٢٠٢١٠٢٢٤ ١٢٠١٥٨

 

إننا نمر في هذه الأيام من شهر رجب بذكرى أليمة ألمَّت بالمسلمين منذ مئة عام هجرية، وهي ذكرى سقوط الخلافة على يد العميل مصطفى كمال وأنظمة الغرب الكافر وخونة العرب المتآمرين معهم، وإننا في هذه المناسبة نحيي ذكرى هذا الحدث العظيم ليس بكاء على اللبن المسكوب بل لاستنهاض أمتنا لإعادة بناء دولتهم التي أمرهم الله بها ليعملوا مع العاملين لها ليقيموها من جديد، ولهذا الحدث نستذكر بعضاً من أقوال علماء هذه الأمة المعتبرين بوجوب إقامة الخلافة والعمل لها.

ونذكر من هذه الأقوال قول ابن خلدون (في المقدمة): "إن نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشرع بأجماع الصحابة و التابعين؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبي بكر رضي الله عنه وتسليم النظر إليه في أمورهم، وكذا في كل عصر من بعد ذلك ولم يُترك الناس فوضى في عصر من الأعصار، واستقر ذلك إجماعاً دالاً على وجوب نصب الإمام".

و قال ابن تيمية (في السياسة الشرعية): "يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم فاجعات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها فإن بني أدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بدَّ لهم عند الاجتماع من رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم" رواه أبو داوود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة".

و قال الماوردي أيضاً (في الأحكام السلطانية): "وعقدها لمن يقوم بها واجب بالإجماع وإن شذَّ منهم الأصم".

و قال ابن حجر الهيثمي (في الصواعق المحرقة): "اعلم أيضاً أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا على أنَّ نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوة واجب بل جعلوه أهم الواجبات حيث اشتغلوا به عن دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وقال جمال الدين الغزنوي في (أصول الدين): "لا بدَّ للمسلمين من إمام يقوم بمصالحهم من تنفيذ أحكامهم وإقامة حدودهم وتجهيز جيوشهم وأخذ صدقاتهم وصرفها إلى مستحقيها لأنه لو لم يكن لهم إمام فإنه يؤدي إلى إظهار الفساد في الأرض".

هذا بعض من أقوال السلف في وجوب فرضية إقامة الخلافة وإيجاد رئاسة عامة للمسلمين ترعى شؤونهم وأما من الأئمة المعاصرين فنستشهد بقول الشيخ علي بن الحاج: "لا شيء أروح للنفس وأقر للعين ولا أثلج للصدر من أن نرى شباباً يعملون في حماسة منقطعة المثيل لإحياء السنن المندثرة وقمع البدع المنكرة المنتشرة هنا وهناك، ألا فطوبى لهم وحسن مآب، ولو أنهم شمروا على ساعد الجد لإحياء فرائض الدين العظيمة والتي لا قيام للدين إلا بها لجمعوا بين فضيلتين إحداهما أعظم من الأخرى أجراً وأنبل قدراً بل ولا قيام للثانية إلا بالأولى، وكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على إحياء الفرائض التي طمس معالمها اليهود فإذا وُفق إلى إحياء تلك الفريضة حمد الله كثيراً".

ونختم شواهدنا بشاهد من مقال جميل للمفكر الفلسطيني الدكتور غازي توبة تحدث فيه عن وجوب إعادة الخلافة إلى واقع الحياة، ومما قال: "من الواضح أن سقوط الخلافة العثمانية كان له أثر مزلزل في الكيان الإسلامي، وكانت له نتائج كارثية".
وقال أيضاً في ذات المقال: "الموقف الشرعي الذي يُوجِبُه الإسلام على الأمّة هو وجوب السعي إلى إقامة الدولة وتنصيب الإمام وتطبيق الشريعة". وقال أيضاً: "في الحاضر فقد سقط آخر إمام وهو الخليفة العثماني، وانحسر تطبيق الشرع الإسلامي من جميع الأرض، فلم يَعُدْ هناك إمام يرعى شؤون المسلمين".
واختتم حديثه بقوله: "تعيّن فرض تنصيب الإمام المسلم وإقامة الشرع الإسلامي، وتحول من "فرض كفاية" إلى "فرض عين"".

وفي الختام ندعوا الله عز وجل أن يوفقنا لتطبيق دينه وإقامة شرعه وتنصيب إمام يعيد لهذه الأمة ألقها ويعيدها خير أمةٍ أخرجت للناس والحمد لله رب العالمين.

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
محمد منار