عز الدنيا والآخرة وهو فرض عليها بعد أن مر على الأمة الإسلامية 100 عام وهي بلا خلافة، حيث تم إعلان إلغاء الخلافة على يد المجرم مصطفى كمال بتاريخ 28 رجب 1342.

وحزب التحرير الذي نذر نفسه لقيادة الأمة الإسلامية لاستئناف الحياة الإسلامية وإعادة صرح الخلافة المنشود أعد العدة لاقامة الخلافة منهاج النبوة من جديد. وهو الأجدر لأن تسير الأمة معه وتعطيه قيادتها السياسية، فقد تمثلت به وبأميره حفظه الله صفات القيادة السياسية الإسلامية الحكيمة فإن الحزب وشبابه قد نذروا أنفسهم للقيام بهذا الفرض العظيم متأسين في ذلك برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ملتزمين طريقته في إقامة الدولة، ثابتين على المبدأ الإسلامي رغم ضغوطات الحكومات العميلة التي حاولت ثني الحزب عن دعوته لعقود طويلة فلم تفلح، كما أن الحزب ضمن مسيرته الطويلة وعمله السياسي الدؤوب كان دائم الصدق مع أمته فكان يكشف عمالة الحكام ومخططاتهم في تمكين الكافر المستعمر من بلاد المسلمين، كما أنه كان شجاعاً في تحركاته رغم كل الضغوطات التي تعرض لها، ناصحاً أميناً مبيناً لها طريق الخلاص، والحلول لجميع مشاكلها وفق رؤية شرعية صحيحة.

لذلك فحري بالأمة بعد مضي 100 عام على سقوط الخلافة أن تغذ السير وتعمل مع حزب التحرير لإعادة أمجاد الإسلام وإقامة الدولة الإسلامية من جديد، خلافة راشدة على منهاج النبوة.

====
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
أحمد الصوراني