press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

1742019raya

 

للمرة الثالثة في هذا العام يلتقي الرئيسان التركي والروسي لبحث المسألة السورية أو ما يُسمونه أزمتهم في سوريا، حيث إن لقاءات كثيرة جمعت بينهما العام الماضي كان أبرزها اتفاق سوتشي في شهر أيلول الذي كان من المفترض تطبيق بنوده حتى نهاية العام.

جاءت هذه اللقاءات المُتكررة لبحث الآليات العملية لتطبيق الاتفاق المشؤوم بعد أن فشلت جهودهم في فرض الاتفاق بسبب رفض الناس لهذا الاتفاق وخروجهم بأعمال جماهيرية عدة عبرت عن رفضها لعمل نقاط المراقبة التركية وأكدت على رفضها القاطع لفتح الطرقات الدولية.

أهم ما جاء في اللقاء الأخير في الثامن من الشهر الجاري نيسان هو تسيير دوريات روسية مرافقة للدوريات التركية التي تم تسييرها في منطقة ما يُسمونه خفض التصعيد، كما نقلت صحيفة إندبندنت عربية ووكالات أخرى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن الاثنين "أن روسيا وتركيا ستسيّران دوريات مشتركة في محافظة إدلب السورية". وأضاف عقب محادثات مع نظيره التركي أردوغان في موسكو "سنسيّر بشكل أساسي دوريات مشتركة... من جهتين على الأقل".

ربما فهم البعض أن الدوريات ستكون مشتركة داخل المناطق المُحررة وهذا صحيح، لكن الكلام أيضاً يُحمل على تسيير الدوريات من جهتين وهذا يُراد منه إعطاء شرعية لوجود الدوريات التركية لدى الناس إذا ما كان القرار برفض دخول الدوريات الروسية إلى المناطق المُحررة.

وسواء أرادوا تسيير دوريات مشتركة أو منفصلة، في جهة واحدة أو جهتين فإن الاتفاق ليس لأجل تسيير دوريات فحسب وإنما لهدف يتم التجهيز له والتخطيط لتحقيقه، وهو إتمام العملية السياسية التي وضعت بنودها أمريكا في جنيف1 حيث صرح بذلك المجرم بوتين كما نقلت عنه روسيا اليوم "الآن، بعد دحر جل قوى (الإرهابيين)، صار من الأهمية بمكان التركيز على إعادة الوضع على الأرض إلى استقراره بشكل نهائي، والدفع بعملية التسوية السياسية بموجب قرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي".

ورغم أن اتفاق سوتشي في أيلول نص على وقف إطلاق النار إلا أن النظام المجرم ومعه المليشيات الإيرانية والطيران الروسي وقواعده لم تهدأ مدافعها ولم تتوقف طائراتها عن قصف المناطق المُحررة وخاصة الواقعة على أطراف الطريق الدولي والمتفق على فتحه كأحد بنود اتفاق سوتشي.

ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان بعد منتصف ليل 14 نيسان/أبريل الجاري، أنه رصد المزيد من الخروقات التي طالت مناطق سريان الهدنة الروسية - التركية، حيث استهدفت الطائرات الحربية بسلسلة غارات منطقة معترم في الريف الشمالي لأريحا، إذ رصد تناوب أربع طائرات روسية باستهداف حرش بسنقول وبلدة أورم الجوز في ريف إدلب الجنوبي، بأربع عشرة غارة جوية تسببت بوقوع إصابات في صفوف المدنيين، واشتعال حرائق في بعض البيوت السكنية، كما قصفت قوات النظام مناطق في محور تردين بجبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، ما تسبب بقتل شخص. وبذلك فإنه يرتفع إلى 587 على الأقل عدد الذين استشهدوا خلال تطبيق اتفاق بوتين - أردوغان ووثقهم المرصد السوري.

ولقراءة المشهد كاملاً نجد أن هناك تناغما واضحا بين أدوات الحل السياسي الأمريكي فالاتفاق كان لمنع روسيا من السيطرة على إدلب عسكريا ولإكمال أدوات الحل السياسي وهذا ما يؤكد عليه الرئيسان التركي والروسي في كل لقاء بينهما، وهو حقيقة ما يسعون له عبر هذا الاتفاق وإن اختلفت الأساليب التنفيذية وتنوعت.

فقد أقرّ الرئيس التركي بصعوبة تنفيذ الاتفاق وشارك نظيره الروسي في وصف الثوار (بالإرهابيين) حيث قال "من الخطأ القول إن التزامنا لم يؤدِ إلى نتائج في إدلب"، متابعاً "بسبب وجود بعض الجماعات (الإرهابية) هناك، فإن عملنا، ويا للأسف، ليس سهلاً"، وهو أيضاً قد أعرب عن "تطابق الآراء مع روسيا بأن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة بسوريا".

واضح أن المتربصين بالثورة وأهلها يُصرّون على المُضي قدما في تآمرهم ومكرهم بأهل الشام رغم الصعوبات التي تواجههم، وهذا يجب أن يكون دافعاً لأهل الشام أن يُدركوا أنهم قادرون على الوقوف في وجه هذه المُخططات وإفشالها وقلب الطاولة عليهم واستلام زمام قضيتهم بأيديهم بعد أن اختطفها الداعم والمُمول، ويجب أن يدفعهم شدة المكر إلى زيادة التمسك بالثورة وثوابتها، والالتفاف حول المشروع الإسلامي الجامع، والصدع بكلمة الحق أمام جموع المتآمرين.

إن المتتبع لتكرار اللقاءات بين الرئيسين التركي والروسي وتغييرهما للخطط والأساليب في تنفيذ اتفاق سوتشي ليُدرك أن الثورة ما زالت عصية على التطويع وما زالت روحها تعيش في أوساط الكثيرين رغم حبال الداعمين التي قطّعت الأواصر وصخور المرجفين التي ملأت الطريق، وإنها لقادرة بإذن الله على إفشال مخططاتهم ومنعهم من وأد الثورة، وقادرة على الاستمرار والثبات حتى تُسقط النظام وتقيم حكم الإسلام، فقط عندما تلجأ لله وحده وتقطع ما أمر الله بقطعه من صلة بغيره أو تعلّق بأحد سواه، وتتمسك بحبله المتين فتوحد الصف وتجمع الكلمة حول المشروع الإسلامي الواضح والقيادة الواعية المخلصة، فتسير نحو هدفها بثبات ووضوح وعزيمة وإصرار مستمد من إيمانها بربها وبنصره الموعود لعباده المؤمنين.

 

كتبه الأستاذ منير ناصر
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا

جريدة الراية: https://bit.ly/2GuX3El